Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Araştırmacı
الدكتور شوقي ضيف
Yayıncı
دار المعارف
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٣ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ *.
وَقبل رَسُول اللَّه ﷺ الْفِدَاء فِي الْأَسِيرين، فَأَما عُثْمَان بْن عَبْد اللَّهِ فَمَاتَ بِمَكَّة كَافِرًا، وَأما الحكم بْن كيسَان فَأسلم وَأقَام مَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اسْتشْهد ببئر مَعُونَة. وَرجع سعد وَعتبَة إِلَى الْمَدِينَة سَالِمَيْنِ.
صرف الْقبْلَة ١
وصرفت الْقبْلَة عَن بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة فِي السّنة الثَّانِيَة على رَأس سِتَّة عشر شهرا، وَقيل سَبْعَة عشر شهرا من مقدم رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَة، وَذَلِكَ قبل بدر بشهرين. وَقد ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِي الصَّلَاة بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة هَل كَانَت إِلَى الْكَعْبَة أَو إِلَى بَيت الْمُقَدّس؟ وَالرِّوَايَات بِالْوَجْهَيْنِ فِي كتاب التَّمْهِيد وَفِي كتاب الاستذكار٢. وَرُوِيَ أَن أول من صلى إِلَى الْكَعْبَة حِين صرفت الْقبْلَة عَن بَيت الْمُقَدّس أَبُو سعيد بْن الْمُعَلَّى، وَذَلِكَ أَنه سمع رَسُول اللَّه ﷺ يخْطب بتحويل الْقبْلَة، فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ إِلَى الْكَعْبَة.
_________
* قلت: فِي هَذَا الحَدِيث "أَي حَدِيث الْغَزْوَة" دَلِيل على تسويغ الِاجْتِهَاد فِي زَمَنه ﵇، فَإِن عبد الله بن جحش أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى قسْمَة الْغَنِيمَة كَمَا شَاءَ، وَتَخْصِيص الرَّسُول ﷺ بالخمس. فصوب الْحق اجْتِهَاده وأمضاه فَإِن قلت: كَيفَ أنكر النَّبِي ﷺ قَتلهمْ لمن قَتَلُوهُ فِي الشَّهْر الْحَرَام ثمَّ نزل الْقُرْآن بتصويب فعلهم؟ قلت: لم يصوب الْقُرْآن شَيْئا أنكرهُ الرَّسُول ﵇، وَلكنه قرر أَن الْقِتَال مُنكر كَمَا أنكرهُ الرَّسُول ﵇، وَلكنه قرر أَيْضا أَن فعل الْجَاهِلِيَّة أَشد نكرا. لِأَن فعلهم الْكفْر وَقطع الطَّرِيق على الْحجَّاج وإثارة الْفِتْنَة، فَقطع الله احتجاجهم على الْمُسلمين بِأَن الْجَاهِلِيَّة أولى بالإنكار وأجدر برد الْأَعْذَار وَالله الْمُسْتَعَان.
١ انْظُر فِي صرف الْقبْلَة ابْن هِشَام ٢/ ٢٥٧ وَابْن سعد ج١ ق٢ ص٣ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ٥/ ٩ وصحيح البُخَارِيّ ١/ ٨٤ والطبري ٢/ ٤١٥ وَابْن حزم ص١٠٦ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٣٠ وَابْن كثير ٣/ ٢٥٢ والنويري ١٦/ ٣٩٧.
٢ نقل ابْن سيد النَّاس الرِّوَايَات الْمَذْكُورَة واختلافها فِي أَن الرَّسُول كَانَ أول مَا صلى يسْتَقْبل الْكَعْبَة وَهُوَ لَا يزَال بِمَكَّة ثمَّ تحول عَنْهَا فِي الْمَدِينَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس. وَقيل إِنَّه تحول عَنْهَا وَهُوَ لَا يزَال بِمَكَّة. وَقيل بل كَانَ يُصَلِّي فِي مَكَّة مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس حَتَّى صرفه الله عَنهُ فِي الْمَدِينَة إِلَى الْكَعْبَة. وَاسْتحْسن ابْن عبد الْبر قَول من قَالَ أَنه كَانَ بِمَكَّة يصلى مُسْتَقْبل الْقبْلَتَيْنِ مَعًا يَجْعَل الْكَعْبَة بَينه وَبَين بَيت الْمُقَدّس انْظُر ابْن سيد النَّاس ١/ ٢٣٦.
غَزْوَة بدر الثَّانِيَة وَهِي أعظم الْمشَاهد فضلا لمن شَهِدَهَا ١ فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ بعد بعث عَبْد اللَّهِ بْن جحش بَاقِي رَجَب وَشَعْبَان. ثمَّ اتَّصل بِهِ فِي رَمَضَان أَن عيرًا لقريش عَظِيمَة، فِيهَا أَمْوَال لَهُم كَثِيرَة مقبلة من الشَّام إِلَى مَكَّة مَعهَا ثَلَاثُونَ٢ أَو أَرْبَعُونَ رجلا، رئيسهم أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب، وَفِيهِمْ عَمْرو بْن الْعَاصِ ومخرمة بْن نَوْفَل الزُّهْرِيّ. فندب رَسُول اللَّه ﷺ الْمُسلمين إِلَى تِلْكَ العير، وَأمر من كَانَ ظَهره٣ حَاضرا بِالْخرُوجِ. وَلم يحتفل ﷺ [فِي الحشد] لِأَنَّهُ أَرَادَ العير وَلم يعلم أَنه يلقى حَربًا. فاتصل بِأبي سُفْيَان أَن رَسُول اللَّهِ ﷺ قد خرج فِي طَلَبهمْ، فاستأجر ضَمْضَم٤ بْن عَمْرو الْغِفَارِيّ، فَبَعثه إِلَى مَكَّة مستصرخا لَهُم إِلَى نصر عيرهم. فَنَهَضَ إِلَى مَكَّة وهتف بهَا، واستنفر. فَخرج أَكثر أهل مَكَّة فِي ذَلِك النفير، وَلم يتَخَلَّف من أَشْرَافهم إِلَّا أقلهم. وَكَانَ فِيمَن تخلف من أَشْرَافهم أَبُو لَهب. وَخرج رَسُول اللَّهِ ﷺ من الْمَدِينَة لثمان٥ خلون من رَمَضَان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة عَمْرو٦ بْن أم مَكْتُوم العامري ليُصَلِّي بِالْمُسْلِمين. ثمَّ رد أَبَا لبَابَة من الروحاء٧ وَاسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة. وَدفع اللِّوَاء إِلَى مُصعب بْن عُمَيْر. وَدفع الرَّايَة: الْوَاحِدَة إِلَى عَليّ، وَالثَّانيَِة إِلَى رجل من الْأَنْصَار، وكانتا سوداوين. وَكَانَت راية الْأَنْصَار يَوْمئِذٍ مَعَ سعد بْن٨ _________ ١ انْظُر فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى أَو الثَّانِيَة ابْن هِشَام ٢/ ٢٥٧ والواقدي ص١١ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٦ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٣٥ والطبري ٢/ ٤٢١ وصحيح البُخَارِيّ ٥/ ٧٢ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٢٤ وَابْن حزم ص١٠٧ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٤١ وَابْن كثير ٣/ ٢٥٦ والسيرة الحلبية ٢/ ١٨٩ والنويري ١٧/ ١٠. ٢ فِي بعض المصادر أَنه كَانَ مَعَ أبي سُفْيَان سَبْعُونَ رجلا، وَأَن العير كَانَت تضم ألف بعير. ٣ ظَهره: بعيره. ٤ أحد أدلاء القوافل فِي الْجَاهِلِيَّة. ٥ هَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق، وَقَالَ ابْن سعد هَذَا الْخُرُوج كَانَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَان. ٦ وَيُسمى أَيْضا عبد الله بن أم مَكْتُوم. ٧ الروحاء: مَوضِع على نَحْو ثَلَاثِينَ ميلًا من الْمَدِينَة. ٨ قَالَ ابْن سعد: كَانَ لِوَاء الْخَزْرَج مَعَ الْحباب بن الْمُنْذر، ولواء الْأَوْس مَعَ سعد بن معَاذ.
غَزْوَة بدر الثَّانِيَة وَهِي أعظم الْمشَاهد فضلا لمن شَهِدَهَا ١ فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ بعد بعث عَبْد اللَّهِ بْن جحش بَاقِي رَجَب وَشَعْبَان. ثمَّ اتَّصل بِهِ فِي رَمَضَان أَن عيرًا لقريش عَظِيمَة، فِيهَا أَمْوَال لَهُم كَثِيرَة مقبلة من الشَّام إِلَى مَكَّة مَعهَا ثَلَاثُونَ٢ أَو أَرْبَعُونَ رجلا، رئيسهم أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب، وَفِيهِمْ عَمْرو بْن الْعَاصِ ومخرمة بْن نَوْفَل الزُّهْرِيّ. فندب رَسُول اللَّه ﷺ الْمُسلمين إِلَى تِلْكَ العير، وَأمر من كَانَ ظَهره٣ حَاضرا بِالْخرُوجِ. وَلم يحتفل ﷺ [فِي الحشد] لِأَنَّهُ أَرَادَ العير وَلم يعلم أَنه يلقى حَربًا. فاتصل بِأبي سُفْيَان أَن رَسُول اللَّهِ ﷺ قد خرج فِي طَلَبهمْ، فاستأجر ضَمْضَم٤ بْن عَمْرو الْغِفَارِيّ، فَبَعثه إِلَى مَكَّة مستصرخا لَهُم إِلَى نصر عيرهم. فَنَهَضَ إِلَى مَكَّة وهتف بهَا، واستنفر. فَخرج أَكثر أهل مَكَّة فِي ذَلِك النفير، وَلم يتَخَلَّف من أَشْرَافهم إِلَّا أقلهم. وَكَانَ فِيمَن تخلف من أَشْرَافهم أَبُو لَهب. وَخرج رَسُول اللَّهِ ﷺ من الْمَدِينَة لثمان٥ خلون من رَمَضَان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة عَمْرو٦ بْن أم مَكْتُوم العامري ليُصَلِّي بِالْمُسْلِمين. ثمَّ رد أَبَا لبَابَة من الروحاء٧ وَاسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة. وَدفع اللِّوَاء إِلَى مُصعب بْن عُمَيْر. وَدفع الرَّايَة: الْوَاحِدَة إِلَى عَليّ، وَالثَّانيَِة إِلَى رجل من الْأَنْصَار، وكانتا سوداوين. وَكَانَت راية الْأَنْصَار يَوْمئِذٍ مَعَ سعد بْن٨ _________ ١ انْظُر فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى أَو الثَّانِيَة ابْن هِشَام ٢/ ٢٥٧ والواقدي ص١١ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٦ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٣٥ والطبري ٢/ ٤٢١ وصحيح البُخَارِيّ ٥/ ٧٢ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٢٤ وَابْن حزم ص١٠٧ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٤١ وَابْن كثير ٣/ ٢٥٦ والسيرة الحلبية ٢/ ١٨٩ والنويري ١٧/ ١٠. ٢ فِي بعض المصادر أَنه كَانَ مَعَ أبي سُفْيَان سَبْعُونَ رجلا، وَأَن العير كَانَت تضم ألف بعير. ٣ ظَهره: بعيره. ٤ أحد أدلاء القوافل فِي الْجَاهِلِيَّة. ٥ هَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق، وَقَالَ ابْن سعد هَذَا الْخُرُوج كَانَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَان. ٦ وَيُسمى أَيْضا عبد الله بن أم مَكْتُوم. ٧ الروحاء: مَوضِع على نَحْو ثَلَاثِينَ ميلًا من الْمَدِينَة. ٨ قَالَ ابْن سعد: كَانَ لِوَاء الْخَزْرَج مَعَ الْحباب بن الْمُنْذر، ولواء الْأَوْس مَعَ سعد بن معَاذ.
1 / 102