Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah

Omar Al-Eid d. Unknown
144

Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah

شرح لامية ابن تيمية

Türler

توحيد الربوبية بين الإقرار والجحود الربوبية لم ينكرها إلا طائفتان فقط، والأصل أنهم لم ينكروا الرب، ولهذا جاءت: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم:١٠] أفي الله شك؟ ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزمر:٣٨] وتأتي الآيات العظيمة جدًا: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾ [الواقعة:٦٨-٦٩] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ﴾ [الواقعة:٧١-٧٢] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ [الواقعة:٥٨-٥٩] أدلة كثيرة جدًا لم يكن الكفار يقولون: نحن الذين خلقناها، أو يقولون: آلهتنا هي التي أوجدت هذا الشيء، مما يدل على أنهم كانوا مقرين ومعترفين بأن الله ﷾ هو المتصرف. ذكروا من الأمثلة على هذا المثال في قضية الذين كابروا هذا الأمر إما تعطيلًا وجحدًا كحال فرعون، والله قد قال عنه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل:١٤] وفي قوله تعالى: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ [الإسراء:١٠٢] . كأنه الآن في قرارة نفسه مقر ولكنه مستكبر. ومن الذين جعلوا مع الله غيره في الربوبية كحال المجوس وكحال النصارى وكحال المعتزلة، فالمجوس قالوا: بإلهين، إله الظلمة وإله النور، والنصارى قالوا: إن عيسى ﵊ له حق التصرف في هذا الكون، وأنه يحيي ويميت، والمعتزلة قالوا: إن الإنسان يخلق فعله، والله ليس خالقًا لأفعال العباد، وهذا الكلام باطل لا شك فيه. - ومن الذين أنكروا توحيد الربوبية: الدهريون الذين قالوا: ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية:٢٤] ولذلك قال قائلهم: (أرحام تدفع، وأرض تبلع) ما عندنا شيء، نساء تحمل وتقذف ثم الأرض تبتلعها وينتهي الإشكال، وهذا الكلام باطل لا شك فيه. - ومنهم كذلك النمرود بن كنعان الذي قال لإبراهيم ﵊: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة:٢٥٨] فقال إبراهيم بعد هذا: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة:٢٥٨] وهذا ممن أنكر توحيد الربوبية. وفي عصرنا الحاضر يوجد الشيوعيون، ومن اللطائف أن الذين صعدوا القمر هم من روسيا وقالوا عندما نزلوا وقوبل معهم قالوا: علمنا أن هذا الكون له مدبر ولا يمكن أن يحدث صدفة، وبعده بأيام مباشرة قابلوا معهم فقالوا: صعدنا إلى الكون فما وجدنا إلهًا، خافوا أن يرجع الناس عن معتقد الشيوعية. ومن اللطائف أن الذين يعيشون في المراكب الفضائية قالوا: إنهم يرجعون بروحانيات وبتأمل وفكر عجيب في عقولهم، لما يشاهدون من عجيب صنع الله تعالى في الكون، وهذا لا شك أنه من العجائب. ولهذا ربطنا الله بلطائف: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران:١٩٠] ذكر الليل والنهار واختلافهما، كلما كثرت هذه الأمور قوي عند الإنسان ترسيخ ربوبية الله تعالى، وإن كان سيأتي البيان أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لم تبعث لتقرير الربوبية، وإنما بعثت لتقرير ألوهية الله تعالى. وعندما كان الشرك موجودًا وقد يقع في الأمم جاء في القرآن دليل على إبطاله، وهو قول الله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [المؤمنون:٩١] الله يبين أنه لو كان للكون إلهان لكانت النتيجة: لانفصل كل إله بما خلق، كل إله يستقل: ﴿وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ حصلت خصومة في الكون، ونحن نتساءل: هل نجد نظام الكون منفصلًا أم أنه واحد؟ الجواب: نجده واحدًا. وهل نجد علو بعضهم على بعض؟ الجواب: لا. إذًا الكون ليس له إلا رب واحد وإله واحد. نقول: الله ﷾ هو المتفرد بالربوبية، وتفرده بالربوبية تفرد بالخلق، وهو ﷾ يقول: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ﴾ [فاطر:٣] ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف:٥٤] وكما أنه متفرد بالملك والله يقول: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون:٨٨] دل على أنه ﷾ هو المالك لكل شيء، ولذلك قال مثنيًا على نفسه: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون:١٤] هل معناه: أنه يوجد هنا خالق غير الله؟ لا، وكذلك الذين يصورون يقال لهم يوم القيامة: (أحيوا ما خلقتم) هل خلقهم مثل خلق الله؟ لا يمكن أبدًا، فلا شك أن هذه إطارها صغير، وأما بالنسبة لما يتعلق بالله فإنه هو المدبر لكل شيء. يجب أن نعلم قاعدة وهي مهمة جدًا: توحيد الربوبية ليس مطالبًا به أمة محمد ﷺ فقط، وليس الإقرار هو للعرب في الجاهلية وحدهم، بل إن الأمم السابقة كانت مقرة به، قوم نوح مقرون به، ولهذا جاء في سورة نوح: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح:١٠-١٢] ما اعترض قوم نوح على نوح فقالوا: آلهتنا هي التي تعمل هذه، بل هم معترفون بأن الله هو الذي يعمل تلك، يرسل السماء مدرارًا، ويمددهم بأموالٍ وبنين، ويجعل لهم جنات وأنهارًا، هو ﷾ المدبر وحده، ولهذا فإن الأمم السابقة مقرة بربوبية الله تعالى، وإنك إذ تقرأ قصة أي نبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام في القرآن تجد الإيماء لقضية الربوبية. نصل إلى نتيجة فنقول: إن توحيد الربوبية غلت فيه طوائف المبتدعة، فتجد أهل الكلام والنظر والصوفية يركزون على توحيد الربوبية تركيزًا عظيمًا جدًا، ويرون أنه هو التوحيد الذي خلقت من أجله الخليقة، وهو الذي بعثت به الرسل، والعجب أنهم يفسرون لا إله إلا الله تفسيرًا بربوبية الله إذ يقولون: لا مخترع إلا الله، وهذا الكلام باطل لا شك فيه، ووجه بطلانه: أن مشركي العرب كانوا مقرين بربوبية الله تعالى، والدليل على ذلك: ﴿إِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [العنكبوت:٦٥] وكذلك من الأدلة بل أعظم دليل: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان:٢٥] وجاءت الآيات التي: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ [الواقعة:٦٨] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ﴾ [الواقعة:٥٨] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ [الواقعة:٧١] خطاب لمن؟ للعرب في الجاهلية وللمشركين، ومع ذلك لم يعترضوا أبدًا على ربوبية الله تعالى، وهم إذا أصابتهم الشدائد لجئوا إلى الله في كشف أمراضهم، وما أصابهم منه، مما يدل على أنهم مقرون بربوبية الله، ومع ذلك لم يفدهم شيئًا، قاتلهم النبي، وسبى النساء، وأخذ الأموال وغنمها ﷺ ولم ينظر إلى قضية الربوبية، ولهذا نقول: إن الرسل عليهم الصلاة والسلام لم يرسلوا لتقرير ربوبية الله تعالى، كما أن الشرك في الربوبية لم يكن كثيرًا، وإنما كان الشرك في إلهية الله تعالى. لعلي ذكرت لكم قصة نقلت عن أحد أئمة أهل الكلام عندما مر في الطريق وقال لامرأة: إنه يحفظ ألف دليل على وجود الله تعالى، قالت المرأة: لو لم يكن في قلبه ألف شك ما احتجنا إلى ألف دليل على وجود الله تعالى، فالله موجود، ولا يحتاج إلى كثرة أدلة على إثبات وجوده وربوبيته تعالى. يقول العلماء ﵏: إن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، والآيات التي ترد في ربوبية الله تعالى كلها إنما ترد ليس ليبين للناس أن الله هو الخالق الرازق المدبر لأنهم يعرفونه، وإنما لينقل من الربوبية إلى الألوهية، والدليل على ذلك، ما ذكره الله في سورة البقرة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [البقرة:٢١-٢٢] كل هذه ربوبية، جاءت بعدها: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ [البقرة:٢٢] جيئت المقدمة ليبين للناس أن الواجب أن يذكروه، وجاءت الآن في الآيات التي تقرر الربوبية (أَفَلا تَتَّقُونَ) (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) كله، لماذا لا تأخذون بألوهية الله تعالى؟ أومأ ابن القيم إيماءً لطيفًا أظنه في الوابل الصيب، وأربطه بمثال واقعي، لما طلب الله من عيسى ﵊ أن يبلغ بني إسرائيل، وذكر من اللطائف هنا في مسألة النقل من الاستلزام كحال من استقدم رجلًا أو موظفًا عنده أو سائقًا، نحن إذا استقدمنا سائقًا يحتاج أن تؤمن له السكن، أن تؤمن له مكيفًا، أن تؤمن له فراشًا، أن تؤمن له موقع

9 / 12