مزجت به راحي العتيقة فاغتدت ... لمبصرها كالشمس ما زجت القمر
درعت به قيظًا، وحقك، صابرًا ... فلاقاه منه الزمهرير فما صبر
فلا زلت يا بدر الملوك وعزها ... غياثًا لما يحيى به البدو والحضر
٨٤- أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن الطوبي الكاتب صاحب ديوان الإنشاء
عالم بالرسائل، جامع للفضائل، أربى في النحو على نفطويه. وفي الطب على [ابن] ماسويه، وكلامه في نهاية الفصاحة، وشعره في غاية الملاحة.
وله "مقامات" تزري "بمقامات البديع" وإخوانيات كأنها زهر الربيع، مع خط كالطرز المعلمة، والبرود المثمنة. وكان الشعر طوع عنانه، وخديم جنانه.
وفيه أقول من أبيات:
أيها الأستاذ في الط ... ب وإعراب الكلام
لك في النحو قياس ... لا يساميه مسام
ثم في الطب علاجٌ ... دافع الداء العقام
أنت في النثر البديه ... ي وفي النظم السلامي
فاضل الآباء والنف ... س عظامي عصامي
ومن شعر محمد بن الحسن قوله:
أخشى عليك الحسن يا من به ... أصبح كل الناس في كرب
ألا ترى يوسف لما انتهى ... في حسنه ألقي في الجب
وقال في صبي نصراني من نصارى الفرنج واسمه نسطاس:
أقول وقد مر نسطاس بي ... وقلبي فيه عذاب أليم
وقد ماس كالبان فوق الكثيب ... وأقبل يرنو بألحاظ ريم
لئن كان في النار هذا غدا ... فإني أحب دخول الجحيم
وله في الغزل:
يا قاسي القلب ألا رحمة ... تنالني من قلبك القاسي؟
جسمك من ماء فما لي أرى ... قلبك جلمودًا على الناس؟
أخاف من لين ومن نعمة ... عليك من ترديد أنفاسي
سبحان من صاغك دون الورى ... بدرًا على غصن من الآس
وقوله:
أي ورد يلوح من وجنتيه ... طار مني الفؤاد شوقًا إليه
فإذا رمت أجتنيه ثناني ... عنه وقع السيوف من مقلتيه
وقوله في العذار:
انظر إلى (حسن) وحُسن عذاره ... لترى محاسن تسحر الأبصارا
فإذا رأيت عذاره في خده ... أبصرت ذا ليلًا وذاك نهارا
وقوله في العذار:
قام عذري بعذاري ... هـ فما أعظم كربي
قلت لما أن تبدى ... نبته: سبحان ربي
أحرقت فضة خدي ... ك لكي تحرق قلبي
وقوله في غلام عرضت له بفيه حرارة:
قالوا بفيك حرارةٌ ... فعجبت كيف يكون ذاكا
ورضاب ريقك مطفئٌ ... نيران أقوام سواكا
وقوله في المعنى:
شكا لحرارةٍ في فيه أعيت ... معالجةً فبات لها كئيبا
وكيف يصح ذا ... تفديه نفسي
وبرد رضابه يطفي اللهيبا
وقوله:
ما لا مني قط فيه ... إلا الذي لا يراه
حتى يراه فيضحي ... مشاركي في هواه
وقوله:
بخدك آسٌ وتفاحةٌ ... وعينك نرجسةٌ ذابله
وريقك من طيبه قهوة ... فوجهك لي دعوة كامله
وقوله:
ومسقمي من طرفه ... بما به من سقم
أوما لتقبيل يدي ... فقلت: ما ذنب فمي؟
وقوله:
قسم الحسن على الخل ... ق ولكن ما أقله!!
فهو في الأمة تفصي ... لٌ وفي وجهك جمله
وقوله في غلام ناوله حصرمًا:
أتعبت قلبي بالصدو ... د وليس أيأس من وصالك
فخذ الدليل، فقد زجر ... ت لما أؤمل من نوالك
ناولتني من حصرم ... فرجوت نقلك عن فعالك
إذ كان يحمض أولًا ... وتراه يحلو بعد ذلك
وقوله:
يا سميي وحبيبي ... نحن في أمرٍ عجيب
اتفاق في الأسامي ... واختلاف في القلوب
وقوله: [وشبه أربعة بأربعة]،
فمه فيه لؤلؤ في شقيق ... فوقه خاتم له عقيق
وله في جفونه حد سيف ... مرهف الشفرتين عضبٍ رقيق
فإذا رمت أن أقبل فاه ... صد عما أريد خوف الطريق
وقوله في النحول:
يا من لجسم تقضى ... حراكه والسكون
فعاد شكلًا بسيطًا ... تزل عنه العيون
يخفى على الموت لطفا ... فما يكاد يبين
فلو تجسم يومًا ... تناولته المنون
وقوله في المعنى:
دق حتى لا تراه ... فهو كالمعنى الخفي
أو كما يهجس في الخا ... طر شيء غير شيء
1 / 26