ثم هبطت السلم في سكون وخرجت.
كان الليل لا يزال هادئا باردا مظلما.
طوت إيزابلا الطرقات القليلة التي كانت تفصل بين دارها وداره.
وجعل الأفراد القلائل الذين صادفوها في الطريق يلتفتون وراءهم بدافع إجباري ليشيعوا بالنظرات تلك القامة الأملود الرائعة الجمال، ومن مشيتها الجادة المعتزمة، وعينيها الشاخصتين المنصرفتين عنهم، وعن كل ما سواهم - استنتجوا أنها لا بد أن تكون في رق إنسان آخر قد امتلك شخصها امتلاكا ذهنيا أو فعليا.
تصل الفتاة إلى منزل إصطفيان، فتعلم أنه هنالك فيعتريها نوع من الخوف والذعر من مقابلته، ولكنها تكلف الخادمة أن تخبره بمجيئها، وأنها تريد لقاءه.
وتدخل في غرفة الاستقبال، وتصعد الخادمة بالرسالة، ثم تستند إيزابلا إلى جدار الغرفة، ويعتريها بغتة وهن وخور فظيع متسبب من شدة انفعالها، واهتياج أعصابها.
وفي الحجرة كرسي، ولكنها لا تراه لظلمة عينيها، فكل ما تستطيعه إذ ذاك هو أن تتعلق بأكرة الباب، وتسند رأسها إلى الحائط.
في ذلك الحين يكون إصطفيان جالسا في الدور الأعلى مع أخيه واثنين من أصحابه، لقد كانوا يلعبون الورق، وقد فرغوا من الدور الأخير، ووقفوا ليلينوا أعضاءهم، واتكأ إصطفيان على صفة الموقد كعادته وأخذ يتثاءب، وكان قد قام عن مائدة الورق مغلوبا، وهو الرجل الذي لا يطيق في اللعب غلبا ولا خسارا.
في هذه اللحظة تنقر الخادمة على الباب، ثم تدخل وتقول وعلى ثغرها ابتسامة خفيفة معنوية: «سيدي، إن بأسفل الدار سيدة تريد أن تراك، وقد قالت: إنها لن تصعد إلى هنا، وهي تنتظر بحجرة الاستقبال.» يسود السكوت في الغرفة، ويصفر وجه إصطفيان، ويرتفع حاجباه دلالة على السخط والاستياء.
يتردد إصطفيان لحظة ثم يعبر الغرفة نحو الباب دون أن ينطق بأدنى كلمة، وترجع الخادمة بسرعة.
Bilinmeyen sayfa