225

Explanation of Al-Hamawiyyah - Yusuf Al-Ghafis

شرح الحموية - يوسف الغفيص

Türler

تسمية المرجئة لأهل السنة شكاكًا [والمرجئة تسميهم شكاكًا]. تسميهم شكاكًا؛ لأن جمهور السلف جوزوا الاستثناء في الإيمان، فتقول: فلان مؤمن إن شاء الله، أو تقول: أنت مؤمن إن شاء الله .. وهلم جرا، وكان المرجئة يمنعونه ويرونه شكًا. وموجب هذا: أن المرجئة يرون أن الإيمان واحد لا يزيد ولا ينقص، ومن هنا امتنع الشك فيه .. وهذا صحيح إن كانت المقدمة صحيحة، ومن هنا امتنع الاستثناء فيه .. وهذا ليس بصحيح. أما امتناع الشك فإن الشيء الواحد لا يجوز أن يتردد فيه، ولكنه من حيث المقدمة خطأ، فإن قول المرجئة: بأن الإيمان واحد. غلط؛ فإن الإيمان وهو مركب من قول وعمل واعتقاد، وهو يزيد وينقص كما تواترت بذلك النصوص واتفق عليه السلف، على صريح القرآن في آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة:١٢٤] وكقوله: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ [مريم:٧٦] إلى غير ذلك، فالتصريح بزيادة الإيمان جاء في آيات كثيرة في القرآن. ثم لو فرض جدلًا أن الإيمان واحد فهل الاستثناء فيه هو الشك؟ الجواب: لا؛ لأنه يجوز حتى في الأمور المقطوع بها ذكر مشيئة الله -أي: تعليقها بمشيئة الله- كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [الفتح:٢٧] فقوله: إن شاء الله مع أن هذا الوعد متحقق الوقوع. والسلف ﵏ يستثنون في الإيمان لغرضين: الأول: من جهة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، والإيمان المطلق هو الإتيان بالواجبات والانتهاء عن المعاصي، فهذا الإيمان المطلق الذي هو امتثال الأمر والانتهاء عن النهي لا يجزم به أحد لنفسه؛ ومن هنا صار الاستثناء مناسبًا في هذا المقام. الثاني: أن الخاتمة لا يعلمها إلا الله ﷾. فلهذين الغرضين صار الاستثناء مناسبًا. والأشعري وكثير من أصحابه يستثنون في الإيمان على طريقة ابن كلاب، لكنهم وإن وافقوا السلف في الاستثناء إلا أن تعليل الاستثناء عند ابن كلاب والأشعري ليس هو التعليل الذي كان عليه السلف، فإن ابن كلاب والأشعري يستثنون في الإيمان باعتبار الموافاة، والموافاة ليست هي مسألة ختم الأعمال التي كان بعض السلف يقصدها باستثنائه. فإن ختم الأعمال من جهة أن العبد لا يدري بما يختم له، أما مسألة الموافاة -وهي من مقالات عبد الله بن سعيد بن كلاب، وأخذها عنه الأشعري - فمقصودهم بها: أن إيمان العبد الصحيح هو الذي يوافي به الله، أي: إن كان في قدر الله وعلمه أنه يموت كافرًا فإن إيمانه الأول ليس إيمانًا صحيحًا، وإن كان في علم الله أنه يموت مؤمنًا فكفره الأول ليس كفرًا، فالكفر هو ما وافى العبد به ربه، والإيمان هو ما وافى العبد به ربه. وهذا التفسير للكفر والإيمان لا شك أنه مخالف للسلف؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ﵀: وما علمت أحدًا من السلف علل الاستثناء في الإيمان بمثل ما ذكره عبد الله بن سعيد وتبعه عليه الأشعري ومن وافقه من أصحابه.

19 / 5