Encyclopedia of Birds and Animals in the Hadith
موسوعة الطير والحيوان في الحديث النبوي
Yayıncı
القاهرة
Baskı Numarası
-
Türler
إهداء
إلى فلذة الكبد..
وقرّة العين..
وثمرة الفؤاد..
إلى الصّفىّ علاء..
إليه وقد لحق بربّه غضّا بريئا طاهرا..
إلى روحه وهى تسرح من الجنّة حيث شاءت فى جوف طير خضر..
أهدى هذا الكتاب..
سائلا الله أن يعظّم لنا الأجر.. ويلهمنا الصّبر.. ويرزقنا الشكر والدك
1 / 3
مقدمة
ما أكثر الأحاديث التى تدور على ألسنة الناس عن الحيوان، وفيها ما صح عن النبى ﷺ وما لا أصل له! وكان لابد من دراسة جادة لعالم الحيوان، وما ورد فيه من أحاديث شريفة!
واقتضت هذه الدراسة أن نتناول كل حيوان على حدة فى اللغة، ثم نحدثك عن طبائع كل حيوان لنتوقف بك عند الأحاديث الواردة فيه، وما يؤخذ منها من الأحكام الفقهية مع تخريج الأحاديث تخريجا علميا دقيقا لا يستغنى عنه الباحثون والدارسون فى عالم الحيوان!
ودعنى أقول:
قبل أن يهتم العلم الحديث بالحيوان، ويخصص له الدراسات المستقلة- كان القران الكريم قد سبق بالدعوة إلى دراسته، وتوجيه النظر إلى ملاحظته، ومتابعته، ومراقبته، وتأمل حياته، للوقوف على بعض أسرار معيشته، وما يتاح للإنسان من بدائع حياته.
وإلى جانب هذا دعا الرسول الكريم إلى الرفق بالحيوان وحمايته من ظلم الإنسان، والشفقة عليه، وإطعامه متوعّدا من يعذبه أو يحبسه دون إطعام بعذاب النار.
ولا عجب؛ فإن الرفق- بصفة عامة- مبدأ إسلامى، وحسبنا فى هذا الصدد ما رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة- رضى الله عنها-:
«إن الله رفيق يحبّ الرفق فى الأمر كله» «١» .
_________
(١) صحيح: البخارى فى صحيحه باب الاستئذان (٢٢)، ومسلم كتاب البر (٤٧) .
1 / 5
وفى رواية مسلم: «إن الله رفيق يحبّ الرّفق، ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف، وما لا يعطى على سواه» .
وروى مسلم بسنده: «إن الرفق لا يكون فى شىء إلّا زانه، ولا ينزع من شىء إلا شانه» «١» .
والأحاديث فى ذلك كثيرة كلها تنص على أن الرفق مبدأ إسلامى، يا بنى عليه التشريع الإسلامىّ قواعده وأصوله.
وإذا كانت أول «جمعية للرفق بالحيوان» قد تأسست فى انجلترا عام ١٨٢٤ م، فإن الإسلام قد سبق ذلك بقرون، فضلا عن اختلاف النظرتين إلى الحيوان؛ فنظرة تلك الجمعيات تقوم على أسس أخلاقية، وقواعد إنسانية عامة، ولا تقوم على أسس تشريعية، وليس لها خلفية فقهية تنظم مسائلها، وترتب عليها الثواب لفاعلها، والعقاب لمخالفها كما فعلت الشريعة الإسلامية.
وحسبك أن تفتح كتابا من كتب الفقه الإسلامى لتجد الفقهاء قد تناولوا فى «باب الطهارة»:
(سؤر ما يؤكل لحمه- سؤر البغل والحمار وجوارح الطير- سؤر الهرة- سؤر الكلب والخنزير) .
ونراهم بعد هذا تناولوا فى «باب النجاسة»:
(الميتة- الدم- لحم الخنزير- بول وروث ما لا يؤكل لحمه- الجلّالة- الكلب- تطهير جلد الميتة) .
ونراهم فى «باب الزكاة» يتحدثون عن «زكاة الحيوان» ويفردون لكل صنف بابا على حدة، ويحدّدون نصاب كلّ نوع منها سواء فى ذلك الأنعام وغيرها: فقد تضمنت كتب الفقه:
(زكاة الإبل- زكاة البقر- زكاة الغنم- زكاة غير الأنعام) .
_________
(١) صحيح: مسلم كتاب البر (٢٥٩٤)، وأحمد (٦/ ١٢٥) .
1 / 6
ونراهم فى الحج يفردون بابا للهدى يتناولون فيه:
(الأفضل فيه- ما يجزئ فى الهدى- متى تجب البدنة- شروط الهدى- مكان الذبح- استحباب نحر الإبل- وذبح غيرها) .
وفى «باب الحدود» نراهم يتحدثون عن: إتيان البهيمة.
وفى «باب الجنايات» نراهم يتناولون:
(ضمان صاحب الدابة- ضمان القائد والراكب والسائق- الدابة الموقوفة- ضمان ما أتلفته المواشى- ضمان ما أتلفته الطيور- ضمان ما أصابه الكلب أو الهر) .
وفى «باب الإجارة» نراهم يتناولون: استئجار الدواب.
وفى «باب الأطعمة» نراهم يتناولون: المحلل من الحيوان البحرى، والمحلل من الحيوان البرى، وما نص الشارع على حرمته، والمسكوت عنه، وإباحة كل ما حرم عند الاضطرار والزكاة الشرعية (الذبح)، وما يجب فيها، وذبائح أهل الكتاب، وما يكره فيها.
ثم يفردون بابا للصيد يتناولون فيه:
(الصيد الحرام- شروط الصائد- الصيد بالسلاح الجارح وبالحيوان- شروط الصيد بالسلاح- شروط الصيد بالجوارح- إدراك الصيد حيّا- وجوده ميّتا بعد إصابته) .
ويفردون بابا للأضحية يتناولون فيه:
(حكمتها- مم تكون- ما لا يجوز أن يضحى به- وقت الذبح- كفاية أضحية واحدة عن البيت الواحد- توزيع لحم الأضحية) .
وإلى جانب الأضحية يفردون بابا للعقيقة.
وفى «باب المسابقة» نراهم يتحدثون عن:
(حرمة إيذاء الحيوان- التحرش بين البهائم) .
1 / 7
وفى «باب النفقة» نراهم يتحدثون عن نفقة الحيوان، كما تحدثوا عن نفقة الأقرباء سواء بسواء.
ولا يكاد يخلو باب من أبواب الفقه الإسلامى من ذكر أحكام الحيوان لأهميته فى الحياة، ونفعه للإنسان، وتعاونه معه فى عمارة الكون، واستمرار الحياة، ومن هنا كان الحيوان ملء السمع والبصر فى كثير من مجالات التشريع الإسلامى.
ومما يشير إلى اهتمام القران بعالم الحيوان أنه أطلق أسماء بعض أصنافه على بعض سوره الشريفة، فأولى سور القران بعد فاتحة القران هى «سورة البقرة» .
وهناك «سورة الأنعام» و«سورة النحل» و«سورة النمل» و«سورة العنكبوت» و«سورة العاديات» و«سورة الفيل» .
وقد تكرر ذكر الدابة فى ايات القران الكريم، وذكرت الحيوانات بأسماء أصنافها، وتكرر ذكر الطير عشرين مرة فى القران الكريم، وذكر بعض أنواع من الطير مثل: الغراب والهدهد.
وذكر من الحشرات: النمل، والذباب، والجراد، والثعبان، والعنكبوت، والقمل، والضفادع، والحية، والنحل.
ولقد ذكر القران الكريم اللحم الطرى الذى يوجد فى البحار، وهو السمك، ومن أنواعه الحوت الذى ذكره خمس مرات.
وإن دلّ هذا على شىء فإنما يدل على ما للحيوان من أهمية فى حياة الإنسان الذى نزل من أجل هدايته القران!.
ثناء الإسلام على بعض الحيوانات:
وقد لفت الإسلام الأنظار إلى أهمية بعض الحيوانات فى حياة الناس، وأثنى عليها، وطالب المسلمين بالرفق بها؛ فمن ذلك ما روى البخارى ومسلم وغيرهما من حديث ابن عمر أنه قال:
1 / 8
«الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» «١» .
ووقع فى رواية ابن إدريس عن حصين فى هذا الحديث قوله ﷺ:
«والإبل عزّ لأهلها، والغنم بركة»
[أخرجه البرقانى فى مستخرجه، ونبه عليه الحميدى، ونقله ابن حجر (فتح البارى ٦/ ٣٩٥)]
وروى النسائى عن زيد بن خالد الجهنى عن رسول الله ﷺ قوله:
«لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة» .
[رواه أبو داود أيضا وابن حبّان فى صحيحه إلا أنه قال: «فإنه يدعو للصلاة» على ما نقله المنذرى (٥/ ١٣٣)] .
الرفق بالحيوان:
ولقد ضرب المسلمون أروع الأمثال فى الرفق بالحيوان، فهناك من أجار الجراد، ومنهم من كان يفت الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات ولهن حق، ومنهم من كان يرى أن الطريق مشترك بينه وبين الكلب، وليس من حقه أن ينحيه عنه؛ ولا عجب فقد تلقوا مبادئ الرفق بالحيوان من الرسول الكريم الذى جعل الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات تكاد تصل إلى أعلى الدرجات؛ فمن ذلك حديث أبى هريرة عن رسول الله ﷺ: «بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج؛ فإذا كلب يلهث؛ يأكل الثرى من العطش؛ فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى كان بلغ منى! فنزل البئر فملأ خفّه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقى، فسقى الكلب، فشكر الله له!» .
فقالوا: يا رسول الله: إن لنا فى البهائم أجرا؟ فقال:
«فى كل كبد رطبة أجر» .
[رواه مالك والبخارى ومسلم وأبو داود وابن حبان فى صحيحه]
وفى رواية: «فشكر الله له؛ فأدخله الجنة» .
_________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٤٩)، ومسلم (١٨٧١) .
1 / 9
وأخرج مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة بسنده إلى أبى هريرة، أن رسول الله ﷺ قال:
«إن امرأة بغيّا رأت كلبا فى يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها- أى: استقت له بخفها- فغفر لها» .
[يطيف: يدور حولها.. أدلع لسانه: أخرجه لشدة العطش]
نعم غفر الله لتلك البغىّ ذنوبها بسبب ما فعلته من سقى الكلب.
وأخرج البخارى ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال:
«الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذى له أجر؛ فرجل ربطها فى سبيل الله، فأطال فى مرج أو روضة، فما أصابت فى طيلها من ذلك المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها، فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواثها واثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له ... الحديث «١»» .
وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعشم قال: يا رسول الله؛ إن الضالة ترد على حوضى، فهل من أجر إن سقيتها؟
قال «اسقها فإن فى كل ذات كبد حراء أجرا» .
[رواه ابن حبان فى صحيحه (١/ ٣٧٧) ورواه ابن ماجه والبيهقى]
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: إنى أنزع فى حوضى حتى إذا ملأته لإبلى ورد علىّ البعير لغيرى فسقيته؛ فهل لى فى ذلك من أجر؟
فقال رسول الله ﷺ: «فى كل ذات كبد أجر» .
[رواه أحمد ورواته ثقات- المسند ٢/ ٢٢٢، ٢/ ٣٧٥]
_________
(١) حديث صحيح. رواه البخارى فى الزكاة- باب زكاة البقر (٢/ ١٤٨)، ومسلم فى كتاب الزكاة- باب إثم مانع الزكاة (٣/ ٧٠- ٧١) .
1 / 10
وكما أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى أعلى الدرجات وأقوى أسباب المغفرة؛ فإن الإساءة للحيوان تعد معصية تودى بصاحبها إلى أعمق دركات الإثم والعذاب!
وفى ذلك يقول الرسول ﷺ فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم:
«عذبت امرأة فى هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض» .
وروى البخارى بسنده إلى أسماء بنت أبى بكر أن النبى ﷺ قال:
«... ودنت منّى النار حتى قلت: أى ربّ وأنا معهم؛ فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرّة- قلت: ما شأن هذه؟ قالوا:
حسبتها حتى ماتت جوعا» .
قال النووى فى شرح هذا الحديث عن مسلم (٩/ ٨٩) «إن المرأة كانت مسلمة، وأنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة؛ صارت بإصرارها كبيرة» .
هذا هو الإسلام، وهذه هى تعاليمه ومبادئه السمحة، حرم تعذيب الحيوان، ولعن المخالفين على مخالفتهم، ولا أدل على ذلك مما رواه مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبى ﷺ مر على حمار قد وسم فى وجهه فقال:
«لعن الله الذى وسمه!» .
وفى رواية: «نهى رسول الله ﷺ عن الضرب فى الوجه، وعن الوسم فى الوجه» .
وروى الطبرانى بإسناد جيد مختصرا:
«أن رسول الله ﷺ لعن من يسم فى الوجه» .
والأحاديث فى النهى عن الكىّ فى الوجه أو الضرب كثيرة تدل على أن هذا الدين دين الرحمة والشفقة، ولقد حرمت الشريعة أن تقتل الحيوانات صبرا، أى تحبس لترمى حتى تموت.
1 / 11
كما حرّم «المثلة» وهى قطع أطراف الحيوان، فقد أخرج البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال: «لعن النبى ﷺ من مثّل بالحيوان» (٨/ ٢٨٤) .
قال العسقلانى فى شرح هذا الحديث: واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى.
ويقول ابن حجر بعد أن ساق كثيرا من الأحاديث:
وفى هذه الأحاديث: تحريم تعذيب الحيوان، والتحريم يقتضى العقاب، والعقاب أثر من اثار الجريمة، وهذا يعنى: أن الإساءة إلى الحيوان، وتعذيبه، وعدم الرفق به يعتبر جريمة فى نظر الشريعة الإسلامية.
ولا عجب إذا ما رأينا الإسلام يحرم أنواعا من التصرفات مع الحيوان ربما شاعت وانتشرت فى الدول التى تتشدق بحمل راية الرفق بالحيوان بينما تمارس فيها فنون لا تتم إلا بتعذيب الحيوان كمصارعة الثيران، وتهييج الديكة والكباش بعضها على بعض فى مباريات دموية يسعد برؤيتها أولئك الذين يؤسسون جمعيات للرفق بالحيوان!
وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذى يستحق العقوبة، فقد روى ابن عباس «أن النبى ﷺ نهى عن التحريش بين البهائم» .
[أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الجهاد حديث رقم (٢٥٦٢) ورواه الترمذى متصلا ومرسلا، وقال فى المرسل: هو أصح]
وروى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال:
«كنا مع النبى ﷺ فى سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمّرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله ﷺ قال:
«من فجع هذه بولدها؟ ردّوا ولدها إليها» .
وعن الشريد قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله يوم القيامة يقول: يا ربّ إن فلانا قتلنى عبثا، ولم يقتلنى منفعة» . [رواه النسائى، وابن حبان فى صحيحه (٧/ ٥٥٧)]
وعن ابن عمر، أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا أو دجاجة- يترامونها-
1 / 12
وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم؛ فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا! «إن رسول الله ﷺ لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا» . [رواه البخارى ومسلم]
قال الصنعانى فى سبل السلام (٤/ ٨٦) بعد أن أورد هذا الحديث بلفظ مسلم: الحديث نهى عن جعل الحيوان هدفا يرمى إليه.
والنهى للتحريم؛ لأنه أصله، ويؤيده قوة حديث «لعن الله من فعل هذا» ووجه حكمة النهى: أن فيه إيلاما للحيوان!
بل إن هناك ما هو أبلغ فى إكرام الحيوان وتجنّب أذيته فى بدنه، ولطمه على وجهه، ففى صحيح مسلم «أن امرأة كانت على ناقة فضجرت فلعنتها؛ فسمع رسول الله- ﷺ فأمر بإعراء الناقة مما عليها، وإرسالها عقوبة لصاحبتها» .
حقوق الحيوان:
وإذا كانت هناك حقوق للإنسان على أخيه الإنسان، فإن الإسلام جعل للحيوان حقوقا على الإنسان:
١- فمن حق الحيوان الذى أبيح لنا ذبحه والاستمتاع بطيّب لحمه- من حقه أن نحسن ذبحه، فقد وجه الرسول ﷺ المسلمين إلى هذا الحق فقال:
«.. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» «١» .
وكتب الفقه الإسلامى مليئة باداب ذبح الحيوان تدل على سمو الإسلام، وأنه دين المرحمة!
٢- وإذا كان الإسلام قد أذن فى قتل المؤذى من الحيوان كالكلب العقور،
_________
(١) أخرجه مسلم فى صحيحه (كتاب الصيد رقم (٥٧) وأبو داود فى الأضاحى (١١) والترمذى فى الديات (١٤) والنسائى فى الضحايا (٢٢، ٢٦، ٢٧) وابن ماجه فى الذبائح (٣) والدارمى فى الأضاحى (١٠) وأحمد (٤/ ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥) .
1 / 13
والأفعى، والفأر، فإنه أمرنا بإحسان القتلة كما أمر بإحسان الذّبحة سواء بسواء؛ فقال رسول الله ﷺ:
«إن الله كتب الإحسان فى كل شىء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» [مسلم فى صحيحه كتاب الصيد (رقم ٥٧)، وأحمد (٤/ ١٢٣)]
٣- وإذا كان ربنا- سبحانه- قد سخر لنا الدواب لتحمل أثقالنا، وتنقلنا من بلد إلى بلد؛ فإن لها علينا حقوقا. فمن حقها أن نتيح لها فرصة الرعى والاستراحة فى السفر الطويل، فقد أخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال:
«إذا سافرتم فى الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض» .
[مسلم: كتاب الإجارة (رقم ١٧٨)، وأحمد (٢/ ٣٣٧)]
وقد جاء فى أول هذا الحديث من رواية مالك: «إن الله رفيق يحب الرفق» .
٤- ومن حق الدابة المعدة للركوب ألا يركب عليها ثلاثة فى ان واحد.
فقد أخرج الطبرانى فى الأوسط عن جابر قال:
«نهى رسول الله ﷺ أن يركب ثلاثة على دابة» [الطبرانى كما جاء فى مجمع الزوائد ٨/ ١٠٩]
وهذا إذا كانت غير مطيقة، فلم يصرح أحد بالجواز مع العجز.
٥- ومن المحرم فى الشريعة الإسلاميّة وقوف الراكب على الدابة وقوفا يؤلمها؛ فقد ورد فى سنن أبى داود أن رسول الله ﷺ قال:
«إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس» .
[أخرجه أبو داود فى سننه. كتاب الجهاد رقم ٢٥٦٧]
ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقر، ولا خلاف فى أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، ويكفيها إثارة الأرض، وسقى الحرث، وإنتاج اللبن.
٦- ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارّا بها، وعلينا أن نوفر لها الجو
1 / 14
الهادئ، فلا نزعجها، ولا نثيرها، ولا نعرضها للتلف فى الحر الشديد، أو البرد القارس إن هى إلا أمم أمثالنا خلقها الله، وسخرها لنا، وعلينا أن نستشعر هذه النعمة، ونشكر الخالق عليها بالقول والعمل؛ فلا قيمة لقول بلا عمل.
هذه بعض الأحكام المتعلقة بالحيوان بصفة عامة ...
والان إلى موضوع الكتاب، وما جاء من ذكر للحيوان فى الحديث النبوى الشريف وبيان أحكام كل منها..
سائلين الله ﷿ أن نكون قد وفقنا فى عرض المادة العلمية وتصنيفها حتى تعم الفائدة المرجوة.
وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود: ٨٨] .
عبد اللطيف عاشور
1 / 15
[باب الهمزة]
١- الإبل (الإبل- البخت- البدن- البعير- الجمال- حمر النّعم- الراحلة- الناقة)
(أ) الإبل فى اللغة:
الإبل- وقد تسكّن الباء للتخفيف- الجمال. وهو اسم واحد يقع على الجمع، وليس بجمع، ولا اسم جمع، إنما هو دالّ على الجنس كما قال ابن سيده، وليس لها واحد من لفظها.
وهى مؤنثة؛ لأن أسماء الجموع التى ليس لها واحد من لفظها، إذا كانت لغير الادميين، فالتأنيث لها لازم.
وإذا صغّرتها أدخلت عليها الهاء فقلت: «أبيلة» و«غنيمة» ونحو ذلك.
والجمع: «ابال»، والنسبة: «إبلىّ» .
ويقال للإبل: بنات الليل، ويقال للذكر والأنثى منها «بعير» إذا دخل فى الخامسة، ويجمع على «أبعرة» و«بعران» .
والشارف: الناقة المسنة وجمعها: «شرف» .
والعوامل: الإبل ذوات السّنامين.
ومن لقب الإبل: «العيس» و«الوجناء» وهى الشديدة الصلبة.
والشّملال: وهى الخفيفة.
1 / 17
والتّعملة: وهى التى تعمل.
والناجية: وهى السريعة.
والعوجاء: وهى الضامرة.
والشمردلة: وهى الطويلة.
والهجان: وهى الإبل الكريمة.
والكوماء: وهى الناقة العظيمة السّنام.
وقد ضرب الرسول ﷺ بها المثل فقال: «الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة» «١» . يعنى أن المرضىّ من الناس قليل!
وشبه بها القران فقال:
«إنما مثل القران مثل الإبل المعقّلة إن تعاهدها صاحبها على عقلها أمسكها، وإن أغفلها ذهبت» «٢» .
وقال النبى ﷺ:
«تعاهدوا القران، فو الذى نفس محمد بيده لهو أشدّ تفلّتا من الإبل فى عقلها» .
وقد جاء فى الأمثال العربية:
«ما هكذا يا سعد تورد الإبل» !
يضرب لمن تكلّف أمرا لا يحسنه.
وقالوا: «يا إبل عودى إلى مباركك» .
_________
(١) الراحلة: النجيبة المختارة من الإبل للركوب وغيره، فهى كاملة الأوصاف. والحديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الرقاق- باب رفع الأمانة (٨/ ١٣٠)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة (٧/ ١٩٢) .
(٢) المعقّلة: المشدودة بالعقال، وهو الحبل الذى يشد فى ركبة البعير، شبه درس القران، واستمرار تلاوته بربط البعير الذى يخشى منه الشراد. والحديث صحيح أخرجه البخارى فى فضائل القران باب استذكار القران (٦/ ٢٣٧- ٢٣٨) ومسلم كتاب الصلاة (باب الأمر بتعاهد القران) .
1 / 18
يضرب لمن يفرّ من الشىء الذى لا بدّ له منه.
وقالوا: «أشبعهم سبّا، وراحوا بالإبل» .
يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام.
والبخت: من الإبل معرّب، وبعضهم يقول: هو عربى والجمع بخاتى.
والبدن: جمع بدنة تكون فى سن الأضحية وتشعر.
وحمر النّعم: أجود الإبل وأحسنها.
والعشراء: هى الناقة التى أتى عليها- من يوم أرسل عليها الفحل- عشرة أشهر، وزال عنها اسم المخاض، ثم لا يزال اسمها حتى تضع، وبعد ما تضع أيضا؛ يقال: ناقتان عشروان، ونوق عشار.
وليس فى الكلام «فعلاء» يجمع على «فعال» غير عشراء جمع على عشار، ونفساء جمع على نفاس.
ما جاء فى الحديث الشريف:
حديث حنين الجذع:
قال جابر: «سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار» .
وحديث حنين العشار متواتر رواه من أصحاب النبى ﷺ العدد الكثير والجم الغفير.
العائذ: الناقة التى معها ولدها، وقيل: الناقة إذا وضعت، وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها.
وفى الحديث: «أن قريشا خرجت لقتال رسول الله ﷺ ومعها العوذ المطافيل» .
وهى جمع عائذ. يريد أنهم خرجوا بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها، ولا يرجعوا حتى يناجزوا محمدا وأصحابه فى زعمهم.
ووقع فى «نهاية الغريب» أن «العوذ المطافيل» يريد بها النساء والصبيان.
1 / 19
وإنما قيل للناقة: عائذ، وإن كان الولد هو الذى يعوذ بها، لأنها عاطف عليه، كما قالوا: تجارة رابحة، وإن كان مربوحا فيها، لأنها فى معنى نامية وزاكية، وكذلك عيشة راضية، لأنها فى معنى صالحة.
العيس: الإبل البيض يخالط بياضها شىء من الشّقرة، واحدها أعيس والأنثى عيساء، ويقال: هى كرام الإبل. وفى حديث سواد بن قارب: «وشدها العيس بأحلاسها» «١» .
العتلّة: هى الناقة التى لا تلقح فهى أبدا قوية. قاله أبو نصر.
القعود من الإبل: ما اتخذه الراعى للركوب وحمل الزاد، والجمع: أقعدة، وقعدان، وقعائد.
وقيل: القعود: القلوص، وقيل: البكر قبل أن يثنى، ثم هو جمل، والقعود:
الفصيل.
القلوص: من النوق: الشابّة، وهى بمنزلة الجارية من النساء، وجمعها قلص وقلائص، مثل: قدوم وقدم وقدائم.
وقال العدوى: القلوص: أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثنى، فإذا أثنت فهى ناقة.
وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن هناك «القراد»: دويبة متطفلة ذات أرجل كثيرة تعيش على الدواب والطيور، والواحدة قرادة.
ويسميها ابن الأثير «الطّبّوع» ثم ساق الأحاديث الاتية:
١- ومنه حديث ابن عباس: «لم ير بتقريد المحرم البعير بأسا» أى نزع القردان من البعير، وهو الطّبوع الذى يلصق بجسمه.
٢- ومنه حديثه الاخر، قال لعكرمة- وهو محرم- قم فقرّد هذا البعير،
_________
(١) انظر النهاية فى غريب الحديث والأثر ٣/ ٣٢٩- والحلس: الكساء الذى يلى ظهر الدابة تحت الرحل.
1 / 20
فقال: إنى محرم، فقال: قم فانحره، فنحره، فقال:
كم تراك الان قتلت من قراد وحمنانة؟ «١» .
(ب) طبائع الإبل:
قال الدّميرى: الإبل من الحيوانات العجيبة، وإن كان عجبها سقط من أعين الناس لكثرة رؤيتهم لها، فإنها حيوان عظيم الجسم، سريع الانقياد، ينهض بالحمل الثقيل، ويبرك به، وتأخذ زمامه فأرة فتذهب إلى حيث شاءت.
وربما تصبر الإبل عن الماء عشرة أيام، وإنما جعل الله أعناقها طوالا لتستعين بها على النهوض بالحمل الثقيل.
وقال أصحاب الكلام فى طبائع الحيوان: ليس لشىء من الفحول مثل ما للجمل عند هيجانه؛ إذ يسوء خلقه، ويظهر زبده ورغاؤه، فلو حمل عليه ثلاثة أضعاف عادته حمل، ويقلّ أكله، ويخرج الشّقشقة، وهى الجلدة الحمراء التى يخرجها من جوفه، وينفخ فيها، فتظهر من شدقه، لا يعرف ما هى.
والفحل لا ينزو إلا مرة واحدة فى السنة. والأنثى تلقح إذا مضى لها ثلاث سنين، ولذلك سميت حقّة، لأنها استحقت.
والجمل أشد الحيوانات حقدا، وفى طبعه الصّبر والسّلوة وكنّى الجمل ب «أبى أيوب» .
(ج) الأحكام الفقهية:
يحل أكل الإبل بالنص والإجماع، ونهى النبى ﷺ عن الصلاة فى مباركها.
أما أحكام زكاتها فهى مفصلة فى كتب الفقه.
وقد أباح الرسول ﷺ لناس من عرينة التداوى بأبوال الإبل بالحديث الذى رواه مسلم فى كتاب القسامة.
_________
(١) راجع النهاية فى غريب الحديث ٤/ ٣٦- والحمنان: صغار القراد.
1 / 21
ولكن هل يجب الوضوء من أكل لحم الإبل؟
قال صاحب فقه السنة فيما لا ينقض الوضوء: أكل لحم الإبل، وهو رأى الخلفاء الأربعة وكثير من الصحابة والتابعين، إلا أنه صح الحديث بالأمر بالوضوء منه، فعن جابر بن سمرة رضى الله عنه أن رجلا سأل رسول الله ﷺ: أنتوضأ من لحوم الغنم؟
قال: «إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ» ..
قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟
قال: «نعم، توضأ من لحوم الإبل» .
قال: أصلى فى مربض الغنم؟ قال: «نعم» .
قال: أصلى فى مبارك الإبل؟ قال: «لا» [رواه أحمد ومسلم] .
وعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال: سئل رسول الله ﷺ عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال: «توضئوا منها» .
وسئل عن لحوم الغنم فقال: «لا تتوضئوا منها» [رواه أحمد وأبو داود] .
قال ابن خزيمة: لم أر خلافا بين علماء الحديث فى أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه، وقال النووى: هذا المذهب أقوى دليلا، وإن كان الجمهور على خلافه ا. هـ.
وفى ركوب البدنة مذاهب للعلماء، فذهب الشافعى إلى أنه يركبها بالمعروف إذا احتاج إلى ركوبها، ولا يركبها من غير حاجة، وبهذا قال ابن المبارك وابن المنذر وجماعة.
وقال مالك وأحمد: له ركوبها من غير حاجة، وبه قال عروة بن الزبير، وإسحاق بن راهواه.
وقال أبو حنيفة: لا يركبها إلا ألّا يجد بدا من ذلك.
وحكى القاضى عن بعض العلماء أنه يجب ركوبها لظاهر الأمر.
وإليك ما جاء عن الإبل فى الحديث النبوى الشريف.
1 / 22
(د) الأحاديث الواردة فى الإبل
[١] عن أبى هريرة أنّ رجلا أتى النّبىّ ﷺ فقال:
يا رسول الله، ولد لى غلام أسود، فقال: «هل لك من إبل؟» .
قال: نعم. قال: «ما ألوانها؟» قال: حمر. قال: «هل فيها من أورق «١»؟» قال: نعم. قال: «فأنّى ذلك» «٢» قال: لعلّ نزعه عرق «٣» .
قال: «فلعل ابنك هذا نزعه» «٤» .
[٢] عن أبى هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّى منها حقّها إلّا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح «٥» من نار فأحمى عليها فى نار جهنّم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلّما بردت أعيدت له فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» .
قيل يا رسول الله، فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدّى منها حقّها ومن حقّها حلبها يوم وردها إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر «٦» أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها
_________
(١) أورق: الأورق الذى فيه سواد ليس بحالك، بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة ورقاء.
(٢) أى من أين أتاها اللون الذى خالفها، هل هو بسبب فحل من غير لونها طرأ عليها؟
(٣) أى لعل فى أصلها ما هو باللون المذكور فاجتذبه إليه فجاء على لونه.
(٤) حديث صحيح أخرجه البخارى فى كتاب الطلاق- باب إذا عرّض بنفى الولد (٧/ ٦٨- ٦٩)، وكتاب المحاربين من أهل الكفر والردة (٨/ ٢١٥)، وكتاب التوحيد- باب من شبه أصلا معلوما (٩/ ١٢٥) . فى الحديث أن الزوج لا يجوز له التنصل من ولده بمجرد الظن، وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون أمه، وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشبه، وفيه الاحتياط للأنساب وإبقائها مع الإمكان والزجر عن تحقيق ظن السوء.
(٥) صفحت له: أى لصاحبها، والصفائح جمع صفيحة وهى العريضة من حديد وغيره.
(٦) (بطح لها بقاع قرقر) القاع: المستوى الواسع من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه، وجمعه قيعة وقيعان. والقرقر: المستوى الواسع من الأرض أيضا.
1 / 23
وتعضّه بأفواهها كلما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» . قيل يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء «١» تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها «٢» كلما مرّ عليه أولاها رد عليه أخراها فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» . قيل: يا رسول الله، فالخيل؟. قال: «الخيل ثلاثة: هى لرجل وزر، وهى لرجل ستر، وهى لرجل أجر، فأما التى هى له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام، فهى له وزر، وأما التى هى له ستر فرجل ربطها فى سبيل الله ثم لم ينس حقّ الله فى ظهورها ولا رقابها، فهى له ستر، وأما التى هى له أجر فرجل ربطها فى سبيل الله لأهل الإسلام فى مرج «٣» وروضة فما أكلت من ذلك المرج أو الرّوضة من شىء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ولا تقطع طولها فاستنّت شرفا «٤» أو شرفين إلّا كتب الله له عدد اثارها وأرواثها حسنات ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه
_________
(١) قوله ﷺ: «ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء) العقصاء: ملتوية القرنين، والجلحاء: التى لا قرن لها، والعضباء: التى انكسر قرنها الداخل.
(٢) قوله ﷺ: «وتطؤه بأظلافها» الظلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير، والقدم للادمى.
(٣) المرج: الأرض الواسعة ذات نبات كثير، تمرج فيه الدواب، أى تسرح، والروضة أخص من المرعى.
(٤) الطول: الحبل الطويل الذى شد أحد طرفيه فى يد الفرس، والاخر فى وتد أو غيره. واستنت: جرت وعدت.. والشرف: العالى من الأرض.
1 / 24