ولا يوصف تعالى بأنه فصيح؛ لأن الفصيح في اللغة إنما هو الكلام الذي يفصح عن المعنى ويوضحه، فكلام الله تعالى فصيح، وإنما وصفهم القائل بأنه فصيح /29/ وإنما هو توسع، فلا يجوز أن يوصف الله تعالى بذلك؛ لأنا لم نجده في صفاته فنصفه به على التوسع، ولكن [نصف] كلامه بأنه فصيح على جهة الحقيقة. وربما قال القائل: فلان فصيح اللسان، وهو يريد أنه ذرب اللسان، وهذا توسعا ومجازا؛ لأن الفصاحة إنما هي للكلام، وليس ذرابة اللسان من الفصاحة في شيء؛ لأنه رب ذرب اللسان يكون كلامه فاسدا فلا يكون فصيح الكلام، وربما كان الشاعر والمتكلم في لسانه لكنة.
ولا يوصف تعالى بأنه بليغ ولكن يوصف كلامه بأنه بليغ؛ لأن البلاغة إنما هي للقول على الحقيقة لا للقائل، وهو القول الذي بلغ له المخاطب من فهم معناه ما أراده القائل، فلما لم يوصف القائل منا بأنه بليغ على الحقيقة، ولم نجد في صفات الله عز وجل أنه بليغ على المجاز لم يجز أن يوصف الله تعالى بأنه بليغ، ولكن يوصف كلامه بأنه بليغ على الحقيقة، ويدل على أن البليغ هو القول على الحقيقة قوله عز ذكره: {حكمة بالغة فما تغن النذر} (¬1) ، والبالغ هو البليغ، يقال : رجل بليغ وبلغ (¬2) .
ولا يوصف تعالى بأنه خطيب؛ لأن الخطيب هو الذي يخطب على من يسمع خطبته، فلما كان هذا المعنى من الله تعالى غير موجود لم يجز أن يوصف بأنه خطيب.
Sayfa 53