مقدمة
لغة العرب
التاريخ
الوطن
البيت الحرام
السيرة النبوية الشريفة
الخلفاء الراشدون
خلافة أبي بكر الصديق
خلافة عمر بن الخطاب
عمر وخالد بن الوليد
مقتل عمر
خلافة عثمان بن عفان
الخصمان
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
معاوية
عمرو بن العاص
خالد بن الوليد
دولة بني أمية
صقر قريش (عبد الرحمن الداخل)
خلافة عبد الله بن الزبير
موت إبراهيم الإمام والبيعة لأخيه السفاح وخلافته
أبو مسلم الخراساني الداعي للعباسيين
الدولة العباسية
أبو جعفر المنصور
دولة الفاطميين
مقدمة
لغة العرب
التاريخ
الوطن
البيت الحرام
السيرة النبوية الشريفة
الخلفاء الراشدون
خلافة أبي بكر الصديق
خلافة عمر بن الخطاب
عمر وخالد بن الوليد
مقتل عمر
خلافة عثمان بن عفان
الخصمان
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
معاوية
عمرو بن العاص
خالد بن الوليد
دولة بني أمية
صقر قريش (عبد الرحمن الداخل)
خلافة عبد الله بن الزبير
موت إبراهيم الإمام والبيعة لأخيه السفاح وخلافته
أبو مسلم الخراساني الداعي للعباسيين
الدولة العباسية
أبو جعفر المنصور
دولة الفاطميين
دول العرب وعظماء الإسلام
دول العرب وعظماء الإسلام
تأليف
أحمد شوقي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه درة في تاج الأدب، وغرة في جبين القريض، نظم أمير الشعر عقدها، وصاغ معناها ولفظها، وهو يعاني ألم النفي، ويتجرع غصص النوى، إبان الحرب العالمية الكبرى، بين ربوع الأندلس، التي عمر الإسلام فيها ثم درس، ونما وترعرع وأزهر، ثم ذوى وأقفر.
وليس ثمة مواقع أشحذ للذهن وأنضى للخيال، من مثل تلك المواقع والمشاهد، التي أوحت إلى شوقي بك، رحمة الله عليه، أن ينظم هذه الأرجوزة الخالدة، في «دول العرب، وعظماء الإسلام»، فلا غرو إذا جاءت في بابها آية، وأوفت في بلاغتها على الغاية. وكانت جد حقيقة أن تتجلى بمظهرها الرائع، في سفر مستقل. وأن تحظى من العناية بضبطها، وإتقان طبعها وتصحيحها، بما يكفل الإقبال عليها والانتفاع بها، إن شاء الله تعالى.
محمود خاطر
5 مارس سنة 1933
مقدمة
الحمد لله القديم الباقي
ذي العرش والسبع العلا الطباق
الملك المنفرد الجبار
الدائم الجلال والإكبار
وارث كل مالك وما ملك
ومهلك الحي ومحيي من هلك
منزل الذكر بخير الألسن
مشتملا على البيان الأحسن
أوحى إلى رسوله ما أوحى
من كل غراء تضيء اللوحا
وقص أنباء القرون في السور
مواثل الحسن كأمثال الصور
وأفضل الصلاة والسلام
على أجل رسل السلام
من بلغت أمته به الأرب
ورفعت همته ذكر العرب
صلى عليه الله في سمائه
وعرشه السابح في أسمائه
وجعل الجنة من رحابه
وزفها لمحسني أصحابه
خلائف الحق أئمة الهدى
الرافعين بعده ما مهدا
الفاتحين بالقنا للحق
المنقذين من قيود الرق
وجعل الخلد نظام الآل
ومن تلا الوسطى من اللآلي
بني علي وبني العباس
زواخر الجود، أسود الباس
الأكرمين نسبا مطهرا
الأرفعين حسبا ومظهرا
وبعد، فاسمع يا بني وافهم
لا تأخذ الأمور بالتوهم
لما رمى الله بهذي الحرب
على بني الشرق وأهل الغرب
1
لحكمة يعلمها تعالى
يملأ من أسرارها الأفعالا
يبرزها غدا من الخباء
إن غدا يأتيك بالأنباء
تحركت سواكن الأقدار
واطردت عوامل الأكدار
وحكم الله بهجرة الوطن
وطالما ابتلى بها أهل الفطن
فكنت أستعدي على الهموم
بنات فكر ليس بالملموم
أستدفع الفراغ والعطاله
وبطل من يقتل البطاله
حتى أراد الله أن نظمت
من سير الرجال ما استعظمت
علما بما تبعث في الأحداث
جلائل الأعمال والأحداث
إن الصبي ما تغذيه اغتذى
فاكثر عليه في المثال المحتذى
واخترت بحرا واسعا من الرجز
قد زعموه مركبا لمن عجز
يرون رأيا وأرى خلافه
الكأس لا تقوم السلافه
وقيمة اللؤلؤ في النحور
بنفسه وليس بالبحور
شعر لزمت فيه ما لا يلزم
وتركه أليق بي وأحزم
والحسن ما لم يك في الكلام
عرضك التحسين للملام
جاريت بالصلد النمير الجاري
قد يخرج العذب من الأحجار
دعا التحدي خاطري فلبى
يحذو مثال السلف الألبا
وما أيست من كريم يغضي
ولا أمنت حاسدا ذا بغض
وربما صغت من الأمثال
ما جاوز الجرأة من أمثالي
ليجد الناشئ في الجديد
من لذة ما ليس في الترديد
فإن تجد عيبا فكن عين الرضى
أو مر مر الكرماء معرضا
لغة العرب
تبارك الرحمن ذو الإحسان
مميز الإنسان باللسان
لولاه لم ينهض بسائر النعم
ولا عدا في الأرض سائم النعم
فهو أداة العلم والبيان
وهيكل الحكمة والأديان
ومفجر الفكر والاختراع
ومستقى اللهاة
1
واليراع
وصدف المنظوم والمنثور
ومصحف المعلوم والمأثور
ومسكة العمران بين الناس
على العصور وعلى الاجناس
رب لسان جمع الأقواما
وكان كالجنس لهم قواما
واستمسكت واعتصمت به الفطن
كعروة الملة أو حبل الوطن
ورب شعب نال مجدا باللغه
لم يبلغ الأقوام فيه مبلغه
كانت له في ظلها حضاره
رفت نعيما وجرت نضاره
سالت على الأجيال من ضياء
وأترعت قرائح الأحياء •••
وكل حسن كامن أو باد
أودعه الله اللسان البادي
هذبه العرض على الأذواق
فيما يقيم القوم من أسواق
على عكاظ
2
تتبارى الجنه
وفوق ذي
3
المجاز والمجنه
ويخطب الكهان في المواسم
سجع الحمام في الربا النواسم
فتأخذ القبائل البيانا
أخذك من معدنه العقيانا
مهذبا منقحا منقى
ملقنا من نفسه ملقى
في شرعة القول هو النمير
4
وهو على عيونه الأمير
من لفظ إسماعيل فيه حسن
تعشقته في الرسول اللسن
به تحلى وبه تباهى
وبز في الفصاحة الأشباها •••
ولم يزل تاجهم الكلام
والأمراء الصاغة الأعلام
مجملين باللسان الأبين
بمثله يونان لم تزين
حتى حباه الله بالجزيل
واختاره للوحي والتنزيل
شريعة فجرها بحران
بالعلم والحكمة يزخران
طام من الوحي فرات المشرع
في زاخر من الحديث مترع
فاضا على الصيد ملوك البيد
بنى زهير وبني لبيد
فأوردا القرائح القراحا
بل وجدوا ماء فكانا الراحا
فلا تسل عن نهضة العقول
وكثرة المعقول والمنقول
وما أطال الدين من بنيان
للعلم في الدنيا وللبيان
ظلت تعين المصلحين الضاد
وظل للعلم بها اعتضاد
حتى استقلت دولة الرشيد
ونهضت بركنها المشيد
تعيرها فارس واليونان
كما تهادى الزهر الجنان
وكل ورد رائع غريب
في أرض جور ليس بالغريب
ما أخذت غير صفي الروح
كاللطف من روح سرى لروح
ترى الدخيل بالأصيل أشكلا
لم يفسد القوم عليه الهيكلا
ما وسع العلم والاختراعا
أرحب منها في اللغى ذراعا
توطنت مختلف البلاد
واحدة المغرس والميلاد
كالشمس، بنت الفلك المدار
وكم على الأرض لها من دار
الأرض شتى والبيان مؤتلف
كالراح دارت في إناء مختلف
اغترف الوليد من جرير
والمتنبي قائد الضرير
5
وحث في الشرق النواسي القدح
وفي ربا الغرب الخفاجي صدح
6
في كل غناء هزاز شاد
وكل ظل موضع الإنشاد •••
هذا لسان القوم يا بنيا
على أساس ثابت مبنيا
أودية تنضي
7
الخيال فسحه
جرت عليها للجمال مسحه
تنزلها أوانس المعاني
بين معين اللفظ والمعان
8
لسانك الأول في الكتاب
ولغة الصبوة والعتاب
فخض عباب فقهه وسره
وغص على صحيحه وحره
لا ترض منه مبلغ الرعاع
وحصة الأعمى من الشعاع
واقرأ علوم السلف الأعلام
فإنها معالم الكلام
رب قديم كشعاع الشمس
ابن غد واليوم وابن أمس
وخل ما زيفت الليالي
وما نفت صيارف
9
الأجيال
ولا تضع من الجديد كله
يفتك وضع الشيء في محله
رب جديد عنده المعول
ورب كنز لم يثره الأول
إن طريق العقل لا يسد
ومذهب الأفكار لا يحد
بين الجديد والجديد ميل
لا تتبع طريقة الشميل
10
لا تخلط الأعجام بالأعراب
تحجل - وقاك الله - كالغراب!
وكل ما لم يرم عن قوس العرب
فليس في نبع لهم ولا غرب
11
فاجر على محاسن اللسان
تجل في موطن الإحسان
وامش بآداب الكتاب تهتد
وقف بأبواب الحديث واجتد
هما هما القالب فيه يفرغ
ومعدن الحسن الذي لا يفرغ
التاريخ
من سخر الصخر الأصم للقلم
حتى جرى نورا عليه في الظلم؟
يضيء أثناء الصفا وطورا
ينجد كهفا بالسنى وغورا
1
لكل شيء عنصر ومنحت
وما أبو الأقلام إلا المنحت
2
كم دمية مما جلا مخلقه
مغنية ما أغنت المعلقه
قديمة تعرف الحديثا
حادثة في الدهر أو حديثا
قد نشأ التاريخ في حجر الحجر
وشب ما بين الكهوف والحجر
أليس في الصخر وفي الأديم
جل حديث العالم القديم؟
ويا سقى بردي
3
مصر ساق
يمرعه من عذب لساق
ولا يزل رهينة الخزائن
من كرم ضنينة المدائن
يفدى وإن جف بلين السرق
4
ما آية الخز كآية الورق
ساق إلينا الثمر العجابا
وأنجبت أوراقه إنجابا
لا كالرياحين ولا البقول
لكن تبنى ثمر العقول •••
سبحانه قص حديث آدم
على تنائي العهد والتقادم
ورفع التاريخ أعلى منزله
بنصه في كتبه المنزله
بين الأناجيل علت أصوله
وفي الحواميم
5
غلت فصوله
ألم يك التاريخ ظل العالم
وأقدم الأعلام والمعالم؟
توهم الخلد به الأوائل
وظن أن نال البقاء الزائل
وطلب الصيت به قديما
والذكر فوق الأرض مستديما
والنفس ترجو همة الخلود
في العلم والبنيان والمولود
توهم الحياة بعد موت
وتزعم الوجدان بعد فوت
ضاقت على النوابغ الآجال
فكان في الذكر لهم مجال
في كل ذي روح هوى الحياة
أودعه مصرف الآيات
فكن إذا أحببتها فخم الهوى
لا تك والشاة على حد سوا
انظر إلى الآباء كيف هاموا
بالخلد واحتالت له الأفهام
رمسيس وهو في البناء من هوا
تعشق الذكر فغالى في الهوى
ما زال حتى غصب الآثارا
على الملوك قبله استئثارا
أخر في عصورها وقدما
وانتحل المرقع المهدما
يسرق آثار بني أبيه
وما لما شيد من شبيه •••
من درس التاريخ أو من درسه
يمضي الزمان وهما في المدرسه
لا يبلغان في الكتاب غايه
ولا الكتاب بالغ النهايه
ذاك كتاب الناس والأيام
من آدم الجد إلى القيام
تأنق الدهر به ما شاء
وأتقن التأليف والإنشاء
أنفق فيه زمن الشباب
وما أتم فيه غير باب
يكبر أن يطويه السجل
وعن نوائب البلى يجل
عال على كف المغير الماحي
ولو مشت عليه بالرماح
مستهزئ بالغاشم البليد
تهازؤ المصحف بالوليد
6
لا يمحي من الجميل ما رسم
ولا يزول في القبيح ما وسم
فإن وجدت خاطرا مطالبا
ونازعا من الطباع غالبا
فقف على آثار أعيان الزمن
واغش الطلول وتنقل في الدمن
وعالج النجوى والادكارا
يهيئا للحكمة الأفكارا
فالروح في التاريخ الاعتبار
وحكمة تودعها الأخبار
وخذه من محقق أمين
وميز الغث من الثمين
إياك والمؤرخ المقصا
ما كل من قص فقد تقصى
وقدم المعبر المبينا
تجده في مظلمة مبينا
وتلق منه جوهرا أو صائغا
وتسق في الفضة عذبا سائغا
فمن كريم الشعر والبيان
عينان في التاريخ يجريان
لولا أوابد
7
من البوادي
مشت على أيامها العوادي
الشعر بعد موتها أحياها
في شعرها تمثلت دنياها
وإن ملكت مرة أن تصنعه
فاخش بأن تخلقه وتصنعه
وهبه لم يأمن عوادي العبث
أليس كالكير
8
الذي ينفي الخبث
ما أقبح الكذب على الرفات
والكذب من أراذل الصفات
من غش نفسا جمع المظالما
ماذا ترى فيمن يغش عالما؟
الوطن
وجانب من الثرى يدعى الوطن
ملء العيون والقلوب والفطن
مزين للآدمي العاقل
وكل سهلي
1
وكل عاقل
2
والأسد الخادر في البوادي
والنمل فيما اتخذت من واد
ونزعة الناس إلى أوطانها
كنزعة الإبل إلى أعطانها
يحبه الأقوام منذ كانا
ولا يساوون به مكانا
إذا أتاهم أيسر النداء
منه جروا لغاية الفداء
أو ذكر الحنين والحفاظ
لم تجر إلا باسمه الألفاظ
كم من دماء سلن حول حوضه
ومن عروض زلن دون عرضه
وفي سبيله قضى رجال
من أن يلاقوا تستحي الآجال
وباسمه كم تاجر الفساق
وانقادت الناس لهم فساقوا •••
وتكرم الدار على الحر الأبي
كرامة الأم عليه والأب
وليس من عرض ولا حريم
تحميه فوق الوطن الكريم
الجسم من تربته ومائه
والروح روح هب من سمائه
وكل ما حولك من هباته
وما ولدت فهو من نباته
أمانة الأول عند الآخر
خزانة الآثار والمفاخر
وحوض ما جف من الشباب
وقصف الدهر من الأحباب
ورسم ما بان من الليالي
وأثر الأيام في الخيال
ومخلق الشباب والمشيب
وملبس البالي على القشيب
وفي ثراه البلقع اليباب
ما شئت من أهل ومن أحباب
وفى له من ليس بالوفي
وهش من لم يك بالحفي •••
والملك كالناس له أوطان
ينظمها للأمم السلطان
يدين جنس سائر الأجناس
ويدعي ناس ولاء ناس
يأتمر الضعيف بالقوي
ويأمر الراشد في الغوي
في دولة ممدودة الطراف
مشدودة البهرة
3
بالأطراف
بلغها العنف ذرا الإقبال
كالريح تبني الماء كالجبال
هبت ضحى عليه فاشمخرا
وركدت عشية فخرا
روما التي راع اتساق ملكها
وهت يواقيت القرى من سلكها
أمست هوت عن عرشها المعظم
وأصبح التاج كأن لم ينظم
لم تتق الله ولا الأياما
في أمم سبتهمو أيامى
بنو الزمان، فوقهم بنوها
تكبرا وسنة سنوها
وما لهم من وطن سواها
على تداني الدار أو نواها
كثير أوطان بلا التئام
وأمم شتى بلا وئام
وجمرة في كبد المنقاد
ولاعج من كامن الأحقاد
وكل فأس وقعت في الدار
تنزل بالأس والجدار
فحكم الله على الرومان
وأدركتهم سنة الزمان
لترث الأيام شبان الأمم
والإرث للشباب حق من أمم
وأنجز الله النبي وعده
وساد قومه الزمان بعده
فورثوا قيصر في المشارق
وأخذوا الغرب بسيف طارق
وأمنوا الأمصار فاتحينا
وعدلوا في العالمين حينا
واتخذوا كل القرى أوطانا
وحاسنوا الأهلين والقطانا
فحيث حل العربي حيا
من الملا قبيلة وحيا
وشاطر الأرض على التساوي
محاسن الأقوام والمساوي
حتى انقضى سلطانهم وزالا
وفضلهم باق ولن يزالا
تغيرت كدأبها البلاد
وانتقل الزمام والمقاد
ودينهم بين الشعوب دينهم
يعيي على الأيام من يدينهم
وذلك اللسان باق لم يزل
يمضي عليه من جلا ومن نزل
لم يبق منهمو سوى الأصوات
وعجب تكلم الأموات
البيت الحرام
دار عليها ميسم
1
من القدم
حجت على أول خف وقدم
مهد الهدى في الأولين ركنها
وحصنه في الآخرين صحنها
تلك جباه الرسل في ترابها
وخد إبراهيم في محرابها
غنية عما كساها أسعد
2
في الدهر وهو بالثناء أسعد
وكم جلاها في اليماني المسبل
من قبلت منه ومن لم تقبل
لا تلمسن وشيها ضريرا
رب عروس تلعن الحريرا •••
تواضعت بين شعاب الوادي
لم تتخذ تبذخ الأطواد
لم تبن بالصفاح والصوان
3
ولا علت تعالي الإيوان
لا يد خوفو
4
أرهقت فيها البشر
ولا سليمان لها الجن حشر
بل صنع شيخ مقبل مزاول
أعين بابن يافع مناول
5
قد رفعاها حجرا فوق حجر
ووضعا فيها على اليمن الحجر
6
الله يوحي والأمين يشهد
وتخشع الأرض ويعلو المعهد
حتى تجلت قبة الإيمان
ممدودة الظل على الزمان
وركنها كأمس في أم القرى
7
تطوى القباب والقصور والقرى
دعائم من خشية وتقوى
على تطاول الزمان تقوى
وما بنى الحق له الثبوت
وما بنى الباطل عنكبوت
تقبل الله من الحواري
8
واختص بالبيت وبالجوار
واختار من عباده قبيلا
للبيت يهدونهمو السبيلا
أولو الإله الكرماء عهدا
النازلو البيت العتيق مهدا
الراضعو زمزم في الهواجر
وهي تدر من بنان هاجر
9
غرة آبائهم الذبيح
10
والأمهات جرهم الصبيح
11
أبناء إسماعيل حول بكه
12
تضوعت منهم شعاب مكه
بيتهمو محبوكة مفاخره
أوله نبوة وآخره •••
انتشروا قبائلا على الزمن
ملء الحجاز والشآم واليمن
بدو بكل نشز وقاع
وحضر في عامر البقاع
تنقلت فيهم ديانات الأول
تنقل الأيام فيهم والدول
والدين بين القدماء عدوى
يقطع أجواز القفار عدوا
نار المجوس وجدت مجازا
وابن سنان
13
أنقذ الحجازا
بقية تؤمن بالجليل
يتبعون ملة الخليل
وعصبة على هدى الأحبار
أهل كتاب يعبدون الباري
آل ابن عمران أو ابن مريما
فمن بهاتيك الشعاب خيما؟
وفرقة دهرية جحاد
عن كل دين لهمو إلحاد
وآخرون افتتنوا بالنار
أو سجدوا للكواكب المنار
أو ألهوا ما نحتوا من الحجر
أو عبدوا ما استنبتوا من الشجر
وغيرهم بالحيوان دانا
وقدس الأرواح والأبدانا
كل من الحيرة والضلاله
يعشو
14
إلى القوة والجلاله
قد هجروا الشمس إلى الأياة
15
وجاوزوا المحيي إلى الحياة
وبلبلت ألسنهم أسماء
فكثرت في حبها الأسماء •••
مكة دار الملك والبيت الملك
تمسي الوفود
16
في سراها تهتلك
واتفقوا في الحب والتجله
على اختلاف مذهب ومله
يجمعهم من كل سهل وجبل
ضوابح
17
الخيل روازح
18
الإبل
يسدن
19
ساداتهم قبابه
ويحجب الصيد السراة بابه
وهاشم السحب سقاة الوفد
الغامرون غيرهم بالرفد
20
دار لأقوام مجاورينا
ومنسك
21
طهر لآخرينا
وموسم السوم
22
والاكتساب
وندوة النداء بالأنساب
ومنبر حفت به القبائل
إياد
23
من أعواده ووائل
قس في النهى قسا
24
إلى سقراط
يتزن القيراط بالقيراط
كان مسيحيا وكان فاضلا
وكان عن حقيقة مناضلا
محمد من ناقلي عظاته
والصاحب الصديق من رواته
وحرم الآداب والأخلاق
وكيف لا وهو حمى الخلاق
لا ينطق الهجر به والإفك
ولا يحل للدماء سفك
ومعبد مشترك مشاع
25
كل العبادات به مشاع
أعجب منه لم ير الأنام
يعبد فيه الله والأصنام
فالبيت خالي الجنبات عاطل
يجاور الحق عليه الباطل
يحج للبر وللخلال
وتارة لله ذي الجلال
كل فريق حول ما أحبا
وكل قوم يعبدون ربا
تسمح للعرب القروم
لم يلف في الفرس ولا في الروم
سقراط لو جاورهم معافى
لم يذق السجن ولا الزعافا
السيرة النبوية الشريفة
محمد سلالة النبوه
ابن الذبيح
1
الطاهر الأبوه
العربي طينة نبيله
القرشي الباذخ القبيله
أبوه ذو النور الجميل الجعد
ومرضعوه الفصحاء سعد
2
وبيته النجم الرفيع شهره
ونبعتاه هاشم
3
وزهره •••
قد نزل اليتم به جنينا
لم يتهيب سيد البنينا
فنهضت بأمره العنايه
تحسن في نشأته البنايه
لما حواه آله يتيما
حوى فريدا سلكهم يتيما
من شيبة
4
المبارك الأغر
إلى أبي طالب الأبر
ولا حنو كحنو الجد
ورب عم من هبات الجد
فشب حلوا سمته
5
ودله
ليس له من اليتيم ذله
مرتسما في أدب الإسلام
من اجتناب الخمر والأزلام
6
منحرفا عن الدمي صبيا
وهكذا من يجتبى نبيا
مبرأ من نزق وطيش
وخيلاء في بني قريش
ملقبا في البلد الأمين
دون بني الأعيان بالأمين
مجملا بالصدق في صبائه
والصدق كان من حلى آبائه
حتى جرى لغاية الرجال
فلم يزل مجلي
7
المجال
فات قريشا بمكارم الخلق
مثل ابن عبد الله للسبق خلق
قد حاز من مواهب السعاده
ما لا يحوز بشر في العاده
أكرم من صوب الحيا نصابا
وأجود الناس بما أصابا
وقائد الخيل فتى وكهلا
وكان في المهد لذاك أهلا
إن حاد في الكرب الكماة لم يحد
قد علمت ذاك حنين
8
وأحد
وذائد الحقوق والمحامي
عن جاره وواصل الأرحام
الأصبح الأفصح في المجامع
الحلو في العيون والمسامع
إن الجمال حلية الأقمار
ما أضيع الحسن على الأغمار
من جرية الوحي على لسانه
أعيا المجيدين مدى إحسانه
حديثه حلاه إسماعيل
وبله بريقه جبريل
حلية من صاغ الكلام وعلم
وكيف لا وهو جوامع الكلم •••
كان رسول الله في شبابه
لا يدع الرزق وطرق بابه
أي رسول أو نبي قبله
لم يطلب الرزق ويبغ سبله؟
موسى الكليم استؤجر استئجارا
وكان عيسى في الصبا نجارا
من أحسن الأمثال فيما أحسب
الخبز لا يعطى ولكن يكسب
والرزق لا يحرمه عبد سعى
مضيقا عليه أو موسعا
لا تأل لا سعيا ولا تكلانا
لا ينفع التوكل الكسلانا
كان قبيل البعث رب مال
وتاجرا ميسر الأعمال
يضرب في حزن الفلا وسهله
بمال عمه ومال أهله
مبارك الرحلة والإقامه
مستصحب الجد والاستقامه
وليس للتاجر من ضمانه
أبقى ولا أوفى من الأمانه
والرزق بين الناس بحر جار
شراعه يرفع للتجار
وما تلقى الرزق باليمين
في الناس مثل التاجر الأمين
فاسترزق الله وقف ببابه
واكسب فأهل الكسب من أحبابه
لا بد في هذي الحياة من أدب
لمن تصدى للأمور وانتدب
فأدب الصانع إتقان العمل
وأدب التاجر بالصدق كمل •••
لما أخال
9
الرشد والهدايه
وانقشع الضلال والغوايه
دعاه داع لم يكن بالبال
إلى انتياب أرؤس الجبال
يصعد مثل «النجم» فيها موفيا
10
وينزل «الكهف» بها مستخفيا
11
وكم أواها خاليا بنفسه
وفاز من وحدته بأنسه
عالج في «المعارج» «الإسراء»
وبدل «الطور» ارتقى «حراء»
بات على «الإخلاص» «والإيمان»
وطالت «السجدة» «للرحمن» «والكافرون» في «قريش» «والبلد» «لم يكن» الأمر لهم على خلد
حتى أتى «الفتح» وجاء «النصر»
واستقبل «النبا» العظيم «العصر»
وهبط «النور» عليه وحيا
ونزل «الفرقان» فيه محيا
منزلا بحسب الزمان
مفصل اللؤلؤ والجمان
في كل ليل أو نهار آيه
كالشمس أو كالبدر بعد غايه
جامعة بين البيان الرائع
وبين عليا حكم الشرائع
ولم يزل نزوله مفرقا
مشرقا به الحجاز مشرقا
مساير النبي طول عمره
ونوره فيما دجى من أمره
حتى إذا أمسى القضاء حما
تمت حياة المصطفى وتما •••
كان ابتداء الوحي في حراء
فاتحة الرسالة الغراء
الله خير خلقه أعطاها
وحمل الأمر العظيم طه
أرسله قلادة النظام
عصماء عقد الرسل العظام
فجاء بالخير ذوي قرباه
من قبل الرشد ومن أباه
ناجاهمو ببينات ربه
فآمنت «بنت خويلد»
12
به
فقيل فيها أسبق الإناث
وفي علي أسبق الأحداث
وفي الرجال لأبي بكر يد
بالسبق لم يبلغ مداها سيد
وكانت الدعوة بالكتاب
وحجة الله على المرتاب
فلم تزل حتى انثنت بحمزة
وانقلبت بعمر فعزت
13
ودخل المستضعفون
14
فيها
كلهمو خوف الأذى يخفيها
عذب بعضهم ربيط الجاش
وبعض التجا إلى النجاشي
15
وصبر الداعي على البذاء
وما يلاقيه من الإيذاء
فما مقال الجاهل المفند
تأسس الإسلام بالمهند؟
أمن يسل سيفه يستخفي
ويحمل الخسف لأهل السخف!
من استطاع أخذ شيء عنوه
كان له عن العلاج غنوه
16 •••
نال الرسول الضر من عداه
وبلغ الأذى به مداه
ومات من آوى وربى واصطنع
وذاد عن خير البنين ومنع
17
وحائط الدعوة في أساسها
وركنها قبل اشتداد بأسها
وارت أبا طالب الأحجار
فأعوز الحامي وعز الجار
وركبت متن هواها هاشم
وجال غاويها وصال الغاشم
وكان من أفحشها أبو لهب
18
عم، ولكن مذهب السوء ذهب
فحقت الهجرة وهي مره
ما وصفت إلا لنفس حره
سبيل موسى في الزمان الأول
ومذهب الروح ولما يحول
19
ومركب الأفراد والأعلام
وخصماء الظلم والظلام
ما أجمل الهجرة بالأحرار
إن ضنت الأوطان بالقرار •••
تأمل الرسل الكرام واعتبر
إن العظيم للعظيم يصطبر
20
ما أصعب الدعوة في البدايه
حتى على الرسل أولي الهدايه!
وأثقل الحق على الجماعه
إن وجدت أذن له سماعه
والناس في عداوة الجديد
وقبضة الأوهام من حديد
هاجر من أم القرى مأذونا
وما دري أو سمع المؤذونا
في ليلة للختل كانت موعدا
قد نصبتها شركا أيدي العدا
ائتمرت في الندوة
21
الأعيان
وانتدبت للفتكة الفتيان
وقعدوا ناحية كمينا
ليغدروا في داره الأمينا
فخرج الله من البيت به
لم يره الجمع ولم ينتبه
وسار في ركابه الصديق
وفي البلاء يعرف الصديق
فانتشرت خيل قريش تطلبه
من ينصر الرحمن من ذا يغلبه؟!
مروا على الغار مضللينا
وأخذوا السبل مسائلينا
حتى بدت سيدة الأمصار
وبلدة الأعيان والأنصار
وكان فيها للرسول شيعه
وعصبة سامعة مطيعه
قد عرضوا بمكة المبايعه
وبذلوا في الموسم المتابعه
22
وكان إيمانهمو في السر
خوف قريش واتقاء الشر
فكان للقادم منهم أهل
ومنزل رحب الفناء سهل
باليمن ألقى رحله في الخزرج
كأنه من أرضه لم يخرج
وامتنعت يثرب
23
في النبوه
وامتلأت من مظهر وقوه
واجتمعت حول الهدى لواء
يحارب الضلال والأهواء
كل غزاة للنبي حقه
لم يعد في حرب قريش حقه
ليس سواء كلها العوان
24
لا يستوي الدفاع والعدوان
ورب صال نارها لم يجنها
وإن يكن من شهبها وجنها
هم بلغوا نهاية التمرد
وطردوا الإسلام كل مطرد
وصادروا الأموال معتدينا
وناصبوا محمدا والدينا
وهادنوا ثم بغوا فناهدوا
ونقضوا ما أبرم التعاهد
فكانت الحرب لدفع الحيف
قد تؤخذ السلم بحد السيف
وكان «بدر» مطلع الأيام
ورفعة الصلاة والصيام
وأول العهد بعز المله
وبارتداء المشركين الذله
و«أحد» جالوا بها وجالا
وانكشفت بينهما سجالا
خير الأساة كان من جرحاها
دارت على ثباته رحاها
خالف فيها المسلمون رايه
والحرب للقائد ذي الدرايه
و«خيبر» كانت مع اليهود
لنقضهم موكد العهود
ودسهم عليه في قريش
وعونهم عليه كل جيش
كيلوا بسيف الحق كيل السندره
ولم يقف مرحبهم لحيدره
25
فلم يدع حصنا عليها قائما
ولم يعد الفاتح الغنائما
وما يهود بالسخاف الأغبيا
إذ ظاهروا الشرك عدو الأنبيا
إني أظن الحرص منى القوما
أن سيسودوا بالحجاز يوما
وأن دينهم بذاك أجدر
وأنهم على قريش أقدر
وفي حنين عظم البلاء
وحلت الألطاف والآلاء
اغتر فيها المسلمون كثره
وللغرور بالرجال عثره
أنساهم الحطام ذكر الساعه
فمال نصر الله عنهم ساعه
لولا رسول الله فيهم بادوا
وأصبحوا يرويهم العباد
أيد بالصبر وبالثبات
والرابطين البهم الأباة
ونزل النصر من السماء
مؤزرا مجلي الغماء
26
فكان للهادي علو شان
وغيظ كل حاسد وشان •••
قف بقريش بعد بدر وسل
ما غرها بابن أبيها المرسل؟
أم حسدا، والأهل أهل للحسد
لو استطاع أنكر الرأس الجسد
أول محسود هو القريب
والفضل في دياره غريب
تريد حربا ويريد سلما
تزيد جهلا فيزيد حلما
هم منعوه الركن والمقاما
وسيم بالمدينة المقاما
أراد حربهم فسيل صفحا
وهم بالفتح فقيل صلحا
عاهدهم فأخلفوه الموثقا
وركبوا الغدر الوبيل الموبقا
بغوا على أحلافه الكرام
جيرته بالبلد الحرام
فاستصرخوه فأتى من طيبه
27
كالسيل يزجي رعده وسيبه
وفتحت مكة للإسلام
وحل فيها ظافر الأعلام
ونزه البيت عن الأوثان
والله عن ند له أو ثان
ورفق الغالب بالمغلوب
فكان أيضا فاتح القلوب
أطلقهم ومن بالأمان
فالطلقاء هم على الزمان
28
وكان من تسوية الإسلام
وجعله الفتاة كالغلام
بذل النساء كالرجال البيعه
لا يشتكى لحقهن ضيعه
مستقبلات المصطفى خلف الخمر
يأخذها له عليهن عمر
29
بايعن حتى هند
30
المناضله
على الولاء والخلال الفاضله
وظلت الدعوة في يسار
السيف يحمى والكتاب سار
وبعث الرسل إلى الأحياء
يحيون فيها ميت الأحياء
يمضون لله وللرسول
وينثنون ببلوغ السول
وكم أتت من دونها آجال
ومات دون الواجب الرجال
حتى أظل العرب الإسلام
وشمل الجزيرة السلام
وبلغ الصم بلاغ الداعي
وأسمعتهم حجة الوداع
31
هناك حان أجل الطبيب
وحكم المحب في الحبيب
سبحان من له البقاء دون حد
وليس فوق الموت غيره أحد
الخلفاء الراشدون
الخلفاء الراشدون أربعه
مرضية سنتهم متبعه
في الذكر لم يغفل لهم حديث
وذكرهم سيره الحديث
العمران
1
وابن
2
أروى وعلي
في الذروة الشماء والأوج العلي
خلائف الله أئمة الهدى
وطأ للحق بهم ومهدا
كلهمو ابن أمسه ويومه
عماد داره عميد قومه
هم النجوم في سماء غالب
ومطلع الهادي المنير الغالب
نماهمو كما نماه فهر
3
فبينهم واشجة وصهر
معادن الوفاء والإخاء
صحابة الشدة والرخاء
ما منعوا الله ولا نبيه
قياد نفس سمحة أبيه
وما الحواريون خلف عيسى
أحث منهم للنجاة عيسا
4 •••
رعاة شاء وتجار مال
كالرسل في هذا وفي الكمال
قد كفلوا الإسلام في صباه
فأيهم نادى دعا أباه
بالنفس والنفيس أيدوه
وبالقنا والرأي شيدوه
وأمنوا ديك الهدى فصاحا
وآمنوا بفجره منصاحا
كلهمو فيه المجيب الأول
عطوه غايات الرضى ونولوا
فاسبق إذا الحق دعا مستنصرا
وكن إذا عد الحماة الخنصرا
ما حمل النفس على الأشق
كقائل الصدق وحامي الحق
حتى جبا الأرض إليهم من جبا
وملكوا الدنيا فكانوا أعجبا
حدث عن الخليفة الخميص
5
والملك المخرق القميص
مثل الجواد زانه الإضمار
والشمس زادت حسنها الأطمار
لا يعقدون في الجباه العسجدا
بل التراب للمليك سجدا
وتحت أقدامهم التيجان
يندبها اللؤلؤ والمرجان
كسرى ببطن الأرض عطل المفرق
وقيصر يندب تاج المشرق!
خلافة أبي بكر الصديق
سبحان من ينعم كيف شاء
ساس الورى من كان يرعى الشاء
يقود بعد إبل ابن عامر
1
ما دب في غامرها
2
والعامر
سما سمو الثاقب السيار
والخير عقبى صحبة الأخيار
من أيد الحق به تأيدا
وعاش أو مات كريما سيدا
وكل عز في ظلال الباطل
نسج عناكب وخيط باطل
كم شوه الباطل حين سودا
كالنار تعلو بالدخان أسودا
لما هاب بالرسول الداعي
وآذن الجثمان بالتداعي
ولى أبا بكر على الصلاة
وتلك عليا رتب الولاة
فبايع الطائع والأبي
طوبى لمن بايعه النبي
وكان ما لم يك منه بد
أقضية الرحمن لا ترد
أصابت الفتنة والحبائل
ونكست بعد الهدى القبائل
وثاب أقوام إلى الأوثان
وقام غاو وتلاه ثان
تنبآ فلقيا نجاحا
واتبعت طائفة سجاحا
3
واضطرب الحبل وماجت الزمر
واقتحم الفتنة فابتل عمر
4
يوم كيوم السامري
5
لولا
دفع أبي بكر وعون المولى
غم على الحجاز، فاسترابا
نزول ذاك القمر الترابا
6
جلى الإمام يوم ذلك الغمم
إن المهمات ميادين الهمم
أعين بالتأييد والتسديد
وفتية بنوا من الحديد
من كل سيف سله المختار
ماض فرنده الصبا بتار
أسامة
7
الأسماء والأفعال
أجرى من الهلال للمعالي
قد نصروا الله وبروا الهادي
ووصلوا الجهاد بالجهاد
وأصلوا الشرك الحروب الغابره
واستأصلوا شأفته ودابره
ورفت السلم على الجزيره
صافية حياضها غزيره
وحبب الفتح إلى الإمام
لا بد للبنيان من تمام
فانساحت الكتائب انسياحا
8
أرسلها من يرسل الرياحا
خيل لمسن أثر البراق
بورك للشام وللعراق
اليمن من غرتها للحافر
ومتنها من ظافر لظافر
يقودها ألوية الجهاد
أشهاد بدر أو بنو الأشهاد
فكانت البصرة أول الثمر
ثم ترقى في المنازل القمر
وفتح الله على القواد
مفاتح النهرين والسواد
9
واقتحموا الشام فزال شومها
وضاق ذرعا بهم غشومها
وسلكوا الجبال والفروجا
10
وملكوا كالشهب البروجا
ونازلوا الروم بأجنادينا
فكان دنيا لهمو ودينا
يوم - على ما شابه - سعيد
قد تكدر الأيام وهي عيد
فما ثنى القوم عن القتال
نعي وال أو بشير تال
فتح الفتوح كان حصتين
تناصفا بين الخليفتين
حوى العتيق
11
مبتدا مفاخره
وأحرز الفاروق
12
عز آخره •••
فيا أخا الضراء والشدائد
والناس إخوان لدى الفوائد
وسابق الآل إلى التصديق
وآوي الغار مع الصديق
وباسط اليمين والشمال
وتعرف الرجال عند المال
وقدوة الزهاد بعد الهادي
وصاحب الهجرة والجهاد
وكاسي الأرامل الحرات
وحالب الأغنام للجارات
13
ويا رحيما قلبه رقيقا
بماله كم حرر الرقيقا
ومن قضى بعد غنى فقيرا
لم يجدوا في بيته نقيرا
ذهبت بالخير وأتعبت عمر
يا ويح من بعد أبي بكر أمر
رأيت فيه ما رأى الله لكا
فكان فضل الله ثم فضلكا
عهداكما كجمعة في عيد
في ظل يوم بهج سعيد
الله زف الفتح فيه وهدى
إلى قنا الحق ورايات الهدى
الشمس لو كانت تخط مضجعا
والبدر لو كان يقل الهجعا
والصدف التام على اليتائم
من فرد اللؤلؤ والتوائم
14
والغمد لو يسكنه سيفان
والجفن لو ينزله طيفان
واللفظ راق واحدا وراعا
حول معان دقت اختراعا
كروضة وارتكما بالقاع
من طينة الجنة لا البقاع
خير الأنام وردها المصون
وأنتما الأوراق والغصون
صحابة الدنيا رفاق البرزخ
وإصبع تحت الثرى كفر سخ
إلا مقاما قمتما لن يقبلا
تصرف الدهر ولا حكم البلى
خلافة عمر بن الخطاب
مضى أبو بكر، وولاها عمر
الشمس لا تخلف إلا بالقمر
ما مال حائط الهدى حتى اعتدل
والركن إن سد من الركن بدل
بزاهد قام مكان الزاهد
مجاهد ناب عن المجاهد
قلده في نزعه الصلاة
إن الولاة تزن الولاة
بالمؤمنين نهض الأمير
مضطلع بأمرهم شمير
1
يوماه في الصحبة والإمامه
كلاهما السرحة
2
والغمامه •••
إسلامه للدين كان عزا
3
رنح عطف المصطفى وهزا
صلي في الكعبة لما آمنا
وطاف بالبيت الطريد آمنا
4
وكان في دين الجدود صلبا
لا يأتلي الدين الجديد ثلبا •••
ثار إلى حيث النبي موعدا
ومبرقا بسيفه ومرعدا
فجاءه موحد من الزمر
وقال جئ أهلك فانظر يا عمر
5
وحدت الله ابنة الخطاب
وآمن السعيد في الأخطاب
6
فجاءها معتزم الشراس
وكان صلبا خشن المراس
7
فراعه من الخباء هينمه
8
وصوت مستخفية مرنمه
فقال: ما أسمع؟ قالت: طه
فلم يصوبها ولا خطاها
قال، وعرفان الصواب مكرمه:
فاطم هذا منطق ما أكرمه!
وآنست سكينة الحواري
من رجل في صحوه سوار
9
كحمل مدلل صار الأسد
والصارم المسلول عاد كالمسد
10
كأنما سقته أم ليلى
11
أو أسمعت قيسا
12
حديث ليلى
فجاء نادي النبي فاهتدى
وكبر الهادي وهل المنتدى
انظر إلى الحكمة كيف تنشد
والنفس بعد الغي كيف ترشد
لا تقض بالعبوس والطلاقه
من امرئ حتى ترى أخلاقه
كم لين كالصل
13
يخفي مصرعا
وأخشن كالصخر يئوي مشرعا
ما اتبع الحق إذا تغلبا
كرجل في باطل تصلبا
والرأي مثل العهد في الجليل
يرعاه من يرعاه في القليل •••
إن الذي رشح للملك عمر
أيده بالعلم في خير العمر
كفى بصحبة النبي معلما
وبالنبي مرشدا معلما
من صحب النجم تعالى وانفرد
ومن دنا من ساحة البحر ورد
علم عليه من بيان وخلق
ثلاثة من زن للملك خلق
عابوه بالشدة وهي حسن
في رجل للحق منه حصن
ميسر في صلب والديه
لتفتح الدنيا على يديه
بالعدل والدرة طار بالعرب
وسار في الجو بهم وفي السرب
14 •••
فلم يزل دعامة الإسلام
وهامة الصحابة الأعلام
سمحا جوادا في سبيل الله
ندبا
15
عن الحقوق غير لاه
مجاهدا ببيضه وسمره
وشهبه ودهمه وحمره
16
وعنبر العباد في الجوامع
وسمر الزهاد في الصوامع
وقاضيا كالذكر اليماني
لم يأته في سنة خصمان
حتى تلقى الحظ أسنى أكبرا
أم الصفوف وترقى المنبرا
حباء
17
من قاس الصنيع وقدر
إن الجزاء بأوان وقدر
فليس يدري المسلمون سيدا
أبرك وجها منه أو أندى يدا
من يلقه في طمره
18
يلاق
ركن الحقوق حائط الأخلاق
ولاته في ملكهم رهبان
والفلك حيث ساقها الربان
خليفة يعس في الإعتام
19
ويطبخ الطعام للأيتام
طريقه في العدل قط ما سلك
من ذا قضى لسوقة على ملك؟!
20
فتوحه للحق فضل الباري
والجزل من هباته الكبار
إسكندر الخيل وإن لم يركب
الأرض من أيامه في موكب
أقام في مركزه بيثربا
وشرق القنا به وغربا
ثوى وساق نجب الصحاب
بورك في البحر وفي السحاب
بقية من أحد وبدر
من كل غاب طلعت وخدر
محا مرور الدهر مسود اللمم
وهم كأمس حمس
21
مرد الهمم «بالقدس » جيشق دونه رهبانه
تحرمت بعدلهم صلبانه
وجحفل تحتهم الإيوان
كلهمو كسرى أنوشروان
وفيلق على جوانب الهرم
تقلدوا الحق وسربلوا الكرم
لو هب فرعون لخال موسى
بجانبيه يعرض الناموسا
تعهدوا الفتح بالاختطاط
ووصلوا الكوفة بالفسطاط
وراءهم مسهد الفؤاد
موكل العيون بالقواد
يبعث بالزاد ويرسل المدد
وينفذ الكتب ويأخذ العدد
مبارك على المدى مجدود
وللجدود كلها حدود
إذا دعا بوجهه مشيرا
نحو السماء استقبل البشيرا
حتى جلا كسرى عن المدائن
وآب بالإيوان والخزائن
وشاطرته ملكها القياصره
والقدس فيما بذلت وناصره
فتح يري الحوادث الإباء
إذا الفتوح أصبحت هباء
أهدى على الدهر إلى الإسلام
ما بين أعلى النيل والسلام
أرض أصابت من ندى السماء
خير النبات وعيون الماء
وعالم باق على عهد العرب
وإن مضى الدهر عليهم وضرب
ما ضيع الدين ولا اللسانا
ولا يد الفاروق والإحسانا
عمر وخالد بن الوليد
والله ما أدري ولا تدري الزمر
ما كان بين ابن الوليد وعمر
1
سيف الإله سله النبي
وهزه وليه الحبي
أغمد لا كلا
2
ولا مقصرا
في حرب كسرى وقتال قيصرا
توجعت لعزله العقاب
3
وحل بالمبرأ العقاب
ضغينة
4
لم تدع الإماما
حتى رمى في يدها الزماما
وزلة الكبير أكبر الزلل
وإن أحيطت بالطلاء والعلل
خاف الإمام أن يكون فتنه
سياسة عالية وفطنه
كم هاضت الممالك العظاما
مخافة أن يقطعوا النظاما
وكم مرجى السبق مات بالكمد
قد وقف الناس له دون الأمد
أعيذ من مضلة الحقد عمر
مثل الإمام بالمراشد ائتمر
لعله أبصر وجه منفعه
أو خاف ضرا فرأى أن يدفعه
فالسيف لا تأمنه أن ينقلب
كم غلب الحق به وكم غلب
في طبعه الطيرة والشرور
وربه يوما به مغرور
وكيف غدر ابن الوليد كيفا
الله أوفى وأبر سيفا •••
عجبت ممن ملك الزمانا
ودان بعد فارس الرومانا
ومن قناه كل يوم في ظفر
وخيله من سفر إلى سفر
تتكل الطير على بنوده
وينزل النصر على جنوده
تهيب البحر وخاف حربه
وحرم المجاهدين قربه
ظل الولاة يبسطون الراحا
فلا يلبي لهموا اقتراحا
كم حسنوا النفع وقبح الضرر
خوفا على جنوده من الغرر
5
وقال، لم يأذن ولم يسلم:
لا أشتري الروم بنفس مسلم
كان الإمام وهو للعدل علم
لم ينصف الروم وللبحر ظلم
كم جر نفع المسلمين الروم
والبحر عز أبدا مروم
ينهض بالملك العظيم فاتحه
لأنه من الثرى مفاتحه
فيروز منه يبرأ النصارى
ومثله إلى الجحيم صارا
لا دين للباغي وإن تدينا
كفى بقتل النفس ظلما بينا
مقتل عمر
شكا إلى الخليفة ابن شعبه
1
لكلف يزعمهن صعبه
فلم يجده عمر مظلوما
ولا رأى سيده ملوما
وكان بالصنعة ذا إلمام
وحسبه شهادة الإمام
إن يذكر الروم إليهم ينسب
وهو من الفرس وفي الروم سبي
إن انكسار الفرس شر كسره
صير وجدان الغلام حسره
فبات للفاروق يضمر الإحن
بما أصاب قومه من المحن
والثار بالأهل الكرام والوطن
قضية قد شغلت أهل الفطن
لو لم تلده الأرض شر صل
ما اقتحم المكبر المصلي
انساب ملأى من نقيع سمه
حديدة قد لفها بكمه
أغمدها في هيكل الجلال
وشامها في كرم الخلال
فرحمة الله عليك يا عمر
غامرة كعدلك الذي غمر
خلافة عثمان بن عفان
من لقتيل بالسفا
1
مكفن
مرت به ثلاثة لم يدفن
تعرضه نوادبا أرامله
ويشفق النعش ويأبى حامله
قد حيل بين الأرض وابن آدما
ونوزعت دار البقاء قادما
مثل بالمهاجر
2
المثني
على علو شأنه والسن
تنبو العيون اليوم عنه جيفه
وأمس كان نورها خليفه
قد عري المنبر من أسمائه
ورفل المصحف في دمائه
تلازما تلازم اللمات
3
خلين في الحياة والممات
كنز عليه نقب الجدار
ورقيت بالسارقين الدار
وملك بمدرج الأوغاد
من رائح يلطمه وغاد
من كل رستاق
4
وكل حاضره
عقارب والنعل غير حاضره
أتوا من السواد والصعيد
شقاوة للبلد السعيد
لإحنة أو غية أو سله
5
وقل من جاء لخير المله
وخيض في القضية السخيفه
6
وملئت دار الرسول خيفه
وبخلت بالنصرة الأنصار
وأخرت نجدتها الأمصار
وقرت الفتيان في الحجال
وفرت الشيخان بالآجال
وتعب الوصي
7
بالسفاره
وانتدب السبطان للخفاره
8
وابن أبي بكر
9
مع الثوار
بغي الحواري على الحواري
يا ليت شعري كيف ولاه علي!
ليت الإمام المرتضى لم يفعل
كيف يولى مصر مخضوب اليد
من راشد موفق مؤيد؟
الرأس في الشغب
10
سواء والذنب
لا تبرأ العقرب من ذنب الذنب •••
إن محمدا على الشيخ افترى
وجرأ الناس عليه واجترى
11
آذاه في حجرته مخذولا
ممتنعا قياده مبذولا
عاين فيها الموت أربعينا
ينتظر الناعي أو المعينا
12
وشر ما هب عليه الغافل
إن حكمت في العلية الأسافل
ابن ثمانين فتي النيه
موطن النفس على المنيه
لم يعطهم، حيث النفوس تجزع
خلافة الله التي لا تنزع
أليست النفس تموت مره
فخذ عليها أن تموت حره •••
فإن تسل ماذا أتى عثمان؟
مما يرد الدين والإيمان
تجد دعاوى القوم لفقوها
وسلعا بالدين نفقوها
زروا على الإمام ما لا يزرى
وأركبوه الحسنات وزرا
واستنكروا علوه بالدور
عن دارة الثلاثة البدور
13
وقال قوم: خالف الأترابا
وحالف الثراء والإترابا
14
وكرهوا التمصير والتمدينا
وعموا الدنيا تعفي الدينا
ويحهمو! ما لهمو وما له؟
طاب وطيب الحلال ماله
مال كما شاء العفاف والكرم
زكا كهدي البيت أو حلي الحرم
والزهد حال للقلوب والنهى
ما أمر الله به ولا نهى
وهذه الدنيا يد العظيم
وسره في ملكه النظيم
أسكنها العقل فكانت أشرفا
من كل زاه في السماء أشرفا
أحل منها ما صفا مشارعا
وحرم الآيات والمصارعا
وساقها للأنبياء ترسف
هذا سليمان وهذا يوسف
وأين من شأنيهما عثمان؟
على الذي خوله الرحمن
استقبحوا إحسانه العميما
أن يشمل القريب والحميما
وأن يناط القطر والولايه
بمن له الصهر أو الولايه
ورددت قولهمو الغوغاء
كما تعيد القول ببغاء
واتخذ المشاغبون آله
وقيل عثمان يخص آله
رماهمو بعض الشيوخ من حسد
ووقعوا في الرأس طعنا والجسد •••
يا حبذا ولاته الأخيار
ورأيه فيهم والاختيار
من حسن السيرة بالأمس أمر
تحت النبي والعتيق وعمر
15
كهل على الأمر قوي الكاهل
بين الحواري وبين العاهل
أو ذي شباب ترتضى حكومته
لا فضله خاف ولا أرومته
16
مقدم للفضل والأرابه
وليس للصهر ولا القرابه
يضاف مرفوعا إلى الإمام
إضافة البدر إلى التمام
فتيان ملك وبنو خلافه
قد صدقوا الأبوة الخلافه
قد فتحوا قبرس للإمام
بالسفن المزجاة كالغمام
فأصبح القاصي من البر اقترب
وصار بحر الروم لجة العرب
وخفقت كتائب الإسلام
في البحر أعلاما على أعلام
فخر لذي النورين أي فخر
وهمة تذكر لابن صخر
17
يا طالما بالغ في الخطاب
فلم ينلها من فتى الخطاب
سبحان من فرق في الأئمه
ما جل من منقبة وهمه
له الكمال وحده والملك
وهو الدوام وسواه هلك
الخصمان
يا فطنا بسير الكبار
مفتتنا بغرر الأخبار
وطالب الجوهر في التراجم
ملتمس التبر من المناجم
جئتك بالبرجاس والمريخ
1
خصمين بين يدي التاريخ
قرنت خيرها تقى وعلما
2
بخيرها سياسة وحلما
3
بل قرنت بينهما أيدي الغير
4
وافترقا على التلاقي في السير
أبو الشهابين وهل يخفى القمر؟!
5
والثاقب الرأي اللعوب بالزمر
6
أو قيم الدين ولا أحابي
وقيم الدنيا من الصحاب
إن ذكر الآباء جاءا بالقمر
7
جدا تمناه العتيق وعمر
8
تحدرا مزنين من غمام
ولاقيا الديمة في الأعمام
قربى على تفاوت المنسوب
كالموم والشهد من اليعسوب
9
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
أما الإمام فالأغر الهادي
حامي عرين الحق والجهاد
العمران يأخذان عنه
1
والقمران نسختان منه
2
أصل النبي المجتبى وفرعه
ودينه من بعده وشرعه
وصفحتاه مقبلا ومدبرا
وفي الوغا وحين يرقى المنبرا
يدنوا إلى ينبوعه بيانا
ويلتقي بحراهما أحيانا
الحجر الأول في البناء
وأقرب الصحب بلا استثناء
وأزهد الناس وفي الدنيا يده
وأخشع العالم وهو سيده
وجامع الآيات وهي شتى
وسدة القضاء باب الإفتا
والسهد الآوي إلى أشواقه
إذا الظلام مد من رواقه
بحر الهوى والقوم ركب السفن
كم من شراع دون عبريه فني
يا ليت شعري والأمور تخفى
والفكر في هذا الطريق يحفى
ما ساء هذا الناس من علي
وحاد بالناصر والولي
وغر بالليث الذئاب العاويه
وسهل الغاب على معاويه
قيل دم الشيخ الضعيف المسلم
3
يطلبه الله وكل مسلم
ترك الإمام قاتل الإمام
أخل بالهيبة للزمام
وقيل بل أدل بالمكانه
ولو تصور الخشوع كانه
والزهو أحيانا من المعاني
إن سال من معاطف الشجعان
وقيل في سياسة الطباع
وفي المداراة، قصير الباع
لو صانع الإمام أو تأنى
ما بلغ الشامي ما تمنى
4
وقيل علم ما له انتهاء
لم يجر فيه الرأي والدهاء
في ثقة بمن به لا يوثق
ولا يدوم عهده والموثق
ونبذ رأي الناصح المماحض
5
في قحم الأمر وفي المداحض
6
وقيل أخفى للثلاثة الحسد
7
وكادت الجيفة تأكل الأسد
لا بل هو المنازع التواق
طلبته الأعباء والأطواق
سما إليها بعيون الفضل
وحنت الحسناء تحت العضل
8
من كان في منزله الرفيع
يدر مكان منبر الشفيع
وطالما استأخر غير فاحم
ولاذ بالحياء لم يزاحم
يا جبلا تأبى الجبال ما حمل
ماذا رمت عليك ربة الجمل
9
أثأر عثمان الذي شجاها
أم غصة لم ينتزع شجاها
قضية من دمه تبنيها
هبت لها واستنفرت بنيها
10
ذلك فتق لم يكن بالبال
كيد النساء موهن الجبال
وإن أم المؤمنين لامرأه
وإن تك الطاهرة المبرأه
أخرجها من كنها وسنها
ما لم يزل طول المدى من ضغنها
وشر من عداك من تقيه
وملقي السلاح تلتقيه
11
جهزها طلحة والزبير
ثلاثة فيهم هدى وخير
صاحبة الهادي وصاحباه
فكيف يمضون لما يأباه؟
يا ليت شعري هل تعدوا وبغوا
12
أم دم ذي النورين بالحق بغوا؟
جاءت إلى العراق بالبنينا
قاضين حق الأم محسنينا
فانصدعت طائفتين البصره
فريق خذل وفريق نصره
أو ذادة البيعة والذمام
وقادة الفتنة والزمام
13
وانتهك الحي دماء الحي
من أجل ميت غابر وحي
وجاء في الأسد أبو تراب
14
على متون الضمر العراب
15
يرجو لصدع المؤمنين رأبا
وأمهم تدفعه وتأبى
وعجز الرأي وأعيا الحلم
وخطبت بالمرهفات السلم
من كل يوم سافك الدماء
تعوذ منه الأرض بالسماء
تجر ذات الطهر فيه عسكرا
16
وتذمر
17
الخيل وتغري العسكرا
ظل الخطام من يد إلى يد
18
كالتاج للأصيد بعد الأصيد
مستلما توهى الغيوث دونه
وبالدماء أنهرا يفدونه
حتى أراد الله إمساك الدم
في كرم لسيفه المقدم
وظفرت ألوية الإمام
وألقت البصرة بالزمام
فردت الأم إلى مقرها
مبالغا في نقلها وبرها
وظللت من حل أرض الملحمه
من الفريقين سماء المرحمه
هلكى بكى البيت عليهم والحرم
الموت دون العهد غاية الكرم •••
يا يوم صفين بمن قضاكا
هل أنصف الجمعان إذ خضاكا
فيك انتهى بالفتنة التراقي
واصطدم الشآم بالعراق
ونفدت بقية من صحب
تلقت الطعن يصدر رحب
بنو الظبى، أبوة الأسنه
آل الكتاب أولياء السنه
لقد وفى «بدر» لهم أهله
وخنتهم مشيخة أجله
19
لو في بناء المجد ذلك الدم!
بل عمدوا لما بنوا فهدموا
فيا مجالا قصر الأعنه
ومد في اشتجارها الأسنه
ترجرجت بالفئتين أرضه
وضاق عنهم طوله وعرضه
ووقع الأنجاد بالأنجاد
وخر «عمار» من النجاد
20
ما كان ضر نصراء
21
البيعه
لو صبروا على الوغى سويعه
بينا بنودهم هي العوالي
والنصر حول البيض والعوالي
غادرهم بسحره معاويه
كأنهم أعجاز نخل خاويه
ألقى القنا وشرع المصاحفا
ينشد بالله الخميس الزاحفا
22
فلا تسل عن فشل العزائم
ولم يزل طليعة الهزائم
انقطع النظم والانقياد
وحكمت في الشكم الجياد
وافتيت في الرأي على الأعيان
وهدد الإمام بالعصيان
ما كان في قبوله التحكيما
على علو رأيه، حكيما
لا يرفع المصحف كالدفوف
والسلم لا تذكر في الصفوف
ورأيه في الأشعري أعجب
لله فيه قدر محجب
23
أين أبو موسى وأين عمرو؟
لا يستوي مجرب وغمر
24
أمن دها قيصر والمقوقسا
كمن على مصحفه تقوسا؟
قام فرد الرجلين ونزل
وقام عمرو فأقر وعزل
أبى عليا وارتضى معاويه
ونقض المنبر عقد الزاويه
يا زيد
25
كل مسرج وملجم
كيف علا غرتك ابن ملجم
26
أصاب قرنا لا ترام شمسه
أعيا على الأقران دهرا لمسه
بالمرهف المسموم فيما قد ذكر
وكل شيء قتل، الماضي الذكر
يا شؤم سيف قطع الصلاة
واغتر ليث الغابة المصلاتا
27
ولم يك ابن ملجم صعلوكا
بل غاليا يقتحم الملوكا
وضاريا في دمه العدوان
لم يخل من أمثاله أوان
وقال قوم ذاك مسلم نقم
حكومة القرآن فهو منتقم
قول غدا عند النهى مفروضا
لو صح راح العالمون فوضى
الرأي للأمة في الولاة
وليس للغضاب والغلاة
وقتلك الإنسان غيلة شنع
الجبن أن تقتل من لا يمتنع
النفس لله وللنظام
والدم إحدى الحرم
28
العظام
فكيف بالبغي على علي
الراشد المقرب الولي؟ •••
ما لك والناس أبا تراب!
ليس الذئاب لك بالأتراب
هم طردوا الكليم
29
كل مطرد
وأتعبوا عصاه بالتمرد
وزين العجل لهم لما ذهب
وافتتنوا بالسامري والذهب
وبابن مريم
30
وشوا ونموا
واحتشدوا لصلبه وهموا
وأخرجوا محمدا من أرضه
وسرحت ألسنهم في عرضه
وغيبوا المسوي الفاروقا
31
وخير شمسيهم لهم شروقا
وذبحوا الشيخ
32
على الفرقان
حتى بكى الذكر
33
بدمع قان
وهب منهم من لحقك اختلس
وفجعوك بالصلاة في الغلس
وأشرقوا الحسين بالدماء
34
ملوحا بين عيون الماء
فاسم سمو الزاهد الحواري
في درجات القرب والجوار
إن زال ملك الأرض عنك من ملك
يا طول ملك في السماء تم لك!
معاوية
في الدهر لم تصنع قيون الهند
ولم يسل الشرق كابن هند
العبقري الملك الخليفه
السعد كان أبدا حليفه
ما زال بالحبال والعصي
من سحره ففاز بالوصي
أرسل في حب الأمور الرسنا
وفي هوى الدولة جافى الوسنا
حتى نعى عليا النعاة
فانقلبت ملوكا الرعاة
وراقت الدنيا ورق الدين
وانفجر التمصير والتمدين
وصير البيت سليب الحق
والآل من سيادة لرق
قد نصب الحلم لهم حبائلا
ورب حلم جمع الغوائلا
وراض من شكائم الأباة
بهيبة الملك وبالهبات
فزالت الأخلاق والنيات
وبذلت واديها الحيات
وثم ما يسأل عنه الله
وصاحب الدين ومن تلاه
قطع نظام العهد في الإسلام
وأخذه البيعة للغلام
حتى علا التاج على العمامه
وعاد ملكا نسق الإمامه
جناية أدركت الأجنه
ووقفت للدين في الأعنه
تحت هوى الآباء للأبناء
حب البقاء وقلى الفناء
تشبث الوالد بالمولود
يسحب من توهم الخلود
ارفع قواعد الفخار وابن
لا تدعم على أب ولا ابن
لا يرفع الجذع عن الأرض الثمر
ولا يحط نسب الليل القمر •••
لا تعجبن من عظيم ما فتق
واعجب له كيف تلافى ورتق
ما كل ذي حرب وذي لداد
بجابر الوهي ولا سداد
جو الولايات خلا لنسره
واجتمع الأمر له بأسره
فلا تسل عن انبساط الملك
ورفق ربانيه بالفلك
الشرق تحته كخير عهده
والغرب يقضي ليله بسهده
مبارك لقومه في عمره
ميمونة لهم معالي أمره
رب اعف عن جرأته عليك
فالعفو منك والرضى إليك
لم يعل في العفو عليه كفو
فأره كيف يكون العفو
عمرو بن العاص
ما بال قصر الشمع لا يضاء؟
هب على مصباحه القضاء
لا فتية الرومان في بروجه
ولا غوانيهم على مروجه
ولا الليالي حوله أعراس
وفوقه وتحته أحراس
وما لبابليون من بعد العجم
أمست رجاما في نواحيه الأجم؟
لم تغن عنه رفعة الأسوار
ولا جثوم الأسد الأسوار
1
وأين في أفقيهما
2
فسطاط
للنجم عن سدته انحطاط
قد ألقيا إليه بالمقالد
وخرجا من طارف وتالد
سرادق ينفذ حكم ربه
من منبع النيل إلى مصبه
أوى إلى أطنابه اليمام
لأنها الرحمة والغمام
وأمن الأعزل فيه الشاكي
وحذر المشكو صوت الشاكي
خفت به القباب والخيام
وسالمت ضاربه الأيام
لم يبق من ذلك إلا مسجد
عال على باع الخطوب منجد
3
كالكعبة الرفيعة الدعام
ما حج إلا مرة في العام
إن كان لم يعل علو الهيكل
وليس بالملون المشكل
لقد تردى حلل الجلال
بالبانيين الحق والحلال
أمير كل هيكل ومعبد
فاتهما بالسؤدد المؤبد
نسى الديانات بمصر قبله
ولا يزال للقلوب قبله •••
إسلامه وخالدا في آن
حل على الشرك به رزآن
السيف والرأي بيوم أجمعا
واستأذنا على محمد معا
فانقلب الحق بهذا فرددا
4
وعاد هذا بالهدى مسددا
بالفاتحين بشر الإسلام
واستقبلت آمالها الأعلام
كلاهما كان رضى النبوه
لم تشك كله ولا نبوه
5
وباز من صاد وسهم من رمى
من الهداة الراشدين الكرما
ما ضر عمرا منضج الهواجر
إن كان لم ينصر ولم يهاجر
كم هجر النوم أبو محمد
واكتحل العثير بعد الإثمد •••
عمرو القنا والرأي والجدود
رمى به الفاروق في الحدود
على فلسطين حمى الرايات
وحمل الخيل على الغايات
إذا المضيق لم يجد مضاء
للسيف، قام رأيه فضاء
حتى حوى لعمر الإقليما
وحاز للإسلام أورشليما
فتح تولى صكه الإمام
وأخذ الميثاق والزمام
يا صخرة الله اشهدي أن عمر
أبر من نهى وأوفى من أمر •••
سما إلى مصر بطرف وطمح
ولم يزل بعمر حتى سمح
وجهه فهب والغزاة
كما أطار الصيد
6
البزاة
يطوى بهم طابخة الركائب
آكلة البعوث والكتائب
7
أنعاك أم أسقيك من بيداء؟
كانت دواء أبدا وداء
ماذا دهى مصر من الطواري
ولقيت من ذلك الجوار
كم رعتها بداهم جراف
وآفة الجسم من الأطراف
ورب جلاد على جلاد
سلطت ويلين على البلاد
8
كم عصفت منك السوافي الهوج
وهبت الحاصبة السيهوج
9
وكم بعثت بالمبشرات
10
على موات الحق منشرات
وكنت إن أسلت رائدينا
طويت دينا ونشرت دينا •••
شرفت بالعذراء والمهاجر
11
وبالخليل آيبا بهاجر
وسيق فيك يوسف جليبا
فلقي التمليك والتغليبا
ووطئت بساطك الأسباط
وانتظم الشمل والاغتباط
وخزت موسى جائلا وجائبا
يستقبل الآيات والعجائبا
ومصبحا بقفرة ومجهل
وممسيا بربوة ومنهل
وطالعا مخارم الجبال
وقابس النور على الأقبال
12
ترمين أرض النيل عن قوس الفلك
يوما بشيطان ويوما بملك
تهدين نورا تارة ونارا
والطامس المنار والمنارا
حتى مشت كتيبة الحواري
عليك كالأنواء والأنوار
13
وما النجوم الزهر حفت بالقمر
أروع من عمرو على خيل عمر
ولا قنا الأسباط
14
حول يوشعا
أعف من قناهما وأخشعا •••
كتيبة قليلة العديد
كثيرة بدينها الجديد
طوت إلى مصر القفار طيا
وركبت رياحها مطيا
فبلغ العمران عمرو فرمى
بجمعه الروم حيال الفرما
15
تسلقوا حصونها تسلقا
واقتحموا ماردها والأبلقا
واخترقوا التخوم والحدودا
سبحان من يداول الجدودا
وروودت بلبيس حتى أذعنت
وركبت بالمسلمين إذ عنت
ترجل الحماة عن حصونها
ونزل الأباة عن مصونها
وظلت الخيل تجوب الوادي
أندى على الريف من الفوادي
يسير في رخائها الملاح
ولا يحس وطأها الفلاح
حتى بدت منازل الرومان
ساهرة الخطي
16
واليماني
في حضن حصن أو ذرا لواء
بعيدي المصعد في الجواء
فنزلوا سواد عين شمس
وسادهم رحالهم كأمس
وجثموا إلا عيونا ساميه
تجس حصنا أو تجوس حاميه
فخرج الرومان للقتال
في جحفل مدجج مختال
رحى الوغى بمثله تدور
وقطبها في قلبه «تيدور»
ليس لعمرو ما له من كثره
وخوذة وشكة ونثره
فأقعد الغازي له الكمينا
وأخذ الشمال واليمينا
يوم عليه بنيت أيام
لأمة جدودها قيام
من يصطبر للصدمة الأولى يسد
لا يصلح الفل
17
ولو كانوا الأسد
بباب أليون تيودور اعتصم
فيمن وهى من الصفوف وانفصم
وجيء بالأمداد والسواد
من شحنة الروم وقبط الوادي
وظن أن الحصن معجز العرب
فما لهم غير النكوص مضطرب
فإن أبوا أدبهم بيوم
ما بعده قائمة للقوم
فوردت كتيبة الزبير
وعمر مصدر كل خير
وظل بابليون وهو عاص
على الزبير وعلى ابن العاص
حتى تسور الزبير سوره
واغتر في وكونها نسوره
مشى على ناقوسه مكبرا
يا لك ناقوسا أحيل منبرا
أوفى على القوم فريع البرج
بفارس له السماء سرج
صوت هفا في الحصن بالعزائم
كنبأة في جوف أيك نائم
فضاع رشد الروم والصواب
وفتحت من نفسها الأبواب
تبارك الله وجلت العرب
لم يثنهم جو ولم يعق سرب
من فتح بلبيس لعين شمس
لا يصبح الضيغم حيث يمسي
وركب العلج
18
العصا
19
بمن معه
إلا قليلا غودروا في المعمعه
يبغي دمنهور بهم فجاءها
في مدد قد ملئوا أرجاءها
وإذا على آثاره خيل العرب
وخيله من هرب إلى هرب
بعد قتال جال فيه الروم
وطاح أبطالهمو القروم
واندفعت خيل الإمام تعدو
يقدمها اليمن ويحدو السعد
حتى بدا الثغر فودت قبله
كما اشتهى العبسي
20
ثغر عبله
ورابطت فجرت الأرسانا
والتفتت تعاتب الفرسانا
وطيف بالثغر فلا ثنيه
إلا عليها رصد المنيه
فكيف لا يودي برشد قيصرا
أو بصواب قومه أن تحصرا
أقامهم سقوطها وأقعدا
وزعموه فوق طاقة العدا •••
وكان في الإسكندرية الملا
أملك في سلطانهم وأكملا
جموعهم في ساحها بلا عدد
والبحر يغدو ويروح بالمدد
ومن أصاب البحر في سلطانه
عد جميع الأرض من أوطانه
تقضت الأيام والشهور
والسيف في غير وغى مشهور
يفتر عن لألائه فم الجمع
وتحتها للثغر خوف وطمع
وربه يستنزل الرومانا
ويعرض الإصلاح والأمانا
حتى أعين رجل الإمام
برجل القياصر الهمام
21
وفتحت مدينة الإسكندر
صلحا وصفوا ليس بالمكدر
تأخر السيف وشارط الندى
يا غبن من يشارط المهندا
فقيل راعى المسلمين الوالي
وكان في السر لهم يوالي
وقيل بل ذو مأرب أرادا
بسلطة الكنيسة انفرادا
وكان في فروق سلطان البيع
تعنوا له في سائر الأرض الشيع
حكم جفاه الاعتدال وقسا
إني أراهم ظلموا المقوقسا
لعله تبين الحقائقا
وذاد عن مصر بلاء حائقا
ووجد الرومان والقياصرا
لا يملكون في البلاد ناصرا
يرونها العنف والاستكبارا
ولا تحب الأمم الجبارا
مما مضى الدهر عليه والأول
أن النجاح لفتيات الدول
خالد بن الوليد
من طبع السيف ومن جلاه؟
هل يصنع الآيات إلا الله؟
إنس الحديد، بشر الفرند
ليس بصنع يمن أو هند
وكيف لا يصحبه المضاء
وقينه المقدار والقضاء
قلده من ربه محمد
يسله بإذنه ويغمد
خلقت لا أعظم السيوفا
إلا الشريف العالي العيوفا
المفتدى بحده من مظلمه
والمهتدى بنوره في المظلمه
والناصر الحق على المقاتل
والضارب الباطل في المقاتل
والرافع الدولات ركنا ركنا
بالحق بنيان الخليل الركنا
كابن الوليد موئل الأعلام
سيف الإله أسد الإسلام
طلق جاهلية المعاصي
ودخل الإسلام وابن العاص
كلا العظيمين فتى قريش
صدر ندي، ولواء جيش
تخير السمحة غير دار
ما خلفها من عجب الأقدار
من نعم تترى وعيش مرغد
وشأن اليوم وذكر في غد
سبحان ربي منشئ النوابغ
مرتجل المواهب السوابغ
هل خالد إلا فتى من فهر
لم يشتهر بصولة وقهر
منزلة في غالب عليه
وشيم تقطر جاهليه
زهو الصناديد بني الجلاد
1
ونفخة بالقوم والميلاد
نفس غذتها الجاهلية الدما
وأرضعتها جرأة ومقدما
ونهية كالجوهر الوقاد
لم تبد للصائغ والنقاد
فكان من عناية السلام
به اكتساب أدب الإسلام
إذا كان في دولته مجال
فيه جلت أسرارها الرجال
لا بد للعقل الكبير من وسط
وللشعاع من مدى ومنبسط
رب هبات ذهبت هباء
كما أتى بها التراب باء
موفق الآراء والرايات
معلق الهمة بالغايات
إذا غزا عن النبي أو سفر
اقترح النجح عليه والظفر
سماه سيف الله يوم مؤته
معظما في الآخرين شأنه
فما مضى في موطن أو هما
إلا وكان اسما على مسمى
أليس كافي الإمام الشده
وقامع الفتنة يوم الرده؟
وقاتل الكذاب
2
في المعارك
وكل أفاك له مشارك
أيامه مشهورة في فارس
مسطورة في صحف الفوارس
خاض بها الوقائع الكبارا
وفتح الحيرة والأنبارا
واحتاجت الشام إلى همام
أروع يحمى عسكر الإمام
يقحمها على جموع الروم
وينثني بفتحها المروم
وهي تموج بجموع قيصرا
وعالم من عرب تنصرا
قبائل فؤادها موزع
دين هو الغالي وعرق ينزع
فلم تقع إلا عليه الخيره
إن الرجال أفضل الذخيره
فخف للغياث في ليوث
صحابة أهلة غيوث
خلى العراق وتولى الشاما
نجما لأهوال السرى جشاما
يقطع غفلا ويجوب بائرا
إن المغيث من أتاك طائرا
فكان في السماوة
3
الرئبالا
لا تذكر الألب وأنيبالا
تخفق فوق رأسه العقاب
4
في مهمه تنكره العقاب
حتى حوى الجيش القرى فصارا
بين ديار العرب النصارى
أحراس تخم وحماة حد
وحاطة الأطراف من تعد
سل تدمرا والقريتين وأرك
هل ثبتوا لخالد في معترك
وسل به غسان كيف صبحوا
بالخيل جاءت من بعيد تضبح
هبت على الشام قبولا ريده
5
فاستروح الغوث أبو عبيده
أوفت على اليرموك تطغى من طرب
يا مأتم الروم ويا عرس العرب!
أقبل سيف الله يزجى خيله
ويل هرقل منه ثم ويله!
وأمر الجيش عليهم خالدا
وانتظروا اليوم العظيم الخالدا
فعبئ الحزبان للطام
طام يعب لنزال طام
تراءيا على تفاوت الفئه
ذا مائتا ألف وذا نصف المائه
ونشبت جائحة
6
الدهور
عدوة القاهر والمقهور
فداهم الروم الرعيل المسلم
إن العتيق
7
بالعتاق أعلم
واخترق الهيجاء فرسان العجم
تحت سروج الخيل أو فوق اللجم
أما الرجالى
8
فاحتموا في الخندق
ليلا فمسوا بالبلاء المحدق
يوم كبدر في الفتوح منزله
أمسى هرقل بعده لا عز له
لما رأى سلطانه تداعى
صاح: الوداع سوريا الوداعا
دولة بني أمية
علمت أن السيف بناء الدول
وركنها في الآخرين والأول
ما زال في الممالك الأساسا
به بناها من بنى وساسا
يقصر حبل الملك أو يمده
ما رسم الحدود إلا حده
لم يبن للفرس ولا الرومان
حائط ملكيها سوى اليماني
وأي دين بسوى السيف انتشر؟!
كم أيدت بالسيف أديان البشر!
لم يغن داعي الحق والفلاح
عنها وأغنت صلة السلاح
فلا تقولن بغت مروان
ووطأ الملك لها العدوان
كذاك قبل كانت الممالك
وبعد لم تختلف المسالك
تنال بالقوة مبتغاها
وإنما أذهبها أبغاها •••
في الشرق والغرب بنت أميه
سلطنة ليس لها سميه
خلاقة على البسيطة احتوت
شرق الثرى حازت وغربه حوت
حيزت بجند الحيل المجند
وأحرزت بالرأي والمهند
احتازها من الجريء القلب
وغلب الليث عليها الثعلب
بنيان قطب الملك والرياسه
داهية الأمور والسياسه
ونالها من آله ملوك
تفاوتوا واختلف السلوك
فمنهمو الدر ومنهمو الحصا
ومن هو السيف ومن هو العصا
خليفة بر وآخر فجر
ذا حجر
1
الأرض وذا بعض الحجر
ما تلك إلا دولة الزمان
حلت محل دولة الرومان
من الطراز العربي الأول
على الدخيل قط لم تعول
لم تعتمد على عقول فارس
ولا سيوف الديلم الفوارس
كالشمس في الشرق زهت ضحاها
والغرب لا يخرج عن رحاها
تقلب الإسلام في رخائها
وجرت الآمال في رحائها
وزخرت بالعلم والبيان
وأخرجت فرائد الأعيان
حاز لواء الشعر فيها الزردق
2
جرير والأخطل والفرزدق
وما رأي المنبر من عطفى ملك
كابن أبي سفيان أو عبد الملك
أو كزياد خطبة إذا انبرى
والثقفي
3
حين يرقى المنبرا
ورزقت أرباب سيف قاده
أعطتهمو الممالك المقاده
فنابها المهلب الغضنفر
وغابها قتيبة المظفر
سل ثبج البحر وعرض البر
عن طول باع الفاتحين الغر
ابن نصير مرسل البزاة
والحكم الحاكم في الغزاة •••
أما دمشق فمقر الملك
ومقعد التاج ونظم السلك
بل شامة والشام جنة الثرى
ترف فردوسا وتجري كوثرا
مهد معالي ملكهم وأسها
لا عجب أن يرفعوها للسها
ظلت على أيامهم تزيد
تعمرها يد وتكسوها يد
وتزلف الدنيا لها وتجبى
وينثني بها الزمان عجبا
حتى جلتها دولة الوليد
في أزين الطريف والتليد
وكملت محاسن العروس
وعوذت بالجامع المحروس
تأنقت يد الوليد فيها
واستبقت أكف مترفيها
فأصبحت حديقة الفنون
وهيكلا من مرمر مسنون
تفيض من عجائب العمارة
وحجر الصلاة والإمارة
ثم هوى أقمارها وأبعدوا
فحلفت بعدهمو لا تسعد •••
رمت يد الدهر بني مروانا
إن لكل مصرع أوانا
فذهبوا عن حسنات تذكر
وسيئات جمة لا تنكر
أما الأمور فهمو دهاتها
دنت ودانت لهمو جهاتها
وهم على الأمر العظيم أصبر
لا يقربون اليأس حتى يقبروا
أقوى بيوت العرب التئاما
وخيرها بيتهمو وئاما
شبانهم من طينة الأبالس
وشيبهم أنكر في المجالس
إذا جروا لغاية لم يحفلوا
ما المركب الأعلى ولا ما الأسفل
منهم من استحسن قتل الآل
ولم يخف مساوئ المآل
ومن رمى الكعبة بالحجاره
وذعر البيت وراع جاره
ومنهمو من مزق الكتابا
معاتبا، يا قبحه عتابا!
عاقر غلمانهمو المداما
ولازموا القيان والندامى
وانغمسوا في الشهوات والترف
وأفسدوا شبان أبناء الشرف
رعوا على اليقظة ثم ناموا
فأصبحت للأسد الأغنام
جنى عليهم سرف الأبوه
وبغيهم على بني النبوه
ونصبهم للحكم كل غاشم
جرت يداه في دماء هاشم
ولعنهم خلاصة الأكابر
أبا الزكيين، على المنابر
وغدرهم بابن نصير الوفي
مشيد الدولة في البر وفي
أمسوا حماهم حرم الأمان
وأصبحوا طريدة الزمان
مروان وهو منتهى أميه
لم يفقد العزم ولا الحميه
قاتل حتى خانه المجال
وأسلمت دولتها الرجال
والجند كالدنيا مع الموفق
أعوانه على الشقي المخفق
فلم يزل من بلد إلى بلد
بالنفس ينجو والنساء والولد
حتى رمى مصر به المصير
وهيئت قبرا له بوصير
وآله بين مخالب الأسد
ينتزع الروح ويهتك الجسد
قد وطئوا النطوع لا النمارقا
وطأطئوا للسائف المفارقا
دنياهمو مسدودة المذاهب
ودورهم لواهب أو ناهب
وحزبهم ممتنع الهدو
حثيثة فيهم يد العدو
حتى إذا قيل خلت مروان
وذهب السلطان والأعوان
تلفت الناس وراعهم عجب
الكوكب الشرقي في الغرب احتجب
صقر قريش منعوه جلقا
فطار في قرطبة وحلقا
أنشأ ملكا أمويا ضخما
كملك كسرى رقعة وتخما
ودولة قصر عنها قيصر
سما بها الممدن الممصر
زهراء في قرطبة تألق
بغداد منها اقتبست وجلق
صقر قريش (عبد الرحمن الداخل)
موشح أندلسي
من لنضو يتنزى
1
ألما
برح الشوق به في الغلس
حن للبان وناجى العلما
أين شرق الأرض من أندلس •••
بلبل علمه البين البيان
بات في حبل الشجون ارتبكا
في سماء الليل مخلوع العنان
ضاقت الأرض عليه شبكا
كلما استوحش في ظل الجنان
جن فاستضحك من حيث بكى
ارتدى برنسه والتثما
وخطا خطوة شيخ مرعس
2
ويرى ذا حدب إن جثما
فإن ارتد بدا ذا قعس
3 •••
فمه القاني على لبته
كبقايا الدم في نصل دقيق
مده فانشق من منبته
من رأى شقي مقص من عقيق
وبكى شجوا على شعبته
شجو ذات الثكل في الستر الرقيق
سل من فيه لسانا عنما
4
ماضيا في البث لم يحتبس
وتر من غير ضرب رنما
في الدجى أو شرر من قبس •••
نفرت لوعته بعد الهدوء
والدجى بيت الجوى والبرحا
يتعايا بجناح وينوء
بجناح مذ وهى ما صلحا
ساءه الدهر وما زال يسوء
ما عليه لو أسا ما جرحا
كلما أدمى يديه ندما
سالتا من طوقه والبرنس
فنبت أهدابه إلا دما
قام كالياقوت لم ينبجس
5 •••
مد في الليل أنينا وخفق
خفقان القرط في جنح الشعر
فرغت منه النوى غير رمق
فضلة الجرح إذا الجرح نغر
6
يتلاشى نزوات في حرق
كذبال آخر الليل استعر
لم يكن طوقا ولكن ضرما
ما على لبته من قبس
رحمة الله له هل علما
أن تلك النفس من ذا النفس
قلت: لليل ولليل عواد
من أخو البث فقال: ابن فراق
قلت: ما واديه، قال: الشجو واد
ليس فيه من حجاز أو عراق
قلت: لكن جفنه غير جواد
قال: شر الدمع ما ليس يراق
نغبط الطير وما نعلم ما
هي فيه من عذاب بئس
فدع الطير وحظا قسما
صير الأيك كدور الأنس •••
ناح إذ جفناي في أسر النجوم
رسفا
7
في السهد والدمع طليق
أيها الصارخ من بحر الهموم
ما عسى يغني غريق عن غريق
إن هذا السهم لي منه كلوم
كلنا نازح أيك وفريق
قلب الدنيا تجدها قسما
صرفت من أنعم أو أبؤس
وانظر الناس تجد من سلما
من سهام الدهر شجته القسي •••
يا شباب الشرق عنوان الشباب
ثمرات الحسب الزاكي النمير
حسبكم في الكرم المحض اللباب
سيرة تبقى بقاء ابني سمير
8
في كتاب الفخر «للداخل»
9
باب
لم يلجه من بني الملك أمير
في الشموس الزهر بالشام انتمى
ونمى الأقمار بالأندلس
قعد الشرق عليهم مأتما
وانثنى الغرب بهم في عرس •••
هل لكم في نبأ خير نبأ
حلية التاريخ مأثور عظيم
حل في الأنباء ما حلت سبأ
منزل الوسطى من العقد النظيم
مثله المقدار يوما ما خبأ
لسليب التاج والعرش كظيم
يعجز القصاص إلا قلما
في سواد من هوى لم يغمس
يؤثر الصدق ويجزي علما
قلب العالم لو لم يطمس •••
عن عصامي نبيل معرق
في بناة المجد أبناء الفخار
نهضت دولتهم بالمشرق
نهضة الشمس بأطراف النهار
ثم خان التاج ود المفرق
ونبت بالأنجم الزهر الديار
غفلوا عن ساهر حول الحمى
باسط من ساعدي مفترس
حام حول الملك ثم اقتحما
ومشى في الدم مشي الضرس •••
ثأر عثمان لمروان مجاز
ودم السبط
10
أثار الأقربون
حسنوا للشام ثأرا والحجاز
فتغالى الناس فيما يطلبون
مكر سواس على الدهماء جاز
ورعاة بالرعايا يلعبون
جعلوا الحق لبغي سلما
فهو كالستر لهم والترس
وقديما باسمه قد ظلما
كل ذي مئذنة أو جرس •••
جزيت مروان
11
عن آبائها
ما أراقوا من دماء ودموع
ومن النفس ومن أهوائها
ما يؤديه عن الأصل الفروع
خلت الأعواد من أسمائها
وتغطت بالمصاليب الجذوع
ظلمت حتى أصابت أظلما
12
حاصد السيف وبيء المحبس
فطنا في دعوة الآل لما
همس الشاني وما لم يهمس •••
لبست برد النبي النيرات
من بني العباس نورا فوق نور
وقديما عند مروان ترات
لزكيات من الأنفس نور
فنجا الداخل سبحا بالفرات
تارك الفتنة تطغى وتنور
13
غس
14
كالحوت به واقتحما
بين عبريه عيون الحرس
ولقد يجدي الفتى أن يعلما
صهوة الماء ومتن الفرس •••
صحب الداخل من إخوته
حدث خاض الغمار ابن ثمان
غلب الموج على قوته
فكأن الموج من جند الزمان
وإذا بالشط من شقوته
صائح صاح به: نلت الأمان
فانثنى منخدعا مستسلما
شاة اغترت بعهد الأطلس
15
خضب الجند به الأرض دما
وقلوب الجند كالصخر القسي •••
أيها اليائس مت قبل الممات
أو إذا شئت حياة فالرجا
لا يضق ذرعك عند الأزمات
إن هي اشتدت وأمل فرجا
ذلك الداخل لاقى مظلمات
لم يكن يأمل منها مخرجا
قد تولى عزه وانصرما
فمضى من غده لم ييأس
رام بالمغرب ملكا فرمى
أبعد الغمر وأقصى اليبس •••
ذاك والله الغنى كل الغنى
أي صعب في المعالي ما سلك
ليس بالسائل إن هم متى
لا ولا الناظر ما يوحي الفلك
زايل الملك ذويه فأتى
ملك قوم ضيعوه فملك
غمرات عارضت مقتحما
عالي النفس أشم المعطس
16
كل أرض حل فيها أو حمى
منزل البدر وغاب البيهس
17 •••
نزل الناجي على حكم النوى
وتوارى بالسرى من طالبيه
غير ذي رحل ولا زاد سوى
جوهر وافاه من بيت أبيه
قمر لاقى خسوفا فانزوى
ليس من آبائه إلا نبيه
لم يجد أعوانه والخدما
جانبوه غير «بدر» الكيس
من مواليه الثقات القدما
لم يخنه في الزمان الموئس •••
حين في أفريقيا انحل الوئام
واضمحلت آية الفتح الجليل
ماتت الأمة في غير التئام
وكثير ليس يلتام قليل
يمن سلت ظباها والشآم
شامها
18
هندية ذات صليل
فرق الجند الغنى فانقسما
وغدا بينهم الحق نسي
أوحش السؤدد فيهم وسما
للمعالي من به لم تأنس
رحموا بالعبقري النابه
البعيد الهمة الصعب القياد
مد في الفتح وفي أطنابه
لم يقف عند بناء ابن زياد
19
هجر الصيد فما يعنى به
وهو بالملك رفيق ذو اصطياد
سل به أندلسا هل سلما
من أخي صيد رفيق مرس
20
جرد السيف وهز القلما
ورمى بالرأي أم الخلس
21 •••
بسلام يا شراعا ما درى
ما عليه من حياء وسخاء
في جناح الملك
22
الروح جرى
وبريح حفها اللطف رخاء
غسل اليم جراحات الثرى
ومحا الشدة من يمحو الرخاء
هل درى أندلس من قدما
داره من نحو بيت المقدس
بسليل الأمويين سما
فتح موسى مستقر الأسس •••
أموي للعلا رحلته
والمعالي بمطي وطرق
كالهلال انفردت نقلته
لا يجاريه ركاب في الأفق
بنيت من خلق دولته
قد يشيد الدول الشم الخلق
وإذا الأخلاق كانت سلما
نالت النجم يد الملتمس
فارق فيها ترق أسباب السما
وعلى ناصية الشمس اجلس
أي ملك من بنايات الهمم
أسس الداخل في الغرب وشاد
ذلك الناشئ في خير الأمم
ساد في الأرض ولم يخلق يساد
حكمت فيه الليالي وحكم
في عواديها قيادا بقياد
سلب العز بشرق فرمى
جانب الغرب لعز أقعس
وإذا الخير لعبد قسما
سنح السعد له في النحس •••
أيها القلب أحق أنت جار
للذي كان على الدهر يجير
ها هنا حل به الركب وسار
وهنا ثاو إلى البعث الأسير
فلك بالسعد والنحس مدار
صرع الجام
23
وألوى بالمدير
ها هنا كنت ترى حو الدمى
فاتنات بالشفاه اللعس
24
ناقلات في العبير القدما
واطئات في حبير السندس •••
خذ عن الدنيا بليغ العظة
قد تحلت في بليغ الكلم
طرفاها جمعا في لفظة
فتأمل طرفيها تعلم
الأماني حلم في يقظة
والمنايا يقظة في حلم
كل ذي سقطين
25
في الجو سما
واقع يوما وإن لم يغرس
وسيلقى حينه نسر السما
يوم تطوى كالكتاب الدرس
أين يا واحد مروان علم
من دعاك الصقر سماه العقاب
26
راية صرفها الفرد العلم
عن وجوه النصر تصريف النقاب
كنت إن جردت سيفا أو قلم
أبت بالألباب أو دنت الرقاب
ما رأى الناس سواه علما
لم يرم في لجة أو يبس
أعلى ركن السماك ادعما
وتغطى بجناح القدس •••
قصرك «المنية» من قرطبة
فيه واروك ولله المصير
صدف خط على جوهرة
بيد أن الدهر نباش بصير
لم يدع ظلا لقصر «المنية»
وكذا عمر الأماني قصير
كنت صقرا قرشيا علما
ما على الصقر إذا لم يرمس
إن تسل أين قبور العظما
فعلى الأفواه أو في الأنفس •••
كم قبور زينت جيد الثرى
تحتها أنحس من ميت المجوس
كان من فيها وإن حازوا الثرى
قبل موت الجسم أموات النفوس
وعظام تتزكى عنبرا
من ثناء صرن أغفال الرموس
فاتخذ قبرك من ذكر فما
تبن من محموده لا يطمس
هبك من حرص سكنت الهرما
أين بانيه المنيع الملمس
خلافة عبد الله بن الزبير
خليفة ما جاء حتى ذهبا
ضاع عليه الدم والمال هبا
الصاحب ابن الصاحب الكريم
الجلل المطلب والغريم
ابن الزبير وكفى تعريفا
إن الشريف يلد الشريفا
أبوه هضبة العلا الشماء
وأمه في الشرف السماء
مستقبل الأيام بالصيام
ومتعب الظلام بالقيام
وأخوف الناس إلا الليل دجا
وأشجع الناس إذا تدججا
وأطهر المعاهدين ذمه
وأكبر المجاهدين همه
وثبا من الخوارج الشداد
إلى بني أمية اللداد
إلى مداراة بني العباس
والعلويين الشداد الباس
فانتظمت أهل الحجاز بيعته
واحتكمت في البصرتين شيعته
ودخل العراق في ولائه
وخرجت مصر على أعدائه
فضاق مروان به ذراعا
وانخرعت قدرته انخراعا
بابن الزبير لا يقاس ابن الحكم
لا ترفع الأحكام كل من حكم
لا يستوي من عمره تحنفا
ومن رسول الله أقصى ونفى
مروان ليس للأمور صاحبا
وإن غدت لذيله مساحبا
جر على عثمان ما قد جرا
أراد أن ينفعه فضرا
رب عدو عاقل أشكاكا
ورب ود جاهل أبكاكا
لكنه أبو النجوم الزهر
مصابح الأمر ملوك الدهر
حدث إذا باهى الملوك بالولد
عن حجر الأرض وبيضة البلد
يدنو بنو المنصور من أبنائه
في الرفق بالملك وفي بنائه
ما كسليمان ولا عبد الملك
ولا الوليد عاهل ولا ملك •••
لما أتى ابن الحكم الحمام
آل لعبد الملك الزمام
فيا شقاء ابن الزبير! ما لقي؟
لقد أصيب بالدهي الفيلق
1
فتى من النوابغ المراد
إن هم لم يثن عن المراد
قد نضجت آراؤه غلاما
ورزق الهمة والكلاما
وكان في الشرع شراع الأمه
وفي الحديث مستقى الأئمه
فاق فلولا بخله وغدره
فات مقادير الملوك قدره
ما زال في الشام إلى أن راضها
ضم قواها وشفى أمراضها
فاجتمعت لذي دهاء حولي
كعهدها بالأموي الأول
رمى بها مجموعة معده
إن النظام عدد وعده
فظفرت بفرق الخوارج
من داخل في طاعة وخارج
ولم تدع لابن الزبير جمعا
إلا أرها طاعة وسمعا
بعد حروب وائلية الحرب
لولا سبات
2
الروم ضاعت العرب
أحست الملة فيها بالغرر
3
ورمي البيت العتيق بالشرر
وطاح فيها مصعب كريما
يحمي كليث الغابة الحريما
وضاق عبد الله عن عبد الملك
ورأيه الوضاء في الخطب الحلك
انصرف الكرار والكماة
وانحرف الأنصار والحماة
أسلمه الأهلون حتى ابناه
وخذلت شماله يمناه
فجاء أمه، ومن كأمه؟
لعلها تحمل بعض همه
والبيت، تحت قسطل الحجاج
وخيله أواخذ الفجاج
فقال : ما ترين فالأمر لك
للموت أمضي أم لعبد الملك؟
قالت: بني ولد القوام
وابن العتيق القائم الصوام
انظر فإن كنت لدين ثرت
فلا تفارق ما إليه سرت
أو كانت الدنيا قصارى همتك
فبئس أنت، كم دم بذمتك؟
الحق بأحرار مضوا قد أحسنوا
فالموت من ذل الحياة أحسن
ولا تقل هنت بوهن من معي
فليس ذا فعل الشريف الألمعي
ومت كريما أو ذق الهوانا
وعبث الغلمان من مروانا
أنت إلى الحق دعوت صحبكا
فاقض كما قضوا عليه نحبكا
ولا تقل: إن مت مثلوا بي
وطاف أهل الشام بالمصلوب
هيهات ما للسلخ بالشاة ألم
ورب جذع فيه للحق علم
وعانقته فأحست درعا
قالت: أضقت بالمنون ذرعا؟
مثلك في ثيابه المشمره
جاهد لا في الحلق المسمره
لا تمض فيها وأرح منها الجسد
وامض بلا درع كما يمضي الأسد
فنزع النثرة عنه وانطلق
في قلة يلقى العديد في الحلق
فمات تحت المرهفات حرا
لم يأل خير الأمهات برا
موت إبراهيم الإمام والبيعة لأخيه السفاح وخلافته
الأمر آل أحسن المآل
بيمن إبراهيم رأس الآل
فتى العفاف والحجى والنائل
ومعدن الأخلاق والفضائل
دعا القرى لأمره فلبت
وحضن الدعوة حتى شبت
ومات لا أقول في أثنائها
بل وهي عند منتهى بنائها
نالته في ناديه للقوم يد
وصيد في واديه وهو الأصيد
ألقي في السجن فكان حفرته
أماته الله وأحيا أسرته
بينا به تهامس النعاة
إذ بأخيه هتف الدعاة
بويع في الكوفة للسفاح
في ثبج الدعوة والكفاح
نعى أخاه ونعى أميه
وقام بالدولة هاشميه
في جمعة مشهودة هي المنى
هش إليها عرفات ومنى
فكانت الكوفة مبزغ القمر
قد طلع السعد به على الزمر
بويع فيها النفر الأعلام
ونال عليا الدول الإسلام
قام أبو العباس بالإمامه
ابن جلا المسود العمامه
فتى تضاءل الفتي حوله
داع لملك داعم لدوله
كالبدر في سمائه بل أجمل
لو كان فوق الأرض بدر يكمل
قد رجع الأمر به للأربع
واجتمع الأمر له في أربع
ابن الغيوث لم يعد إلا صدق
ولم يجد إلا استهل وغدق
ألين من صمصامة وأقطع
لا يعرف الرحمة حين يقطع
1
قد كان بين الدولتين يوم
عز به قوم وذل قوم
التقت الأحزاب بالأحزاب
واقتتل الجمعان حول الزاب
نهر جرى الأمر العظيم حوله
عبور دولة ونشأ دوله
وكان مروان أتم فيلقا
وجند عبد الله أوفى في اللقا
فأجزل الله من الإظهار
والنصر لابن السادة الأطهار
ما غربت شمس نهار الباس
حتى بدت شمس بني العباس
هم أملوا كيوشع الإداله
والنصر قبل غيبة الغزاله
فكانت النية ذات شأن
وكادت الشمس لهم تستأني
تصرمت دولة عبد شمس
ودبرت أيامهم كأمس
بعبد شمس فاز عبد المطلب
لا كفء للغالب إلا من غلب
فمذ خلا الجو لسيف هاشم
هب هبوب المستبد الغاشم
المستبيح في دخول البيت
هلاك حي وانتهاك ميت
فهتك القبور وهي حرمه
من مات فاترك للمميت جرمه
2
ومنيت أمية بساط
3
أبدلها النطع من البساط
4
وكل جرم واقع العقاب
ولو على الأنسال والأعقاب
ثم قضى مقتبل الشباب
عن دولة مقبلة الأسباب
ففقدت به القرى حياها
ومات بالأنبار من أحياها
أبو مسلم الخراساني الداعي للعباسيين
الأصل في كل بناية حجر
وإن زهت بالشرفات والحجر
معتمد الأركان والقواعد
وسند العالي بهن الصاعد
فإن وقفت مطري البناء
فاعطف على الأساس في الثناء
وهذه الدولة قد دعا لها
وقاد في ظهورها رعالها
أغر من سوابق الإسلام
فوارس اللقاء والكلام
اختلفوا في أصله وفصله
والسيف يوم النسب ابن نصله
فقيل: حر عربي الوادي
وقيل: عبد من بني السواد
وقيل: كان يدعي العباسا
ويرتدي لهاشم لباسا
خاض الخراساني في العشرينا
على بني أمية العرينا
فلقيت دعوته رواجا
ودخلت فيها القرى أفواجا
وقوبلت في الفرس بالمحبذ
من كل دهقان وكل موبذ
1
لبخل مروان عليهم بالنعم
وتركهم سدى كإهمال النعم
وقرع الساق لها من العرب
من لا له في الأمويين أرب
ربيعة انحازت إليها ويمن
أظهرتا من ضغن ما قد كمن
فكم جفاهما بنو مروانا
واصطنعوا من مضر الأعوانا
وبالغوا في البر والقيام
وشاطروها نعم الأيام
وهي لما يقترحون أجرى
وهي على بني النبي أجرا
جاء أبو مسلم الخراسني
أبدلها من رائق بآسن
رموا بماضي الحد لا يمين
2
داهية في رأيه كمين
تقتبس الشبان من مضائه
وتنزل الشيب على قضائه
يصيد بالصلاة والصلات
وقنص الولاة بالولاة
يعينه قحطبة ذو الباس
أول قواد بني العباس
بخيلهم جاب البلاد وفرى
وقام بعده ابنه مظفرا
الدولة العباسية
سلك لآل من بني الأعمام
وملك آل من بني الغمام
بجدهم في السنة
1
استسقى عمر
هز الغمام بالغمام فانهمر
ودولة الحق بدت للناس
بين رضى الخلق والاستئناس
وعد النبي في الحياة عمه
الله من بعدهما أتمه
2
ولست تدري من بنى أساسها
أعجب، أم من شادها وساسها؟
أقبل يبنيها من الفتيان
عصابة محسنة البنيان
قد نفروا للأمر في أوقاته
والأمر يستأنس في ميقاته
وانتخبوا الأبطال للمجال
والخير في تخير الرجال
ونقدوا الآراء والسيوفا
فنفوا الكلول
3
والزيوفا
سلوا خراسان ونعم الماضي
في الأمر مستقبله والماضي
خفت لداعيهم ولبت الطلب
واعتصم المأمون فيها فغلب
لأهلها فيهم هوى ونار
4
وفي مهب الريح تقوى النار
رموا بها فجدلوا أميه
وكل سهم وله رميه
بالشام صادوا الملك والإمامه
ما بال بازيهم غدا حمامه
حقيقة ليس لها مفند
كل مهند له مهند
أبو جعفر المنصور
استخلف المنصور في وصاته
إن اختيار المرء من حصاته
ابن أبيه وسراج بيته
الخلفاء لمحات زيته
حبر بني العباس، بحر العلم
قطب رحى الحرب، مدار السلم
فلم يكد بالأمر يستقل
حتى تلقى فتنة تسل
قد فرغ الأهل من الغريب
واشتغل القريب بالقريب
ثار بعبد الله ثائر الحسد
وزعم الغاب أتى غير الأسد
وأن مروان إليه سلما
وأن يوم الزاب يكفي سلما
انقلب العم فصار غما
وفدح الأمر به وطما
جاء نصيبين وقد شق العصا
فيمن بغى الفتنة صيدا وعصى
ما فل حدهم عن المنصور
سوى أبي مسلم الهصور
سل عليه سيفه ورايه
فلم تقف لابن علي رايه
وهزم الطاهر يوم النهر
وعرف القاهر طعم القهر
ومن يحاول دولة وملكا
يلاق نجحا أو يلاق هلكا •••
واستطرد الحين بنوة الحسن
واجتمعوا فامتنعوا على الرسن
وطلبوا الأمر وحاولوا المدى
وبايعوا راشدهم محمدا
وكان مقداما جريئا محربا
طاح على حد الظبا في يثربا
فثار إبراهيم للثارات
وأزعج المنصور بالغارات
فوجئ والجيوش في الأطراف
بنهضة الدهماء والأشراف
اضطرب الحجاز والعراق
وشغب الغواة والمراق
فلم تفل النائبات عزمه
ولم يكل عن لقاء الأزمه
تدارك الشدة بالأشدا
من كل من لمثلها أعدا
وكان يستشير في المصائب
وهو أخو الرأي السديد الصائب
أمر له كلاهما قد شمرا
وجردا السيف له بأخمرا
1
فكان بين هاشم من حرب
ما كان بينها وبين حرب
2
وكان في أولها للطالب
على قنا المنصور عز الغالب
لولا المقادير القديرة اليد
لأحرز السيد ملك السيد
كرت عساكر الإمام كره
على جنود الحسني مره
عدته عن دعوته العوادي
وأسعف الدهر أولي السداد
وطاب للشريف الاستشهاد
فيما يخال أنه جهاد
فطاح لم ينزل عن الكميت
وهكذا أنباء هذا البيت
وكثر القتلى وراح الأسرى
على فوات الوفيات حسرى
سيقوا إلى يزيد أو زياد
لكن من القرابة الأسياد
فلم يذق كالحسنيين البلا
ولا الحسينيون يوم كربلا
منوا بقاسي القلب ليس يرحم
وليس تثنيه عليهم رحم
لو طمعت في ملكه أولاده
شفاهمو من طمع جلاده
هذا أبو مسلم التياه
غرته في دولتهم دنياه
فطال في أعراضهم لسانه
ولم يقم بمنه إحسانه
ونازع الآل جلال القدر
ونافست همته في الصدر
دعواه في دعوتهم عريضه
لولاه ظلت شمسها مريضه
وهو لفضل الطاهرين ناس
وما لهم في الحب عند الناس
وما علوا له من المهمه
وبذلوا من مدهشات الهمه
وموت إبراهيم حتف فيه
فدى لأمرهم وحبا فيه
فوغر الوالي عليه صدرا
يظهر عطفا ويسر غدرا
وصاحب الدعوة ضافي الدعوى
يرفل، فيها نخوة وزهوا
تطلبه الدماء كل مطلب
لا بد للظالم من منقلب
فكم أدراها على المنون
وكم أراقها على الظنون
هذا الذي حمى أمية الكرى
كان أبو جعفر منه أنكرا
قد يقع الثعلب في الحباله
وتتقي الفراشة الذباله
أفنى الفضاء حيلة الخراسي
وعصفت رياحه بالراسي
3
وساقه الحين إلى الإمام
والنفس تستجر
4
للحمام
فجاءه في موكب مشهود
وفي مدارع من العهود
أريد بالداعي الردى وما درى
وكل غدار ملاق أغدرا
فمكنت منه سيوف الهند
وظفر الفرند بالفرند
أصيبت الدولة في غنائها
وسقط البناء من بنائها •••
الخلفاء ولد المنصور
وعصره الزاهي أبو العصور
إن استهلت بالدماء مدته
فما وقاها الهيج إلا شدته
ومن يقم بملكه الجديد
يقده بالحرير والحديد
لا ترج في الفتنة رفق الوالي
قد يدفع الحكام بالأحوال
انظر إلى أيامه النواضر
وظلها الوارف في الحواضر
عشرون في الملك رفقن أمنا
وفضن نعماء، وسلن يمنا
خلافة ثبتها قواعدا
ثم ترقى بالبناء صاعدا
أدر من صوب الغمام دخلا
على أشد الخلفاء بخلا
يخاف في مال العباد الله
ما تبع الدنيا ولا تلاهى
للسلم آلات وللحرب أهب
جماعهن في الممالك الذهب
وحول المنصور مجرى العهد
أخر عيسى وأقام المهدي
فكان في تقديمه الإصلاح
وفي بنيه الخير والفلاح
ولا تسل عن همة العقول
ونهضة المعقول والمنقول
وكثرة الناقل والمعرب
عن حكمة الفرس وعلم المغرب
واختط بغداد على التسديد
دارا لملك يسر مديد
كانت لأيام البهاليل سمه
ومهرجان ملكهم وموسمه
ينجم فيها النابغ السعيد
وينجب المقتبس البعيد
دولة الفاطميين
من جعل المغرب مطلع الضحى
وسخر البربر جندا للهدى
وصرف الأيام حتى أحدثت
ما كان في الأحلام أحلام الكرى
وأظفر الصابر بالنجح فيا
هزيمة اليأس ويا فوز الرجا!
ونقل الدولة في بيت الهدى
فلم تزل عن طنب إلا إلى
سبحانه الملك إليه وله
يؤتيه أو ينزعه ممن يشا •••
قام إمام من بني فاطمة
خليفة ثم تلاه من تلا
ما عجبي لملكهم كيف بني
بل عجبي كيف تأخر البنا
جدهمو لا دين دون حبه
وأمهم بالأمهات تفتدى
ومذ مضى مضطهدا والدهم
أصبح بالمضطهد اهتم الملا
أجلهم علية كل حقبة
وخصهم فيها السواد بالهوى
والفرس والترك جميعا شيعة
لهم يرون حبهم رأس التقى
فشهد الله لهم ما قصروا
القتل صبرا تارة وفي اللقا
1
كم ثار منهم في القرون ثائر
بالأمويين وبالآل الرضا
هذا الحسين دمه بكربلا
روى الثرى لما جرى على ظما
واستشهد الأقمار أهل بيته
يهوون في الترب فرادى وثنا
ابن زياد ويزيد بغيا
والله والأيام حرب من بغى
لولا يزيد بادئا ما شربت
مروان بالكأس التي بها سقى •••
وثار للثارات زيد بن علي
ابن الحسين ابن الوصي المرتضى
يطلب بالحجة حق بيته
والحق لا يطلب إلا بالقنا
فتى بلا رأي ولا تجربة
جرى عليه من هشام ما جرى
اتخذ الكوفة درعا وقنا
والأعزل الأكشف من فيها احتمى
من تكفه الكوفة يعلم أنها
لا نصر عند أهلها ولا غنا
سائل عليا فهو ذو علم بها
واستخبر الحسين تعلم النبا
فمات مقتولا وطال صلبه
وأحرقت جثته بعد البلى •••
على أبي جعفر ثارت فتية
ما أنصفوا والله في شق العصا
هم أهل بيت الحسن الطاهر أو
من شب من بيت الحسين ونما
أيطلبون الأمر والأمر لهم
قد قر في بيت النبي ورسا
يحمل عنهم همه وغمه
أبناء عم نجب أولو نهى
فليت شعري كان ذا عن حسد
أم بخله
2
بلغهم إلى القلى؟
محمد رأسهمو في يثرب
والقوم في الأطراف يذكون
3
القرى
وأمر إبراهيم في البصرة قد
زاد وكوفان كمرجل غلا
ملمة لو لم تصادف همة
لأودت الدولة في شرخ الصبا
قام إليها ملك مشمر
في النائبات غير خوار القوى
ساق إلى الدار خميسا حازها
وقتل المهدي عند الملتقى
وكان بين جيشه بأخمرا
وبين إبراهيم يوم ذو لظى
لم يصدق ابن الحسن النصر به
أصبح ضاحكا وأمسى قد بكى
مات بسهم عاشر لم يرمه
رام ولكن القضاء قد رمى
فلا تسل عن جيشه أين مضى
ولا تسل عن بيته ماذا التقى
هاربهم ليس يرى وجه الثرى
ولا يرى مسجونهم غير الدجى •••
وما خلا خليفة مسود
من طالبي يطلب الأمر سدى
يقتل، أو يزج في السجن به
أو يتوارى أو يبيده الفلا
يرجون بالزهد قيام أمرهم
والزهد من بعد أبيهم قد عفا
لو دامت الدنيا على نبوة
لكان للناس عن الأخرى غنى
تخلقوا نبذ المشورات فلا
ينزل منهم أحد عما يرى
من لا يرى بغيره وإن رأى
بعيني الزرقاء
4
كان ذا عمى
وقلما تخيروا رجالهم
إن الرجال كالفصوص تنتقى
قد خالف المأمون أهل بيته
حبا بأبناء الوصي وحبا
5
من أجلهم نضا السواد
6
ساعة
فقال قوم: خلع الوالي الحيا
ولو سها قواده وآله
لقلد العهد علي بن الرضا
فما خلت دولته من ثائر
قد قطع الطرق وعاث في الحمى
جيء بشيخ علوي زاهد
فقبل البيعة بعد ما أبى
تأمر باسمه وتنهى فتية
لحيته بينهم لمن لها
من أهل بيته ولكن فزعت
من جورهم وفسقهم أم القرى
ورب غاد مني الحج به
وخوف الخيف ولم يأمن منى
وكان زيد النار في أيامهم
والآخر الجزار عاث وعتا
فظهر الجند عليهم وانتهى
تائبهم إلى الإمام فعفا
فهؤلاء لم يشين غيرهم
سمع بنى حيدرة ولا زرى
من حظهم أن صادفوا خليفة
في قلبه لهم وللعفو هوى
ولم تزل تمضي القرون بالذي
أمضى مصرم القرون وقضى
حتى حبا الله بني فاطمة
ما مات دونه الأبوة العلا
ماطلهم دهرهمو بحقهم
حتى إذا ما قيل: لن يفي، وفى
ما لأوان لم يئن مقدم
ولا يؤخر الأوان إن أتى •••
سار إلى المغرب من شيعتهم
فتى غزير الفضل موفور الحجى
تشيعت
7
من قبله آباؤه
فرضع النية فيهم واغتذى
من أهل صنعاء ودون عزمه
ما صنعت من كل ماض ينتضى
وأين داع بسيوف قومه
وآخر أعزل شطته النوى
يصبح مطلوبا ويمسى طالبا
ما قعدت طلابه ولا ونى
يبشر الناس بهاد جاءهم
وأن مهدي الزمان قد أتى
حتى تملك العقول سحره
إن البيان نفثات ورقى
ولم يزل متبعا حيث دعا
للفاطمي ظافرا حيث غزا
مهما رمى بخيله ورجله
في بلد أذعن، أو حصن عنا
فلم يدع من عرب وبربر
ولم يغادر من صحارى وربى
أجلى بني الأغلب عن أفريقيا
عن الجنان والقصور والدمى
لابس أقواما، تحلى بالتقى
بينهمو وبالفضيلة ارتدى
قدوة أهل الدين إلا أنه
في أدب الدنيا المثال المحتذى
ثم رمى المغرب فاهتز له
وحث نحو سجلماسة الخطا
قاتلها نهاره حتى بدا
لأهلها الليل فلاذوا بالنجا
فجاء فاستخرج من سجونها
تبر خلال كان في الترب لقا
8
أتى به العسكر يمشي خاشعا
مكفكفا
9
من السرور ما جرى
وقال: يا قوم اتبعوا واليكم
هذا الخليفة ابن بنت المصطفى
وترك الملك له من فوره
وسار في ركابه فيمن مشى
انظر إلى النية ما تأتي به
والدين ما وراءه من الوفا
ولا تقل لا خير في الناس فكم
في الناس من خير على طول المدى •••
اضطلع المهدي بالأمر فما
قصر في أمر العباد عن هدى
وحمل الناس على الدين وما
يأمر من رشد وينهى عن عمى
انتظمت دولته أفريقيا
وارفة الظل خصيبة الذرا
وأصبحت مصر، وأمر فتحها
أقصى وأعصى ما تمنى واشتهى
كم ساق من جيش إليها فثنى
عسكره القحط ورده الوبا
وفتنة من الغيوب أومضت
قلبت المغرب في جمر الغضا
صاحبها أبو يزيد فاسق
يريد أمر الناس محلول العرا
وكل مال أو دم أو حرة
لناهب وسافك ومن سبى
يا حبذا المذهب لا يرفضه
من قعد الكسب به ومن غوى
مات عبيد الله في دخانها
وتعب القائم بالنار صلى
فضت ثغور وخلت حواضر
وأمر الطاغي عليها ونهى
بالمال والزرع وبالأنفس ما
أنسى الوباء والذئاب والدبا
10
ثم قضى محمد بغمه
والشر باق والبلاء ما انقضى
فلم تنل أبا يزيد خيله
ولا قنا له الكنانة القنا
ارتد عن مصر هزيما جنده
يشكو من الإخشيد مر المشتكى
واستقبل المنصور أمرا بددا
ودولة رثت وسلطانا وهى
نار الزناتي مشت على القرى
وغير السيف الديار ومحا
فكان في هوج الخطوب صخرة
وفي طريق السيل شماء الربا
مكافحا مقاتلا بنفسه
إن خاب لم يرجع، وإن فاز مضى
لم يأل صاحب الحمار
11
مطلبا
في السهل والوعر وسيرا وسرى
فأنقذ المدن وخلص القرى
وطهر الأرض من الذي طغى
وترك الملك سلاما لابنه
والأمر صفوا والأقاليم رضى
فتى كما شاءت معالي بيته
علما وآدابا وبأسا وندى
تقيل الأقيال من آبائه
وزيد إقبال الجدود والخطا
قد حسن الملك المعز وغدت
أيامه للدين والدنيا حلى
أحاط بالمغرب من أطرافه
ودان منه ما دنا وما قصا
جاءت من البحر المحيط خيله
تحمل منه الصيد حيا ذا طرا
حتى ربت وكثرت جموعه
ووفر المال لديه ونما
فاستحوذت مصر على فؤاده
وقبله كم تيمت له أبا
فاختار للفتح فتى مختبرا
معدنه، فكان جوهر الفتى
سيره في جحفل مستكمل
للزاد والعدة والمال الروى
12
فوجد الدار خلت واستهدفت
بموت كافور الذي كان وقى
فلا أبو المسك بها يمنعها
ولا بنو العباس يحمون الحمى
قد هيئت فتحا له لم يدعم
على دم الفتيان أو دمع الأسى
فإن يفت جوهر يوم وقعة
فكم له يوما بمصر يرتضى
اعتدل الأمر على مقدمه
وكان ركن الملك ميلا فاستوى
وجرت الأحكام مجرى عدلها
وعرف الناس الأمان والغنى
كم أثر لجوهر نفيسه
إلى المعز ذي المآثر اعتزى
الجامع الأزهر باق عامر
وهذه القاهرة التي بنى
وقل إذا ذكرت قصريه بها
على السدير والخورنق العفا
ودان أعلى النيل والنوب به
للفاطميين وقدموا الجزى
13
وخضع الشام ومن حياله
من آل حمدان فوارس اللقا
إلا دمشق اغتصبت ولم تزل
دمشق للشيعة تضمر القلى
وأتت الدار
14
بني فاطمة
وانتقل البيت إليهم وسعى
فصارت الخطبة فيهما لهم
والذكر في طهر البقاع والدعا
حتى إذا الملك بدا اتساقه
ونظم السعد لجوهر المنى
أتى المعز مصر في مواكب
باهرة العز تكاثر الضحى
واستقبل القصران يوما، مثله
ما سمع الوادي به ولا رأى
خزائن المغرب في ركابه
تباركت خزائن الله الملا
15
فاجتمع النيل على مشبهه
وغمر الناس سخاء ورخا
وابن رسول الله أندى راحة
وجوده إن جرح النيل أسا
الأرض في أكناف هذا أجدبت
وذا أزاح الجدب عنها وكفى
ولم يزل أبو تميم يشتهي
بغداد والأقدار دون ما اشتهى
حتى قضى عند مدى آماله
لو تعرف الآمال بالنفس مدى
انتقل الملك فكانت نقلة
من ذروة العز إلى أوج العلا
جرى نزار كمعد للمدى
كما جرت على العصية العصا
إن يك في مصر «العزيز»
16
إنه
من المحيط ملكه إلى سبا
المسرج الخيل نضارا خالصا
والمنعل الخيل يواقيت الوغى
لم يخل من جد بها أو لعب
من الميادين إلى حر الرحى
ملك جرى الدهر به زاهوا وما
أقصره ملاوة إذا رها
17
مضى كأيام الصبا نهاره
وكليالي الوصل ليله انقضى
كان العزيز سدة الفضل التي
انقلب الراجون منها بالحبى
لآل عيسى من ندى راحته
وآل موسى قبس ومنتشى
وكان مأمون بني فاطمة
كم كظم الغيظ، وأغضى، وعفا!
أودى فغاب الرفق واختفى الندى
وحجب الحلم وغيب الذكا
وحكم الحاكم مصر، ويحها!
قد لقيت من حكمه جهد البلا
أتعبها مختلط مختبل
يهدم إن ثار ويبني إن هدا
ولم تزل من حدث مسير
إلى فليل العزم واهن المضا
حتى خبا ضياء ذاك المنتدى
وعطل القصران من ذاك السنا
عفا بنو أيوب رسم ملكهم
وغادروا السلطان طامس الصدى
وجمعوا الناس على خليفة
من ولد العباس لا أمر ولا
سبحان من في يده الملك ومن
ليس بجار فيه إلا ما قضى •••
فيا جزى الله بنى فاطمة
عن مصر خير ما أثاب وجزى
وأخذ الله لهم من حاسد
في النسب الطاهر قال ولغا
خلائف النيل إليهم ينتمى
إذا الفرات لبني الساقي
18
انتمى
تلك أياديهم على لباته
مفصلات بالثناء تجتلى
كم مدن بنوا ودور شيدوا
للصالحات هاهنا وهاهنا
هم رفعوا الإصلاح مصباحا فما
من مصلح إلا بنورهم مشى
والكرم المصري مما رسموا
بمصر من بر وسنوا من قرى
وكل نيروز بمصر رائع
أو مهرجان ذائع هم الألى
19
هم مزقوا دروعهم براحهم
وكسروا بها الرماح والظبى
لا العرب استبقوا وهم قومهمو
ولا رعوا للمغربيين الولا
قد ملكوا الأبعد أمر بيتهم
وحكموه في العشائر الدنى
وأنزلوا السنة عن رتبتها
ورفعوا شيعتهم ومن غلا
وصيروا الملك إلى صبيانهم
فوجد الفرصة من له صبا
ازداد بغي الوزراء بينهم
وأصبحوا هم الملوك في الملا
خليفة الرحمن في زاوية
من الخمول، والوزير ابن جلا
Bilinmeyen sayfa