Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Araştırmacı
الدكتور شوقي ضيف
Yayıncı
دار المعارف
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٣ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
الْمُسلمين يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول اللَّهِ ﷺ واستلوت طَائِفَة على الْعَسْكَر والنهب. فَلَمَّا نفى اللَّه الْعَدو وَرجع الَّذين طلبوهم قَالُوا لنا النَّفْل، نَحن طلبنا الْعَدو، وبنا نفاهم اللَّه وَهَزَمَهُمْ. وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول اللَّه ﷺ: مَا أَنْتُم أَحَق بِهِ منا، بل هُوَ لنا، نَحن أَحدقنَا برَسُول اللَّه ﷺ لِئَلَّا ينَال الْعَدو مِنْهُ غرَّة. وَقَالَ الَّذين استلووا [على] الْعَسْكَر والنهب: مَا أَنْتُم أَحَق بِهِ منا، هُوَ لنا، نَحن حويناه واستلوينا عَلَيْهِ. فَأنْزل اللَّه ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين﴾ . فَقَسمهُ رَسُول اللَّه ﷺ عَن فوَاق بَينهم.
قَالَ أَبُو عمر: قَالَ أهل الْعلم بِلِسَان الْعَرَب: استلووا: أطافوا وأطاحوا، يُقَال: الْمَوْت مستلو على الْعباد. وَقَوله: فَقَسمهُ عَن فوَاق يَعْنِي عَن سرعَة. قَالُوا: والفواق: مَا بَين حلبتي النَّاقة، يُقَال: انتظره فوَاق نَاقَة أَيْ هَذَا الْمِقْدَار. ويقولونها بِالْفَتْح وَالضَّم: فَوَاق، فُوَاق.
وَكَانَ هَذَا قبل أَن ينزل: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأن لله خمسه ...﴾ الْآيَة.
وَكَانَ الْمَعْنى١ عِنْد الْعلمَاء: أَي إِلَى اللَّه وَإِلَى الرَّسُول الحكم فِيهَا وَالْعَمَل بهَا بِمَا يقرب من اللَّه.
وَذكر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَبِي الأَشْدَقِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الأَنْفَالِ٢، فَقَالَ: فِينَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفَلِ وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلاقُنَا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى الرَّسُولِ. فَقَسمهُ رَسُول اللَّه ﷺ عَنْ بَوَاءٍ، يَقُولُ عَلَى السَّوَاءِ. فَكَانَ [فِي] ذَلِكَ تَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ وَإِصْلاحُ ذَات الْبَين.
_________
١ الْمَعْنى: أَي معنى آيَة: ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال﴾ .
٢ الْأَنْفَال: أَي سُورَة الْأَنْفَال. وَفِي ذَلِك مَا يدل على أَن آيَة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم﴾ لم تنزل عقب سَرِيَّة عبد الله بن جحش كَمَا قد يتَبَادَر من رِوَايَة نُزُولهَا عَقبهَا كَمَا مر بِنَا، وَإِنَّمَا نزلت بعد غَزْوَة بدر الْكُبْرَى.
1 / 108