Melekler: Çok Kısa Bir Giriş
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Türler
وفي مرحلة لاحقة من حياة إنجلز زاد انشغاله بمحاولات الدفاع عن «تفسيره المادي للتاريخ » ضد انتقادات الخصوم والممارسين السذج، وفي عام 1890 كتب إلى أحد مراسليه هذه السطور التي أصبحت مشهورة الآن :
وفقا للتصور المادي للتاريخ، فإن العامل المحدد على نحو قاطع في التاريخ هو إنتاج وإعادة إنتاج الحياة الواقعية. لم يؤكد ماركس ولا أنا مطلقا ما يزيد عن ذلك؛ ومن ثم فإن تطرق أحد الأشخاص إلى تحريف هذا الكلام وزعمه أن العنصر الاقتصادي هو وحده المحدد، قد حول هذه الفرضية إلى عبارة مجردة غير ذات معنى وغير منطقية (المراسلات المختارة لماركس وإنجلز).
وبعد ذلك فصل إنجلز العوامل الأخرى المؤثرة في الأحداث التاريخية:
الوضع الاقتصادي هو الأساس، لكن العوامل المختلفة للهيكل العلوي تؤثر أيضا في مسار النضالات التاريخية، وفي كثير من الحالات يكون لها دور أكبر في تحديد شكل تلك النضالات؛ وتتمثل تلك العوامل في الأشكال السياسية للنضال الطبقي ونتائجه، وهي: المؤسسات التي تؤسسها الطبقة المنتصرة بعد معركة ناجحة ... إلخ، والأنظمة التشريعية، بل وانعكاسات كل هذه النضالات الفعلية في أذهان المشاركين فيها، والنظريات السياسية والقانونية والفلسفية، والآراء الدينية، وتطورها فيما بعد إلى أنظمة عقائدية دوجماتية (المراسلات المختارة لماركس وإنجلز).
كان دفاع إنجلز عن «التفسير المادي للتاريخ» غير حاسم من الناحية التحليلية ودوجماتي في النهاية؛ لأن التفاعل بين الأساس والهيكل العلوي لم يكن مميزا مطلقا عن السببية النهائية للأساس، وهذا الأمر بدوره لم يكن متفقا على نحو ناجح مع السرد العام للحياة الاقتصادية والفكرية المقدم في كتاب «الأيديولوجية الألمانية»؛ فمن اللازم توضيح العديد من الفروق وتقديم قدر كاف من الحجج والأمثلة لتفسير وتبرير زعمه الواثق الغامض، الذي يقول: «يوجد تفاعل فيما بين كل هذه العناصر التي في ظلها، ووسط عدد لا نهائي من المصادفات ... تثبت الحركة الاقتصادية في النهاية أنها ضرورية» (المراسلات المختارة لماركس وإنجلز). والحجج التي تستند إليها أطروحة ماركس القائلة إن الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية يحددها نمط الإنتاج، تعود إلى وجهة نظره القائلة إن الأفراد الموجودين على قيد الحياة في البيئات المادية يجب أن ينتجوا وسائل المعيشة الخاصة بهم، وأن هذا يلعب دورا في تعيين وتحديد ثقافتهم. ساوى إنجلز مناهضة ماركس للمثالية بمادية مركبة لكنها غير مكتملة؛ هناك وجهتا نظر، ترى أولاهما أن المادة المتحركة مسئولة عن كل شيء، وترى الأخرى أن البشر لا بد أن يتصارعوا مع الظروف المادية للإنتاج، تلك التي يجدونها وتلك التي يصنعونها. ولا شك أن ماركس كان يتبنى وجهة النظر الثانية، لكن انشغال إنجلز بوجهة النظر الأولى - التي كانت على الرغم من كل اعتراضاته، مادية من النوع التقليدي - أدى إلى مزيد من الشرح لكلام ماركس؛ ومن ثم أصبح شائعا عند تفسير الماركسية القول بأن الأساس والهيكل العلوي في الماركسية أمران متناقضان؛ حيث إن الهيكل أو الأساس الاقتصادي يعتبر «ماديا» إلى حد ما، أما الهيكل العلوي، فهو «غير مادي» تماما؛ حيث إنه يتكون من أفكار. ونظرا لأن ماركس كان يعتقد أنه «في ظل علاقات الإنتاج» توجد أنشطة اقتصادية تتطلب على نحو واضح كلا من الأفكار والأشياء المادية، أصبح تفسير الفرق بين الأساس والهيكل العلوي غير مهم إلى حد ما، أما التناقض الواضح المتعلق بوجود عوامل غير مادية في الأساس، فقد نشأ فقط من المعلقين الذين اعتادوا افتراض أن مادية ماركس الجديدة لا بد أن تكون من النوعية التي وصفها إنجلز؛ أي المادة المتحركة. وكانت ظواهر الهيكل العلوي (التي ذكر ماركس أنها القانون والسياسة والدين) مزيجا واضحا أيضا من العوامل «المادية» والوعي، تماما مثلما كانت الحياة البشرية نفسها، وفقا لوجهة نظره. ولم يكن ماركس مهتما بهذه الثنائية المتعارضة المكونة من المادة والوعي، وعلى النقيض منه كان إنجلز مستعدا فحسب لافتراض هذه الرؤية الفلسفية التقليدية عند تأمل التجربة الإنسانية، والتأكيد بثقة على أن كلا من المادة والوعي مرتبط بالآخر من ناحية نهائية وجدلية، تلك الناحية التي لم يفحصها ولم يحددها مطلقا على نحو كاف.
وعلى الرغم من أن التفسير المادي للتاريخ لا يمكن الدفاع عنه دفاعا ناجحا باعتباره قانونا سببيا في التاريخ، ولا قانونا مستمدا من مادية العلوم الطبيعية، فقد أثبت فائدته بلا شك باعتباره «فرضية» مفسرة للتغير الاجتماعي، ودليلا للبحث يقود ، في أغلب الأحيان، إلى نتائج مهمة في دراسة المجتمع البشري؛ إنه فرضية ليست في حاجة لإثبات صحتها أو حتى ملاءمتها فيما يتعلق بكل الأحداث الاجتماعية. بدلا من ذلك، فإنه يقدم نقطة انطلاق لعمليات الاستقصاء. وعلى الرغم من أن تلك الفرضية قد تكون غير حقيقية أو غير ملائمة فيما يتعلق بحدث معين، فإن هذا لا يؤثر على إمكانية الاستفادة منها في تفسير أحداث أخرى، ولو كانت تلك الفرضية لم تنجح مطلقا لرفضناها، لكنها نجحت في مرات كثيرة، وفي بعض الأحيان كان النجاح باهرا.
في تقييمي للعنصر الأساسي في تركة إنجلز الفكرية - وهو التفسير المادي للتاريخ - حاولت أن أزيد من حدة الجدل بين الماركسيين وغير الماركسيين على حد سواء، ذلك الجدل المتعلق بما يقوله ذلك التفسير وبما يعنيه، وما يتعلق بصحته وفائدته، وكان منهجي هو جذب الانتباه إلى دور إنجلز بصفته شارحا لأعمال ماركس، وكذلك لفت الانتباه إلى شروحه، مع إلقاء الضوء على النقاط التي أعتقد أن شروحه انحرفت فيها كثيرا عن الأعمال الأصلية، والمشاكل الجديدة التي خلقتها تلك الشروح. إن من يقبلون جوهر شروح إنجلز قد صادفتهم صعوبة بالغة تتعلق بتفسير وتبرير مفاهيم السببية في العالم المادي وفي الحياة الاجتماعية؛ وهذا أدى إلى نقاشات حول الإرادة الحرة والحتمية؛ الأمر الذي أدى بدوره إلى صعوبات في تبرير المبادرات السياسية. وقال بعض المعلقين إن أثر الآراء الفلسفية لإنجلز على الاتحاد الدولي الثاني للعمال - تلك المنظمة العالمية للاشتراكيين التي عملت من عام 1889 حتى بداية الحرب العالمية الأولى - كان كارثيا. ووفقا لهذه الرؤية، فقد شجعت الحتمية السببية لصاحبها إنجلز بعض القادة الاشتراكيين على التصرف كما لو كانت ثورة البروليتاريا ستحدث ببساطة ضمن المسار الطبيعي للتاريخ، كي يظل التزامهم بالمبادئ الثورية رسميا إلى حد كبير. وعلى الرغم من صعوبة إلقاء اللوم على إنجلز فيما يتعلق بقرارات الآخرين، فإن عدم وضوح آرائه المتعلقة بالسببية النهائية في التفسير المادي للتاريخ تعارض مع ترابط آرائه فيما يتعلق بالسياسة الثورية؛ مما سهل على بعض الاشتراكيين اعتناق أفكار غامضة متعلقة بالحتمية التاريخية وجدلية التاريخ.
لقد اعتبرت إنجلز أول مؤرخ وعالم أنثروبولوجي ماركسي، وفي هذا الصدد أدى تأثيره إلى نتائج يمكن اعتبارها تقدمية في نطاق هذين المجالين. إن كتاباته التي تربط الأحداث السياسية بالطبقات الاجتماعية والهيكل الاقتصادي للمجتمع، كانت مختلفة عن توصياته وتحليلاته المنهجية؛ واحتوت أعماله التي تناولت التاريخ والأنثروبولوجيا على آراء وفرضيات شجعت على المزيد من البحث في الموضوعات محل اهتمامه، وفي موضوعات أخرى إضافية.
قلت أيضا إن إنجلز كان أول من التفت إلى الأعمال الأولى لماركس، بما فيها ملاحظاته، من أجل معرفة جوهر أعماله الأولى، لا سيما فرضياتها. كان هذا مثالا لاهتمام إنجلز الفكري الحقيقي بشرح كتابات ماركس على نحو كامل وغني بالمعلومات قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه عكس هذا التطور عجز إنجلز عن التعامل بقدر مساو من التفصيل مع أعمال ماركس التالية التي تناولت الاقتصاد على نحو أوضح، ومع العرض المفصل الذي قدمت به. وإلى حد ما ترك إنجلز الاقتصاد لماركس، ولم يكشف التوثيق الذي أجريناه إذا ما كان ماركس قد ترك عن عمد أي شيء لإنجلز ليقوم به؛ فقد زعم في كثير من الأحيان على سبيل المثال أن العلوم الطبيعية والفلسفة والشئون العسكرية كانت مجال اختصاصه بموجب اتفاق ثنائي بينهما.
على الرغم من أن الأعمال الأولى لماركس تعد موضوعا مثيرا للدراسة، وعلى الرغم من توضيح تلك الأعمال لفرضيات ماركس في أعماله الناضجة، فربما سن إنجلز - دون أن يفطن - صيحة بين تلاميذ ماركس أدت إلى إهمال كتابيه «مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي» و«رأس المال»، من أجل نقاشات تلقي النظر على فترة ماضية، وتسعى لتقييم معارك أربعينيات القرن التاسع عشر المتعلقة بالمثالية والمادية وهيجل وفيورباخ. ومن خلال دراسته لهذه النقاشات، قدم إنجلز شرحا آخر لأعمال ماركس، تمثل في مفهوم الوعي الزائف، كما وصفه في خطاب بتاريخ 14 يوليو 1893، بعثه إلى فرانس ميرينج الذي أصبح فيما بعد كاتب السيرة الذاتية لماركس؛ قال: «إن الأيديولوجية عملية يقوم بها عن وعي من يدعى المفكر، هذا صحيح، لكنه عن وعي زائف؛ فالقوى الدافعة الحقيقية التي تحفزه تظل غير معروفة بالنسبة إليه، وإلا فلن تكون عملية أيديولوجية ببساطة؛ ومن ثم فإنه يتخيل قوى دافعة زائفة أو مصطنعة» (المراسلات المختارة لماركس وإنجلز). إن الجوانب الغامضة في التحليلات المبكرة لماركس عن الفلسفة المثالية والدين والقانون ودفاعه أحيانا عن الرأسمالية؛ عتمت عليها تماما فكرة الزيف التي ادعاها إنجلز، وكذلك مفهومه عن الوعي الذي لم يدققه جيدا. وبالرغم من ذلك، فقد قدم إنجلز خدمة كبيرة في تقديم المجلدين الثاني والثالث من كتاب «رأس المال» للنشر، مع القليل جدا من الشرح الواضح لمحتوى رائعة ماركس.
Bilinmeyen sayfa