Irak'ta Fars Devletleri Tarihi
تاريخ الدول الفارسية في العراق
Türler
وأصبحت جباية هذا القطر عظيمة خصوصا في عهد أردشير الأول ودارا الأول وقباذ وأنو شروان،
12
ولم يكن اهتمام هؤلاء الملوك قاصرا على رقي التجارة وإنماء الزراعة فحسب، بل إن أكثرهم اهتموا بنشر العلوم أيضا، فأنشئوا في العراق المدارس والمراصد والبيمارستانات، وخدموا المدنية القديمة بأنظمتهم ومؤسساتهم.
أما جباية خراج «العراق» فكانت في عهدهم بالتعديل؛ أي إنهم كانوا يأخذون خراج الأراضي بالمقاسمة، فلما تولى قباذ بن فيروز جعل الخراج بالمساحة، فضرب على الجريب الواحد درهما وقفيزا مهما يكن حاله من الخصب أو الجدب، أما الجزية فعلى ما يروى أنها لم تكن عندهم قبل أنو شروان بن قباذ، وأنه هو الذي وضعها حينما عدل قوانين دولته، وكان قد أصدر قانونا بإلزام الناس الجزية ما خلا العظماء وأهل البيوتات والجند والمرازبة والكتاب ومن في خدمة الملك، كل إنسان على قدره، فجعلها اثني عشر درهما، وثمانية دراهم، وستة دراهم، وأربعة دراهم.
وكانوا قد جعلوا في كل مدينة ديوانا خاصا بالخراج تدون فيه أعماله ودخله وخرجه، وله كتاب وجباة وعمال من أهل البلاد، وعلى كل مدينة حاكم يسوسها ويدير دفة إدارتها ويرأس جندها، وقد أطلقوا على الولاة الكبار اسم «الموهباط» من الفارسية «مه آباد»، وعلى الذي يتولى الحدود «مرزبانا» - أي حافظ الحدود - وعلى العمال الذين هم أحط منزلة اسم «الرد»، وكانوا لا يولون الولاية إلا لقائد محنك يعهدون إليه الحرب والإدارة؛ أي القيادة والولاية.
وكان هؤلاء الملوك يقيمون أيام الشتاء في مدينة «أكتسيفون المدائن» التي صارت في آخر أيامهم أعظم مدينة، ويقضون المواسم الثلاثة الباقية في مدينة «اصطخر» ب «فارس»، ثم صاروا أخيرا يقضون أكثر أيامهم في «أكتسيفون»، وقد سموا ب «الأكاسرة» منذ أيام كسرى أنو شروان بن قباذ، ومعنى «كسرى»: واسع الملك، وجمعه «أكاسرة»، وعاشت هذه الدولة 425 سنة (226-651م)، وقام فيها 28 ملكا أولهم أردشير بن بابك، وآخرهم يزدجرد الثالث الذي قتل سنة 651م الموافقة لسنة 31ه في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وبقتله انقرضت هذه الدولة ومحيت من عالم الوجود على يد العرب المسلمين، بعد أن كانت من أكبر دول العالم، وتشتمل على بلاد «إيران» و«الديلم» و«جورجان»، وبلاد «بابل» - العراق - وبلاد «آشور» التي في ضمنها «كردستان»، وبلاد الجزيرة - بين النهرين، وجزائر خليج «فارس»، وقسم من بلاد العرب منها بلاد «اليمن».
ولم يكن سبب انقراض هذه الدولة العظيمة المجد المترامية الأطراف غير الانقسامات التي حدثت فيها، والثورات الأهلية المتوالية، والفتن المستمرة بين الأسرة المالكة تارة وبين رجال الدولة أخرى، والحروب التي كانت تقوم بينهم وبين الروم في أزمان مختلفة، أهمها الحروب التي استعرت نارها في عهد أبرويز حتى تمكن الضعف منها فتمكن العرب المسلمون من محوها، واستولوا على جميع بلادها بالتدريج، فإنهم قرضوا دولتهم من «العراق» سنة 637م، الموافقة لسنة 16ه، ثم قرضوها من بلاد فارس سنة 651م الموافقة لسنة 31ه، وأصبحت هذه الدولة منذ ذاك في خبر كان.
ولم تقم بعد الدولة الساسانية دولة للفرس في «العراق» أعواما طوالا، بل انتقل الحكم في هذا القطر بعد انقراضهم إلى الخلفاء الراشدين، ثم إلى بني أمية، ثم إلى بني العباس، حتى إذا ما ضعف شأن الخلافة العباسية في بغداد في الوقت الذي قامت فيه دولة فارسية في بلاد «فارس» على يد بني بويه، طمع هؤلاء فحملوا على «بغداد» وأسسوا فيها دولة فارسية في سنة 334ه الموافقة لسنة 945م، ثم تلتها الدولة الصفوية بعد حين من الدهر، ثم الدولة الزندية في العهد العثماني، وسنذكر ذلك في محله.
الدولة البويهية الفارسية في العراق
أو الدولة الفارسية الخامسة في العراق 334-447ه/945-1055م (1) بدء دولة بني بويه
Bilinmeyen sayfa