مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ ١: " ... ثم ذكر الحكمة فقال: ﴿لِنُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ ٢؛ أي لنظهر لكم بذلك عظمتنا زكمال قدرتنا، وانفرادنا بالإلهية واستحقاق العبادة. وقال في سورة المؤمن: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا﴾ ٣. وقال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ ٤. والآيات بمثل هذا كثيرة. وقد أبهم هذه الأطوار المذكورة في قوله: ﴿كَلآ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ ٥؛ وذلك الإبهام يدل على ضعفهم وعظمة خالقهم جل وعلا. فسبحانه جل وعلا ما أعظم شأنه. وما أكمل قدرته، وماأظهر براهين توحيده" ٦.
وقال ﵀ في موضع آخر أيضًا عند تفسيره قوله تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ ٧: "أي إن كنتم الآن ترون أنفسكم قد ركبتم من جسم بعظام ولحم ودم ومفاصل، فاعلموا أن أصلكم من هذا التراب، فالذي أوجدكم وأوصلكم إلى هذه الحال هو الذي لا يليق بكم أن تعبدوا غيره" ٨.
وقد أوضح هذا البرهان أيضًا الإمام ابن القيم ﵀ بعد أن ذكر
١ سورة الحج، الآية [٥] .
٢ سورة الحج، الآية [٥] .
٣ سورة غافر، الآية [٦٧] .
٤ سورة القيامة، الآيات [٣٦-٤٠] .
٥ سورة المعارج، الآية [٣٩] .
٦ أضواء البيان ٥/٧٧٩.
٧ سورة هود، الآية [٦١] .
٨ معارج الصعود ص١٥٨. وانظر أضواء البيان ٤/١٠٢، ٥/٧٧٦.