Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin
شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين
Türler
من الشرك عبادة الكواكب
قال ﵀: [ومن أسباب الشرك عبادة الكواكب، واتخاذ الأصنام بحسب ما يظن أنه مناسب للكواكب من طباعها، وشرك قوم إبراهيم ﵇ كان -فيما يقال- من هذا الباب، وكذلك الشرك بالملائكة والجن واتخاذ الأصنام لهم] .
عبادة الكواكب أو الأفلاك كالشمس والقمر من جملة ما وقع فيه بعض الأمم، ولأجل ذلك نهى الله تعالى عن ذلك، وأخبر بضلال من يفعله، وحكى الله تعالى عن ملكة سبأ وقومها بقوله عن الهدهد: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل:٢٤]، ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ [النمل:٢٥] يعني: صدهم الشيطان عن سجودهم لله الذي خلقهم ﴿الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [النمل:٢٥]، فهذا دليل على أن هناك أممًا عبدوا الشمس، وأخبر النبي ﵊ بأن المشركين يسجدون لها، ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فقال: (إن الشمس تطلع بين قرني شيطان وحينئذٍ يسجد لها المشركون) وهناك من شركهم بعبادة الكواكب.
وقيل: إن قوم إبراهيم شركهم بعبادة الكواكب، كانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل، وقد حكى الله عنهم أنهم يعبدون أصنامًا، كقولهم: ﴿نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ [الشعراء:٧١]، وكانت أصنامهم من حجارة أو من خشب، ولأجل ذلك قال لهم إبراهيم: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء:٧٥-٧٧] وقال: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ [الأنبياء:٥٧] ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ﴾ [الأنبياء:٥٨] وقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:٩٦] يعني: خلقكم وخلق ما عملتم بأيديكم.
فهذا دليل على أنهم كانوا يعبدون أصنامًا منحوتة، ولكن مع ذلك كانوا يعبدون الكواكب، وقد قيل: إن من أدلة ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام:٧٦] على وجه المناظرة، وكذلك قال للقمر: هذا ربي.
وقال للشمس (هذا ربي هذا أكبر) قيل: إن من أدلة ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات:٨٨-٨٩]، مما يدل على أنهم كانوا ينظرون أيضًا في النجوم.
فعبادة الكواكب لا شك أنها شرك، وذلك لأن هذه الكواكب مخلوقة مسيرة، والله هو الذي يسيرها، وهو الذي سخرها، كما في قوله تعالى: ﴿وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ [الأعراف:٥٤] .
والحاصل أن من جملة المعبودات عبادة الكواكب وبناء الهياكل لها، وكل ذلك مما نفاه الإسلام وحث المسلمين على أن تكون عبادتهم لله وحده.
2 / 6