179

Explanation of Tahawiyyah Creed - Yusuf Al-Ghufays

شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص

Türler

من أصول العبادة: الخوف والرجاء قال المصنف ﵀: [ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنِّطهم]. هذا من مقامات العبادة وهو: مقام الرجاء ومقام الخوف، وعبادته ﷾ عند أهل السنة معتبرة بثلاثة أصول: الأصل الأول: الاستحقاق، ومن أخص مقاماته المحبة، ومعنى هذا أن الله ﷾ يُعبد ويُسأل ويُدعى ويُتقرب إليه استحقاقًا، أي: لكونه مستحقًا للعبادة، وهذا هو أشرف أصول العبادة. الأصل الثاني: الرجاء، وهو أصل واسع. الأصل الثالث: الخوف، وهو أصل واسع أيضًا، أي: واسع المتعلق، وعليه: فإن من يفسر الرجاء برجاء الجنة ويكون مدار كلامه إذا ذكر الرجاء على مدار الجنة وثواب الآخرة، فلا شك أن تفسيره يكون قاصرًا، فإن من أخص مقامات الرجاء رجاء محبته ﷾، ورجاء رضاه ﷾، إلى غير ذلك، ومن مقامات الرجاء رجاء الجنة. وكذلك الخوف، فكما أن الخوف من النار من الخوف الشرعي الذي شرعه الله ورسوله، إلا أن من مقامات الخوف أيضًا الخوف من سخطه وغضبه ﷾. فيكون فقه هذين الأصلين: (الخوف والرجاء) لا يختص بالنعيم أو بالعذاب المادي، بل بما يتعلق بما بين العبد وبين ربه من محبته ورضاه أو سخطه وغضبه ومقته، والعبد كما أنه يرجو النعيم في الجنة فإنه قبل ذلك وأهم من ذلك يرجو محبة الله ﷾ ورضاه، ولهذا قال ﷾ لما ذكر النعيم: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ الله أَكْبَرُ﴾ [التوبة:٧٢]، فالرضا أعظم من هذا النعيم الذي أعده الله ﷾، وإن كان طلب النعيم والخوف من العذاب مشروعًا. ومن هدي أهل السنة أنهم يرجون للمحسنين أي: من استقاموا على الإيمان ظاهرًا وباطنًا، ويخافون على المسيئين وهم من حقق أصل الإيمان ولكنهم اقترفوا ما اقترفوا من الكبائر، فهؤلاء المسيئون يُخاف عليهم، ولكن لا يعطلون من مقام الرجاء، وأهل الإحسان وإن كان يُرجى لهم إلا أنهم لا يعطلون من مقام الخوف، ولكن الأصل في أهل الإحسان هو الرجاء، والأصل في أهل الإساءة هو الخوف، وأما أن يقصر أهل الإساءة على مقام الخوف وحده فلا، بل يُخاف عليهم ويرجى لهم، ولهذا لما ذكر الله ﷾ العصاة قال: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة:١٠٢].

18 / 5