229

Durar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Araştırmacı

الدكتور شوقي ضيف

Yayıncı

دار المعارف

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٠٣ هـ

Yayın Yeri

القاهرة

أوجدتم يَا معشر الْأَنْصَار فِي أَنفسكُم فِي لُعَاعَةٍ١ من الدُّنْيَا تألفت بهَا قوما ليسلموا ووكلتكم إِلَى إيمَانكُمْ، أَلا ترْضونَ يَا معشر الْأَنْصَار أَن يذهب النَّاس بِالشَّاة وَالْبَعِير وترجعوا برَسُول اللَّه إِلَى رحالكُمْ؟ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرَءًا من الْأَنْصَار، وَلَو سلك النَّاس شعبًا وسلكت الْأَنْصَار شعبًا٢ لَسَلَكْت شعب الْأَنْصَار. اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَار وَأَبْنَاء الْأَنْصَار وَأَبْنَاء أَبنَاء الْأَنْصَار". قَالَ: فَبكى الْقَوْم حَتَّى أخضلوا٣ لحاهم، وَقَالُوا: رَضِينَا برَسُول اللَّه ﷺ قسما وحظا، فَانْصَرف رَسُول اللَّه ﷺ وَتَفَرَّقُوا. وَرُوِيَ أَن قَائِلا قَالَ لرَسُول اللَّه ﷺ: يَا رَسُول اللَّه أَعْطَيْت عُيَيْنَة بْن حصن والأقرع بْن حَابِس، وَتركت جعيل بْن سراقَة الضمرِي؟ فَقَالَ رَسُول الله: "وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بْن سراقَة خير من طلاع ٤ الأَرْض مثل الْأَقْرَع وعيينة وَلَكِنِّي تألفتهما ليسلما ووكلت جعيلا إِلَى إِسْلَامه". وَكَانَ هَذَا الْقسم بالجعرانة. وروى أَبُو الزبير وَغَيره عَن جَابر، قَالَ: بصرت عَيْنَايَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بالجعرانة، وَفِي ثوب بِلَال فضَّة، وَرَسُول اللَّه ﷺ يقبض وَيُعْطِي النَّاس.

١ اللعاعة: بقل أَخْضَر ناعم شبه بِهِ مَتَاع الدُّنْيَا، وَأَنه قَلِيل لَا يَدُوم. ٢ الشّعب: الطَّرِيق بَين جبلين. ٣ أخضلوا لحاهم: سكبوا عَلَيْهَا دموعهم. ٤ طلاع الأَرْض: مَا يطلع مِنْهَا، كِنَايَة عَن عدم رسوخهم فِي الْإِسْلَام. ٥ كَانَ ذَلِك لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لاثنتى عشرَة لَيْلَة مَضَت من ذِي الْقعدَة. والجعرانة: مَاء بَين الطَّائِف وَمَكَّة.

1 / 236