Explanation of Al-‘Aqidah Al-Tahawiyyah - Khalid Al-Muslih
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Türler
إثبات أهل السنة لخلافة الأربعة والمفاضلة بينهم
قال ﵀: [ونثبت الخلافة بعد رسول الله ﷺ أولًا لـ أبي بكر الصديق ﵁ تفضيلًا وتقديمًا على جميع الأمة، ثم لـ عمر بن الخطاب ﵁، ثم لـ عثمان بن عفان، ثم لـ علي بن أبي طالب ﵁، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون] .
يقول ﵀: (ونثبت الخلافة بعد رسول الله ﷺ أولًا لـ أبي بكر الصديق) .
أبو بكر ﵁ هو عبد الله بن أبي قحافة، وهو خير الأمة بعد رسولها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وثبتت له الخلافة بإجماع المسلمين، وقد اختلف العلماء في خلافة أبي بكر ﵁ هل كانت بالنص الجلي أم بالنص الخفي أم بالاختيار؟ ولكن من تأمل وجد من النصوص ما يدل على أنه الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكنها ليست نصوصًا صريحة، بل هي نصوص بمجموعها تدل على أنه الخليفة بعد رسول الله ﷺ بعهد من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أجمعت الأمة على فضله وتقدمه، وأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأبو بكر ورد له من الفضائل والخصائص ما لم يشاركه فيه غيره، بخلاف الفضائل التي ثبتت في غيره، فإنها فضائل يشارك المفضل فيها غيره، لاسيما ما يذكره الرافضة في فضائل علي بن أبي طالب ﵁، فإن الفضائل الثابتة لـ علي ﵁ ليست من الأمور التي يختص بها دون غيره، بخلاف أكثر فضائل أبي بكر، وهذه المسألة مفيدة، وهي: أن الفضائل التي ثبتت لـ أبي بكر غالبها خاصة به لا يشاركه فيها غيره، وكذلك عمر ﵁، لكن نصيب أبي بكر ﵁ من ذلك أكبر وأعظم وأكثر، فالخليفة بعد النبي ﷺ أبو بكر الصديق.
يقول المؤلف: [أولًا لـ أبي بكر الصديق ﵁ تفضيلًا له وتقديمًا على جميع الأمة] .
لا إشكال في هذا؛ فهو خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قال: (ثم لـ عمر بن الخطاب ﵁ وله من الفضائل والخصائص ما لم يشاركه فيه غيره، لكن فضائل أبي بكر أعظم وأجل، ثم قال: (ثم لـ عثمان ﵁، ثم لـ علي ﵁] .
وترتيب هؤلاء في الفضل كترتيبهم في الخلافة، هكذا استقر الأمر عند أهل السنة والجماعة، ولا خلاف بين أهل السنة والجماعة في تفضيل أبي بكر وعمر، وأن أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ﵄، وقد اشتهر بين الصحابة تقديم عثمان بعدهما، كما ذكر ذلك عبد الله بن عمر في المفاضلة، ولم يذكر بعد عثمان أحدًا، وقد سئل علي بن أبي طالب ﵁ -كما جاء في صحيح البخاري- سأله ابنه محمد بن حنفية عن أفضل الأمة بعد نبيها فقال: أو لا تعلم؟ -إنكارًا لهذا السؤال- قال: لا.
قال: أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر.
قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.
يقول محمد بن حنفية: قلت: ثم أنت خشية أن يقول: عثمان فقال: ما أنا إلا رجل من المسلمين ففضل أبي بكر ﵁ وفضل عمر وتقديمهما على سائر الأمة مما حصل عليه الإجماع وما وقع الخلاف فيه، والذي وقع فيه الخلاف هو المفاضلة بين عثمان وعلي، لكن الخلاف في المفاضلة لا في الخلافة، بل الخلافة بعد عمر لـ عثمان ﵁، وقد نقل عن بعض السلف: أن من قدم عليًا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ لأن المهاجرين والأنصار قدموا عثمان ﵁ في الخلافة، وهو دليل على تقديمه في الفضل؛ لأنهم أجمعوا على الأفضل، والأفضل هو عثمان ﵁، لكن ما انتهت المفاضلة، بل يحتدم فيها الخلاف، وقد ورد فيها الخلاف، فالعلماء منهم من فضل عثمان وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، واستقر عليه الأمر، ومنهم من توقف في التفضيل بينهما، ومنهم من قدم عليًا ﵃، ومنهم من فضل أبا بكر وتوقف بعد ذلك، ومسألة التفضيل لا تضليل فيها على الصحيح من أقوال أهل العلم، أما مسألة الخلافة فإن من شك أو طعن في خلافة هؤلاء أو في ترتيب هذه الخلافة فهو أضل من حمار أهله، كذا قال الإمام أحمد ﵀، ونقل ذلك شيخ الإسلام ﵀.
قال: (وهم الخلفاء الراشدون)، أي: هم الذين قال النبي ﷺ فيهم (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) .
قال: [والأئمة المهتدون] ولو أنه قال المهديون لكان أوفق؛ لما وصفهم به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ووصف الرشد والهداية هل هو وصف واحد أو وصفان؟
الجواب
وصفان، فالرشد ضد الغي، والهداية ضد الضلال، والغي يكون في العلم، والرشد يكون في العمل، والهدى يكون في العلم، كما قال الله جل وعلا: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ [النجم:٢]، فأثبت له الهداية وأثبت له الرشد؛ لأن نفي الضلال إثبات للهدى، ونفي الغي إثبات للرشد؛ لأن الذي يقابل الرشد الغي، والذي يقابل الهدى الضلال.
20 / 9