Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Araştırmacı
الدكتور شوقي ضيف
Yayıncı
دار المعارف
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٣ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
* قلت: وَكَانَ حييّ هَذَا وَأَخُوهُ "أَبُو" يَاسر بن أَخطب من أَشد الْيَهُود عَدَاوَة للْمُسلمين، وتربصا بهم الدَّوَائِر. وهما اللَّذَان حسبا بِحِسَاب الْجمل الْحُرُوف الَّتِي "فِي" أَوَائِل السُّور فَأبْطل الله حسابهما وَعجل عذابهما. وضجع "ضعف" السُّهيْلي فِي إبِْطَال الْحساب الْمشَار إِلَيْهِ. وَهُوَ من المجوزات الْعَقْلِيَّة. وَحسب هُوَ عدد الْحُرُوف الْأَرْبَعَة عشر "الَّتِي جَاءَت فِي أَوَائِل السُّور" فَقَالَ جُمْلَتهَا تِسْعمائَة وَثَلَاث. وَغلط فَإِنَّهُ حسب السِّين بثلاثمائة وَإِنَّمَا هِيَ بستين على زعم أهل هَذَا الْحساب، وَحسب الضَّاد بستين وَإِنَّمَا هِيَ بتسعين، وَفِي حَدِيث عَن بعض بني الْعَبَّاس، قَالَ: سُئِلَ النَّبِي ﷺ عَن عمر الْأمة: فَقَالَ: "إِن أساءت أمتِي عمرت نصف يَوْم أَي خَمْسمِائَة سنة! وَإِن أَحْسَنت عمرت يَوْمًا أَي ألف سنة! " فَإِن صَحَّ هَذَا فَهِيَ إِن شَاءَ الله محسنة، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ﴾ . [انْظُر الرَّوْض الْأنف ٢/ ٣٥] . * * قلت: اللّحن: أَصله الْعُدُول عَن طَرِيق الصَّوَاب وَهُوَ ضد النَّحْو فَإِنَّهُ قصد الطَّرِيق الصَّوَاب، وَالْمرَاد هَا هُنَا: تكلمُوا بِكَلَام يفهم مِنْهُ الْغَرَض وَلَا يفهمهُ غَيرنَا. وَهَكَذَا المعاريض والتورية، وَهُوَ أصل فِي جَوَاز الْكِنَايَة بالمظنات وبالمرجمات. وَيحْتَاج الْمَرْء إِلَى ذَلِك إِمَّا دينا أَو دنيا حَيْثُ يحْتَاج إِلَى الكتمان. وعَلى هَذَا حمل قَوْله: منطق صائب وتلحن أَحْيَا ... نَا وَخير الْكَلَام مَا كَانَ لحنا أَي توري فِي كَلَامهَا وَتعرض. وَبِهَذَا فسره الْحجَّاج بن يُوسُف لامْرَأَته هِنْد بنت أَسمَاء، وَكَانَت أُخْت هَذَا الشَّاعِر مَالك بن أَسمَاء. وَبلغ الحَدِيث الجاحظ وَقد فسر الْبَيْت فِي كتاب الْبَيَان "والتبيين" بِأَن المُرَاد باللحن الْخَطَأ فندم، واعترف بِأَنَّهُ أَخطَأ، فَقيل لَهُ: هلا تغيره؟ فَقَالَ "كَيفَ؟ " قد سَارَتْ بِهِ البغال الشهب وأنجد "فِي الْبِلَاد" وغار. وَفِي الحَدِيث مَا يدل على أَنه لَا يجوز التخذيل وَلَا إِشَاعَة الْأَخْبَار الموهنة للْمُسلمين وَإِن كَانَت صَحِيحَة، بل تطوى ﴿وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا﴾ وَالله أعلم "انْظُر الرَّوْض الْأنف ٢/ ١٩٠".
1 / 172