Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Türler
الشرط الرابع: عدم الإشراك بالله
العنصر الرابع من عناصر التمكين قوله: (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) فكما أن هناك عبودية فهناك توحيد بغير شرك أيًا كان هذا الشرك.
إذًا لا شرك لمخلوق حي ولا ميت، لا لضريح ولا لملك ولا لزعيم ولا لرئيس ولا لمشرع كما يقولون، ولا لصاحب قانون ولا لصاحب نظام مع الله ﷿، ولو كانت كل وسائل الهلاك والعذاب بيد هذا المخلوق؛ لأنها لا تفعل شيئًا إلا بإرادة الله ﷿ ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام:١١٢]، فهي مربوطة بإرادة الله ﷿ وبمشيئة الله ﷿.
إذًا الشرك بالله ﷿ أيًا كان هذا الشرك لا يجوز، سواء أكان شرك الأحياء كالذين يشرعون القوانين والأنظمة ويتقبلها البشر، وينسون أن الله تعالى يقول: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا﴾ [النساء:٦٠].
أم كان شرك الطاعة في معصية الخالق ﷾، كما قال الرسول ﷺ حينما أنزل الله ﷿: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة:٣١]، فقال عدي بن حاتم: (يا رسول الله! والله ما كنا نعبدهم.
قال: أليسوا يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله فتطيعونهم؟ قال: بلى قال: فتلك إذًا عبادتهم).
إذًا كلمة توحيد الله ﷿ تستلزم أن يقدم المسلم أوامر الله على أوامر المخلوقين، فإذا توافقت أوامر المخلوقين مع أوامر الله ﷿ فحينئذ نقبل أوامر المخلوقين ما دامت لا تتنافى مع أوامر الله ﷿، وإذا تنافت أوامر المخلوقين مع أوامر الله ﷿ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهب أنه جبار عنيد يبطش ويسجن ويقتل ويريق الدماء، كل ذلك لا يكون إلا بإرادة الله ﷿، وهنا يظهر التوحيد الصحيح، ولذلك يقول الله تعالى: (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) ولا تظن أنّ كلمة (شيئًا) حشو في القرآن، ليس في القرآن حشو، فكلمة (شيئًا) تعطينا معنىً جديدًا في الشرك الذي فهمه الناس فهمًا خاطئًا؛ لأن الناس يفهمون أن الشرك هو عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وأساف ونائلة من الأوثان التي عرفها الناس في التاريخ القديم، لكن كلمة (شيئًا) تفيد عموم الشرك من حب وبغض ودعاء واستعانة وغير ذلك من أمر الشرك؛ لأن جانب التوحيد وجانب الشرك دقيق وحساس يتأثر بأمور يسيرة.
يقول علماء اللغة: النكرة إذا جاءت بعد النفي تفيد العموم أي: أيُّ شيء من هذه الأشياء.
ولهذا دخل النار رجل في ذباب قربه لغير الله.
إذًا جانب التوحيد حساس ودقيق.
ولذلك أرى في أيامنا الحاضرة أن التوحيد في بعض الأحيان يضطرب، لاسيما حينما تكون هناك أوامر تصدر من المخلوقين ويتقبلها المخلوقون دون أن يعرضوها على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
وهناك خوف وخشية من غير الله ﷿، وتعظيم للمخلوق لا يرتبط بتعظيم الله ﷿، إلى غير ذلك من الأمور.
فكلمة (شيئًا) تعطينا هذا المعنى الذي لا يفهمه إلا قليل من الناس.
إذًا المراد: أي نوع من أنواع الشرك ممنوع.
6 / 7