شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
Türler
علامات الاسم
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل] يعني: حصل للاسم تمييز بهذه الأشياء الخمسة، يعني حصل له شيء يميزه عن الفعل والحرف، وهو واحد من هذه الخمسة: الجر والتنوين والنداء وأل والإسناد.
ومعنى كلام المؤلف أن كل كلمة مجرورة فهي اسم، وليس المعنى أن كل كلمة تجرها فهي اسم؛ لأنك لو قلت: كل كلمة تجرها فهي اسم لجاء شخص وقال: أنا أجر (ضرب) وأقول: ضربي.
لكن المعنى: كل كلمة مجرورة فهي اسم، فهي علامة تبين المعلوم، كما لو قلت: العرب علامتهم لبس العمامة، يعني معناه أنهم يتميزون عن غيرهم بذلك، فكلما وجدنا شخصًا ذا عمامة فهو عربي، وكذلك كلما وجدنا كلمة مجرورة فهي اسم.
وقول المؤلف: (بالجر) يشمل الجر بالحرف، والجر بالإضافة، والجر بالتبعية، وقد اجتمعت في البسملة: (بسم الله الرحمن الرحيم) فكلمة اسم مجرورة بالحرف (الباء)، ولفظ الجلالة مجرور بالإضافة، ولفظ الرحمن مجرور بالتبعية.
إذًا: الجر من علامات الاسم، فكل كلمة مجرورة فهي اسم، سواء جرت بالحرف، أو بالإضافة، أو بالتبعية.
قوله: (والتنوين): المعنى: كل كلمة منونة فهي اسم، فكلما وجدت كلمة منونة فاحكم بأنها اسم.
والتنوين: نون ساكنة تلحق أواخر الكلم لفظًا لا خطًا، فمثلًا: زيدٌ فيها نون ساكنة، لكنها غير مكتوبة.
وقال معلمونا ونحن في أول الطلب: التنوين ضمتان أو فتحتان أو كسرتان، وهذا التعريف صحيح وواضح.
لكن عند التعمق نقول: إن الضمتين والفتحتين والكسرتين علامة على التنوين وليست هي التنوين.
إذًا: كل كلمة فيها تنوين فهي اسم، واستثنى بعضهم تنوين الترنم والتنوين الغالي، ولكن لا حاجة إلى التطويل، نقول: المراد التنوين الذي يكون به الصرف، فهذا هو الذي يكون علامة الاسم.
قوله: (والندا): والنداء أيضًا من علامات الاسم، فكل كلمة مناداة فهي اسم.
ويمكن أن نقول: إن النداء علامة سواء كانت في التركيب أو في التقدير.
إذًا: كل كلمة يصح أن تناديها فهي اسم، وكل كلمة مصدرة بيا النداء فهي اسم، مثل: يا رجل! كذلك لو قلت: يا ضرب، تكون (ضرب) اسمًا؛ لأننا ناديناها، وهذا يعني أن عندنا رجلًا اسمه ضرب.
وهناك اسم (يزيد) وأصله فعل مضارع، و(شمر) وأصله فعل ماض.
إذًا: كل كلمة صح أن تنادى فهي اسم، وكل كلمة صدرت بالنداء فهي اسم.
قوله: (وأل): أل أيضًا من علامات الأسماء، فكل كلمة فيها أل فهي اسم، مثل: المساجد، البيوت، الإبل، الجبال، الشمس، القمر.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الموصول أن من الأسماء الموصولة أل، وأنها ربما تكون صلتها فعلًا كقول الشاعر: ما أنت بالحكم الترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل فلفظ (الترضى) فيه أل، وهي اسم موصول؛ فالمراد إذًا في قول المؤلف: (وأل) ما سوى أل الموصولية؛ لأن أل الموصولية قد توصل بالفعل.
قوله: (ومسند) أي وإسناد، فهي مصدر ميمي وليست اسم مفعول.
قال ابن هشام ﵀: وهذه العلامة -أعني الإسناد- أحسن العلامات؛ لأن من الأسماء ما لا يقبل إلا هذه العلامة.
فكل ما يقبل العلامات الأربع السابقة يقبل هذه العلامة، وليس كل ما يقبل هذه العلامة يقبل العلامات السابقة، فهي إذًا أعم وأشمل، فكل كلمة يصح أن تسند إليها شيئًا اسم.
لو قال لك قائل: قمت، فالتاء اسم؛ لكنها لا تقبل العلامات السابقة، فهي لا تجر ولا تنون ولا تنادى ولا تحلى بأل.
إذًا ما الذي دلنا على أنها اسم؟ إسناد القيام إليها، فالإسناد إذًا هو أنفع العلامات وأحسنها، لدخوله على جميع الأسماء.
والخلاصة أن للأسماء خمس علامات كما ذكرها ابن مالك: الجر، والتنوين، والنداء، وأل، والإسناد، وأشملها وأعمها الإسناد.
ورد في القرآن: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ [يس:٢٦]، فدخلت يا النداء على (ليت) وليست باسم، لكنهم يقولون إن (يا) هنا ليست للنداء، ولكنها للتنبيه، وعلى القول بأنها للنداء يكون المنادى محذوفًا والتقدير: يا رب ليت قومي يعلمون.
الكاف في قول القائل مثلًا: إنك قائم، اسم؛ لأنه أسند إليه الخبر، والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا﴾ [الإنسان:٤]، عرفنا أن أغلالًا اسم بالتنوين، أي فالأصل أنها قابلة للتنوين لكن هنا مانع، مع أن هناك قراءة: (سلاسلًا وأغلالًا).
وإذا قلت: يا محمد؛ فالذي دل على اسميته النداء، لأنه ليس فيه أل، ولا تنوين ولا جر، ولا إسناد، وليس فيه إلا النداء.
2 / 8