Extrapolations of Al-Sam'ani in His Book 'Interpretation of the Qur'an' and His Methodology in It
استنباطات السمعاني في كتابه «تفسير القرآن» ومنهجه فيها
Türler
دلالة وجوب قبول خبر الواحد
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة ١٢٢].
• قال السمعاني ﵀: " واستدل أهل الأصول بهذه على وجوب قبول خبر الواحد". (^١)
الدراسة:
مما لا يخفى أن السمعاني كان أصوليًا فقيهًا، وقد أشتهر بكتابه قواطع الأدلة في أصول الفقه، فنجده هاهنا قد استنبط من ظاهر الآية قاعدة أصولية مفادها أنه يجب قبول خبر الواحد، وبيان وجه استنباطه أن الطائفة تطلق على الواحد كما قال مجاهد (^٢) وأن في النذارة حجية الإبلاغ، وتوقي الحذر لأن بها تبلغ الحجة. قال ابن حزم: " لا يخلو النافر للتفقه في الدين من أن يكون عدلًا أو فاسقًا ولا سبيل إلى قسم ثالث، فإن كان فاسقا فقد أمرنا بالتبين في أمره وخبره من غير جهته فأوجب ذلك سقوط قبوله فلم يبق إلا العدل فكان هذا المأمور بقبول نذارته ... وهذا برهان ضروري لا محيد عنه رافع للإشكال والشك جملة ". (^٣)
يؤيد ما ذكره السمعاني في القول بتأصيل هذه القاعدة نصوص القرآن وأمثلة من السنة. (^٤)
وممن أشار إلى ما ذكره السمعاني من جمهور الأصوليين الفقهاء والمفسرين: الكيا الهراسي، وابن العربي، والبقاعي، والشهاب الخفاجي، والشنقيطي. (^٥)
(^١) تفسير السمعاني (٢/ ٣٦٠).
(^٢) ذكر ذلك الطبري في تفسيره (١٩/ ٩٣)، وأبو حيان في تفسيره (٦/ ٣١٣).
(^٣) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (١/ ١٠٨).
(^٤) ومن الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد:
• قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾.
• ما تواتر عنه ﷺ من إنفاذه أمراءَه ورسله وقضاته وسعاته إلى الأطراف لتبليغ الأحكام وأخذ الصدقات ودعوة الناس.
قال الشافعي: "ولم يكن رسول الله ﷺ ليبعث إلا واحدًا؛ الحجة قائمة بخبره على من بعثه إن شاء الله.
• إجماع الصحابة ﵃ على قبول خبر الواحد عن رسول الله ﷺ واشتهار ذلك عنهم في وقائع كثيرة، إن لم يتواتر آحادها حصل العلم بمجموعها.
ومن ذلك تحول أهل قباء إلى القبلة بخبر واحد.
قال الشافعي: "ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله ﷺ في تحويل القبلة -وهو فرض- مما يجوز لهم؛ لقال لهم رسول الله: قد كنتم على قبلة، ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم عليكم به حجة، من سماعكم مني، أو خبر عامة، أو أكثر من خبر واحد عني.
قوله ﷺ: «نضر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
وغير ذلك من الأدلة ... للإستزادة: انظر معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني (١/ ١٤٢).
(^٥) انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٢٢١)، وأحكام القرآن لابن العربي (٥/ ٤٨٥)، ونظم الدرر (٣/ ٤٠٢)، وحاشية الشهاب الخفاجي (٦/ ٣٥٥)، ومذكرة في أصول الفقه (١/ ١١١).
1 / 221