Melekler: Çok Kısa Bir Giriş
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Türler
إن بعض التصنيفات النقدية والتحليلية التي طبقها المعلقون على ماركس تناسب إنجلز في واقع الأمر على نحو أفضل. فعند قراءة أعمال إنجلز، يزيد الشعور لدى القارئ بأنه ينظر إلى شخص كان محل تأثيرات متعاقبة، وتزداد الأدلة المقنعة بذلك إلى حد كبير، مقارنة بماركس. إنجلز هو الذي كتب أعمالا كاملة تأثر فيها بأفكار هيجل، ثم بأفكار الهيجليين الشباب في أوائل أربعينيات القرن التاسع عشر؛ وهو الذي تبنى وجهة النظر الشيوعية سريعا وعلى نحو تام؛ وهو الذي اعتبر آراء أستاذه قوانين راسخة، ومثبتة لا يرقى إليها شك؛ وهو أيضا من تبنى وجهة نظر وضعية بشأن العلوم الطبيعية، وقدمها لماركس وداروين على حد سواء، في حين أنها لم تناسب أيا منهما في واقع الأمر.
طالما كانت لدى ماركس وجهة نظره النقدية الخاصة، فضلا عن أنه كان يكن الإعجاب لمختلف المرجعيات الذين درس آراءهم لكن بتحكم أكبر مقارنة بإنجلز؛ بيد أن هذا الأمر عتمت عليه إلى حد ما فكرة «التأثر»؛ فمنذ عام 1840 فصاعدا، لا يمكن أن يخطئ المرء أبدا ويظن أن أحد أعمال ماركس متأثرة بهيجل أو فيورباخ أو بالهيجليين الشباب أو بريكاردو أو بالوضعية، على الرغم من أنه قد يكون متفقا بالفعل مع أي من هؤلاء المؤلفين، أو أي من تلك المدارس الفكرية. ولا يمكن قول الأمر نفسه دائما عن إنجلز؛ فعلى الرغم من أنه قيل في بعض الأحيان أن ماركس انتقل من الفلسفة إلى الاقتصاد، ثم إلى الوضعية في العلوم الاجتماعية، فإن ذلك التحول يصف في واقع الأمر الحياة المهنية لإنجلز على نحو أكثر دقة؛ نظرا لأن ماركس كان مهتما إلى حد كبير ب «ما يسمى بالمصالح المادية» والاقتصاد السياسي من عام 1842 فصاعدا (الأعمال المختارة لماركس وإنجلز، المجلد الأول). وبالرغم من ذلك، فقد كان إنجلز أكثر مهارة من ماركس في الروايات العيانية، وبيانات المبادئ القصيرة، والمقالات الجدلية والترويجية المبسطة.
عكس فكر إنجلز في المجمل صيحات معينة في فلسفة القرن التاسع عشر، كان من بينها بناء النظام باتباع أسلوب هيجل ودوهرينج، والمادية والحتمية للعلوم الطبيعية، والتطور المأخوذ عن داروين، والإلحاد الناشئ عن النقد التاريخي للدين، والوضعية التي ترى أن النظرية تنشأ عن الحقيقة. وعلى النقيض من ماركس الذي استخدم بعض هذه الأفكار بطريقة مبتكرة ونقدية على نحو مدهش، فإن إنجلز كان شخصا علم نفسه بنفسه، وكان يفتقر إلى حنكة المتشكك المثقف الذي يستطيع طرح أسئلة صعبة على نفسه، ثم يسعى على نحو مضن للإجابة عنها. لم تكن فلسفة إنجلز مجرد فلسفة متناثرة في أفكاره الجدلية المختلفة كما هو الحال مع ماركس، بل كانت في حد ذاتها كيانا يحتوي على كثير من الافتراضات غير المفحوصة، والمصطلحات غير المعرفة، والعلاقات غير المحددة.
لقد ساعدت جهود ماركس وإنجلز كي يصبح كل منهما مرجعية سياسية في ضمان إمكانية قراءة أعمالهما في المستقبل، بغض النظر عن فائدتها باعتبارها إسهامات في العلوم الاجتماعية. وفيما يتعلق بالفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع والفنون والعلوم الأخرى، فإن ماركس هو الذي قدم الإسهامات الأكثر إبداعا، بينما إنجلز هو من قدم الإسهامات الأكثر تأثيرا، لا سيما في أعماله الأخيرة. وكانت مزاعم إنجلز الواسعة النطاق المتعلقة بالعلوم والعلاقات فيما بينها، المفهومة على نحو جيد، في النشاط السياسي، ضرورية للغاية في هذا الصدد، والأمر نفسه ينطبق على نسخته القوية من «الفكرة الأساسية» لصاحبها ماركس - وهي تصور يقول إن آراء ماركس مؤكدة، بداية من التي تدور حول قوانين الرأسمالية، مرورا بصيغه الأكثر عمومية المتعلقة بالطبيعة ككل وبتطور المجتمع، وصولا لعصر التصنيع وما بعده . ولم يكتف إنجلز بتلك الآراء الأكيدة المنسوبة إلى ماركس، بل أضاف إليها وجهة نظر أخرى خاصة به ، تقول إن السببية الاقتصادية كانت مماثلة على نحو غير محدد للسببية في العلوم الطبيعية. لقد كان إنجلز الشاب في واقع الأمر أقرب إلى فرضيات ماركس، بحسب اعتقاد ماركس؛ لأن أعماله التي تناولت علم الاجتماع، والتي بلغت ذروتها بتأليف كتاب «حالة الطبقة العاملة في إنجلترا»، أظهرت الشخصية المحددة والمميزة للمجتمع الصناعي الحديث وأثرها على القانون والسياسة والحياة الثقافية، ولولا ماركس لظل هذا العمل غير مقروء بلا شك. إن كتابات إنجلز التاريخية، تقريبا من عام 1850 حتى عام 1870، تستحق قطاعا أكبر من الجمهور أكثر مما هو موجود في الوقت الحاضر. فتناوله لحرب الفلاحين في ألمانيا وللأحداث الثورية فيما بين عامي 1848 و1849، وكذلك مقالاته عن الحرب والتطورات العسكرية في أوروبا وأمريكا، قد قرأها على نحو عام المتحولون إلى الماركسية باعتبارها مثالا للتحليل التاريخي الماركسي، وهي كذلك بالفعل؛ غير أنه يجب دراسة وتقييم تلك الأعمال على نطاق أوسع.
لم أتطرق إلا إلى القليل من حياة إنجلز الشخصية. ومع أنه واضح مدى تأثيرها في أفكاره، فهناك طرق مختلفة للغاية لتفسير الحقائق المتعلقة بظروفه الاقتصادية والاجتماعية والجنسية، بقدر ما توافر لنا من أدلة. الواقع أنه جعل من الأختين ماري وليزي بيرنز المنتميتين للطبقة العاملة عشيقتين له الواحدة تلو الأخرى، وأسكنهما في منزل في مانشستر منفصل عن مسكنه الذي كان يقيم فيه كعزب منتم للطبقة الوسطى؛ والواقع أيضا أنه كان يشارك في صيد الثعالب بالاستعانة بكلاب الصيد المدربة وهو ممتط صهوة الجياد، وكان يحب الشمبانيا وخمر الكلاريت، وكان يتردد على الأحياء والمنتجعات الراقية، وأشار بعض المعلقين إلى وجود تعارض بين أسلوب حياته وموقفه السياسي باعتباره شيوعيا ثوريا. ورغم ذلك، فلو كان إنجلز قد تزوج واستقر في زواجه، ومارس قدرا يسيرا من التمارين الرياضية، وعاش حياة الفقر أو في ظروف معيشية متواضعة للغاية، ولم يعمل في وظيفة ذات أجر ثابت، وسكن في أحياء الطبقة المتوسطة الدنيا؛ فإني أشك أنه كان سيستطيع الهروب من هذا الانتقاد على نحو أكثر مما استطاع ماركس الإفلات منه (الذي عاش في نفس الظروف السابقة التي ذكرتها للتو). لو عاش إنجلز وماركس حياة أفراد طبقة البروليتاريا على نحو تام، فعلى الأرجح لم يكن سيتسنى لهما الوقت اللازم لتأليف أعمالهما الفكرية، وعلى أي حال كان النقاد المتأخرون سيهاجمونهما بسبب الكذب بشأن أصولهما العائدة للطبقة الوسطى، ويتهمونهما بالتصنع. إن أسلوب حياة أي ناقد راديكالي للأنظمة الاجتماعية المعاصرة سيبدو على الأرجح متناقضا مع نفسه.
هناك رواية متداولة تقول إن إنجلز كشف وهو على فراش الموت عام 1895 عن أن ماركس كان والد فريدريك ديموت ابن خادمة ماركس، والدليل الوحيد على هذا الكلام الذي قاله إنجلز على فراش الموت، يبدو أنه نسخة (غير معروفة المصدر) من خطاب من مديرة منزل إنجلز السابقة لويز فريبرجر، مكتوب عام 1898. وفي حين أن بعض المعلقين لا يرون سببا للتشكيك في مصداقية ودقة هذه الوثيقة وصدق ما يفترض أن إنجلز قد قاله، فقد أشار البعض الآخر إلى تناقضات داخلية في هذا الخطاب المزعوم، تثير الشك في كون النسخة أصلية. وبالرغم من ذلك، فإننا حتى إذا قبلنا النسخة بوصفها أصلية واعتبرنا تعليقات إنجلز دقيقة، فلا يزال يوجد مجال للشك؛ نظرا لأن ما كان يزعمه إنجلز لا يستند إلى دليل. علاوة على ذلك، لم يسفر البحث في حياة فريدريك ديموت وعلاقاته عن أي شيء متعلق بهوية والده، ولم تقدم الخطابات الموجودة في مجموعة مراسلات ماركس وإنجلز، في الفترة من ميلاد فريدريك ديموت وفيما بعد، أي شيء قاطع بشأن هذا الأمر، ولا يعرف عن فريدريك أي شيء آخر يربطه بماركس، بالرغم من ظهور تلك المزاعم غير المدعومة بدليل. إنني أذكر هذا الأمر لألفت انتباه القارئ إلى موضوع، على حد علمي، ليس له تأثير على أعمال إنجلز، لكنه يستحق بعض التأمل باعتباره سمة من سمات الدراسات الأكاديمية المتعلقة بإنجلز.
أعلن إنجلز في بعض المقالات والمراسلات عن آراء تتضمن تصنيفات عنصرية، وعلى الرغم من أنه من الممكن أن نوضح أنه كانت لديه آراء يمكن وصفها اليوم بأنها آراء عنصرية، فمن غير الدقيق كليا أن نزعم أن أعماله الفلسفية، أو تراثه الفكري في واقع الأمر وتأثيره، كانت تتسم من أي جانب بالعنصرية أو حتى كانت مؤيدة للعنصرية. ولو كانت لديه آراء يمكن أن نصفها بأنها عنصرية في الوقت الحاضر، فقد كان يحمل هذه الآراء بشكل منفصل عن نظرته الماركسية، تلك النظرة التي لا تظهر فيها التصنيفات العنصرية.
في رأيي، كانت العلاقة الفكرية بين ماركس وإنجلز علاقة بين الأستاذ والشارح، وباستثناء الفترة القصيرة التي شهدت عددا كبيرا من الأعمال المشتركة فيما بينهما في أربعينيات القرن التاسع عشر، يبدو أن كليهما عكف بشكل مستقل على أطروحاته النظرية الكبرى. وطلبات المساعدة وإعلانات الاكتشافات الموجودة في المراسلات المتبقية، لا تدعم المزاعم الشائعة القائلة بأن إنجلز وماركس كانا متفقين تماما في كل الموضوعات، وأنهما عملا باعتبارهما مؤلفين مشتركين، يعتبر كل منهما عمل الآخر عمله، ويرى كل منهما الآخر باعتباره شريكا في عمل مشترك؛ بيد أن الصورة التي ظهرت كانت لشخصين كان لكل منهما أعمال أنجزها على نحو مستقل ومنفصل، مع استثناءات قليلة؛ فبعض طلبات المساعدة والتأييد لم يكن عليها أي ردود، وبعضها لم ينل سوى ردود مقتضبة غير ملزمة. لم يستطع كلاهما تبني موقف التأليف المشترك والمسئولية المشتركة في اجتماعاتهما الخاصة، وكتبا تلك الخطابات التي ظلت باقية؛ وتلك الخطابات لا تدعم وجهة النظر القائلة إن ماركس وإنجلز عملا باعتبارهما شريكين فكريين مثاليين، إلا أنه في مراسلاتهما كانت موضوعات البحث التاريخي والأخبار السياسية والنميمة العائلية وشئون الحزب قصة مختلفة، ولدينا سجل عن تلك الموضوعات يحتوي على مراسلات مليئة بالحيوية بين شخصيتين منفصلتين لكنهما متحالفتان.
كان إنجلز نفسه أول من قدم وجهة النظر القائلة إنه هو وماركس كانا متفقين على كل الأساسيات - الأساسيات التي ظهرت فيما بعد في شروح إنجلز لأفكار ماركس - وإن التأليف المشترك «بيني وبين ماركس» يمكن استحضاره عند استعراض «التفسير المادي للتاريخ» وغيره من المعتقدات. وبعد وفاة ماركس، أوصى إنجلز بقراءة أعماله الخاصة مثل «الرد على دوهرينج» و «لودفيج فيورباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية» جنبا إلى جنب مع أعمال ماركس، على الرغم من أنه قال على نحو أكثر قوة في إحدى رسائل عام 1890، إنه على الرغم من أن كتاب «رأس المال» أشار إشارة عابرة إلى «المادية التاريخية»، «فلقد قدمت السرد الأكثر تفصيلا لها» (المراسلات المختارة لماركس وإنجلز).
ولم يتأخر المعلقون والمناصرون والنقاد في انتهاز المزايا الهائلة التي أتاحتها وجهة النظر تلك عن علاقة ماركس وإنجلز؛ فأسلوب ومحتوى أعمال ماركس كان أكثر صعوبة، لا سيما في الأعمال النقدية التي تناولت الاقتصاد السياسي، إذا ما قورنت بأعمال إنجلز التي يسهل قراءتها على نحو أكبر. وبالفعل كانت موضوعات إنجلز - الفلسفة والتاريخ - مألوفة وأقل غرابة من موضوع الاقتصاد السياسي. كان يوجد بعض النقاط في أعمال إنجلز يسهل تفنيدها مقارنة بحجج ماركس الأكثر تعقيدا؛ ولذلك تمسك النقاد المعادون للمفكرين بوجهة النظر القائلة إن ماركس وإنجلز يمكن قراءة أعمالهما على نحو تبادلي. على الجانب الآخر، تضمنت الحياة السياسية والأكاديمية في المؤسسات الرسمية في الاتحاد السوفييتي التزاما إيجابيا بالمادية الجدلية والتاريخية، يأخذ من أعمال إنجلز لكنه يتطلب أن تكون تلك التفسيرات حاملة بصمة ماركس، الشريك الأكبر؛ وبذلك أصبحت العلاقة بين ماركس وإنجلز مقدسة.
Bilinmeyen sayfa