صفة الجاهل وأمارته أنه لا يرتقب النفع ولا الضرر من نفسه، بل من الأشياء الخارجية.
صفة الفيلسوف وأمارته أنه يرتقب كل النفع والضرر من نفسه. أمارات المتقدم على درب الحكمة هي أنه لا يذم أحدا ولا يطري أحدا ولا يلوم أحدا ولا يتهم أحدا، ولا يتحدث عن نفسه كما لو كان شيئا ما أو كما لو كان لديه علم ما. وإذا أعيق أو تعثر يتهم نفسه. وإذا مدح يسخر في نفسه من المادح، وإذا انتقد لا يرد. بل يمضي حذرا كأنه الناقه يخشى أن يتعتع أي عضو فيه لم يلتئم بعد. إنه ينفي عنه كل رغبة. أما نفوره فيحصره فيما هو في قدرته ومضاد للطبيعة، إن نزوعه معتدل تجاه كل شيء. إذا بدا غبيا أو جاهلا لا يبالي. وباختصار، يراقب نفسه كما لو كان عدوا مترصدا لها في مكمن. (49) التفسير
حين يفاخر شخص بأنه يستطيع أن يفهم كتابات كريسبوس
Chrysippus
ويفسرها، فقل لنفسك: «لو لم تكن كتابات كريسبوس غامضة لما وجد هذا الشخص ما يفتخر به. ولكن ماذا أريد أنا؟ أريد أن أفهم الطبيعة وأتبعها؛ لذا أتساءل من الذي يفسر الطبيعة، وأسمع أن كريسبوس يفسرها، فألجأ إليه، فلا أفهم كتاباته، فألتمس من يفسرها.» ليس ثمة حتى الآن ما يدعو إلى الفخر. ولكن عندما أعثر على المفسر يبقى أن أعمل بالتعاليم. هذا وحده هو مدعاة الفخر. أما إذا أعجبت بمجرد التفسير فلن أعدو أن أكون لغويا لا فيلسوفا، اللهم إلا أنني بدلا من أن أفسر هومر أفسر كريسبوس. إذا طلب مني أحد إذن أن أقرأ له كريسبوس، فإنني أحمر خجلا إذا فشلت في أن تكون أفعالي متناغمة مع كتاباته. (50) التزم بالمبادئ
أيا ما كانت المبادئ التي اتخذتها لنفسك، فالتزم بها كأنها قوانين، وكأن من الفجور أن تنتهك أيا منها. ولا تلتفت إلى ما عسى أن يقول الناس عنك؛ فهذا ليس شأنك. (51) المنازلة الآن
إلام تنتظر حتى تنتدب نفسك لأجل المراتب ولا تحيد عن حدود العقل؟ لقد تلقيت النظريات التي ينبغي الإلمام بها وألممت بها، أي معلم آخر إذن ما زلت ترتقبه حتى تحيل إليها مهمة تقويم نفسك؟ أنت لم تعد صبيا، لقد كبرت. فإذا بقيت مهملا كسولا، وما تنفك تسوف وتماطل وترجئ اليوم الذي ستنتبه فيه إلى نفسك، فلن تراوح وستظل جهولا في حياتك وفي مماتك، الآن إذن اعتبر نفسك جديرا بالعيش كراشد وسالك على درب الفلسفة، وخذ كل ما تراه حقا واجعله قانونا صلبا لا يقبل الانتهاك. فإذا عرض لك عارض من ألم أو لذة أو مجد أو شين، فتذكر أن النزال الآن، الأوليمبياد الآن ولا يمكن أن تؤجل. وبانكسارة واحدة وتخاذل واحد يذهب الفوز أو يأتي.
27
هكذا بلغ سقراط الكمال، مقوما نفسه بكل وسيلة، غير مصغ إلى شيء سوى العقل. ورغم أنك لست سقراطا بعد، فإنه ينبغي عليك أن تعيش كمن يطمح أن يكون سقراطا. (52) المواضيع الثلاثة في الفلسفة
الموضوع الأول والأهم في الفلسفة، هو: التطبيق العملي للنظريات (المبادئ العملية/الأخلاق).
Bilinmeyen sayfa