Palyaço Gözyaşları: İlk Kez Yayınlanan Hikaye Koleksiyonu

Abdülgaffar Mekkavi d. 1434 AH
70

Palyaço Gözyaşları: İlk Kez Yayınlanan Hikaye Koleksiyonu

دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة

Türler

أنا أيضا كلبي مثله، حافي القدمين تبعت طريقه، لكن ما أكثر ما ثرت عليه وتبعت طريقي، عضتني كل كلاب الأرض ولم أصبح كلبا، مثلت الدور كأني أبأس من أبأس كلب ضائع، كي أثبت أن الإنسان محال أن يصبح كلبا، حتى لو خاض بحور اللذة أو غاص عميقا في أوحل الشهوة وانسحر على عظم السلطة والثروة، آه! ماذا قلت؟ ولماذا أتسرع معك وأنت تريد الحق وفي يدك موازين الحق؟

أصغ إلي إذن يا قاضي الحق، كنت أعيش كغيري من أثرياء هذا البلد ولا هم لي إلا المتعة والشهرة، قصري كبير وضياعي واسعة وخدمي ومحظياتي وعبيدي أكثر من أن أحصيهم أو أعرف وجوههم، أموالي تربو كل يوم، وكرومي تسيل في كل الكئوس، وسفني ومراكبي تجوب كل البحار، واسمي وشهرتي على كل لسان، حتى رأيته ذات مساء يعرج على شاطئ الميناء، تركت العمال والبحارة والعبيد يفرغون السفينة من حمولتها وذهبت إليه. كان يبدو من هيئته ومشيته أنه كلب آدمي ضل طريقه إلى حيث لا يجد اللقمة ولا العظمة، معطفه القذر خرقة كالحة السواد ملطخة بالبقع مليئة بالثقوب، ورائحته العفنة وهيكله المهدم مثل صندوق باندورا الذي حشرت فيه كل الفظائع والشرور، وتحول إلى صندوق قمامة خاو حتى من روح الأمل، تقدمت منه وأنا أضع يدي على أنفي وقلت: أراك تبحث عن شيء أيها الشيخ، هل أستطيع مساعدتك؟ تجهم وجهه الصخري الممتقع وقال: البرميل، سرقوا البرميل. حاولت أن أضع ابتسامة على فمي قبل أن أسأله: البراميل هنا كثيرة ومن كل الأحجام، وسفينتي وصلت الآن وعليها ... ازداد عبوسه وتحرشت نظراته وعلا صوته الأجش وكأنه نتوء صخري يخترق أذني ولحمي: وما شأني بسفنك جميعا! أريد مسكني الذي سرقوه أو حطموه، سألت وأنا أتكلف الصبر والمودة: مسكنك؟ زام في غضب: نعم مسكين، ألم تسمع عن حامل المصباح الذي يسكن البرميل؟ ألم يقل لك أحد إن البطل الطائش قد زارني وأنا عاكف على التأمل داخله؟ ضحكت بصوت مرتجف وهتفت: أجل أجل! وقلت له ابتعد ولا تحجب عني ضوء الشمس! حدق في وقد تورمت تجاعيد وجهه وحرك شفتيه، فخشيت أن تبرز منها أنياب كلب عجوز: والآن يمكنك أن تنصرف وتتركني أبحث عن برميل يئويني. قلت بصوت منفعل بالرقة والحفاوة: كل براميلي تحت تصرفك ، قل أين يضعه عبيدي وسوف تحلم فيه الليلة أسعد الأحلام! أشار بيده ساخطا ورفع عصاه محذرا: أنت وعبيدك! قلت ابتعد عن طريقي! •••

لكنني لم أبتعد عن طريقه، ظللت أسأل عن أخباره وأقواله ونوادره حتى عرفت السبيل إلى مأواه وموضع إلقاء دروسه ولقاء تلاميذه، ما الداعي لأن أحكي كيف جرى ورائي بعصاه عندما لمح وجهي الناعم المنتفخ وملابسي المزركشة الفخمة وأخذ يدمدم ويزمجر: من قال لك إن الكلبيين يقبلون الكلاب بينهم؟ تحملت الضرب على رأسي وظهري وصدري أكثر من مرة. استعطفته وتوسلت إليه أن يجعلني تلميذه. جرني من قدمي على الأرض ورماني بعيدا كأنه يتخلص من جثة. قلت له جربني، لا تغتر بردائي الحريري وحزامي الذهبي وعربتي المطهمة، لا تتخل عني أيها الراعي، علمني أيها المعلم! أرجوك لا ترد سائلا يبحث عن جواب.

قام من مجلسه غاضبا ودفعني إلى الخارج وهو يسب ويلعن ويحرق جسدي بعصاه: قبل أن تتطهر من دنسك؟ تحسست رأسي المشجوجة ومددت له كفي المخضبة بالدم: دنسي؟! لقد جعلتني أحلق فوق العتبة المقدسة، قل لي الآن كيف أستحق الوقوف عليها. زأر كأسد ضار: عندما تتضع مثلنا وتترك كل شيء، عندما تزهد حتى في الزهد وتصبح أفقر من الفقر، عندما تخرج من حظيرة الكلاب الآدمية لتستحق الدخول في حظيرة الكلاب الآلهية. صرخت من ألم العصا التي انهالت على رأسي وصدري وكتفي وقلت بإصرار: علمني كيف أخرج وكيف أدخل، كيف أكون تلميذك. رقت ملامحه الغليظة ورفع عصاه عني ورجع إلى مجلسه، ولمحت على فمه ظل ابتسامة، ففهمت أنه يسمح لي بسلوك طريقه. وبدأت أواظب على حضور دروسه وسماع مواعظه وحكمه حتى اقتنعت وصممت. كانت الهواجس قد أخذت تعضني قبل ذلك بسنين وسنين، وكنت أزداد جوعا كلما شبعت، وأحترق ظمأ كلما ارتويت، القصر بدأ يضيق علي شيئا فشيئا حتى أصبح كالسجن أو القبر، والخدم والعبيد والخيول والقطعان والعربات وطواحين الزيوت ومصانع الفخار والمغازل صارت أشباحا في كابوس يطبق علي بالليل والنهار. صحاف الطعام الذهبية الزاخرة بأصناف اللحوم والفاكهة تحولت إلى أوعية تنضح بالسم كلما رأيت جيوش الجوعى والشحاذين والمعدمين على الطرقات أو على عتبات قصري، والمحظيات والراقصات والمغنيات صرن في عيني جثثا ملونة كلما أبصرت العجزة والمرضى والعميان والمجذومين والمشوهين والقتلى العائدين من الحروب المستعرة بين دول المدينة في الأكفان والتوابيت. ومعارفي وحسادي من التجار والملاك والحكام والقواد والرؤساء والخطباء صاروا كلابا استفحل سعارها وارتفع عواؤها بعد أن تحللت دولة المدينة وتناثرت أشلاؤها في مهب الإعصار المنتظر، وظللت أدور على نفسي كالديك المقطوع الرقبة أو كالثور المذبوح قبل السقوط، حتى قر قراري يوما واخترت، ووقفت أمام خدمي وعبيدي وعمال مزارعي وضياعي وأعلنتهم بالقرار، لم أكتف بإطلاق سراحهم، بل وزعت عليهم ثروتي، حاولت أن أتوخى العدل فلم يبق أحد إلا وفاز بنصيب، وبغير أن أنظر خلفي غالبت لذة النظر إلى عيونهم الدامعة وغادرت بوابة القصر وعلى جسدي معطف متهرئ أهدانيه أحد العبيد الذين منحتهم أفخر ثيابي ومعاطفي وعباءاتي المطرزة بخيوط الذهب والفضة والمضمخة بعطور الهند وبلاب العرب السعيدة. لم أهجر القصر وحده بل هجرت تاريخي وخلعت أقنعتي ومحوت وعيي السابق وأنكرت جسدي القديم، اقتلعت جذور شجرتي بيدي وحملتها معي لأغرسها في تربة أخرى. سقطت منها أوراق السلطة والقوة والثروة والشهرة. طارت طيور الأحلام والأمجاد والطموح مذعورة خائفة، ومضيت أتعلم وأعلم وأروي كل الأشجار العارية بماء الحكمة والزهد والقناعة والرضا. فتحت في وجهي البيوت والأكواخ حتى سموني فاتح الأبواب، أدخل فأنبه النائمين وأواسي المحزونين وأمسح على رءوس المرضى اليائسين وأغيث المنكوبين في الزلازل والأوبئة، وفي الوقت نفسه أواجه غيلان السلطة ولصوص الشهرة والحكمة والدجالين الكذابين ينادون على السلع المعطوبة وبأرخص سعر! أواجههم بخرقي البالية ومواعظي المتزمتة، وأنقض عليهم كالكلب المسعور إذا انقض على السوط اللاسع في كف الحارس والشرطي الشرس، كم بيتا دخلت وسقيت العطشان من قربة حكمتي، كم كوخا أطعمت فيه الجوعان من خبز قناعتي، وكم أنذرت وحذرت الذئاب المحترفة والكلاب السمينة من كارثة الغرق في مستنقع اللذة والترف، والتحليق بأجنحة الغربان الناعقة بالثرثرة والادعاء، والخفافيش المتخبطة في جدران الأحلام والأوهام وبين أطلال المذاهب والنظم المتداعية ، كم قلت لأرباب المجد الخادع وملوك الذهب اللامع وذئاب العشق المسموم الآثم: هبات الحظ قشور في قاع اليم تدور، ومتاع العالم وهم، واللذة لهو وغرور. أما ما تتعلم وتفكر فيه بنفسك أو تلقاه من ربات الفن السبع، فملكك أنت ولن يسلبه أحد منك. تسألني:

ما هو حظك - بعد ضياع العمر - من الحكمة والعلم؟

فأقول قليل وكثير: ملء المكيال بقول تكفيني اليوم،

وفؤاد خال من غصص الهم! والجوع شفاء من يأس الحب.

فإن لم يجد فدع للزمن جراح القلب،

وإذا ما الليل اسود وسدت أبواب الدنيا في عينيك،

فشد الحبل على رقبتك،

Bilinmeyen sayfa