194

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

Türler

علو الله تعالى عن الضد والند
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: (وهو متعال عن الأضداد والأنداد) .
الضد: المخالف.
والند: المثل.
فهو سبحانه لا معارض له، بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا مثل له، كما قال تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:٤]، ويشير الشيخ ﵀ بنفي الضد والند إلى الرد على المعتزلة في زعمهم أن العبد يخلق فعله] .
يعني أن المعتزلة جعلوا الإنسان ضدًا لله أو ندًا مع أنهم ما صرحوا بذلك، ولكنهم لما زعموا أن العبد يخلق فعله، وزعموا أن الله لا يخلق أفعال العباد، واعتقدوا أن الله يعصى قهرًا -تعالى الله عن قولهم- فعند ذلك أصبحوا قد جعلوا أنفسهم بل جعلوا كل مخلوق ضدًا لله وندًا له، ولأجل ذلك يسميهم الصحابة -كما في بعض الروايات- مجوس هذه الأمة.
وورد في بعض الأحاديث مرفوعًا وموقوفًا: (إن مجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر.
إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تتبعوهم) من باب الإنكار الشديد عليهم، وإذا قلت: كيف جعلوا لله ضدًا أو ندًا؟ نقول: ما داموا قد جعلوا المخلوق مستقلًا بتصرفه وبفعله فقد جعلوه متصرفًا بهذا الكون، والتصرف في الحقيقة إنما هو للخالق سبحانه، وليس للمخلوق شيء من التصرف، أعني التصرف المطلق.
وسبب تسميتهم مجوسًا أن المجوس ادعوا أن الكون صادر عن اثنين، وأن للعالم خالقين: النور والظلمة.
فالنور خالق الخير والظلمة خالقة الشر، فلما جعلوا العالم صادرًا عن خالقين أشبههم المعتزلة حيث جعلوا العبد خالقًا لفعله، فجعلوا مع الله خَاَلِقِيِنَ ليس خَاَلِقَينِ فقط، بل جعلوا العالم صادرًا عن عدد.
فالحاصل أن هذه الجملة تصلح ردًا على المشركين وتصلح ردًا على القدرية، ففيها الرد على المشركين الذين يجعلون لله ندًا وضدًا، سواء ندًا في الخلق والتكوين أو ندًا في استحقاق العبادة، فالله تعالى متعالٍ عن الأمرين، فهو الخالق وحده، فليس معه ندٌ يخلق كخلقه، وهو المستحق للعبادة وليس معه من يستحقها مثله.

13 / 15