208

Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Yayıncı

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤١٥ هـ

Yayın Yeri

الخبر

Türler

وَفِعْلُهُ الْمَذْكُورُ بِلَا رَيْبٍ قَدْ وَقَعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ يحسُّ ضَرُورَةً أَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ، وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ هَذَا هُوَ الْوَاقِعَ؛ فَهُوَ الَّذِي نصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، ونصَّ عَلَيْهِ رَسُولُهُ؛ حَيْثُ أَضَافَ الْأَعْمَالَ صَالِحَهَا وَسَيِّئَهَا إِلَى الْعِبَادِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمُ الْفَاعِلُونَ لَهَا، وَأَنَّهُمْ مَمْدُوحُونَ عَلَيْهَا - إِنْ كَانَتْ صَالِحَةً - وَمُثَابُونَ، وَمَلُومُونَ عَلَيْهَا - إِنْ كَانَتْ سَيِّئَةً - وَمُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا.
فَقَدْ تبيَّن بِلَا رَيْبٍ أَنَّهَا وَاقِعَةٌ مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ، وَأَنَّهُمْ إِذَا شاؤوا فعلوا، وإذا شاؤوا تَرَكُوا، وَأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ ثَابِتٌ عَقْلًا وَحِسًّا وَشَرْعًا وَمُشَاهَدَةً.
وَمَعَ ذَلِكَ؛ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَاقَعِةً مِنْهُمْ كَيْفَ تَكُونُ دَاخِلَةً فِي الْقَدَرِ، وَكَيْفَ تَشْمَلُهَا الْمَشِيئَةُ؟! فَيُقَالُ: بِأَيِّ شَيْءٍ وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَعْمَالُ الصَّادِرَةُ مِنَ الْعِبَادِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا؟ فَيُقَالُ: بِقُدْرَتِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ؛ هَذَا يَعْتَرِفُ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ. فَيُقَالُ: وَمَنْ خَلَقَ قُدْرَتَهُمْ وَإِرَادَتَهُمْ وَمَشِيئَتَهُمْ؟ فَالْجَوَابُ الَّذِي يَعْتَرِفُ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ قُدْرَتَهُمْ وَإِرَادَتَهُمْ، وَالَّذِي خَلَقَ مَا بِهِ تَقَعُ الْأَفْعَالُ هُوَ الْخَالِقُ لِلْأَفْعَالِ.
فَهَذَا هُوَ الَّذِي يحلُّ الْإِشْكَالَ، ويتمكَّن الْعَبْدُ أَنْ يَعْقِلَ بِقَلْبِهِ اجْتِمَاعَ الْقَدَرِ وَالْقَضَاءِ وَالِاخْتِيَارِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ تَعَالَى أمدَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَسْبَابٍ وَأَلْطَافٍ وَإِعَانَاتٍ متنوِّعة وَصَرَفَ عَنْهُمُ الْمَوَانِعَ؛ كَمَا قَالَ ﷺ:
«أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ؛ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ» (١) .
وَكَذَلِكَ خَذَلَ الْفَاسِقِينَ، وَوَكَلَهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ،

(١) جزء من حديث ابن مسعود الذي تقدَّم تخريجه (ص ... ٢٥٦) .

1 / 228