Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Türler
إنزال الله ﷿ النعاس على المسلمين يوم بدر
ثم يقول الله تعالى: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ [الأنفال:١١].
هذا أمر عجيب! في ساعة المعركة من يستطيع أن يأتيه النعاس؛ فالنعاس معروف أنه لا يأتي الإنسان إلا وهو مطمئن، وإذا كنت في حالة خوف فإنه لا يأتيك النعاس، بل النوم لا ياتي أبدًا، وربما تسهر الليالي والأيام، ثم تبحث عن النوم وأنت قلق خائف فلا يأتي النوم أبدًا.
لكن المسلمين وهم هذا العدد القليل أصابهم النوم في ساعة المعركة، وليس نومًا معناه أنه غفلة عن المعركة، وإنما هو نعاس يهدئ الأعصاب؛ لأنهم سهروا في الليل في التهجد، وما سهروا على رقص وغناء وحفلات، كما نشاهده في عالمنا اليوم في أعياد ميلاد المسيح والكرسمس وما أشبه ذلك.
فهم سهروا في طاعة الله ﷿، ولما سهروا ما بين راكع وساجد لله ﷿ أراد أن يعطيهم النوم، ولكنه ليس نومًا يضيع عليهم الفرصة، وإنما هو نوم تطمئن فيه النفس، وتهدأ فيه الأعصاب، ويشعر المسلم إذا أصابه النعاس في مثل هذا الموقف أنه مطمئن، ولذلك لا يأتي النعاس -وهو مقدمة النوم- إلا بعد أن يطمئن هذا الإنسان على نفسه، فالله تعالى يقول: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران:١٢٦].
ويقول: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ﴾ [الأنفال:١١]، وفي قراءة (إذ يغشاكم النعاس)، يعني: سواء أن الله تعالى غشاهم النعاس أو النعاس غشيهم فهو بإرادة الله سبحانه تعالى، والغشيان التغطية، يعني: غطى كل واحد؛ حتى كان أحدهم في المعركة يشعر بالنوم، ثم ينتبه ويقول لجاره: كم عدد هؤلاء القوم؟ فيقول: هم بين السبعين والثمانين، فينظر العدو أيضًا إلى المسلمين فيقول: كم عدد أهل المدينة؟ فيقول صاحبه: هم ما بين المائة إلى السبعين، وكل واحد يقلله الله تعالى في عين الآخر؛ حتى تكون هذه المعركة، وحتى يبدأ هذا الصدام، وحتى لا يرجع أحدهم دون أن تكون معركة.
1 / 32