أما بعد،
فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد.
فإن السكن في مكة ومجاورتها والحث على الترغيب فيها، والحديث عن تاريخها وفضائلها -شرفها الله تعالى-فيها من عظيم النعم من الله ﷿ ما لا يعلمه غيره سبحانه، فمن العلماء من ذهب إلى استحباب السكنى بمكة والمجاورة بها كالشافعي وأحمد وغيرهم؛ وذلك لما يحصل فيها من ثواب لا يحصل في غيرها، ولعل المختار من هذين القولين ما ذكره النووي وهو أن المجاورة بها مستحبة إلا لمن يغلب عليه الوقوع في المحذور (١)، ومن خصائصها شرفها الله تعالى أنها تمتاز عن سائر البلدان، فهي مهبط الوحي ونزول القرآن العظيم وابتداء ظهور الإسلام، وليس فيها إلا دين واحد هو الإسلام، وأنه يمنع دخول الكافر ودفنه فيها، ويحرم حمل السلاح فيها إلا لضرورة، وأنه يحرم صيدها على جميع الناس، وتضاعف الحسنات فيها، وكذا الصلوات في المسجد الحرام، وامتناعها على الدجال بخلاف سائر البلدان، ولا يدخلها الطاعون، ودعاء إبراهيم ﵇ لها بالبركة.
_________
(١) - الإيضاح في مناسك الحج والعمرة صـ ٤٠٣.
1 / 8