Irak'ta Fars Devletleri Tarihi
تاريخ الدول الفارسية في العراق
Türler
أما «البصرة» فإنها كانت يوم مجيء السلطان سليمان تابعة للفرس، وكان عليها حاكم فارسي اسمه راشد خان، وكان قد بلغه سقوط «بغداد» وغيرها، فخاف على نفسه ومنصبه، فسار إلى «بغداد» للمثول بين يدي السلطان وعرض الطاعة والخضوع، فرق له السلطان فأقره على «البصرة»، على شرط أن تكون الخطبة والنقود باسم السلطان، وأن يكون ممتثلا لأوامر ولاة «بغداد» الأتراك في المسائل الهامة، فعاد راشد خان إلى منصبه، ولكنه بعد قليل استبد بالأمور كأن لم تكن له رابطة بالعثمانيين، فاضطروا إلى إرسال جيش تحت قيادة الوزير إياس باشا لطرد راشد من «البصرة»، فلما قرب الجيش انهزم منها راشد ودخلها الجيش العثماني، وذلك في سنة 953ه. «وظلت هذه المدينة في قبضة الأتراك إلى سنة 1005ه، فاستقل بها أمراؤها ثم أعادها الأتراك إليهم في سنة 1078ه، ثم تغلب عليها أمير «الحويزة» فرج الله خان في سنة 1109ه، فطرده الأتراك في سنة 1111ه، وبقيت في قبضتهم إلى أن تغلب عليها كريم خان الزندي في سنة 1190ه، ثم عادت للأتراك في سنة 1193ه، وبقيت تحت حكمهم حتى قامت الحرب العامة، فاستولى البريطانيون عليها في سنة 1333ه.»
وبقي «العراق» في قبضة العثمانيين 91 سنة تقريبا (948-1032ه)، ثم عاد للصفويين، ثم للأتراك.
الدولة الصفوية الثانية
أو الدولة الفارسية السابعة في «العراق» 1032-1048ه
كانت الدولة العثمانية قد وجهت إيالة «العراق» إلى الوزير يوسف باشا في سنة 1025ه، وكان هذا الوزير ضعيف الرأي، فحدثت بينه وبين رئيس شرطة «بغداد» بكر أغا فتنة في سنة 1028ه في عهد السلطان عثمان الثاني، وكان بكر أغا قد جلب الأهلين إليه وكثرت أتباعه واستولى على جميع شئون الحكومة العراقية، من إدارية وعسكرية، حتى لم يبق للوزير غير الاسم، وآلت تلك الفتنة إلى الحروب في نفس «بغداد»، فقتل يوسف باشا واستولى بكر أغا على الولاية، وكتب إلى السلطان يطلب تثبيته فيها، فوجهت الإيالة إلى غيره، فانتقض على الدولة وأعلن استقلاله في «العراق»، فما كان من السلطان إلا أن أرسل الجيوش إلى قتاله، فلما حوصرت «بغداد» وضاق الحال ببكر أغا، استنجد بالشاه عباس الأول الذي تولى عرش إيران سنة 995ه الموافقة لسنة 1586م، ووعده بالدخول تحت سيادته على أن يكون الحكم له والخطبة والسكة باسم الشاه، فوافق على ذلك الشاه وأنجده.
وفي أثناء ذلك اصطلح بكر أغا مع القائد العثماني حافظ أحمد باشا، ووجهت إليه الإيالة ورفع الحصار عن «بغداد»، ورجعت عساكر السلطان، غير أن الجيش الفارسي الذي جاء لنجدة بكر أغا كان قد اقترب من بغداد بعد أن أبرم بكر أغا معاهدة الصلح مع القائد العثماني، فكتب بكر أغا إلى قواد الفرس يطلب منهم الرجوع ويخبرهم بما تم من أمر الصلح، فأبوا عليه ذلك وأصروا على دخول بغداد حسب أمر الشاه، وبعد مخابرات حاولت الجيوش الفارسية دخول «بغداد» فمنعها بكر أغا، فحدثت بين الطرفين عدة معارك انتصر في آخرها بكر أغا، وظل يطارد الفرس حتى أخرجهم من ديار «العراق».
فلما علم الشاه بذلك استشاط غضبا وزحف بنفسه على «بغداد» في سنة 1032ه، وهو يقود جيشا كبيرا حتى اقترب منها، وكتب إلى بكر أغا يطلب منه تسليم المدينة، فأبى بكر أغا عملا بمعاهدة الصلح التي من شروطها ألا يدع الفرس يدخلون «بغداد».
وعندها حمل الشاه على المدينة وحاصرها حصارا شديدا، وضيق عليها من كل الجهات، ودام الحصار ثلاثة أشهر، كان فيها بكر أغا مدافعا دفاع الأبطال حتى ضاق به الحال وخارت قوى عساكره، واشتد القحط في المدينة.
أما الشاه فإنه لما عجز عن فتح «بغداد» حربا، عمد إلى الحيلة والخداع وراسل سرا محمد أغا بن بكر أغا - وكان محافظا على قلعة «بغداد» - فوعده بالمناصب والأموال حتى خدعه ففتح له أبواب المدينة ليلا، فدخلتها جيوش الشاه على حين غفلة من بكر أغا والأهلين، فانهزم المدافعون واختفى الناس في بيوتهم واشتغل كل في نفسه، فما أصبح الصباح إلا والشاه قد دخل «بغداد» بمن معه، وذلك في 9 شوال سنة 1032ه الموافقة سنة 1623م.
دخل الشاه عباس الأول بغداد، فقتل أكثر رجال الحكومة التركية من عسكريين وإداريين حتى رجال الدين، منهم القاضي نوري أفندي، وخطيب الجامع الكبير محمد أفندي وغيرهما، وفتك بالسنة فتكا ذريعا، وصادر أموال المثرين منهم، وارتكبت جنوده أنواع المنكرات من قتل وسلب ونهب وتخريب، أما بكر أغا فإن الشاه قتله أشنع قتلة، ثم قتل أخاه عمر أغا أيضا، وفعل هذا الشاه أفعالا لا تأتلف مع ما كان عليه من الحكمة وحسن السيرة وحب التقدم والعمران.
Bilinmeyen sayfa