Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Araştırmacı
الدكتور شوقي ضيف
Yayıncı
دار المعارف
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٣ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
ابْن أبي طَالب، فَقتل اللَّه عتبَة وَشَيْبَة والوليد وَسَلِمَ حَمْزَة وَعبيدَة وَعلي، إِلَّا أَن عُبَيْدَة ضربه عتبَة فَقطع رجله وَارْتُثَّ١ مِنْهَا فَمَاتَ بالصفراء. وَعَدَّلَ رَسُول اللَّه ﷺ الصُّفُوف، وَرجع إِلَى الْعَريش وَمَعَهُ أَبُو بكر، وَسَائِر أَصْحَابه بارزون لِلْقِتَالِ، إِلَّا سعد بن٢ معَاذ فِي قوم من الْأَنْصَار فَإِنَّهُم كَانُوا وقوفا على بَاب الْعَريش يحْمُونَ الرَّسُول ﷺ.
وَكَانَ أول قَتِيل قتل من الْمُسلمين مهجع٣ مولى عمر بْن الْخطاب أَصَابَهُ سهم فَقتله. وَسمع عُمَيْر بْن الْحمام رَسُول اللَّه ﷺ يحث على الْقِتَال ويرغب فِي الْجِهَاد وَيُشَوِّقُ إِلَى الْجنَّة وَفِي يَده تمرات يأكلهن فَقَالَ: بخ بخ أما بيني وَبَين أَن أَدخل الْجنَّة إِلَّا أَن يقتلني هَؤُلَاءِ. ثمَّ رمى بالتمرات وَقَاتل حَتَّى قتل.
ثمَّ منح اللَّه ﷿ الْمُسلمين النَّصْر وَهزمَ الْمُشْركين. وَانْقطع يَوْمئِذٍ سيف عكاشة بْن مُحصن، فَأعْطَاهُ رَسُول اللَّه ﷺ جذلا من حطب، وَقَالَ لَهُ: "دُونك هَذَا"، فَصَارَ فِي يَده سَيْفا لم يكد النَّاس يرَوْنَ مثله أَبيض كالملح. فَلم يزل عِنْده يُقَاتل بِهِ حَتَّى قتل فِي الرِّدَّة، ﵁.
وَكَانَت وقْعَة بدر يَوْم الْجُمُعَة لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان.
ثمَّ أَمر رَسُول اللَّه ﷺ بقتلى الْمُشْركين، فسحبوا إِلَى القليب ورموا فِيهِ وَضم٤ عَلَيْهِم التُّرَاب، ثمَّ وقف عَلَيْهِم فناداهم: "هَل وجدْتُم مَا وَعدكُم ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا" فَقيل لَهُ: يَا رَسُول اللَّه تنادي أَقْوَامًا أَمْوَاتًا قد جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: "مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكِن لَا يجيبون". وَمن هَذَا الْمَعْنى قَوْله ﷺ فِي الْمَيِّت إِذا دفن وَانْصَرف النَّاس عَنهُ: "إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ إِذا ولوا عَنهُ مُدبرين".
وَجعل رَسُول اللَّه ﷺ على الْأَنْفَال٥ عَبْد اللَّهِ بْن كَعْب بْن عَمْرو الْأنْصَارِيّ. ثمَّ
_________
١ ارتث: حمل من المعركة جريحا.
٢ وَاضح أَن سعد بن معَاذ كَانَ يَوْمئِذٍ من حرس الرَّسُول فِي الْعَريش، وَإِذن فَمَا سبق من أَن لِوَاء الْأَنْصَار كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ الْغَزْوَة يحْتَاج إِلَى شَيْء من التَّوَقُّف. وَرُبمَا حمله فِي الْمسير لَا فِي الْغَزْوَة نَفسهَا، فقد كَانَ فِيهَا يحرس رَسُول الله قَائِما على الْعَريش خشيَة أَن يكر الْعَدو عَلَيْهِ.
٣ قَالَ ابْن سعد: كَانَ أول من جرح من الْمُسلمين مهجع مولى عمر بن الْخطاب، وَكَانَ أول قَتِيل قتل من الْأَنْصَار حَارِثَة بن سراقَة وَيُقَال عُمَيْر بن الْحمام.
٤ فِي ابْن حزم: وطم عَلَيْهِم التُّرَاب.
٥ الْأَنْفَال: الْغَنَائِم.
1 / 106