Görkemli İnci
الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء
Yayıncı
مكتبة نزار مصطفى الباز
Yayın Yeri
الرياض
Türler
Siyaset ve Yargı
وَليكن عَمَلك للآخرة بِقدر لبثك فِيهَا، ولتكن جرأتك على الْمعاصِي بِقدر صبرك على النَّار، وَليكن خدمتك لمولاك بِقدر حَاجَتك إِلَيْهِ، وَليكن انفكاك رقبتك على النَّار بِقدر طَاعَتك وَإِذا اردت أَن تَعْصِي مَوْلَاك، فاختر موضعا لَا يراك.
لما حَان للخضر ومُوسَى ﵉ أَن يَتَفَرَّقَا، قَالَ: يَا مُوسَى، لَو صبرت عَليّ لأتيت على ألف عَجِيبَة كل أعجب مِمَّا رَأَيْت، فَبكى مُوسَى ﵇ على فِرَاقه، وَقَالَ للخضر: أوصني يَا نَبِي الله، فَقَالَ: يَا مُوسَى، اجْعَل همك فِي معادك، وَلَا تخض فِيمَا لَا يَعْنِيك، وَلَا تأمن الْخَوْف فِي أمنك، وَلَا تيأس من الْأَمْن فِي خوفك، وَلَا تذر الْإِحْسَان فِي قدرتك. قَالَ لَهُ مُوسَى ﵇: زِدْنِي - رَحِمك الله - فَقَالَ لَهُ الْخضر: إياك والإعجاب بِنَفْسِك، والتفريط فِيمَا بقى من عمرك، وهم من لَا يغْفل عَنْك. قَالَ لَهُ مُوسَى ﵇: زِدْنِي رَحِمك الله، فَقَالَ لَهُ الْخضر: إياك واللجاج، وَلَا تمش فِي غير حَاجَة، وَلَا تضحك من غير عجب، وابك على خطيئتك يَا ابْن عمرَان. فَقَالَ مُوسَى ﵇: قد بلغت فِي الْوَصِيَّة، فَأَتمَّ الله - تَعَالَى - عَلَيْك نعْمَته، وغمرك فِي رَحمته وكلأك من عدوه. فَقَالَ لَهُ الْخضر: آمين، فأوصني أَنْت يَا مُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى ﵇: إياك وَالْغَضَب إِلَّا فِي أَمر الله تَعَالَى. فَقَالَ لَهُ الْخضر: قد أبلغت فِي الْوَصِيَّة، فأعانك الله على طَاعَته، وحببك إِلَى خلقه، ووسع عَلَيْك من فَضله، فَقَالَ لَهُ مُوسَى ﵇: آمين. ثمَّ قَالَ لَهُ مُوسَى: يَا نَبِي الله من أجل أَي شَيْء أَعْطَاك الله الْحَيَاة من بَين الْعباد، فَلَا تَمُوت حَتَّى تسْأَل الله تَعَالَى ذَلِك، واطلعت على مَا فِي قُلُوب الْعباد؟ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى على الصَّبْر على مَعْصِيّة الله تَعَالَى وَالشُّكْر لله فِي نعْمَته، وسلامة الْقلب، لَا أَخَاف وَلَا أَرْجُو غير الله تَعَالَى يَا ابْن عمرَان. وَالله أعلم.
قَالَ النَّبِي ﵇: " ناجى مُوسَى ﵇ ربه فَقَالَ: يَا رب إِنِّي خفت من الْفقر، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وَمن سَكَرَات الْمَوْت وَمن أهوال الْقِيَامَة، قَالَ الله تَعَالَى: يَا مُوسَى، إِن خفت من الْفقر فَعَلَيْك بِصَلَاة الضُّحَى، وَإِن خفت من عَذَاب الْقَبْر، فَعَلَيْك بِرَكْعَتَيْنِ بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَإِن خفت من سَكَرَات الْمَوْت فَعَلَيْك بِقِيَام اللَّيْل، وَإِن خفت من أهوال الْقِيَامَة، فَعَلَيْك بإطعام الْمَسَاكِين ". وَالله الْمُوفق
1 / 243