فإن قال قائل: ولم لا يوصف تعالى بذلك؟ قيل له: إن الحسن الجميل هو على ضربين: فضرب منه أن يكون حسنا جميلا في المنظر لمن يراه، والله تعالى لا تجوز عليه الرؤية فلا يجوز أن يكون حسنا جميلا في المنظر. وأيضا: فإن الحسن والجمال يحلان في الشاهد في الحسن (¬1) الذي هو في المنظر حسن، وفي مكانه /30/ الذي فيه ذلك الحسن، فلما لم يجز أن يحل الله في الحسن والجمال ولم يكن له مكان فيحل حسنه وجماله في مكانه لم يجز أن يوصف تعالى بأنه حسن جميل من جهة حسن المنظر. والوجه الآخر من الحسن والجمال هو أن يكون حسنا جميلا في العقول، كما أن الحكمة والصلاح والصواب والعدل حسنة جميلة في العقول، وأضدادها من الفساد قبيحة، فلما كان الله عز وجل لا يتصور للعقول كتصور ما وصفنا من الحكمة والعدل وغيره لم يجز أن تستحسنه العقول كاستحسانها لهذه الأشياء، فصح بهذا أنه لا يجوز أن يوصف تعالى بالحسن ولا بالجمال، ولكن يوصف تعالى بأنه حسن الصنع إلى عباده، وأنه جميل الفعل، فيكون الحسن والجمال لأفعاله لا له عز وجل.
Sayfa 55