شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
Türler
تعريف جمع العلم جمعًا مذكرًا سالمًا
الباب الثالث: قال الناظم رحمه الله تعالى: [وارفع بواو وبيا اجرر وانصب سالم جمع عامر ومذنب وشبه ذين] هذا باب جمع المذكر السالم، يقول المؤلف: ارفع بواو نيابة عن الضمة، وبيا اجرر وانصب؛ نيابة عن الكسرة في الجر، وعن الفتحة في النصب.
قوله: (سالم جمع عامر ومذنب) يريد بذلك الجمع السالم مفرده؛ لأن الجموع تنقسم إلى قسمين: جموع لا يسلم مفردها من التغيير عند الجمع، فهذه خارجة بقوله: (سالم جمع).
وجموع لا يتغير مفردها، فهذه داخلة في قوله: (سالم جمع).
ولنضرب لذلك أمثلة: رجل: جمعه (رجال) فليس جمع مذكر سالمًا؛ لأن المفرد تغير عند الجمع.
مسلم: جمعه (مسلمون) فسلم مفرده عند الجمع، فهو جمع مذكر سالم.
وقوله: (سالم جمع عامر ومذنب): كلمة (عامر) علم، وكلمة (مذنب) صفة.
فأفادنا المؤلف ﵀ بذلك أن جمع المذكر السالم يكون جمعًا للأعلام ويكون جمعًا للأوصاف، وهو كذلك، ولا يخرج عن هذين الأمرين، فغير العلم لا يجمع جمع مذكر سالمًا، بل يكون ملحقًا به، فأرضون -مثلًا- ملحقة بجمع المذكر السالم وليست جمعًا مذكرًا سالمًا؛ لأنها ليست علمًا.
ولكن ننظر أيضًا: كلمة (عامر) فنجد أنها علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب.
والمراد بالعاقل هنا ما من شأنه أن يعقل، فلو فرض أن عندنا عشرة مجانين، كل واحد اسمه عامر، فإنهم يجمعون جمع مذكر سالم؛ لأن المراد بالعاقل هنا ما من شأنه أن يعقل.
لو سمينا حصانًا باسم علم، وسمينا أيضًا بهذا العلم خيولًا أخرى، فلا نجمعها جمعًا مذكرًا سالمًا؛ لأنها ليست لعاقل، لأنه لا بد أن يكون لمذكر وأن يكون لعاقل.
وهناك شروط أيضًا: أن يكون سالمًا من التاء، فإن كان متصلًا به التاء فإنه لا يجمع جمع مذكر سالمًا، مثل: (حمزة)؛ لأن فيه التاء، وإذا كان فيه التاء فإنه يجمع إما جمع مؤنث سالمًا أو يؤتى بكلمة (ذوو) مضافة إلى المفرد.
وقوله: (ومذنب): هو وصف لمذكر، عاقل.
وما أذكى المؤلف ﵀ حين أتى بكلمة (مذنب) لأن الذنب لا يكون إلا من العقلاء، فالبهائم لا توصف بأنها مذنبة، فكأنه ﵀ أشار إلى أنه لا بد أن يكون الوصف وصفًا لمذكر عاقل، وذلك بقوله: (مذنب)، لأن غير العاقل لا يوصف بالذنب أبدًا، فهذا من ذكائه ﵀.
5 / 8