179

Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Yayıncı

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤١٥ هـ

Yayın Yeri

الخبر

Türler

بِهِ حَقِيقَةً بِأَلْفَاظِهِ وَمَعاِنيهِ، بِصَوْتِ نَفْسِهِ.
فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مخلوقٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرية عَلَى اللَّهِ، وَنَفَى كَلَامَ اللَّهِ عَنِ اللَّهِ وَصْفًا، وَجَعَلَهُ وَصْفًا لِمَخْلُوقٍ، وَكَانَ أَيْضًا متجنِّيًا عَلَى اللُّغَةِ، فَلَيْسَ فِيهَا متكلِّم بِمَعْنَى خَالِقٍ لِلْكَلَامِ.
ومَن زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ الْمَوْجُودَ بَيْنَنَا حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ؛ كَمَا تَقُولُهُ الكُلاَّبية، أَوْ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ؛ كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّةُ؛ فَقَدْ قَالَ بِنِصْفِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ؛ حَيْثُ فرَّق بَيْنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، فَجَعَلَ الْأَلْفَاظَ مَخْلُوقَةً، وَالْمَعَانِيَ عِبَارَةً عَنِ الصِّفَةِ الْقَدِيمَةِ؛ كَمَا أَنَّهُ ضَاهَى النَّصَارَى فِي قَوْلِهِمْ بِحُلُولِ اللَّاهُوتِ - وَهُوَ الْكَلِمَةُ - فِي النَّاسُوتِ - وَهُوَ جَسَدُ عِيسَى ﵇؛ إِذْ قَالَ بِحُلُولِ الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ الصِّفَةُ الْقَدِيمَةُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَخْلُوقَةِ، فَجَعَلَ الْأَلْفَاظَ نَاسُوتًا لَهَا.
وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ؛ حَيْثُ تصرَّف، فَمَهْمَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمَصَاحِفِ، أَوْ تَلَوْنَاهُ بِالْأَلْسِنَةِ؛ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى مَن قَالَهُ مُبْتَدِئًا؛ لَا إِلَى مَن قَالَهُ مبلِّغًا مؤدِّيًا.
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِ السَّلَفِ: «مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ»؛ فَهُوَ مِنَ الْبَدْءِ؛ يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي تكلَّم بِهِ ابْتِدَاءً، لَمْ يُبْتَدَأْ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ البُدُو؛ بِمَعْنَى الظُّهُورِ؛ يَعْنِي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تكلَّم بِهِ وَظَهَرَ مِنْهُ، لَمْ يَظْهَرْ مِنْ غَيْرِهِ.
وَمَعْنَى: «إِلَيْهِ يَعُودُ»؛ أَيْ: يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَصْفًا؛ لِأَنَّهُ وَصْفُهُ الْقَائِمُ بِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَعُودُ إِلَيْهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حِينَ يُرْفَعُ مِنَ الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ؛

1 / 199