Explanation of the Book of Tawhid by Ibn Khuzaymah - Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
Türler
علم الله أحاط بكل شيء
علم الله ما يكون وما وقع، وما لم يقع، وعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون، هو ليس موجودًا، لكن لو قدر الله أن يوجد هذا الممكن في الكون أمامنا شاهدًا حاضرًا فكيف سيكون، وهذا من العلم الممكن، قال الله تعالى عن الكافرين أنهم لا يسمعون سمع إجابة: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال:٢٢ - ٢٣]، إذًا: الله جلا وعلا لم يسمعهم سمع إجابة، ولو أسمعهم الله لعاندوا وتعنتوا، وأعرضوا عن الله جل وعلا، ومن الممكن أيضًا خروج المنافقين في الصف المسلم يعيثون فسادًا في الصف المسلم، قال الله تعالى عن المنافقين: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ [التوبة:٤٧]، فهذا أيضًا علم ما لم يكن لو كان كيف سيكون يعني: لو خرج المنافق مع النبي ﷺ لأفسد في الصفوف الإسلامية، وهذا من الممكن.
كذلك من الممكن في الآخرة عندما يقف أهل الكفر على النار، ويتمنون الرجعة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا﴾ [الأنعام:٢٧ - ٢٨] يعني: لو قدر الله جل وعلا أن يخلق الدنيا مرة ثانية ويردهم إليها ويبعث إليهم محمدًا فلن يؤمنوا له، قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام:٢٨]، هذا كله في الممكنات الله يعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون، أما في المستحيلات لو كان للكون أكثر من خالق ماذا سيحدث؟! نحن لا نعلم، والله جل وعلا بين لنا أنه لو قدر أن للكون أكثر من خالق لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض ولذلك قال الله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء:٢٢].
إذًا: علم الله جل وعلا علم شمولي أحاط بكل شيء علمًا فعلم ما يكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون، أنتم اعتقدتم هذا الاعتقاد الجازم في قلوبكم بأن صفة العلم لله جل وعلا ثابتة أزلية أبدية يعلم بها كل شيء عظيم ودقيق، يعلم ما كان وما م يكن لو كان كيف سيكون، قال الله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد:٣١]، حتى هذه للغاية، ثم يقول لنا: (ولنبلونكم) ربما أنزل الله البلاء لكي يعلم المجاهدين والصابرين، والله يعلم كل شيء فكيف يقول (حتى نعلم) هنا في الآية؟ الصحيح أن سابق علم الله مكتوب في اللوح المحفوظ، لكن لو أتى الله جل وعلا بالعبد الكافر فقال: إني أعلم قبل أن أخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة أنك كافر، ورماه في النار، فقد تكون له الحجة على الله فيقول: يا رب! لو تركتني لكنت مؤمنًا بك، ولذلك قال الله تعالى في الحكمة من إرسال الرسل: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء:١٦٥]، حتى لا تكون عندهم حجة ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥]، فعلم الله جل وعلا يظهره، حتى يكون حجة على الناس، وهذا العلم يسمى علم المحاسبة، سيحاسبك الله عليه وإلا فهو يعلم كل شيء دقيقه وجليله.
6 / 6