شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد - الراجحي
شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد - الراجحي
Türler
غلط المرجئة في تأويل حديث: (اعتقها فإنها مؤمنة)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذا حين سأله الذي عليه رقبة مؤمنة عن عتق العجمية فأمر بعتقها وسماها مؤمنة].
هذا حديث معاوية بن الحكم السلمي وهو في صحيح مسلم، والشاهد فيه: أنه كان له جارية أعجمية، أي: وليدة، وكانت راعية لغنمه، فجاء الذئب وأخذ شاة وهي تنظر، فغضب عليها وقال: كيف تتركين الذئب يأكل الشاة؟! فصكها، فجاء إلى النبي ﷺ فأخبره، فشدد عليه النبي ﷺ الأمر وقال: كيف تعتدي عليها؟! فقال: يا رسول الله! إني آسف كما يأسف الناس، وأغضب كما يغضب الناس، وإن الذئب أخذ شاة فصككتها، فلما شدد عليه النبي ﷺ قال يا رسول الله! إنها حرة لوجه الله، فقال النبي: (أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار) وقال له: ائت بها، فسألها فقال: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال النبي ﷺ: اعتقها فإنها مؤمنة) وهذا فيه رد على أهل البدع الذين ينكرون علو الله، وأن الله فوق العرش وفوق السماوات، ويقولون: إن الله ليس فوق السماوات، ويقولون: إن الله في كل مكان، وهذا كفر وضلال.
فهم يقولون: لو قلت: إن الله في السماء لجعلت الله في حيز، وهو في الجهات كلها.
فإذا قيل لهم: هذا الحديث في صحيح مسلم شهد فيه النبي لهذه الأعجمية بالإيمان بعد أن قال لها: أين الله؟ فقالت: في السماء، قالوا: لا، هذه الأعجمية لا تفهم، والرسول ﷺ سألها سؤالًا فاسدًا يناسب عقلها، وأجابت بجواب فاسد، وأقرها على جواب فاسد؛ لأن هذا هو الذي كانت تفهمه! فاتهموا الرسول ﷺ، وهذا -والعياذ بالله- من التعنت ومن الانحراف ومن الزيغ في تأويل النصوص.
فالمقصود: أن النبي ﷺ قال له: (أعِتقها فإنها مؤمنة) فسماها مؤمنة، فهل هذا معناه أنها حصلت على كمال الإيمان أو حصلت على أصل الإيمان؟
الجواب
أنها حصلت على أصله، فآمنت بالله وبرسوله، فغلط المرجئة وظنوا أن إيمانها كامل ولو لم تعمل، كما غلطوا في تأويل حديث جبريل.
3 / 11