Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Araştırmacı
الدكتور شوقي ضيف
Yayıncı
دار المعارف
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٣ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
بِسُفْرَتِهِمَا١، وَكَانَتْ قَدْ شَقَّتْ نِطَاقَهَا فَرَبَطَتْ بِنِصْفِهِ السُّفْرَةَ، وَانْتَطَقَتِ النِّصْفَ الآخَرَ، وَمِنْ هُنَا سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ*.
فَرَكِبَا الرَّاحِلَتَيْنِ، وَأَرْدَفَ أَبُو بَكْرٍ عَامِرَ٢ بْنَ فُهَيْرَةَ، وَحَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ نَفْسِهِ جَمِيعَ مَالِهِ، وَذَلِكَ نَحْوُ سِتَّةِ آلافِ دِرْهَمٍ**. فَمَرُّوا فِي مَسِيرِهِمْ بِنَاحِيَةِ مَوْضِعِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْثُمٍ. [فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَعَلِمَ أَنَّهُمُ الَّذِينَ جَعَلَتْ فِيهِمْ قُرَيْشٌ مَا جَعَلَتْ لِمَنْ أَتَى بِهِمْ] ٣ فَرَكِبَ فَرَسَهُ، وَتَبِعَهُمْ، لِيَرُدَّهُمْ بِزَعْمِهِ. فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَعَا عَلَيْهِ، فَسَاخَتْ يَدَا فَرَسِهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ، فَأَتْبَعَ يَدَيْهِ دُخَانٌ. فَعَلِمَ أَنَّهَا آيَةٌ، فَنَادَاهُمْ: قِفُوا عَلَيَّ وَأَنْتُمْ آمِنُونَ. فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى لَحِقَ بِهِمْ. ثُمَّ هَمَّ بِهِ فَسَاخَتْ يَدَا فَرَسِهِ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ لَهُ: ادْعُ اللَّهَ لِي فَلَنْ تَرَى مِنِّي مَا تَكْرَهُ. فَدَعَا لَهُ، فَاسْتَقَلَّتْ فَرَسُهُ، وَرَغِبَ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا٤، فَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ، فَكَتَبَ٥ لَهُ ***.
_________
= وَفِي الْمُسْتَقْبل مَا دفع الْحزن، بل الْوَاقِع فِي الِاسْتِقْبَال الطُّمَأْنِينَة والسكينة والفرح. [و] ورد عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت عَن أَبِيهَا فِي يَوْم الْهِجْرَة حِين علم من الرَّسُول أَنه مهَاجر مَعَه: مَا علمت أَن أحدا يبكي من شدَّة الْفَرح حَتَّى رَأَيْت أَبَا بكر "حِينَئِذٍ" يبكي من شدَّة الْفَرح. ثمَّ كَانَ من آثَار الْمَعِيَّة الإلهية لرَسُول اللَّه ﷺ وَأبي بكر أَنه يُقَال إِلَى الْأَبَد: قَالَ رَسُول الله، وَقَالَ خَليفَة رَسُول الله. فَالله يذكر مَعَهُمَا وَلَيْسَ ذَلِك لأحد غَيرهمَا.
١ السفرة: الزَّاد.
* قلت: النطاق فِي اللُّغَة كالإزار: ثوب تلبسه الْمَرْأَة، ثمَّ تشد وَسطهَا، ثمَّ ترسل الْأَعْلَى على الْأَسْفَل. قَالَ الْهَرَوِيّ: وَبِه سميت أَسمَاء ذَات النطاقين، لِأَنَّهَا كَانَت تطارق بَين نطاقين مُبَالغَة. وَقيل: بل كَانَت تلبس أَحدهمَا، وَتحمل الزَّاد لرَسُول اللَّه ﷺ فِي الآخر إِلَى الْغَار. وَالتَّفْسِير الَّذِي ذكر فِي السِّيرَة "النَّبَوِيَّة" قريب من هَذَا.
٢ فِي ر: مَعَ عَامر.
** رَاحِلَة النَّبِي ﷺ الَّتِي اشْتَرَاهَا من أبي بكر هِيَ الجدعاء، وَهِي غير العضباء. وَجَاء فِي حَدِيث أَنه ﵇ ذكر أَن نَاقَة صَالح تحْشر مَعَه -أَي فَيركبهَا وَالله أعلم- فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَأَنت على العضباء، فَقَالَ: "لَا فَاطِمَة على العضباء وَأَنا على الْبراق، وَهَذَا -وَأَشَارَ إِلَى بِلَال- على نَاقَة من نُوق الْجنَّة" [انْظُر الرَّوْض الْأنف ٢/ ٣] . وَاعْلَم أَن العضباء اسْم علم وَلم تكن معضوبة الْأذن.
٣ زِيَادَة من ر.
٤ كتابا: أَي كتاب أَمن، وَكَأَنَّهُ وَقع فِي نفس سراقَة أَن سَيظْهر أَمر الرَّسُول، وَكَانَ لقاؤه لَهُ -كَمَا قَالَ أَصْحَاب السّير- بِقديد، إِذْ اتخذ الرَّسُول إِلَى الْمَدِينَة طَرِيق السَّاحِل.
٥ فِي بعض الرِّوَايَات أَن الَّذِي كتب لَهُ هَذَا الْكتاب عَامر بن فهَيْرَة.
*** أصل الجعثم [يُشِير إِلَى اسْم جد سراقَة] لُغَة المنتفخ. وَيُقَال: إِنَّه ﵇ وعد سراقَة حِينَئِذٍ أَن يلْبسهُ الله تَاج كسْرَى وسواريه، فَعجب من ذَلِك، فأنجز الله وعده على يَد عمر ﵁، وَذَلِكَ أَن عَامله على الْمَدَائِن وجد فِيهَا صنما فِي بعض بيُوت كسْرَى عاقدا صُورَة وَاحِد وَأَرْبَعين مُشِيرا بِأُصْبُعِهِ إِلَى الأَرْض. فَقَالَ: مَا هَذِه الْإِشَارَة إِلَّا لشَيْء، فاحتقر تَحْتَهُ، فَإِذا سفط فِيهِ تَاج كسْرَى وسواراه وَنَحْو ذَلِك. فَبعث بِهِ إِلَى عمر مَخْتُومًا، وَقَالَ: هَذَا مِمَّا لم يُؤْخَذ =
1 / 82