الفصل الأول
أولًا:
في ذكر قبائل اليمن وبيانهم
وتشخيص المرجلين منهم وفرسانهم.
منهم ساكني حضرموت وهم: بنو تميم الذين لا يفوتهم في مطالبهم فوت ذوو الشجاعة والأقدام والمنازلة للحروب والصدام، فوارسهم ألف ويزيد وراجليهم أربعة آلاف شاكية السلاح معتمدون طريحهم لا يرجى انتعاشه ومشكيهم لا يؤمل انتعاشه. ومنهم المعرفون بآل كثير ذوو الإقدام الغثير والخيل المعدودة ألف سنابكها، ولراكد النقيع تثير، ورجالهم المعدودون للحماية عددهم ألف وخمسمائة والمشار إليهم أطول باعا في الكرم، وأوفر صيانة للحرم، أكفهم مبسوطة، وجيادهم مربوطة، وضيوفهم محمولة، وسيوفهم مغلولة لا يزعجهم ضدهم، ولا الموت عن مرام يصدهم أولئك المجد عليهم أفوض، وأجتارهم في المكرمات أطول وأعرض.
ومنهم " بنو نهد " ذو العز والمجد والوفاء بالعهد النازلون من العلياء، ارفعها والتاركون مآونيهم بأوصافها، ثم الأنوف كرام الأنفس الآخذين من الثناء الأنفس، باعهم في المجد أطول باع وبقاعهم في الأرض من سائر البقاع أسود إذا كروا رماة إذا فروا جيادهم خمسمائة عددها ألف من الرماة مددها، نعم الكرام إذا انزلوا، ولكن الويل إذا نوزلوا، أحلام إذا غضبوا، أعلام إذا نصبوا، معاولهم أميل ومطاعتهم أعزل، تقول السنة الهجاء والفرسان ناطقة في شأنهم إلا أنهم هم الشجعان.
ومنهم " بنو جعدة " ذوو البأس والشدة والغياث والنجدة جيرانهم محبوبة، ونيرانهم مشبوبة، قاصدهم لا يضل وحاسدهم لا يثل إذا حيل داعي الحرب الزيون أجابته كماة تنذر بوقع المنون كتائبهم خمسمائة فارس، ونصرتها من الراجلين ألف فارس، ذوو صبابة للحرب وكآبة للطعن والضرب، شعارهم الغضب ولكن في الحروب، ودثارهم " اليلب " المعدود لتفريج الكروب.
وهؤلاء أقدم، كما أن وباد رزهم أحجم.
منهم المعروفون بأدهم ذو العز المبهم والحصان الأدهم الذين هم ساق الحرب إذا قامت وغياث السنون إذا صامت النازلين في الهيجاء أيمنها والآخذين من العلياء أثمنها، المنفقى سلع الجود والمنفقى من الموجود، وما ذاك إلا أنهم أحزم، وأتباعهم هذا الصراط في الحقيقة الزم، فكما سلكوا هذه الطريقة المستقيمة وملكوا بطباعهم هذه الشريعة القديمة، جلوا بميادين الحرب قرح، ومالوا لتعاطي الموت فيها كما يتعاطى القدح، وأما عددهم فرسانًا، وتشخيصهم إنسانًا فإنسانًا، فألف ومائتان وألف وخمسمائة إنسان، وأعظم سيرهم في المهمات وأن منهم لمن يشتري الموت بالحياة.
ومنهم الملقبون " الصيعريون " الذين هم في المكرمات سابقون فأوفى أحد بمدحهم ولا وهن زند بقدمهم، ولا خاب آمالهم ولا أغفى على صفقه المغبون عاملهم، قد شمل جودهم العباد وأحيي نداهم السنة الجماد، صدورهم رحاب وأكفهم سحاب ومنادى صريعهم لا يجاب، قد نزلت الحرب عليهم فعجلوا ثراها وأقبلت الكرب إليهم فغصموا عراها يسعدهم على تفريق شمل الأضداد، ألف وخمسمائة رجل وثمانمائة من الصافنات الجياد، شبوا في الحرب وشابوا وخبّوا في طلب العلياء، وما خابوا أحلامهم كالأعلام وأطفالهم كالبدور، ولكن إذا جن، الظلام فيالله فضل جوده، وبيت فخر شيلات لهم إطنابه وما بنوه.
ثانيًا:
فصل في ذكر قبائل صنعاء
فمنهم المعروفون بذوي حسين القائمون في اليمن مقام الناظر من العين الذين هم بقية الناشد وضالة الفاقد ذوو الجياد السوابق والرماة الرواشق، جيادهم ثلاثة آلاف ورماتهم خمسة آلاف ومن ذلك أصناف، قد قنع محاربهم بالأدبار وجعله أعظم وسائله الواقية عن العطب لو كان ينفعه الأدبار ما بات جار لهم باهتًا ولا أصبح نار لهم خافتًا، تقلبوا في أعطاف الحيل وانقلبوا بالظفر في أبهى الحلل كم باشروا المصاعب بذعاف الكتائب حتى ثنوها خائبة السعي لا يولها حريب ولا مصاحب ومنهم ذروة المجد، " ذوو محمد " الآخذين الفخر على أقرانهم تعمد الباسطين أكفهم للسائل والواهبين أموالهم قبل المسائل سادوا فجادوا وأبدوا العز فما أعادوا، وأعلوا فباد الحرب لمصادمهم.
وشادوا، جيادهم ألفان، ورحالهم خمسة آلاف ومائتين. قد اكتفوا بمدد السيوف عن عدد الألوف، واسقطوا معانديهم بأقداح المنايا كأس الحقوف، ومع ذلك الشجاعة والتجاوز لهذه البراءة، حلوا بمنازل العفو والصفح وألزموا أنفسهم الأبية عن طريق الخنا مسالك الوفاء والمنح.
1 / 1
وسأقصر في شرح فضلهم لأني لست مدرك إثبات جميع فعلهم.
ومنهم " السلاطين " الآخذين القضاء قسرًا والمتعاطون القول في هؤلاء الطائفة التي سلبت أزاهر المجد ولطائفه.
أنهم أكرم من الرياح إذا هبت وأندى من السحاب إذا صبت وأشجع من السود عند استبسالها، وأدفع الكرب للمنجود من القوس لنبالها، وردوا المكارم فأبن حاتم وبعثوا العزائم فكم قامت ما أكتم ما فيهم سوى متقلدًا هندية ومعتقلًا سمهرية فوارس عددها ثلاثة آلاف وثلاثة آلاف منبدق بين مخيف ومخوف، طوبى لما لمهم، وأف وقف لمقاومهم لو قلت أنهم أعلام على أطوار لا صبت أو ملت أنهم من بقايا قوم عاد لما كذبت، نعم.
ومنهم " النوى " ذوو الشرف للمكرمات والجوى الساكنين من الأراضي أنجدها والمدركين من الغابات أمجدها لا عيب فيهم سوى أنهم لا يتبعون معروفهم عقولهم قد عظمت وأمورهم قد نظمت ما من دجى ينجلي أو صباح يجتلى إلا ومناديهم.
يا طالب الغوث والأنجادي ... أقبل فنحن لك منجاء
ومن تصاريف المتون ملجأ، ألف فوارسنا وألفان رجل تجانسنا، فأطرح رهبك من ضدك، واسأل جميع حوائجك فلا تردك فكيف يدرك هؤلاء الأمجدين من طمع في حقوقهم إلى يوم الدين، قلت أما هؤلاء فكرام، وأما الطمع في لحوقهم فحرام.
ومنهم القبيلة " الصبحية " ذوو الفضائل والحمية الشاهد بفضلهم أضدادهم والعاجز اللسن البليغ عن تعدادهم، ذوو الهبات السنية والشيمة العربية والأنفس الكرام في طباعها.
والحاوية لمسالك الحمية بإجماعها، كم فرقوا من مصيبة، وكم أرهقوا من كتيبة وأسالوا البطاح بالدم النجيع حتى اسقوا مبارزيهم السم النقيع، هذا وعدد فوارسهم ألفان وأما الشاكون السلاح منهم على أقدامهم سعة بالعدد زائدة ثمانون لا يولون أدبارهم ولا تقاس بنار المتكرمين نارهم صانوا أعراضهم عن دنس الملام، وخلوا بين أجسامهم النواعم وبين الصائبات من السهام، ومنهم قبائل لم يفصح عنهم الراوي ولا يحوي عددهم على اختلاف طبقاتهم حامي، اقتصرت منهم على هؤلاء المرقومين، واكتفيت بالتلويح عن التصريح، والتبين فللناظر في هذه الطوائف المتصلة كنسف الكعوب والرافضة مسالك اللوم عن أعراضها، ودنس الجيوب أن ينظر بصفاء البديهة نظر الوامق، وأن يعيش بعين بصيرته اللاحق منهم بالسابق وهؤلاء كلهم في قبضة الملك السعيد السديد والأغر الفريد الذي لم يسمح الواصفون بتكميل وصفه، ولا حكت الجون الغوادي في النوال شابيب كفه تاج الملوك وأسماها وأقدمها إلى الذرة العلياء واسناها، الفارج الكرب العظيم بمثله، والقاطع لزلات الزمان بعدله، رب الفضائل ومنشيها والمضرم نيران الحروب وغاشيها، الذي يهوى معذرة الدهر لذوي الإملاق والمتبع هممه بعزائم ما أدرك بصنعها في الحقيقة رب الطاق، القول فيه أنه رحمة للعاملين، وحجة قاطعة على المبطلين، فضائله لا تحصر، وغصون كتائبه في الحروب لا تهصر. كم من عزائم عزمها، وكتائب لم يهزمها ريب المنون هزمها، تاهت لياليه على سائر الأيام، وأشرقت بعد غروب الجونة عزته، فأين جنح الظلام خدمته السعود بطولها وأنشدته الليالي الحوالك بقولها:
لقد حسنت بك الأيام ... حتى كأنك في فم الدهر ابتسام
كم صدحت في الأيك بلابل سعده وأنشد عندليب مكرماته على أفنان بساتين علاه ومجده، فأصغت لذلك العندليب المسامع.
وخابت المساعي في العمل فرد أبعدها أدناها أتهم في الجود وأنجد وقرب ذوى الفضل والدناءة ابعد. منصف المظلوم من الغاشم كيف لا وهو من سلالة هاشم، مالك الفضل ووراثة، وواجد المعروف وحادثة، سجدت لمدائن لمدينته، وتحلت صنعاء اليمن يوم سورها بزينته بلد أوصافها ممنوعة وأغصانها موضوعة وفضائل غيرها بها مجموعة، هواءها النسيم وماؤها التنسيم، برزت في غلائلها، فغالت القلوب وأحرزت الضد في ثمائلها فغادرت، كل ضد إلى ضده مصحوب، خيزلت أقرانها بمشيتها وافتخرت على سائر الأقطار بوشيها أن مآست باعتلال الطرف ونحرها جاست خلال الديار بسحرها، عاشتها ممنوع الوصال، ووعدها أكذب من طيف الخيال، نظرت إلى حذاتها من همم لهن ناقصة فتاهت عليهن بجمال وجهها راقصة وهبت أنفاس نسيم السحر فتنفست عن عبير، وبهت السماء بنور القمر فقالت: جَبيني المنير، وجاء الورد بغلالة فقالت له: وما أخجلك: وحنى الغصن الرطيب بثمائله فقالت له:
1 / 2
ما أميلك! فجاء النرجس المبهوت طرفه، وكتم الآس عبير أنفاسه وعرفه، وجاءت شجرة الرمان برمانها الأكبر فقالت: هي أغنى أهل زمانها وأفخر، وأقبلت رايات الكروم بخمرها فابتسمت، فإذا العتيق بثغرها وجاءت التفاحة من جنتها إليها فأقسمت أنما سرقت من وجنتيها، فلما أخجلت الأشجار بغنائها، واستنطقت الأطيار بلغاتها نظرت للجميع نظرة المزدري، فقالت: أين رضوى من المشترى! وأخجلتا من جنب الجلال والتبديل بالهداية سبل الظلالة عرضتهم على روح القدس وصيًا، وجلبتهم إلى صنعاء اليمن وشيًا وما أراكم إلا كحامل الكمون إلى كرمان أو النبطي تفاصيح على معد بن عدنان. ويحكم والله ما أرضى مثلكم لي شبيه ولواحدكم أبن أم المجد وأبيه، ولكن ينظر الناظرون، ويشهد الحاضرون أني أرفع البلاد عمادًا، وأنفع للعباد نيل المراد، أليس الزخارف لي فرس.
والرفاف لي عرش، والجنان بحوزتي والدنان بكوزتي وأن العنب ليشبه الرطب وأن الخوخ والرمان لذو نسب، ولو علمتم معرفة فواكهي لحكيتم العجب، وها أنا تزخرفت وأزيت وأتيت جوامع الفضل، وبنيت من أسواقي بواعث الأشواقي وأرزاقي حوادث، الآفاقي، فلو أعربت عن خزاعبي لقضيم العطر من عجائبي ما هن سوى لؤلؤ مكنون عجين ليوم ضحكت ثغور سعدة فأبرزت البراقع ما لا تعلمون، أما الشعر فداجى، وأما الرف فساجى، والحكمة في الثغور فدعوا الشعور لكن الوجنات جنات وأنتم يا جنات موكلون بالأقراط، وذلك صراط ما يتجاوزه المربد إلا بشفاءة الجيد، وذلك الوساوس، فدعوا الوساوس واقرؤوا هود فتلك النهواد، وأحذر الشيح فإنما الكسح من أعظم الأخطار وأما الزنار فدونه السيد المنصور المؤيد ودعو الأوراك فما أدراك يا طالب الجم أن يغشك اليم، فأعرضه عن هذا وأنت يا ذا طلبت النفوذ بين الفخوذ مواصل السيد وكم شيد ذلك الغارز حرب مبارز، وقد قدم ساق على قدم يريد الوصول لتلك الفضول، فكيف يدري، تساوي وتلك الفتاوى. أدنى بصناعتي وبصنع استطاعتي، وأني لغرة الدهر لا حر ولا قر، وكلي خير ولا شر ولو كشفت سرى الغامض ولاح برقى الوامض بحرت الأذقان جميع الممالك بالحصر، واستغفر الله عن بلاد مصر، فلما علمت الأشجار بفخرها، وأعيت المعاول نحت صخرها تابوا توبة الناصح وأبو أوبة المعترف بلثاغته للمتفاصح قال المؤلف أيد الله سعودة وأنجز له بالصالحات وعوده، قد عزمت على تكميل هذه الكراريس بالإبداع في صحائفها بالأراجيز والتجنيس، فأعترض على صاحبها الأجل، وقال: أمتنع عن الخمر بالخل ودع الميل للأسجاع والتطبع بهذه الطباع فأغضض من جهرك وأعرف قيمة دهرك وهلبك انتقلت المشتري هل تجد لجواهرك مشتري فوالله لقد أيقظني من سنة وأحسن إلي أي حسنة وندمت على تقصيري إذا عرفت مصيري.
الفصل الثاني
أولًا:
في معرفة عرب تهامة
هم طوائف متعددة وتحت حكم السيد الأعظم والهمام الأقدم السيد الشريف حمود بن محمد أبو مسمار الحسني.
منهم " عدوان " المعروف من خيلهم ألفي خيال وأربعة آلاف سقماني وهم أهل شجاعة وحمية وإكرام للضيوف وأرضهم لا حارة ولا باردة ولبسهم من أكسف الملابس وهم أكثر صولاتهم على حربهم في الليل ومنهم " الزرانيق " خيالهم ألف وسقمانهم خمسة آلاف وأفعالهم تجانس من قبلهم. ومنهم " آل مغيد " ألف خيال وألفا سقماني، وادي نجران على ما يتعلق به خمسة آلاف خيال وعشرون ألف سقماني ومنهم " ذوو رشيد " من وراء " جبل الطور " ألفا خيال وعشرة آلاف سقماني، ومنهم " عبيدة " أكبرهم أبن حرملة - تسعة آلاف خيال وعشرون ألف سقماني.
ومنهم " المع " خمسمائة خيال وألفا سقماني.
" وعسير " خمسة آلاف خيال وثلاثون ألف سقماني، وإنما هم سميوا عسير على أسم جبل هم ساكنية، وهم أعظم أجناسهم بالرمي بالبنادق وكانوا حين تغلب عليهم " الوهابي " يكرههم في غزواته حتى أنهم يمشون على أرجلهم طال الميسر أو قصر وكبيرهم اسمه " طامي "
1 / 3
وهو من الملوك الذين أسرهم الوزير الأسعد محمد علي باشا عزيز مصر، والمالك له والمفتيده، ليس الوزير بذاته بل إنما هو ابنه السديد السعيد القادم إلى رحمة العزيز الحميد أحمد طوسون باشا وأسر غير طامي المذكور " عثمان المضايفي " طيلة ثمانية آلاف وسقمانيته خمسة وعشرون ألفا، ومن الأسرى أيضًا السيد الشريف عظيم مكة المشرفة زاده الله تشريفًا وتعظيمًا. ولد مساعد، وسبب بطشهم فيه أنه مال مع الوهابي في فترة من دولة بنو عثمان أذن الله بدوامها إلى آخر الزمان ولم يتركوا من أبنائه ولا أبناء عمه ولا من أدعى العلياء أحد منهم ومن الأسرى المذكورين سعود بن مضيان، وهو من نواحي الحجاز وساكني المدينة المقدسة على مساكنها أفضل الصلوات وأذكى التسليمات والمذكور أعظم أقرانه في الشجاعة وهو الذي هزم عسكر الوزير المغفور له أحمد طوسون باشا أبن الوزير العزيز محمد علي باشا وهو أول عسكر درج على أرض الحجاز متوجهًا لقتال الوهابي، فهدد المعسكر الذي معه سبعة آلاف والعرب يومئذ ما توجهوا إليه.
حتى تغلب على سائر أراضي الحجاز وباديتها، ثم جهز الملك الأعظم سعود بن عبد العزيز عساكر ما يقوم بحقها قائم، وأمر أبنه عبد الله فيهم وأنفذه لملاقاة الوزير المذكور حتى نزل بموضع من مواضع الحجاز غربي المدينة المقدسة اسمه " الحيف " فنزل عبد الله بعساكره وأقام به منتظرا قدوم الوزير إليه بأهبة وسائر قبائل الحجاز واليمن ونجد وغيرهم تبعًا لعبد الله، ولا والله تغلب عليهم صاحب مصر عن ضعف منهم أو جبن بل خيانة من العربان ورضى من ساكني البلدان فساق الوزير عساكره إلى الوهابي في سبعة آلاف فلقيه الوهابي بأربعين ألف مقاتل قال المؤلف: وأنا منهم وقد حضر الوهابي على عسكره الخنادق وعمل المتارس في ثلاثة أيام لم يجد عسكر الوزير مدخل إلى عسكر الوهابي لأجل أن السهل خندق والجبل مترس، فضاقت الأرض بما رحبت علي الوهابي وعساكره، وكان سعود بن مضيان المذكور ما يأمنه الوهابي أن يخون عليه، فلما نفذت ذخائر الوهابي واوازغه، وأحتاج إلى رجوع النفس بعث علي أبن مضيان من كان بعده عنه فيه فجاء معه ألف راية، فلما رأوه عسكر الوزير بهذا العدد قالوا، هذا الوهابي الكبير يعنون سعود الذي من أهل نجد ولده عبد الله فأدبر عسكر الوزير مشيًا ثلاث ساعات على موضع يقال له بدر فلما أقاموا به ثلاث أيام إذ قدم عليهم خال الوزير أحمد طوسون وأسمه إبراهيم " نابرته " ومعه ثلاث آلاف، والذي أنتقل من سبعة الآلاف الذي مع أحمد ثلاثة آلاف فصارت سبعة وكتب الوزير أحمد إلى العزيز يصف له أقدام الوهابي وشجاعته وعدد عساكره حتى أتبعه العساكر التي فعلت ما فعلت ووصلت إلى ما وصلت فسار الوزير أحمد إلى المدينة المقدسة، فحاصر الوهابية الذين هم مجعولين فيها حراس ومدافعه عنها فقدمهم الوزير بعسكره فنازلهم مدة شهر أو أدنى وأعطاهم عهد الله وذمة السلطان، فأبوا الأعتورا ونفورا فإذا هو قد نصب " البارود على السور ".
فلما أبريت ذمته منهم وأشهد الله ورسوله على عصيانهم احرقهم بالنار فسار العسكر إليها. فأحتصروا في القلعة الصغيرة وأعطاهم الأمان فخرجوا فإذا هم خمسمائة وهم قبل أثنى عشر ألف وأعطاهم الوزير إبلًا وزادًا وماء وأكرمهم وتعجب الوهابي لكرمه ووفاه فبقى مسعود بن مضيان في قصره محتصرًا حائرًا الأفكار فدعوه بالأمان، وطلب الأمان فأمتنع الوزير وقام " إبراهيم نابرته " وكتب له لسان الوزير " أنك آمن " فأقبل وأكرمه الوزير إكرامًا مفرطًا، فلما أنتهى إلى ثلاثة أيام كل يوم أعظم إكرامًا مما قبله جاء نهار رابع أوثقوا قيوده وناقشوا في أفعاله فما أجاب بحسنة ولا سيئة لمعرفته بالهلاك.
1 / 4
ومنهم حسن قلعي ضابط الحجرة الشريفة أخباره تطول ثم ساعدهم العز والنصر حتى فعلوا ما يعجز كسرى وقيصر ولا همهم الآتية تستهزو بالماضية، وحال هذا التاريخ اخذوا في سفرهم عشر سنين ولا شكو ذلًا ولا نصيب ولا وهب ولا مخمصة في سبيل الله تعالى. ولو قصدهم نجدوا أهلها فعلوا ما فعلوا، ولنرجع لما تركنا منهم: " أبن الأسمر " فرسانهم ألف وسقمانهم ثلاثة آلاف وهم أعظم ما يكونوا تأهبًا للحرب وحذروا منهم " بنو الأصفر " الذين يعرفون بالمكر والخداع م هم أكرم امثالهم للفارق وعددهم السبعة آلاف خيال وستة آلاف سقماني ومنهم " سناحن " خيلهم ثلاثة آلاف وسقمانهم عشرة آلاف وأسم كبيرهم فرحان " أبو لعسة " صاحب تدبير ومصادفات وفيه كرم وشجاعة زايدة ومنهم: " الحباب " كبيرهم أسمه رفده خيلهم خمسمائة خيال وسقمانهم خمسة آلاف وهم معروفون بدلالة الطرق وورود المياه، وأكلهم حب الذرة يقضمون قضمًا ولباسهم الأردية السود ونساؤهم ما يلبسن شيئًا إلا منديل أسود طوله ذراعين وعرضه ذراع تضعه المرأة على عورتها.
ومنهم " أزهر " عددهم ثلاثة آلاف سقماني وفوارسهم ألف فارس ومنهم " أبن دهمان " الشجاع المعروف والبطل الموصوف سقمانه خمسة آلاف وأما خيله فألف خيال.
ومنهم " زهران " سقمانهم خمسة وعشرون ألف وخيلهم ستة آلاف وهم ذو حمية وغيرة وشدة ونجدة وموصوفون بالحلم والكرم، وهم ذو عداوة وحروب بينهم ومنهم المعروفون " بغامد " كبيرهم أسمه " أبن هطامل " سقمانه عشرون ألف وخيله ستة آلاف، وهم عشائر متفرقة وقبائل متعددة ذوو صبر للحروب وتنفيس الكروب وحلم عند الغضب، وأيراد للغضب ما بات جادلهم ساغبًا ولا إلى غيرهم عنهم واغبًا.
قال المؤلف: حدثني عنهم بعض العارفين بهم، أنهم أعرف أهل واجهتهم في الأشباه ومعرفة القبائل والتتبع للآثار ودلالة الطرق وهم رماة صائبون كماة غالبون، مبارز يقصر عنهم لأن الشجاعة شعار منهم.
ومنهم القبيلة السابقة الجليلة المعروفون " بشهران " وهؤلاء عدد سقمانهم خمسة عشر ألف وخيلهم ألفان بلا خلاف كبيرهم " أبن مروان " مقلد الأعناق بالإحسان وهم أشبه بالشجاعة ممن قبلهم ولا أحد في الحقيقة يدرك فضلهم.
ومنهم " آل اكلب " ذوو القدرة والغلب سيدهم عظيم الشأن المعروف " بأبي شكبان " خيله ألفان وسقمانه عشرة آلاف وقد فاقوا من قبلهم ومن بعدهم ولا وقف أحد على حقيقة مجدهم وكبيرهم المشار إليه، والموقف الفخر عليه أسمح الناس نفسًا وأكثرهم أنسًا وأكرمهم للضيف، وعزمه أقطع من غرار السيف.
ومنهم " بنو واهب " ذوو الجرد السلاهب والبيض القوابض وكبيرهم " ألغوية " المنسوب الثناء إليه راجليهم عشرون ألف راحل وفوارسهم ثلاثة آلاف مقاتل، أرهبوا أعداءهم وبذلوا انذاهم فسادوا الرجال ووصلوا الآمال وألفوّا بين المتفرق وبذلوا فضلهم مغربًا ومشرقاَ ومنهم طائفة " أبن شكبان " الشاهد بمجدهم الركبان وهؤلاء كرام النفوس تقال الرؤوس يكرمون النازل ويرفعون المنازل، ويحمون جارهم ويقتدي الضال بنارهم سقمانهم عشرون ألف وخيلهم ألفان بلا خلف ومنهم: " الفزع " ذوو الرهب لأضدادهم خليهم ألف خيال وسقمانهم خمسة آلاف بلا أشكال كبيرهم المعروف " شعلان " المحمود في السر والإعلان، وهذه العشيرة التي لفضها الرجال مشيرة، مولعون بطلب الشكر، ومطلعون على أخبار البر والبحر ومنهم " قحطان " والعاصم، والقادر، فبنو هاجر.
كبيرهم " القادر " حشر الجميع ثلاثون ألف سقماني وسبعة آلاف خيال والمذكورون بوفاء العهد مشهورون، وإكرام النازل عددهم سنة، لا البخل عنهم يسعدهم، وأخبارهم ما بلغتنا على التفصيل، فاكتفينا منها على هذا القليل ومنهم " المحلف " المعروفون بالشجاعة والصلف كبيرهم " الصعيلي " ذو، البشاشة والكرم والرئاسة والعظم، سقمانيه خمسة آلاف فرسانه ألف بلا خلاف وهم فيهم خصال ما اتفقت في أحد مثلهم فمنها أنهم طرقهم ضيف ما أعظم ما يكرمونه أن يأتوه بأخشن زادهم وهو المعروف بالذرة ولكن يجعلونه اخبازًا كالمدارات، واللجم والحنطة، والألبان عندهم، ما تقوم مقامة.
ومنهم " آل مهدي " الموفون بالعهد ذو الصولة الباهرة والدولة، القاهرة، الذين عنان الحرب بأيدهم والمصرّفوها به على معاديهم.
1 / 5
كبيرهم المعروف " عون " الموصوف بالكرم والعون خمسة آلاف سقمانيه وألف بالعدد فرسانه، وهؤلاء المذكورين على جميع أفعالهم مشكورين أقدم من الضرغام، وأكرم من الضمام، ولا أفخرهم سوى إكرام الضيف أو الأقدام للضرب بالسيف، وكفى بذلك فخرًا من هذه الدار ومن الأخرى، وقد عنيت وصفهم، ودانيت رصفهم.
قال المؤلف: أنجز الله أماله، وخيب في الدارين أعماله هذه القبيلة المسماة بعسير نتعرف أسماء كثيرة فمنهم طوائف بظل المعروف " بأبي نقطة " وهم الذين يلون سواحل البحر والآخرون بظل السيد الشريف " حمود أبو مسمار " وقليل أن يكون بينهم الصلح لأن كل واحد يزعم الفخر له، والعلياء بيده، وهم المسمون، أبو نقطة، وأبو مسمار، فلما صار بينهم من الشحناء والعداوة ما صار وتبين الغلب والقدرة لأبي مسمار وأيقن أبو نقطة بالعجز عن حربه وأتعبه منازلته وحربه مال لطاعة الوهابي، واستعان به، وحتى أنفذ إليه أوامره وكتائبه فقصد " عبد الوهاب أبو نقطة " بعساكره وخيوله إلى بلاد أبي مسمار غازيًا على عدده وفوله، فلما بلغ أبي مسمار توجهه إليه أضرم النيران هممه وشمر عن عزائمه قادما عليه فالتقى أبو مسمار وعساكر أبو نقطة، ولم يعلم واحدهم بقرب الأخير منه فكمى له أبو مسمار ونزل هو وعساكره في موضع تحقق له إن أبو نقطة يمر معه وهو قد تأهب وأعد قوته، وكشف عن عساكره فإذا أبو نقطة قد قرب منه وعسكره يسير، نهض أبو مسمار نهضة الأسد بغرة من أبي نقطة، مما أمكن أبو نقطة النزول فلم ير إلا وخيول أبو مسمار أقرب له من حبل الوريد، فتبادر أبو مسمار إلى جمع أبي نقطة ففرقهم وضربه سيفًا في رأسه من خلف طاشة فخر صريعًا، فنزل عليه وحز رأسه وأخذه بعالية رمحه، فتفرقت عساكر أبو نقطة وهم عددهم خمسة وثلاثون ألف بين خيل وسقامني، وأما عسكر الشريف أبو مسمار فعشرة آلاف. وسأبين شيئًا من أخلاق هذا الشريف الأعظم، والهمام الأقدم ولكن مناقبه الفضيلة ألا تحص والخوض من بحوره الزاخرة. وإن جد الخائض لا تستقص ملك أزمة الحرب على سائر أقرانه فصرّ منها والزم نفسه مكارم الأخلاق وكلفها شرق حيثة وغربة وأبعد من ميادين العلى، وقرب ملك القلوب بإحسانه، فأشرقت، وجبل راحته على بذل إحسانه، ففازت بما تروم من المقاصد وترقت أن جاد أخجل البحر أو نطق أزرى بغرائد الفجر، وما أقول فيمن عجزت أضداده عن عكس مراده، ومن خدمته السعود وجرت بأوامره على أحسن عادة، وأقبلت عليه الدنيا برسائلها وشرفت الدولة العثمانية برسائلها، فأوضحوا من محامد ما كان وارس وأفصحوا بأسجاعهم فيه كل جوهر لجواهر كرمه مجانس ولولا الخزر من الإطالة والترقي عن الإضجار والملالة أثبت الرسالة الغراء والفريدة الزهراء التي ما سمحت بمثلها البداية والقرائح ولا قرع الأسماع مثل خالب لفضها والهازي بهمول الروائح وكفاه فخرًا وجاهًا وإكرامًا وتعزيزًا وتوقيرًا واحترامًا.
أن رب الرسالة ومنشئها، والموشح الصدد منها وحواشيها، رئيس دار الدنيا رافع الإسلام إلى الذروة العليا سالك مسالك الأنبياء، الهازئ بقيصر فما كسرى الواقف. وتبع وبنوخذ نصر لغاياتهم دون غايته، حسرى من شخصت أعيان المشارق والمغارب لأوامره، ورمشنت الأفلاك الدوائر بحركاتها، أن مقاليدها إليه صائرة العادل فما سواه والخاذل لمن ناواه من الواصفين حلمه، ولا يقوم علماء أهل زمانه بعلمهم مقام علمه، إلا وهو السلطان الأعظم والخاقان الأفخم السلطان " محمد خان أبن السلطان عبد الحميد خان " دامت مراقي علاه تزاحم العيون.
ولا زالت الأقدار موافقة لنوافذ حكمه ما طلب عاشقًا معتوقًا فبعثها إليه شريفًا وإجلالًا للسيادة، وأجزل له مواهب كفه التي أناملها الحائرة أصل السعادة، وكفاه فخرًا بهذه الفضائل التي لم يدرك أهل وقته منها مضيرًا ولا طائلًا.
ومن القبائل المذكورة السامية المشهورة الذي أتفق أسمهم من أصلهم وقام الدهر مؤرخًا ديباجة غرقه بفضلهم وهم المسمون " بالعجمان " أخبارهم معقولة وفي القراطيس منقولة، وذلك إن الملك الأعظم سيف بن يذ يزن مالكًا مقاليد أزمة اليمن.
ومنهم " بنو مرواع " ذو الكفاح والقراع والمجبولون على كرم الطباع السالكين مسالك الاماجد والتاركين ضدهم نحو أقمارهم فراقد سادوا اليمانيات حتى أدركوا الأمينات وعددهم مع ذلك قليل إلا أن نزالهم ثقيل، خيلهم مائتان وسقمانهم ألفان.
1 / 6
ومنهم المعروفون " معاوية " المالكة للفضل والحاوية، وكلهم أولوا حزم وتدبير ومعادن للحلم والكرم والتوفير عددهم ثلاثة آلاف إذا أرجلوا، وأما خيلهم فخمسمائة إذا أرتلوا.
وهؤلاء أسمح من حاتم وأنجح في المطالب من حاتم ومنهم آل " أبو القرم " ذوو الشهامة والحزم والتصميم في الهيجاء والحزم لكرم في ذراهم ضيفهم أمنا المستمسك بعراهم، من حيفهم، عدد سقمانهم ستة آلاف وخيلهم خمسة عشر ومائة، ومن ذلك أضعاف.
ومنهم المسمون " ناصره " ذوو الهبات الزاهرة، والمحامد الفاخرة المهتدى بهم الحائر والمزور عنهم الجائر، السامون مجدًا وفخرًا، والسابقون دنيا وآخرة، حداد السيوف، طول الرماح، شمام الأنوف، آل السماح سقمانهم ألفان وخيلهم ثلاثمائة وثلاثون، وأسلحتهم البنادق الصائبة، وسيوفهم الغالية ورماحهم الردينية تحملها أكف الأوليات والأدينة.
ومنهم " بنو أسد " ذوو العدد والمدد الصلات والسدد لا تطيش سهامهم ولا ينبوا حسامهم ولا تجهل أحلامهم، هباتهم متصلة المقاصد ورماتهم لا تحظى في المقاصد، يلبون داعي المنون أن دعى، يفون أخبار المكرمات فيمن وعى، عدد سقمانهم ثلاثة آلاف وخمسمائة وفرسانهم خمسمائة أو يزيدون.
ومنهم " بنو ذئاب " ذوو الأنجاد والترحاب المالكون أزمة المعروف والحائزون من السنن الواصفين أبهى الوصوف، بلادهم محمودة وزنادهم لا مصلودة القدح ولا نيرانهم مخمودة، عدموا الخيل، وأوجدوا البنادق، وأقدموا بهممهم، وأنجدوا في المضايق، سقمانهم خمسة آلاف مصتمة وخيلهم ألف متممة، طريحهم مفقود، وشريدهم مولود، لا يؤلي ضدهم على بعضه ولا يفارق قتيلهم في الحروب أرضه.
ومنهم " الشرف " ذوو العز والشرف، حميدو الفعال غديقو النوال كريهو النزال، بلادهم حفت بكل الشهوة وهي منبع القهوة، ونساؤهم، خراعب خضرات محصنات مؤمنات هواؤهم رقيق وعهدهم وثيق، جارهم في حرم ولكنهم في همم، تقول أعداؤهم عن فضائلهم، فاق أمرهم من المكرمات أوائلهم نعم.
ومنهم " الدواسر " المعروفون والحافظون لعهدهم والموفون، عدد سقمانهم عشرون ألف إلا إن خيولهم مائتان ولا ينيف.
ومنهم " برهام " ذوو الظفر بالظفر بأعدائهم والأرتمام عددهم سقمانًا عشرة آلاف واسم أميرهم " سلطان بن ربيع " ذو الأنصاف محمود السيرة ومنور البصيرة والمؤلف برأيه السديد بين العشيرة.
ومنهم " بنو شداد " الغلاظ الشداد الذين هم عين الجسد وحماة للبلد سقمانهم خمسة آلاف كبيرهم " البندقاني ".
ومنهم " بنو جنب " حماة الصاحب بالجنب، والمعروفون بغفران الذنب سقمانهم عشرة آلاف وخيلهم خمسمائة بلا خلاف.
ومنهم المعروفون " بوداعة " ذوو المكر في الحروب والمخادعة سقمانهم أربعة آلاف وخيلهم ثلاثمائة. نعم.
ومنهم " بنو قريظة " الهازئون بالبحر وفيضة وهؤلاء أبين عن حيثم، وأوضح عن كماتهم، وارتفاع علاماتهم وقد يعبني حصر فضائلهم، وإلحاق أواخرهم بأوليهم، سقمانهم ستة آلاف مجالد، وخيلهم خمسمائة فارس صعاند.
ومنهم " آل مرة " كبيرهم " أبن نقادان " سقمانهم خمسة عشر ألف وخيلهم ألفان، ومنهم " أهل سبأ " الذين نطق في شأنهم القرآن الحميد على لسان رسول الله المجيد.
قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: " لقد كان لسباقي مسكنهم أية جنتان عن يمين وشمال " الآية لكن لم أعرف أسم القبيلة ولا أميرها وهم أربعون ألف سقماني ولا يعتنون بالخيول كبيرهم أسمه " الهدهد " وهؤلاء من بقية " بلقيس " وهي المرأة التي نطق في شأنها القرآن العزيز وأسلمت مع سليمان بن داود عليه وعلى محمد أفضل الصلاة والسلام والتكريم.
ومنهم أهل " الشحر والمكلا " شيخهم " عبد الحميد " بن ملفعي " عددهم ثلاثون ألف سقماني وهؤلاء أعظم أقرانهم من الوقوف للحرب والصبر على الكفاح والضرب وهم أكرم من يكرم الضيف ويورد في الوغى غرار السيف.
ثانيًا:
في ذكر قبائل الحجاز
فمنهم القبيلة السامي أسمها الوافر قسمها، والثابت في دواوين الممالك رسمها المعروفون " بجهينه " ذو المكر والخداع والجدال والنزاع والنزول والقراع الذين هم كماة الحروب وزمات الخطوب شر الخلائق، أن سادوا وأكرم من الريح إذا جادوا، والطف من الذئب في العجاج، لا سيما لأختلاسهم الحاج. وأما عددهم عساكرًا، فعشرة آلاف بلى قاصرو، أما أعدوها خليلهم فخمسمائة قد أعدوها للحماية.
1 / 7
ومنهم عتيبة ذو الترس والصيبة، والكوج والشيبة، القول في هؤلاء الكوج لمتبعين للأهواء أنهم أمرق من السهام وأعرف يفرق الصبح عن الظلام إذ هم مجبولون على سهر الليل وتاركين نزيلهم، يدعو بالحرب والويل، وأما عدد سقمانهم فعشرة آلاف، وأما خيلهم فألف، وقد تحمل أرداف ومنهم " ثقيف " ذو العرض العفيف، إلا إن فارسهم في الهيجاء مخيف وهؤلاء بقايا قوم " الحجاج بن يوسف " الذي أخباره مشهورة وحكاياته مسطوره، عددهم ثلاثة آلاف وثمانمائة فارس وهم أشد أهل الحجاز امتناع عن الاستسلام وأصبرهم في الملاحم على مسقوع السهام في الأجسام وإكرامهم النازل.
ومنهم " البقوم " ولكن الحاكمة عليهم امرأة أسمها " غالية " ذات رأي وتدبير وحزم وشجاعة لم يدركها أشد الرجال، وهذه المرأة المذكورة في القلعة المسماة " تربة ".
وأما بلدها فبلد واسعة، أرزاقها تأتيها من الطائف ومن مكة المشرفة ولما توجه إليها الملك المنصور لسعيد السديد محمد علي باشا، أبث الطاعة له والدخول تحت أمره، فبعثت إلى الوهابي تستنجد وتستعينه على مصادمة الوزير وتعرفه بهمته وعزمه، وأنه لا بد منازلها، فبعث الوهابي إليها أخوه " فيصل " في أربعين ألف وأمره بحث عسكره، من أهل الجنوب الماضي ذكرهم فلما قدم " فيصل " إليها بعدده، فإذا هي في أتم التأهب ودخل " فيصل " البلد ومكث بها ثلاثة أيام فإذا الوزير قادم بألف مقاتل وقرب بعضهم من بعض فقال " فيصل " ما ترون من أمرنا وتدبير مالنا هل نقدم عليه قبل قدومه علينا؟ أم نصبر حتى يقدم هو ونعمل له لمتارس والخنادق، فقالوا له رؤساء قومه: إن هذا الوزير نفسه طويل ويومه كسنته فلو مكثت أسبوعًا لم نشعر إلا وحوله مثل عسكرك في أربعين ألف فأستحسن رأيهم.
فزحم الوزير حتى صار عند رمية البندق والخيل بينهم تتجاول.
فأركب الوزير أطوابه عليه عن قرب حتى أضرت فأشاروا عليه رؤساء عسرة أن ترحل من هذا الموضع العالي أي أنزل منه وتستكفي مضرة الأطواب، فأستحسن رأيهم عن الضرورة، فأمر خدامه، فانزلوا خيامه، فلما بصر العسكر بنزولها اصحوا صيحة كبرى، وقالوا وهابي أنهزم. أقبلوا بعزم وطمع حتى خالطوا وأما عسكر الوهابي لما نظروا لنزول لخيام، وغارة العسكر أيقنوا " فيصل " قتل فكل ضرب واجهة من عسكره، ولم يبق من عسكره المذكور إلا عدد قليل فتوجه إلى تربة قاصدًا المرأة، فلما علمت بذلة ونصرة الروم عليها أغلقت الأبواب دونه، وأخذت ترميه بالبنادق والأطواب، ففر إلى أخوه منهزمًا. وأما هي فاختلفت الأقوال عنها فقيل إنها أخذت مواثيقًا وعهودًا من الوزير على نفسها وملكها وما تملك من آلة الحرب من خيل وركاب وأسلحة وأنه أعطاها على ذلك وبقيت.
والقول الآخر إنها لما أنهزم " فيصل " وأيقنت بالقهر أخذت ماعز وتوجهت إلى بلد الوهابي المساة " الدرعية " والأصح إنها توجهت إليه، وملك الوزير أرضها وديارها وأموالها وأما عدد عساكرها فسبعة عشر ألف ولم يتبعها منهم أحد والله أعلم.
ومنهم " هذيل " ذوو المخارق والويل مساكنهم رؤوس الجبال ولم يتمكن منهم أحادًا لحذرهم وشدة أصالتهم بالرمي ومدامنتهم الحروب فيما بينهم وبين أهل الحجاز وقلما تصطلح عشيرتهم عن المؤاخذ والبغي، وأما عددهم فثمانية آلاف سقماني ولم يكن لهم خيل.
ومنهم " حرب " ذوو الطعن والضرب والكماة في الحرب وهم يفترقون إلى أربع من كل فرقة تهزأ بالأخرى، فالفرقة الأولى تعرف " ببني علي " والأخرى " الفرق " والأخرى " المضائين " " والذائبة " جملة عسكرهم أربعون ألف مقاتل وعشرة آلاف خيال وهم ساكنين في المدينة المشرفة على ساكينها أفضل الصلاة إلى خيبرز وخيبر ثلاثة أيام.
ومنهم " بنو سلول " سقمانهم أربعة آلاف ولا خيل لهم. ومنهم " بنو مخزوم " ذو الفضائل والعزوم واللازم المكرمات والملزوم، القول فيهم أنهم أنوى من الفحام إذا جاءوا وأرفع بناء للعلياء إذا شادوا، وأعلم بمدارج الحيل والمكر وأظرف لبناء الحرب في العز والكر.
عدد سقمانهم عشرة آلاف، وأما فرسانهم فألف وخيلهم خمسمائة ومنهم " حاشد وبكيل " طائفة واحدة تنقسم فرقتان، وهم أهل البذل المعروف وعزة النفس وإكرام النزيل وذو شجاعة وإقدام وأما عددهم فثمانمائة آلاف سقماني وألف خيال.
ومنهم " عدوان " كبيرهم عثمان المضايفي " الذي مسكه عزيز مصر أسيرًا وقد مضى ذكره، خمس وعشرون ألف سقماني وثمانية آلاف خيال.
1 / 8
وبلده المسماة " بالطائف " تبعد عن مكة المشرفة يوم وهي ذات أشجار وأنهار ورفاهتها لا تُدرك في غيرها.
ومنهم " وبيد " ثلاثة آلاف سقماني وخمسمائة خيال وهم ذوو كرم باذخ ومجد شامخ وشجاعة معروفة وجزالة موصوفة هذا على قلة عددهم وانقطاع بلدهم. ومنهم النازلون بك معترك والطاعنون إذ لا تحين مفترك المساعير في الوغى والحماة للسيف الواهبون المئات والألوف والمكرمون الطارقين من الضيوف نوالهم لا يمنع، ومغالهم في الجود لا تتبع، عددهم سقمانا عشرة آلاف وفرسانا ثمانمائة فارس ضغضغان.
ومنهم " بنو سالم " الكرام الطبائع والعزائم ورثوا المجد عن حد بعد جد ولم يقف أحد على فضائلهم في الهزل ولا جد معرفون بالسماح وهم أندى العالمين بطون راح، سقمانهم ثمانية آلاف ساكي السلاح وفرسانهم خمسمائة فارس ينتظرون الكفاح.
ومنهم بنو " نسعة " عددهم من الآلاف تسعة ولاهم أهل خل ولا ركاب وإنما هم إذا أرجلوا أسرع من مر السحاب، وهؤلاء المذكورين أصبر في الحرب، وأنزل الكرب والمعاطاة بينهم المكرمات عن قرب.
ومنهم بنو " سعد "، ذوو الوفاء بالعهد والصدق في الوعد عددهم خمسة آلاف سقماني.
ومنهم الشرارات ذو التفريج عن الكربات أطول الناس باعًا وأكرمهم طباعًا وأرفاهم عهودًا وأنجزهم وعودًا وأرفعهم عمادًا وأوراهم زنادًا، سادوا، باليمانيات، وشادوا بيوت المكرمات، وطبعوا على المكارم واحتمال المقارع، أولئك خير أقرانهم، وعين زمانهم عددهم عشرون ألف راجل كلهم تغلى المراجل وألف فارس لم يصادفها في الحقيقة عظيم فارس.
ومنهم " سليم " و" يافع " قبيلتان متشبهتان جميعهم عشرون ألف أو يزيدون، أدركوا بفعالهم غاية الحمد كما يريدون ولا وقفت لهم، عدد فرسان سوى مائة فارس أو مائتان، ولكن هؤلاء المذكورين في جميع فعالهم مشكورين.
ومنهم " الرميثون " القائمون في الحجاز مقام الناظر من العين، عددهم سقمانا عشرون ألف ولا سمعت لهم عدد فرسانا سوى مائة وضعف.
ومنهم المعروفون " بلى " ذوو الذكر العلي والفخر الجلي والذكاء المفرط والوفاء المقسط والميل للمحامد والطعن والمحالة والعهد الوفي والمكر الخفي الذي هم ساعد الجسد والحماة للبلد، خيرهم ظاهر وشرهم قاصر، أحلامهم يهتدي بهم ونيرانهم يقتدي بهم عدد سقمانهم ثلاثون ألف مطل وفرسانهم سبعة آلاف بطل.
ومنهم ذوو " رشيد " الذين قامت بتوضيح أقفالهم الأسجاع والأناشيد الجائدون إذا الجود عدهم والصادمون الحرب إذا لم يجد أهلها منصدم، شادوا عمادها وأحيوا في السَنة الشهباء جمادها، عدد سقمانهم عشرة آلاف ولا أظن لهم من الخيل مطاف.
ومنهم " بنو مسعود " المطبوعة أقلامهم على الجود، نيرانهم موقودة وهباتهم موجودة وصفاتهم محمودة، سلكوا مسالك لم تسلك وملكوا ممالكًا لم تملك وأجمعوا على الاجتماع وجلبوا على كرم الطباع وأوفوا بالعهود وأنجزوا الوعود وكثروا عددًا واتصلوا مددًا، أما عددهم السقمان آلافًا مفشرة، وأما الفرسان فثلاثة آلاف مكررة.
ومنهم " ولد سليمان " ينتسبون إلى عنزة عدد سقمانهم ثلاثة آلاف وهم ساكنين خيبر هذه، قبل مساكن اليهود حتى شتت شملهم الإسلام ونفاهم عنها فمزقوا كل ممزق.
ومنهم " الأيدا " ومنهم " الشملان " الجميع أربعة آلاف وسبعمائة خيال والفقراء من عنزة كل هؤلاء سكان خيبر وخيبر واديين ذات عيون سائحة وأشجاره نخيل وهي موضوع تعرف بالأوجاع والأوهام وخبث الهوى.
الفصل الثالث
في ذكر نجد
طول نجد شهر ونصف للمجد، وأما مدائنها فأقسام تتفرق إلى ستة وهي العارض والقصيم والوشم وجبل شمر وسدير والجنوب، فالجنوب ينقسم قسمان: الخرج ووادي الدواسر وسنذكر الجميع مفصلًا لا مجملًا أما العارض فالدرعية أهم مدنه وهي مدينة ملك العرب على الإطلاق، " والرياض، ومنفوحة والعينية وحريملا ".
هذه المدن التي عليها الاسم والاعتبار وله جملة قرى معتمدة ومنهن حوطه بنو تميم والحريق والدكم واليمامة ووادي الدواسر، مدينتين يقال لهما، وأما الوشم " شقراء " ووشيعر وثادق وثرمدا وخرما والقصب، وأما سدير فخرمة والمجمعة وجلاجل والروضة والعودة والحصون والزلفي والقاط والداخلة وعشيرة.
1 / 9
وأما القصيم فالرس وعنيزة وبريدة والخبرا والتنوما والمذنب والعيون وله جملة قرى متصلة. وأما جبل شمر فثلاث مدائن، حائل وقفار وموفق وله أتباع مدن. وأما جوف آل عمر فمدينتين ذات نخيل وهما " دومة وسكاكا " وأتباع لها، هذه المدائن المعروفة مما يحتوي عليه أسم نجد وكل هذه المذكورة أقرب ما يكون بعضهم من بعض في الهواء والماء والتربة وصحة الأبدان وصفاء البديهة، والذكاء والاجتهاد والتعصب في أديانهم ومخالفة من ناؤهم وخالفهم عن شرائعهم ومن الدال على اجتهادهم في دينهم أن من أطاع ملكهم فهو مسلم ومن عصاه فهو كافر سواء كان أبوه أو أمه أو أخوه كائنا من كان.
وأما المدائن وأشجارها فأوجدها أشجار النخيل التي لم يحكيها مشرقًا أو مغربًا ولما قدمها العزيز خالفوا أمره وأنكروا طاعته.
أمر عساكره بقطع النخيل لعلمه أنهم لا يطيقون الصبر دونها، فالذي قطع من الرأس خمسون ألف نخلة وعلى النخلة الواحدة ريالين أبو طوب حتى لم يبقى من عسكره من لم يجهد في قطع النخيل لزيادة الطمع وقلة التعب. قال المؤلف: حدثني بعض الحاضرين وقائعهم، إن الرجل يقطع في الساعة الواحدة الثمان نخلات وسبب ذلك أنهم متأهبون لها بالات من الحديد يطفها به فيدخل في جذعها شبرا فيتكئ عليه بصدره ويستدير به عليها ويأخذه منها، فإذا حركها النسيم قليلًا نزلت.
وعنيزة قطع منها والدرعية قطع منها جملة ثمانين ألف نخلة وأشجار الفواكه وغيرها من كل ما هو موجود على وجهها من النعم والبنيان، والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.
وسنذكر عربان نجد إن شاء الله.
الفصل الرابع
في قبائل نجد
منهم " الدواسر " وهم قبيلة مشهورة ذات سواد واعتداد ومحافظات على قب الجياد، ذوو كرم وافر وأقدام متكاثر عدد سقمانهم ثمانية آلاف سقماني وخيلهم ألف وخمسمائة، ومنهم " السهول " الأنجبين والكرام الأمجدين السالكين طريق الكرم والموجودين الإحسان بعد العدم، الساكنين الفلات والمالكين المكرمات، سقمانهم ثلاثة آلاف وثمانمائة خيال.
ومنهم المعروفون " بنو حسين " وهم مشهورون من ذرية سيدنا الحسين " رض الله عنه " وهؤلاء أكرم الناس أخلاقًا وأوسعهم أرزاقًا وأطيبهم على الإطلاق نفوسهم أبية وهباتهم حاتمية ذوو طعن وضرب وتفريج للكرب ومنازلة للخطب طريحهم لا يرجى وجريحهم لا ينجى، يجري لهم الجارون، ويحمدهم السارون. سقمانهم ثلاثة آلاف رامي وفوارسهم سبعمائة محامي.
ومنهم " زعب " بالتخفيف قبيلة ذات كر وفر وذات مجد وخير شعارهم الحلم والكرم وفخرهم مثل نار على علم يقر لهم أعداؤهم ويشهد لهم أندادهم عدد سقمانهم ألف وخيلهم خمسمائة بلا خلف.
ومنهم " عتيبة " غير مذكورين بالحجاز، أو لو أعزم وحزم وطلب المكرمات ولزم يهدي بهم الضال ويحمدهم الدال ويستعان بهم بل منهم يوم النضال ألفان سقماني عددهم، وثمانمائة فارس مودهم.
ومنهم " سبيع " ضد المذكورين من ساكني الحجاز وطائفة طافت أخبارها ورويت آثارها، ملكت مقاليد المجد، وأدركته بالهزل، والمجد يحمدهم الطارق ويحذرهم السارق، أعلوا منار الفضل وشاروه، وأنصفوا الضعيف على القوي حتى ساروه أولئك أخلاقهم حميدة، وآراؤهم سديدة، سقمانهم ألفان وخمسمائة سقماني وفرسانهم ثمانمائة فارس معوان.
ومنهم " آل كثير " غير المذكورين آنفًا، لقد أشبهوا من قبلهم في إدراك فضلهم، وسادوا ضدهم بالعوالي حتى أنزلوا أنفسهم المعالي يحملون إذا غضبوا ويغفرون إذا عتبوا، وأما عددهم سقمانًا فثلاثة آلاف إنسانًا وألف عدد الفرسان والله سبحانه أعلم.
ومنهم " الفضول " قبيلة مشهودة بوفار العقول والكرم الجم واللقاء المانع لزفرات اليم عدد سقمانهم ثلاثة آلاف خيلهم سبعمائة فارس ضغضان، نعم.
ومنهم " مطير " ذوو الفضل والخير الحامون، نزيلهم والعاجزة الأقلام عن تفاصيلهم، ذوو الطعن والنزول والشد والحلول والسبق في الغابات واللحق بالرايات، أسود المعترك، ووفود المدرك.
عددهم سقمانًا سبعة آلاف وفرسانًا ألفان بلا خلاف.
ومنهم المعروفون " الدهامشة " القول فيهم أنهم عمدة الساري وقدوة الجاري أكفهم غمام وعزة أحدهم حسام ليوث المزدحم وغيوث المنسدم، طباعهم سليمة، وهباتهم قديمة، ومفاخرهم سامية، وبحارهم طامية.
1 / 10
عدد سقمانهم أربعة آلاف وألف فارس، هم ينتهون إلى غزة كرام المتارس، ومنهم " الظفير " المشهورون والكماة المذكورون ذوو التقلب كتقلب الفلك والتنقل من ملك إلى ملك يحمون نزيلهم، ويضفون جميلهم حمدهم سائر وفخرهم شاهر، وفضائلهم لا تحص، ومحامدهم لا تستقص، عدد سقمانهم سبعة آلاف وفرسانهم ألفان بل أضعاف ومنهم " عدوان " غير السابق ذكرهم، القول فيهم أنهم جوهرة البادية، والطريقة الهادية ذوو الأقدام على المحن وبذل الجود والمنن والزناد الوارية، والكتائب السارية أفضل أقرانهم بكسب الثناء.
وارفع من ستار المكرمات بالبناء، سقامنهم الفارامي، وفرسانهم خمسمائة سامي. ومنهم " الصقور " التاركي مساميهم محفور، أزكى القبائل أقوالًا، وأصدقهم فعالًا، وأشدهم ساعدًا وأعدهم للمراصد.
سقمانهم ألف وخمسمائة سقماني وخمسمائة فارس عشيرواني ومنهم " عبده " غير الماضي ذكرهم، أقول فيهم كما قيل من قبلي:
ما شبه الليلة بالبارحة ... والغادية بالرايحة
وأما عددهم سقمانًا فثلاثة آلاف وألف فارس، وفهم المعروفون " بزوبع " وهؤلاء أخلاقهم حسنة وطباعهم مستحسنة كرام الأصول والفروع، أحلام لم يدرك شأؤهم في القول عدد سقمانهم خمسة آلاف وألف خيال.
ومنهم " الأسلم " وهم الطاعنون العدى، والواجدون الندى ذوو الفهم الدقيق الذكي، والحلم المنيع الزاكي، يقدر لهم أضدادهم.
الفصل الخامس
في ذكر عمان وسواحلها
أما عمان فهي من السواحل إلى قطر المشهور وتعرف براريها بالرمال ومدائها بالأشجار اليانعة وربما تغلب الرمل على مشئ منها، فإما شرقيها ففي قبضة الإمام السعيد سلطان الماضي. وبقي أبنه السديد سعيد، ونشر على هذه الممالك، وارف ظله بالعدل والأمان والجهاد برًا وبحرًا، وكرم الطباع وحسن السير ومحامد الأخلاق ولم يفتد من نظام أبيه في تدبير الممالك، وأما من أحد الباطنة إلى قطر هذا متعلق بيد القواسم المشهورين، وأما تخت عمان فالمسقط ورستاق وسور وبركة ولهم أتباع متعددة لا تحص، هذا بقبضة السيد المذكور فأما بوادي عمان فمنهم: - بنو " أياس " تبع للقواسم قبيلة قوية ذات طعن وحمية وهؤلاء شعارهم ركب العمانيات والضرب باليمانيات والطعن بالردينيات ولم يستعملوا ركب الخيل ولا يعرقون إلا مفاجآت حربهم في الليل وعدد سقمانهم خمسة آلاف راكب، أمعن في المهمات من حدود القواضب ومنهم: - بنو " كثب " ذوو الطعن واليلب والسير والحبب، ذوو قوة باذخة وعلامات شامخة، ومحامد راسخة، ولم يعرفوا راكب الجياد سوى العمانيات النائبة الجياد. وعددهم سقمانا خمسة آلاف، والبنادق لم يعرفوا لها ولا الرمي سوى السيف والرمح.
ومنهم " الماصير " الكرام ذوو الشيمة والإقدام والطعن بالرمح والضرب بالحسام، وما أشبههم بالماضي ذكرهم بعدنا الخيل والبنادق، ولكن استمساكهم بالسيف والرمح في المضائق، وسقمانهم نحو ألفي سقماني في اللقاء صوادق.
ومنهم " بنو ظاهر " ذوو المجد الظاهر والمثل السائر والكرم الباهر، القول فيهم انهم ليوث الهيجاء وزمام الرجاء وقدوة الحائر، وآفة الجائر ركابهم كالنعام وأكفهم مالفحام ولم يركبوا خيلًا سوى الركاب، ولم يقاتلوا بسوى السيف والحرب عددهم ثلاثة آلاف صنديد كلهم في الحروب أمضى من قواطع الحديد، ومنهم قبائل لم نذكر عددهم ولم نعرف بلدهم، وكل هؤلاء المذكورين من أسم عمان بقبضة السيد ابن الإمام ما عدا بن ياس فهم تبع القواسم أهل رأس الخيمة.
الفصل السادس
الإحساء
مدينة عظيمة وهي من أعظم المدائن، ذات أشجار وأنهار، لم يشاهد بغيرها، وأنهارها عيونًا تتفجر من بطنها، وأشجارها ونخيلها وفواكهها فلما تدرك بسواها قال بعض العارفين بها: إنها أحسن في ذاتها وصفاتها وعيونها وأشجارها وهوائها ونسائها من البصرة المشهورة ذات المد والجزر، وهي بلد لبني خالد أسمها البحرين والإحساء، ولكن الآن غلب أسم الإحساء على اسمها الأول.
وبنو خالد سكانها عن أب فأب، حتى فرق ملكهم الوهابي وملكهم بعدهم فلما ظهر الوزير العزيز من مصر وفرق شمل الوهابي ردها عليهم، كما كان سابقًا، وقدر ملك الوهابي لها أربعون سَنَة، ولها جملة بلدان لا تحصى بفعالها.
1 / 11
منها مدينة، القطيف المعروفة، وهي بندر على ساحل البحر وأسمها يشمل من القطيف إلى الكويت الذي بقرب البصرة، وهي على ساحل البحر من مدائن وعربان راجع للإحساء.
فمنهم " العمائر " الذين إليهم المجد صائر والمثل بهم سائر إنهم جرثومة المجد وإكرام الناس خالًا وجد، وأيمنهم في الهبات مركوب المكرمات، وأقدم للقراع، وأكرم في الطباع، وأما عددهم أربعة آلاف سقماني، وسبعمائة فارس غير داني ومنهم " الماشير " المعروفون والكماة الموصوفون ذوو الوفاء في العهود والإنجاز للوعود، والصبر للأهوال اصطلاء الحرب السجال والكرم الباهر والجو الوافر، عددهم كماة ألف راجل وفرسانًا خمسمائة مناضل.
وفيهم " الصبح " الاماجد العاضمين على المكارم بالنواجذ، ذوو الحمية الذابة والشيم الشابة، أولو العزم والنجدة والحزم والمجد، يجيبون السؤال والداعي على القتال نيرانهم تشهد لهم بالكرم، وجيرانهم في أمنع حرم، جريين الجنان حيين اللسان، المحامد ألطف بهم، والهيجاء أعرف بهم، أما عددهم فألف وخمسمائة، وفرسانا ثلاثمائة معدودة للحماية.
ومنهم " العمور " ذوو الهبات الغمور، والطعن المشهور، والبحر الزاخر في الحرب، وفخر المفاخر لهم عند الطعن والضرب، أقرب للحبل من غير إلى جفن، وأبعد عن القوم من مصر إلى عدن، تحمل بهم المكرمات، وهم أهلها ويفعلون الطيبات ويحمدوا أنفسهم لهم فعلها. أما عددهم، سقمانًا فألفان وفرسانًا مائتان.
ومنهم " الجبور " ذوو البيت المعمور والفخر المذكور ذوو الجمع الثقيل والعدد القليل، والمقتدون بآبائهم المقتبس النور من بهائهم، عمدة الضائم له الدهر، والمنبغي العسر باليسر، أظرف من ركب الخيل، وأشرف من غشية الليل، هباتهم متزايدة، فأبن معن بن زائدة وكماتهم كالأسود يوم النزال، وعلاماتهم اشهر من بردق الخيال، أما عدد سقمانهم فألفان، وأما فرسانهم مائتان.
قال المؤلف: أنجز الله آماله وأرشد للدارين أعماله كل هؤلاء القبائل الماضي ذكرها والمشار في الطروس فخرها على اختلاف طبقاتهم وتشابه لغاتهم في قبضة الملك الأفخم والصنديد الأقدم سيد العرب ورئيسها وفريدها ونفيسها رب المواهب ومسديها ونجم الكتائب وهاديها عمدة أبناء الزمان وحجة القاطعة والبرهان، من غرب حيثه وشرق، وتلسن في الدياجي بدره وتالف الحائز قصبات السبق عن أقرانه، والفائز بالقدح المعلى عن ملوك زمانه، معذرة الدهر من ذنوبه، ومعذرة العاجز على استيفاء مطلوبه، ذو الغزوات المتواثرة، واليمانيات الباثرة، مستقى عداه بكؤوس النعاس، والمرتقى بعلاه رؤوس الرواس أحمد الناس سيرة وأنورهم بصيرة، وأكرمهم طباعًا وأطولهم إلى العلياء باعًا من لاذ الزمان بجلاله وتبرجت أمامه بجماله، أبن الاماجد الأنجبين والكماة الغالبين مؤتسبي المجد ومنتسببه، ومضر في الحرب وغاشيته، السويد والهمام، الفريد: " سعود بن عبد العزيز بن محمد السعود " بدر الله ثراه، فإنه ملك هذه الممالك هو وارثها عن أبيه وجده ذلك إلا أنهم مختلفون في نياتهم متفاوتون في عامر بائهم فأولهم، وهو الذي أسس هذه الطريقة، وأقام عزايمه في تمديدها على الحقيقة، وجعلها دعوى دينية لا دعوى دنيوية، ودعي أهل الأرض لمؤالفتها، وكفر من أبدى مخالفتها - هو محمد بن عبد الوهاب - فلما تبين بهذه الدعوى وكشف ما أسر من النجوى، حكم محمد بن سعود حتى أقام على تخته مده، وبعد العزيز أبنه، وقامت الأمور بأمره غاية القيام وخدمته الليالي كما شاء، ثم بعده ابنه سعود بن عبد العزيز.
أما محمد وعبد العزيز فطلبهم بذلك نشر الإسلام، وتبين شرائعه والإعلام وكفروا من أبي عن أطاعتهم، وقاتلوه بغاية استطاعتهم.
1 / 12
وأما سعود فعنده حقيقة إن الإسلام موجود في سائر المشارق والمغارب لكن لا يمكنه نفوذ أوامره في طلب الملك إلا بعد عودة إبائه، ففعل فعلهم في الدعوة التي هم أسسوها، وبعده أبنه عبد الله بن سعود الذي ختمت به دولتهم بقهر عزيز مصر، محمد علي باشا وجميع ملكهم ما عدا مائة سنة. وفي قول آخر ثمانون، والأصح أنه مائة، فسبحان من أوجد وأعدم، وتفرد بالبقاء الأدوم منشييء الملوك ومملكها ومنظرها ومهلكها ذو الحكمة البالغة والقدرة البارعة والأخذ الشديد لكل جبار عنيد، ذو المن والكرم، والعفو للعظم ومهلك عاد وأرم، كم أوجد وأفنى، وأغنى وأقفى، خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى فحتم على نفسه بالدوام، وعلى سائر خلقه بالفناء وجعلهم ما بينهم مختلفين إلا من رحم، ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك فسبحانه من عزيز لا يرام، ومنيع لا يضام ومقتدر لا يعجزه الانتقام قلله الحمد إلا وجد والبقاء السرمد.
الفصل السابع
في قبائل العراق
أما العراق من البصرة إلى عانة طولًا فمن بواديه المعروفون " المنتفق " الذين شيخهم الآن " حمود الثامر على الإطلاق، هم قبائل متعددة فمنهم " الشبيب " زبدتهم في المهمات نجدتهم ذوو الأنفس الأبية والشيم العربية، الكماة المشهورين والحماة المذكورين، باعهم في المجد طويل وطباعهم إلى طلب الحمد تميل، هباتهم متواصلة وأكفهم لنيل ما راحته من المحامد وأصلة يكرمون النزيل ولا كلل، ويطفئون الليل مما أشتعل بأياد تمكن الغوادي وسوادي من تغيث الصوادي، شادوا المكارم وأبادوا المحارم، يُقتدى بهم في الفضائل ويهتدي بأواخرهم كالأوائل سنوا مكارم الأخلاق وبنو للحرب.
أرفع رواق، والشبيب المذكورون أربع فرق كلهم مشهورون. وهم " آل محمد " الذين منهم الشيخ، والصقر والراشد والمغامس وهذه الأربع فرق، ألفا خيال وثلاثة آلاف سقماني، وأتباعهم من القرى المتعلقة بهم كثيرة.
منهم " بنو منصور " و" بنو خيقان " و" وأهل الجزائر " قيمة ثمانية آلاف.
ومنهم المنتفق - بنو مالك - خيلهم ألف وخمسمائة وسقمانهم خمسة آلاف وجملة أموالهم البقر والغنم ولم يكن لهم إبلًا.
ومن المنتفق - الأجود - عدد خيلهم ألفي خيال وأربعة آلاف سقماني ذات بقر وغنم أموالهم.
ومنهم - بنو سعيد - عدد خيلهم ألف، وسقمانهم ألفان، هؤلاء المذكورين كلهم أسم المنتفق، فأما جانب البصرة الشرقي منهم " الباوية " ألف خيال تتبع شيخ كعب. ومنهم " كعب " ذوو الطعن والضرب سماح النفوس جمال الطروس ذو الجاه العريض وأساة المريض والكرم ألجم والحلم الأتم.
ومنهم وهم قبائل العراق " بنو حكيم " المؤملين ولا تأميل طالب القيم وهم ساكنين بين السماوة وديرة المنتفق. فرسانهم خمسمائة خيال وألفا سقماني.
ومنهم " الخزاعل " نازلين غربي السماوة القول فيهم أنهم السحاب إذ انهالت والأسود إذا صالت كرام شجعان، وشجعانهم أكرم من كان، نفوسهم على الكرام محافظة ولا مخازي فيهم إلا إنهم رافضة، شرقوا في العلى واتهموا وغربوا في نيلها، وأشأموا بحمدهم طارقهم، ويشتغل بذكراهم مفارقهم والمذكورون تنقسم أربع قبائل كل منهم الحمد نائل أبناء رجل واحد وهم: الشبيب والصقر والحاج عبد الله، وآل غانم يقال لهم " السلمان " عددهم ستة آلاف سقماني وأربعة آلاف من الفرسان ومن الخزاعل " المذكورين "، " عفك " والأقرع وجليحة.
" الفتلة " كل قبيلة من هؤلاء ألفين سقماني، وأما مكاسبهم الحراثات في الشلب على الأنهار المتصلة ليلًا ونهارًا، ومنهم " آل بعيج " ومنزلهم من الخزاعل إلى المشهد " النجف " وهؤلاء أقدم الناس إلى الجود وإغاثة المنجود وأسرع إلى داعي القتال من دفع القوس للنبال خبزهم متصل وشرهم منفصل ورملتهم لا تخطيء وجفناتهم لا تبطئ نجدة الظلاحات وجذوة الظلمات، وعمدة الكرامات، تخشاهم الهيجاء وتقصدهم العلياء، ذوو طباع لينة، ومحامد بينه، أما فرسانهم ثمانية عددهما، وسقمانها ألفان مددها، أموالهم الإبل للنجاب ليس لبقر والغنم لهم بباب.
1 / 13
ومنهم " آل واوي " مائتان خيال وخمسمائة سقماني ومنهم " آل قشعم " ذوو السنان الأغشم والعطر لمن سم حماة الظعون وما آل الظنون، الحائزون الفضل عن أقرانهم، والشاقة البيضاء في غرة زمانهم، أزمة الحرب ومداتها ورؤسائها وكماتها، أعجز سعيهم غيرهم أن يناله وأنجز وعدهم من بارق الوسم من خياله، حلوم ولا جهل، وممد الكرمات، والأهل أرديتهم العجاج، وأسلحتهم الرماج، ما قاموا فخاموا ولا أنعلوا جيادهم إلا وأعدائهم كالجهام، سقمانهم ألفان، وفرسانهم خمسمائة ولم يتعاطوا الرمي والبنادق.
ومنهم " الزقاريط "، بالقرب من سيدنا الحسين وهؤلاء أظرف الفرسان مجاولة، وأمنعهم محاولة وأكرم الحواضر والبوادي وأنطلق لسانًا في اجتماع النادي وأقدم في عزائمهم وأصدم.
لمقاومهم عددهم ثلاثمائة فارس وخمسمائة مداعس ومنهم " زبيد " بين الحلة والخزاعل وهم ثلاث قبائل " آل جحيش والسلطان والسعيد " شيخهم يعرف " شفلح " القول فيهم إنهم آمال الطالب وعجالة الراكب، والبحر العذب للمسالم والحرب العطب للمقاوم، ضدهم محزون وعرضهم مخزون، لا تتبع أحلامهم الأهواء، ولا ثميل سفؤهم للأدنى كلهم أبناء كرام جرم، إنهم أزكى فعالا وأصدق أقوالا وأقوى للحرب إذا نزلت عليهم والمانعيها غير تائبة إليهم.
فرسانهم ألف خمسمائة وسقمانهم ستة آلاف بلا كفاية.
ومنهم " الرفيع " ذوو الإبل النجاب والخيل العراب، والمن الوافر بلا حجاب تشهد لهم أعداؤهم بالفضل وتستنجد بهم العلياء في السهل والجبل، غابتهم قصوى، وقناعتهم لا تلوى.
ومنهم " ربيعة " كرام الطبيعة ذوو القباب الرفيعة والأكف المنيعة، منازلهم من واسط إلى بغداد، قد عمرها السخاء، وأشادوا وافتخروا على أمثالهم، وقصر كل نوال عن نوالهم.
سقمانهم ألفان وفرسانهم مائة وعشرون.
ومنهم " زوبع " المعروفون والكرام المألوفون السالكون مسالك الحمد والمالكون أزمة المجد ذوو العفو عند المقدرة والسخاء بلا معذرة.
سقمانهم ألفان وفرسانهم المعدودة مائتان.
ومنهم " شمر " الجانب الشرقي من الدجلة المسخرة، كبيرهم محمد البردي ومشكور الزوين، وهؤلاء لم يجد اللؤم عليهم مدخل، ولم يذكر في أحدهم قول إنه جبان أو يبخل بخيلين إلا في النوال، وجبن إلا في النزال، سادتهم أحلامهم فأعلت أعلامهم، وتشابهت لياليهم بأيامهم، كلهم طالب فخر وقد خره ذخر، ومع هذا كله لم يعرفوا الرمي بالبنادق ولكن سقمانهم بالرماح المعدودة للكفاح ألفا سقماني، وألف فارس لا كثر ولا واني.
ومنهم " بنو لام " ذوو القدرة والتحام والإكرام لنزيلهم والإنعام، وهذه القبيلة السامية الجليلة، تنقسم فرقتان وهم " البلاسم " وآل عبد الخان وشيوخهم " عرار وعلي خان " عددهم ثلاثة آلاف سقماني، وأما الخيل فألفان كلهم فرسان.
ومنهم " آل كثير " ضد المتقدم ذكرهم وهم شجرة الكرم وإساءة العدم وحماة الحرم يولون جميلهم، ولا يهبون قليلهم، خصالهم أشرف خصال وأفعالهم أكرم الفعال، ورثوا المكارم والمفاخر كابوا عن كابر، وما ونوا ولا آبوا بصفقة الخاسر، هم سواة الفضل ونجله، نزلوا بين الحويزة ودجلة فأصفت لهم هبوبها الأجسام، وملكهم أقدامهم أقصى غاية المرام، حتى انقلوا المشترى بأقدامهم، وصلوا ذروة المجد بأعلامهم وأفاضوا على العائل من فيضهم، وألغوا بذكائهم بين مشتاهم وقيضهم، ذوو جرد سلاهب وبيض قواضب، طوبى لمواليهم، والويل كل الويل لمعاويهم، وهؤلاء المشار إليهم، سقمانهم ألفان وفرسانهم ألف ومائتان.
ومنهم بنو " تميم " غير الماضي ذكرهم ذوو غبطة ومال وخيل ورجال ومسكنهم المعروف باسم ديالى ذات نعم وأرزاق وكرم وأخلاق أسوة للمتكرم وقدوة للمتعلم، ونجدة للمتظلم يحمدهم الطارق ويستغيث بهم الفارق، قسمهم أو من قسم، ومروقهم في الحرب أدهى من مروق السهم، أقدم من الأسود، وأعد في تحكيم الأعداء معه ثمود، وأكرم من حاتم طي، وأحلم قبائل الحي سقمانهم ألفان، وفرسانهم سبعمائة.
ومنهم " الدليم " وهم غربي الفرات، ينقسمون أربع فرق وهم " آل بورديني، وآل بو فهد، وآل بو علوان، والمحامد " كل قبيلة من هؤلاء مائتان وخمسون فارس، وألف سقماني لكنهم أبطال إذا صالوا كرام إذا نالوا، يحمون الحي ينجيع الدم ويمطون الظهور ويحلون الصدور.
1 / 14
ومنهم " الجنابيون " شيوخهم " فدعم، ومرشد " وهم ذوو سطوة مهلكة وهبة مملكة، وكفاح بالسيوف وانشراح للضيوف، ومؤاساة للغائل وإدراك للجمائل، خير مكتسب للثناء، ومشيد البناء، وهادي لطريق المحامد والمنى. وأما عددهم سقمانًا، فألف، وأما فرسانًا فمائتان.
ومنهم سكان جانب دجلة الشرقي بين بغداد وكركوك " العزة " ذوو المجد والعزة، والشوق للمكرمات ولا شوق كثير عزة، القول فيهم أنهم أمام المكرمات وغمام المعصرات، والأخذ الوبيل لمن نازأهم، والركن المنيع لمن والأهم، وما آل المؤمل رفدهم وزاد المتحمل من عندهم وقرة عين الخائف، وقال المستنطق والعائف. فرسانهم خمسمائة لم يعرفوا الرمي.
ومنهم " العنبقية " ذو الأعراض النقية، القول فيهم إن أكفهم ضمرات السحاب وحماة النجائب، وأفضل أقرانهم وأجمل من طلب المدح من أهل زمانهم، كم أتاقوا من واحد وايتموا ولد على فراق والد، وما سلكوا طريقة حمد الألم يهيأ لهم من طلبها زندًا ولا احجبوا نارًا للقتال إلا وجعلوا وقودها صناديد الرجال، ولا طرقهم طارق بحشاشة إلا وبثادر. وقيل زادهم البشاشة، ومع هذا المجد الوافر والجود المتكاثر ينام أحدهم جائع مخافة من الطارقين بالليل الخاشع، ولم يتعاطوا الرمي بالبنادق سوى إنهم إذا نادى، منادي الويل، أجابته الجرد السوابق، وأما عددها في الحساب لا في الكفاية فالمعروف منها ثلاثمائة.
ومنهم " الكروية " ذو المجد والأرومة وأكرم أقرانهم خوولة وعمومة وهم خلف جبل حمرين المخصوص بالبركات في سائر السنين.
السنين، ولو أردت تبيان مفاخرة لورطني ذلك وأوهمني إنه من أشجار الآخرة مما لا يدرك عدة ولا وقف أحد على منتهى حدة من العنب والتبن والرومان والزيتون، والمتشابه من أشجاره البالغة وأقماره الطالعة، ذو التشاكل والألوان صنوان وغير صنوان، فاكتفيت بالأقتطار مخافة الاختصار، وأما المشار إليهم والمسند الثناء عليهم منهم إغراس عربة، والمنشئين بربرية أكرم من ثلوجة وأبها من أثماره في برجه، وأنفع من الزلال للظمآن، وأنجح من هلاك الضد من النعمان، فرسانهم ثمانمائة فارس، وأما الرماة فما عندهم مورد ولا حارس.
ومنهم " آل بيات " ذوو قرى وبوادي وفضائل سابقة وبوادي وجيادها باب الأغادي، سموا إلى الذروة العليا، وجنوا المكارم الأحلام في الدنيا، وهؤلاء المذكورين والكماة المشهورين بين كركوك إلى بغداد في أطيب الأرض أرضًا، وأنعم الناس زادًا وأقرب مصادفة للأهوال وأعذب مشربًا للطارق في سود الليالي فاقوا لمحامدهم الأوائل، وورثوا السماح والجرأة فما بكر بن وائل لو شبهتهم بحاتم في الجود لأصبت أوقستهم بابن الزبيبة في الهيجاء لما كذبت.
وأما فرسان البيات من البيات من هذه القبائل المذكورات فستمائة فارس. وأما عن عرب الجزيرة ما بين بغداد إلى أورفا طولًا وعرضًا من البيرة إلى ماردين وممشاة طولًا أثنى عشر يومًا وممشاة عرضًا ستة أيام، ومن الموصل إلى عانه عرضها ستة أيام شرقها وبوسط الجزيرة المذكورة " جبل سنجار " المشهور، وبه جملة قرى متعددة.
وهو جبل منيع وأهله عصاة للحكم خارجين عن جملة الأديان ليس لهم معتمد وقال بعض العارفين بهم أنهم يعبدون الشيطان لعنهم الله وأيان - ولم يقدر عليهم أحد من وزراء بغداد إلا الوزير الأفخم المغفور له ما تأخر من ذنبه وما تقدم " علي باشا " أعلى الله تعالى منازله بالجنان وتغمده بالرحمة والرضوان، فإنه الذي سار عليهم بعساكره، وحكم السيوف فيهم وقتل منهم جمل عديدة وأسر منهم أسرى ولم يتمكن من ولايته استئصالًا، وأما ما في هذه الجزيرة من المدن المشهورة، فالموصل وأورفا وعانة وقرى لا تعد، وأما عربانهم الموجودين منهم: - " آل عبيد " وهم ينقسمون إلى أربع فرق منهم " آل بو شاهر، وآل بو حمد وآل بو علقي وآل بو هيازة " مساكنهم بين بغداد والموصل، وهم ألفا فارس ولم يتعاطوا الرمي بالبنادق.
1 / 15
ومنهم " طي " وهم ذرية حاتم الطائي الذي هو أشهر من دبر السماء لم يعارضه أحد بالكرم ممن خلق الله من العرب والعجم، وأخباره ليست مجهولة ولا مكذوبة، سانيدها المنقولة، وماذا أقول فيهم ولم يتركوا مقالًا لقائل، القول فيهم أنهم درة القبائل لم يدرك المادح حصر فضائلهم ولم يقف العائم بحر مكارمهم على ساحلهم، فاقوا الأمم باكتساب الشيم، وأعلوا نيران القرى على البقاع فأخبارهم نار على علم، أشجع لدى القراع، وأرفع أقرانهم بقاع، وأطولهم في طلب العلياء باع، وأما مساكنهم بين الموصل وماردين، وهم لا يستعملون البنادق، وأما فرسانهم فألفا فارس.
ومنهم " شمر " وهم من ذرية حاتم المذكور من سكان الجزيرة وهم أكرم العشائر عشيرة وأرفعهم عمادًا وأكرمهم أخوالًا وأجدادًا وأصحهم من ذكر المكارم أسنادًا وأقدم في الحرب وإن جردت سنانها الغضب ولو أجهدت أقلامي في لغتهم، وساعدت أيامي كما أدركتهم، ولكن الكثير على القليل يحمل ويكفي اللبيب عن المفصل مجمل، وشيخ هؤلاء المشهورين سلمًا وحربًا يقال له " الجرباء "، وأما سقمانهم فألفا، وفرسانهم ألف ومائتان.
ومن شمر قبيلة يقال لها " الصليح " وما شبه آخر هؤلاء، المرموقين بأولهم، وفي الحقيقة هم في السبق لاستدراك الجميل فضلهم كرام بأموالهم وأسود عند استبسالهم، يقتحمون الواهي ويجنبون النواهي، ولم يخب لمؤملهم أمل، ولم يبطلوا لعاملهم على هذه الطريقة، منشغلين زحل، عددهم ألف سقماني وستمائة من الفرسان، وهم تبع أيوب بن تمر باشا ومنهم " الملية " وهم تحت حكم تيمور باشا والآن تحت حكم أبيه أيوب ومسكنهم أرض الرها، القول فيهم أنهم أولوا النهى والمعتلين قدرًا والمنتعلين السهى ذوو هبات زاهيات وجياد عاديات ونفوس أبيات لم يسمح الدهر بأمثالهم ولم يسر في ضرب الجميل سوى أمثالهم، يسبق أقوالهم فعلهم ويلحق جواد غيرهم بفلهم، وهم أسوة المتآسين، ونجدة الطارق المرسى.
عددهم أربعة آلاف سقماني وألف وخمسمائة فارس.
ومنهم " الخضر " ذوو العيش النضر والجيش المضر القامعين المعادين مسكنهم بين نصيبين وماردين لم يبق لغيرهم مطعمًا إلا من خيرهم ولم تعارضهم السحب الروائح إلا بتكرار حمدهم والمدائح فاقوا من قبلهم فاشتاقوا أهل زمانهم بعض فضلهم، ولم يدرك لهم غاية ولا وقف على نهاية، وأما الحرب منهم ولدها والبالغوا شدهما والمعجلى قراها ببيض قواضب وجرد سلاهب.
وأما خيلهم فما تجاريها الرياح، ولا تباريها خطوات البارق إن لاح، عددها سبعمائة سابق وألف من الرماة الحواذق.
ومنهم على ساحل الفرات بالجزيرة من الخابور إلى البيرة، " الجبور " غير الماضي ذكرهم، والمشاد فخرهم، وهؤلاء أشبه ممن قبلهم وفد يدركوا فضائل غيرهم، ولم يدركوا من فضلهم سقمانهم ألفان وخيالتهم ألف.
ومنهم " العقيدات " بجانب الشامية القول فيهم أنهم ذهاب المحن وأرباب المدن وبدر الليل، وإن أجن، عوايدهم جميلة، وفوائدهم جليلة سقمانهم ألفان، وفرسانهم ثمانمائة.
ومنهم " البقارة " ذوو الهبات السارة والكتائب المارة الذين هم مآل النجا وساق الرجا ورواق الخائف وقوام المتجانف، سيوفهم أطول من ظلال الرمح، وأكفهم ابيض من نوالها وجه الصبح، ولو لم يكن لهم إلا إكرام ضيفهم الطارق لكفاهم هذا المجد الخارق.
وأما فرسانهم خمسمائة وسقمانهم ألف.
ومنهم " ألبو شعبان " السالكون في أفعالهم مسالك أكرم العربان القول فيهم قول المتبع آثارهم، العارف بأسرارهم، إنهم عماد المكرمات " وحياة الرفاه " وقصب دائرة الحروب والشهب المنيرة، ونعم العشيرة لتنفيس الكروب، صريعهم لا يرجى قيامه إلى يوم القيامة.
فنعم الطاغين وأكرم، وبئس لمطاعنيهم وأشام. خمسمائة سقمانهم، ومائتان فرسانهم ومنهم بجانب الشامية " العفادلة " و" الولدة " ذوو البأس والشدة والغياب والنجدة، الذين هم يفاع المكرمات وبقاع الرياض الناظرات بجهدهم النزيل ويستقلون له الجزيل، ولو يتركوا لسواهم مسلكًا من مسالك الجميل.
عددهم سقمانًا ألفان وفرسانًا ألف ومائتان.
ومنهم " آل بو محمد " وهم أشبه بالماضين في المكرمات ونيلها وخوض بحورها المهلكات بليلها، والفضل يدل نشره عليه وشبيه الشيء منجذ إليه. وأما فرسانهم مائتان وسقمانهم خمسمائة.
ومنهم " بنو سعيد " ذوو البأس الشديد والسنان الحديد السابقون في المجد والمدركون الحمد في هزلهم والجد.
1 / 16
أما فرسانهم فهم الترك، استغفر الله قد يجيب لقولي هذا الترك بل هم بنو الأصغر المذكورون، ولا أتفوه بالترك لأن ليس لهم مناظرون ومع هذا إكرامهم نزيلهم وإعطائهم جزيلهم لم يحسبوه من مكارم الأخلاق لأن ذلك عندهم أهون الأخلاق، وهؤلاء أعظم أقرانهم، قدرة أميرهم أسمه " فحل آل خليل " عددهم سقمانا ثلاثة آلاف وألف وخمسمائة فارس.
وكل هذا الفصل المتعلقة به قبائل العراق في قبضة وزير بغداد حرسه الله تعالى من طوارق الأضداد من البصرة إلى ماردين وما عداه من قبائل بجانب الشامية على ساحل الفرات تحت ملك وزير الرها، وهذا ما أشبه المؤلف سامحه الله تعالى من قبائل العراق المعروفين، ولم أبالغ من أثباتهم لأن المتروك أكثر من المذكور والسبب الداعي إلى تركهم عدم الاحتياط بهم والاستعجال من تسديد هذه الكراريس، ولو يشاء الله عز شأنه ثم أشاء لأفصحت عن الجميع غير هذا التفصيح وأوضحت أبين من هذا التوضيح، لكن الذنب محمول على الزمان وتراكم المحن التي ذات ألوان والله سبحانه المستعان.
الفصل الثامن
في قبائل حلب من عنزة وغيرهم
منهم " الموالي " ذوو المحامد والمعالي والسبق في المكرمات واللحوق لأبعد الغايات سادة الحرب وأهوالها وأعشق طالب لها وأهوى لها وأقدر أبنائها إليها وأصبر من الحسام بكف البطل عليها، كم أقبلت فمنعوها وطارت عقبانها في العنان السماء فرفعوها، ورثوا المجد عن أب فجد، وأججوا نيران القرى على رؤوس الأعلام، وأنجدوا مستغيثهم بما ادخروه من فضلات المواهب والحطام، العون في الشدائد أيديهم والقطب للمكارم وناديهم، والحمد لهم أين ما ملكوا، وحديد الهند نصيرهم أين ماسلكوا سكنوا بالقرب من حماة فكانوا لما يليها غيوثه وحماة، أما الآن فألف فارس وثمانمائة.
وأما سابقًا فعشرة آلاف فارس.
أميرهم " محمد آل خرفان " وقد تغلبوا عليهم عنزة فأدركوهم بالنقصان.
ومنهم " الحديديون " المشهورون والكماة المذكورون، أموالهم الشاة، ورجالهم الحمير، ومسكنهم جبل الأحصى وحارة نهر الذهب الكبير. القول فيها أكرم من وضع المجفاف وأشجع من رفع السنان وأحلم عند الغضب وأكرم عند الطلب شاكروهم أكثر من شاكيهكم، والحالمون عن نداهم في الحقيقة لم يحاكموهم كلهم فرس رهان في الجود وطالب حمد وباذل موجود.
وأما عددهم وحماة بلدهم منهم أربعة آلف سقماني كلهم أقد في الحرب من سقوط السهم الداني والله أعلم.
ومنهم " الفدعان " من عنزة ذوو الوعود المنجرة والهبات المبرزة وهم أربع عشائر منهم " آل غبين، والحرصة، والولد، آل مهين " وكل قبيلة من هؤلاء ألفي سقماني وألف خيال.
ومنها " أبن هذال " ومن تبعه من الكماة والأبطال التي لا يدرك فخرها ولا يسر في الظلمات بدرها الذين هم حذوة المقتدى، ونجدة المجتدى وما آل الأمل وكمال الفضائل بدور السعود ونجاز الوعود، ورياض المفاخر الذي تسرها أولًا ولا آخر، تقصر الألسن عن مدحهم وتضئ الدياجي بقدمهم خير القبائل في الندى وأبعدهم عن قسائم الردى.
عددهم ثلاثة آلاف سقماني وفرسانهم ألف فارس.
ومنهم " السبعة " المشهورون والكماة المدخرون النازلون المخون والمفقرون الضيوف، ذوو الأكف الوطف، والرماح الرعف، والمارقون من الذم مروق السهم من الصف، أولئك هم خير البرية في البحور والبرية.
وأما عدد سقمانهم ألف وخمسمائة، وأما فرسانهم فألف للحماية.
ومنهم " آل فاضل " ذوو البراز والتناضل وهؤلاء هم حكام عنزة سابقًا ويعرفون بالحسنة، القول فيهم أنهم الحق إذا حصحص والبرق إذا بصبص، والأسائي للغيوم والمؤاساة للمظلوم، وعددهم صادق وسهمهم راشق، تنوب قلوبهم عن الدروع، فلا تقاومه الجون الغوادي ولا يدرك حصره حضر ولا بادي قد شمل الأكم والعرب والعجم.
وأما فرسانهم فخمسمائة فارس " العمور " ضد الماضي ذكرهم وهم قريب جبل الطيبة المعروفة وهم أشبه بسلوك طريقة الجود بمن قبلهم.
وعدد فرسانهم المشهورين خمسمائة فارس.
وكل هؤلاء العشائر مسكنهم بين الشام وحلب الآن. ومن عنزة سكان أرمى الشام.
ومنهم " ولد علي " وشيخهم " دوخي الشمير " وهم ألف خيال وأربعة آلاف سقماني، وهؤلاء الذين يحملون الحاج ولهم حر من الدولة العلية معينا كل سَنة.
ومنهم " السوالمة " من عنزة وهم من قبيلة " الدريعي " المشهورة وهم خمسمائة خيال وألف سقماني.
1 / 17
ومنهم " الأشاجعة " من عنزة كبيرهم " أبن معجل " ذو حمية زائدة وهمم متزايدة، فاقوا من قبلهم وأكتسب المتأسي لهم من فضلهم وهم ستمائة فارس وألف سقماني.
ومنهم " عبد الله " بالتخفيف، عددهم ثلاثمائة خيال وخمسمائة سقماني، وفيهم من الشجاعة ما لم يدرك مقابلته تبع ولا يصنع الاستطالة ومنهم " الروله " شيخهم " الدريعي " المشهور، وهؤلاء قبيلة أطول باعا في الكروم، ورع الذمم، والمداسات للعائل والارتكاب الفضائل، والطعن في المضايف والضرب في المفارق أولئك المجد عليهم أجمل، وأخبارهم في المكرمات أعرض وأطول، وأما عدد سقمانهم والمعروف من فرسانهم ألف وخمسمائة وألف فارس، وكل هؤلاء المذكورون، من بصرى إلى الشام، وأما الذين غيرهم من عربان الشام فهم: " السردية " هؤلاء المذكورون من حمال الحاج، ولهم صبر معلوم من الدولة العلية، والآن تغلبوا عليهم. وهم خمسمائة خيال بهذا الزمن الآخر.
ومنهم " بنو صخر " ذوو المجد والفخر والقدرة والقهر.
القول فيهم أنهم سابيب السماح، وأنابيب الرماح، جهابذة النطق، والرعاة إلى طريق الحق والمكرمون نزيلهم والمسبلين جميلهم وذوو محافظة على الحاج الأكبر، ودافعه الخطب بكل يمان وأسمر.
عدد سقمانهم ألف وفرسانهم خمسمائة.
ومنهم " السرحان " ذوو المن والإحسان والعفو والصفح والوفاء والمنح والضرب بالهامات، والطعن بالردينيات. وهؤلاء أكرم من رائحة أشبه ليلتهم من البارحة. سقمانهم ألف وفرسانهم خمسمائة.
ومنهم " آل عيس " المذكورون كل نفيس والطاعون كل خميس نجدة المستنجله. وقدوة المسترشد الذين بهم أس المريض والجاه العريض، حايات جارهم متظلم ولا لروع المخاوف متألم، ولم يسبقهم أقرانهم في المكرمات، ولم يكن إلا من تعاطيها أشتغالات قد ضحك الدهر بوجودهم وأنطبع من مرآة صفحاته جودهم واعتذرا لي بينه من سوء صنع بناته، وختم الفضل بهم وإن كان هم مقدمات حسناته، وساءت الظنون قتل وجودهم وتراجعت الأماني، فحققوا ظنها وشحت الجون الفوادي فتقابلوا بلهاهم ضنها، وكيف أصف مناقبهم أو بعضها أو يرضى نشر أمرهم الأعداء وأنا لم أرضها.
وأما عدد هؤلاء الطائفة فرسًا وتشخيص رماتهم إنسانًا فإنسانًا، ثمانمائة فارس وألف وخمسمائة رامي.
هؤلاء أموالهم الإبل، وهم قلما يصطلحون بينهم وبين المشار إليهم آنفًا من عنزة بنواحي الشام.
" وآل بو عيسى " المذكورون قبيلة قديمة وأعراقهم في السبق للغايات كريمة. وهذا ما من الله سبحانه يبلغوه وضمم شمل المتنافر من فصوله وسجوعه، وأبديت فيه غاية الجهد الجهيد وأديت الواجب في حقه من المحامد والتمجيد، ولم أدخل عليه لفظه مستعارة أو فقرة يقدح فيها القادح بازدرائه واحتقاره إلا إني جعلته مسودًا ولا بد من إمعان النظر فيه مردد التنقيح المحسن والمسيء والمظلم من المضيء فحال دون ذلك الاهتمام من صاحبه المقترح على أيجاد فرائده وعجائبه ورتبته على ثمانية فصول: الفصل الأول: في قبائل اليمن الفصل الثاني: في الحجاز الفصل الثالث: في نجد الفصل الرابع: في قبائل نجد الفصل الخامس: بذكر عمان الفصل السادس: بأخبار الاحساء الفصل السابع: في قبائل العراق الفصل الثامن: في قبائل حلب وما يليها والله سبحانه المسؤول ونعم المأمول أن يعظم الأجر ويشرق في جنح الدياجي غرة الفجر، وأن يتسامح من الخطأ والزيادة، ويسبل رداء ستره، كما كان على أحسن عادة فللناظر في تشجيعه وتضفيفه وترصيعه وتأليفه أن ينظر بعين الموادات للخل والتجاوز عن التقصير في القول والعمل، وأن يحسن الذكر لصاحبه، ويقبل معذرته من عدم إحرار الكتاب ومقابلته فالكريم من سر السهو، وقابل الذنب بالعفو والله الهادي إلى سواء الطريق، والمرشد إلى الحق الحقيق وبه الكفاية والحماية والوقاية وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأكرميين وأصحابه الغر الميامين، والحمد لله رب العالمين.
1 / 18