في خصومه فلا ينبغي له أن يقبله في وكالة، ولا يحل إدخال اللدد على المسلمين.
وقد أعلمني العتبي أن سحنون بن سعيد كتب إلى القاضي محمد بن زيد والذي ﵀ كتابًا وقع إلى العتبي نسخته وفيه ألا يقبل الخصوم الوكلاء لما فيه من اللدد، والتشغيب، والإدخال، وإبطال حقوق الناس. والذي ذهب الناس إليه في القديم والحديث قبول الوكلاء إلا من ظهر منه تشغيب لدد فذلك يجب على القاضي - وفقه الله - إبعاده، وألا يقبل منه توكيلًا على أحد.
وقد تقدم معنى هذا كله من "المدونةن" وغيرها. ورأيت فقهاء طليطلة يقولون: إن من وكل على طلب حقوقه، والمخاصمة عنه فيها وفيما طولب به، وعلى الإقرار عليه والإنكار عنه، على ما في وثائق التوكيل بإقرار الوكيل أن موكله وهب داره لزيد، أو قال لفلان: على هذا الذي وكلني مائة دينار أن ذلك لازم لموكله (١).
وأنكر ذلك ابن عتاب وقال: إنما يلزمه إقرار فيما كان من معنى المخاصمة التي وكل عليها، وإما أن يقر عليها بما يخرجه من أملاكه فلا يقبل منه. وهذا الصحيح عندي.
وفي الشفعة من "المدونة":
قال ابن القاسم: من وكل على قبض شفعته فأقر أن موكله قد سلمها فهو شاهد، يحلف المشتري معه، وتبطل الشفعة (٢).
وفي بعض مختراتها: ولو كان مع إقرار الوكيل شاهد آخر وكانا عدلين بطلت الشفعة إلا أن يكون الشهود عليه الشفيع غائبًا غيبة يتهم وكيله على الانتفاع بالمال في ذلك - وللمال بال - فلا تبطل الشفعة بشهادته.
وفي كتاب الشهادات:
من وكل رجلًا على قبض ماله على فلان فجده فلان فقدمه وأحلفه ثم لقيه صاحب الحق لم يكن له أن يستخلفه لأن وكيله قد استخلفه. يريد أن جعل إليه استخلافه أو كان مفوضًا إليه. والله أعلم.
قال حبيب بن نصر: سألت سحنونًا عمن وكل على مخاصمته رجلًا فلم يقم الوكيل
_________
(١) انظر مواهب الجليل ج ٥، ص ١٨٩.
(٢) انظر مواهب الجليل ج ٥، ص ١٨٩.
1 / 57