البحر : طويل 1
لعمرك ، ما الدنيا بدار بقاء ؛
كفاك بدار الموت دار فناء
2
فلا تعشق الدنيا ، أخي ، فإنما
يرى عاشق الدنيا بجهد بلاء
3
حلاوتها ممزوجة بمرارة
وراحتها ممزوجة بعناء
4
فلا تمش يوما في ثياب مخيلة
فإنك من طين خلقت وماء
5
لقل امرؤ تلقاه لله شاكرا ؛
وقل امرؤ يرضى له بقضاء
6
ولله نعماء علينا عظيمة ،
ولله إحسان وفضل عطاء
7
وما الدهر يوما واحدا في اختلافه
وما كل أيام الفتى بسواء
8
وما هو إلا يوم بؤس وشدة
ويوم سرور مرة ورخاء
9
وما كل ما لم أرج أحرم نفعه ؛
وما كل ما أرجوه أهل رجاء
10
أيا عجبا للدهر لا بل لريبه
يخرم ريب الدهر كل إخاء
11
Sayfa 1
وشتت ريب الدهر كل جماعة
وكدر ريب الدهر كل صفاء
12
إذا ما خليلي حل في برزخ البلى ،
فحسبي به نأيا وبعد لقاء
13
أزور قبور المترفين فلا أرى
بهاء ، وكانوا ، قبل ، أهل هاء
14
وكل زمان واصل بصريمة ،
وكل زمان ملطف بجفاء
15
يعز دفاع الموت عن كل حيلة
ويعيا بداء الموت كل دواء
16
ونفس الفتى مسرورة بنمائها
وللنقص تنمو كل ذات نماء
17
وكم من مفدى مات لم ير أهله
حبوه ، ولا جادوا له بفداء
18
أمامك ، يا نومان ، دار سعادة
يدوم البقا فيها ، ودار شقاء
19
خلقت لإحدى الغايتين ، فلا تنم ،
وكن بين خوف منهما ورجاء
20
وفي الناس شر لو بدا ما تعاشروا
ولكن كساه الله ثوب غطاء
البحر : متقارب تام 1
Sayfa 2
أشد الجهاد جهاد الورى
وما كرم المرء إلا التقى
2
وأخلاق ذي الفضل معروفة
ببذل الجميل وكف الأذى
3
وكل الفكاهات مملولة
وطول التعاشر فيه القلى
4
وكل طريف له لذة
وكل تليد سريع البلى
5
ولا شيء إلا له آفة
ولا شيء إلا له منتهى
6
وليس الغنى نشب في يد
ولكن غنى النفس كل الغنى
7
Sayfa 3
وإنا لفي صنع ظاهر
يدل على صانع لا يرى
البحر : طويل 1
نصبت لنا دون التفكر يا دنيا
أماني يفنى العمر من قبل تفنى
2
متى تنقضي حاجات من ليس واصلا
إلى حاجة ، حتى تكون له أخرى
3
لكل امرىء فيما قضى الله خطة
من الأمر ، فيها يستوي العبد والمولى
4
وإن أمرءا يسعى لغير نهاية
لمنغمس في لجة الفاقة الكبرى
البحر : - 1
Sayfa 4
أما من الموت لحي لجا ؟
كل امرىء عليه الفنا
2
تبارك الله ، وسبحانه ،
لكل شيء مدة وأنقضا
3
يقدر الإنسان في نفسه
أمرا ويأباه عليه القضا
4
ويرزق الإنسان من حيث لا
يرجو وأحيانا يضل الرجا
5
اليأس يحمي للفتى عرضه
والطمع الكاذب داء عيا
6
ما أزين الحلم لإصحابه
وغاية الحلم تمام التقى
7
والحمد من أربح كسب الفتى
والشكر للمعروف نعم الجزا
8
يا آمن الدهر على أهله ،
لكل عيش مدة وانتها
9
بينا يرى الإنسان في غبطة
أصبح قد حل عليه البلى
10
Sayfa 5
لا يفخر الناس بأحسابهم
فإنما الناس تراب وما
البحر : مجزوء الكامل 1
لله أنت على جفائك
ماذا أومل من وفائك
2
إني على ما كان منك
لواثق بجبيل رأيك
3
فكرت فيما جفوتني ،
فوجدت ذاك لطول نايك
4
فرأيت أن أسعى إلي
ك وأن أبادر في لقائك
5
Sayfa 6
حتى أجد بما تغير
ر لي وأخلق من إخائك
البحر : وافر تام 1
أذل الحرص والطمع الرقابا
وقد يعفو الكريم ، إذا استرابا
2
إذا اتضح الصواب فلا تدعه
فإنك قلما ذقت الصوابا
3
وجدت له على اللهوات بردا ،
كبرد الماء حين صفا وطابا
4
وليس بحاكم من لا يبالي ،
أأخطأ في الحكومة أم أصابا
5
وإن لكل تلخيص لوجها ،
وإن لكل مسألة جوابا
6
وإن لكل حادثة لوقتا ؛
وإن لكل ذي عمل حسابا
7
وإن لكل مطلع لحدا ،
وإن لكل ذي أجل كتابا
8
وكل سلامة تعد المنايا ؛
وكل عمارة تعد الخرابا
9
وكل مملك سيصير يوما ،
وما ملكت يداه معا ترابا
10
أبت طرفات كل قرير عين
بها إلا اضطرابا وانقلابا
11
Sayfa 7
كأن محاسن الدنيا سراب
وأي يد تناولت السرابا
12
وإن يك منية عجلت بشيء
تسر به فإن لها ذهابا
13
فيا عجبا تموت ، وأنت تبني ،
وتتخذ المصانع والقبابا
14
أراك وكلما فتحت بابا
من الدنيا فتحت عليك نابا
15
ألم تر أن غدوة كل يوم
تزيدك من منيتك اقترابا
16
وحق لموقن بالموت أن لا
يسوغه الطعام ، ولا الشرابا
17
يدبر ما ترى ملك عزيز
به شهدت حوادثه رغابا
18
أليس الله في كل قريبا ؟
بلى ! من حيث ما نودي أجابا
19
ولم تر سائلا لله أكدى
ولم تر راجيا لله خابا
20
رأيت الروح جدب العيش لما
عرفت العيش مخضا ، واحتلابا
21
Sayfa 8
ولست بغالب الشهوات حتى
تعد لهن صبرا واحتسابا
22
فكل مصيبة عظمت وجلت
تخف إذا رجوت لها ثوابا
23
كبرنا أيها الأتراب حتى
كأنا لم نكن حينا شبابا
24
وكنا كالغصون إذا تثنت
من الريحان مونعة رطابا
25
إلى كم طول صبوتنا بدار ،
رأيت لها اغتصابا واستلابا
26
ألا ما للكهول وللتصابي ،
إذا ما اغتر مكتهل تصابى
27
فزعت إلى خضاب الشيب مني
وإن نصوله فضح الخضابا
28
مضى عني الشباب بغير رد
فعند الله احتسب الشبابا
29
Sayfa 9
وما من غاية إلا المنايا ،
لمن خلقت شبيبته وشابا
البحر : طويل 1
إذا ما خلوت ، الدهر ، يوما ، فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب
2
ولا تحسبن الله يغفل ما مضى
ولا أن ما يخفى عليه يغيب
3
لهونا ، لعمر الله ، حتى تتابعت
ذنوب على آثارهن ذنوب
4
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ،
ويأذن في توباتنا فنتوب
5
إذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم
وخلفت في قرن فأنت غريب
6
وإن أمرءا قد سار خمسين حجة
إلى منهل من ورده لقريب
7
نسيبك من ناجاك بالود قلبه
وليس لمن تحت التراب نسيب
8
Sayfa 10
فأحسن جزاء ما اجتهدت فإنما
بقرضك تجزى والقروض ضروب
البحر : بسيط تام 1
لكل أمر جرى فيه القضا سبب ،
والدهر فيه وفي تصريفه عجب
2
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها
فكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا
3
يعظمون أخا الدنيا ، فإن وثبت
عليه يوما بما لا يشتهي وثبوا
4
لا يحلبون لحي در لقحته ،
حتى يكون لهم صفو الذي حلبوا
البحر : وافر تام 1
Sayfa 11
ألا لله أنت متى تتوب
وقد صبغت ذوائبك الخطوب
2
كأنك لست تعلم أي حث
يحث بك الشروق ، كما الغروب
3
ألست تراك كل صباح يوم
تقابل وجه نائبة تنوب
4
لعمرك ما تهب الريح ، إلا
نعاك مصرحا ذاك الهبوب
5
ألا لله أنت فتى وكهلا
تلوح على مفارقك الذنوب
6
هو الموت الذي لا بد منه ،
فلا يلعب بك الأمل الكذوب
7
وكيف تريد أن تدعى حكيما ،
وأنت لكل ما تهوى ركوب
8
وتصبح ضاحكا ظهرا لبطن ،
وتذكر ما اجترمت فما تتوب
9
أراك تغيب ثم تؤوب يوما ،
وتوشك أن تغيب ولا تؤوب
10
أتطلب صاحبا لا عيب فيه
وأي الناس ليس له عيوب
11
Sayfa 12
رأيت الناس صاحبهم قليل ،
وهم ، والله محمود ، ضروب
12
ولست مسميا بشرا وهوبا
ولكن الإله هو الوهوب
13
Sayfa 13
تحاشى ربنا عن كل نقص ،
وحاشا سائليه بأن يخيبوا
البحر : منسرح 1
ما استعبد الحرص من له أدب
للمرء في الحرص همة عجب
2
لله عقل الحريص كيف له ،
في جمع مال ما له أدب
3
ما زال حرص الحريص يطمعه
في دركه الشيء ، دونه الطلب
4
ما طاب عيش الحريص قط ولا
فارقه التعس منه والنصب
5
البغي والحرص والهوى فتن
لم ينج عنها عجم ولا عرب
6
ليس على المرء في قناعته ،
إن هي صحت ، أذى ولا نصب
7
من لم يكن بالكفاف مقتنعا ،
لم تكفه الأرض كلها ذهب
8
من أمكن الشك من عزيمته
لم يزل الرأي منه يضطرب
9
من عرف الدهر لم يزل حذرا
يحذر شداته ويرتقب
10
Sayfa 14
من لزم الحقد لم يزل كمدا ،
تغرقه ، في بحورها ، الكرب
11
المرء مستأنس بمنزلة ،
تقتل سكانها ، وتستلب
12
والمرء في لهوه وباطله
والموت منه في الكل مقترب
13
يا خائف الموت زال عنك صبا
والعجب واللهو منك واللعب
14
دارك تنعى إليك ساكنها ،
قصرك تبلي جديده الحقب
15
يا جامع المال منذ كان غدا
يأتي على ما جمعته الحرب
16
إياك أن تأمن الزمان فما
زال علينا الزمان ينقلب
17
إياك والظلم إنه ظلم
إياك والظن إنه كذب
18
بينا ترى القوم في مجلتهم
إذ قيل بادوا ، وقيل قد ذهبوا
19
إني رأيت الشريف معترفا
مصطبرا للحقوق ، إذ تجب
20
وقد عرفت اللئام ليس لهم
عهد ، ولا خلة ، ولا حسب
21
Sayfa 15
احذر عليك اللئام إنهم
ليس يبالون منك ما ركبوا
22
فنصف خلق اللئام مذ خلقوا
ذل ذليل ، ونصفه شغب
23
Sayfa 16
فر من اللؤم واللئام ولا
تدن إليهم فإنهم جرب
البحر : طويل 1
أيا إخوتي آجالنا تتقرب
ونحن مع الأهلين نلهو ونلعب
2
أعدد أيامي ، وأحصي حسابها ،
وما غفلتي عما أعد وأحسب
3
غدا إنا من ذا اليوم أدنى إلى الفنا
وبعد غد إليه وأقرب
البحر : كامل تام 1
Sayfa 17
يا نفس أين أبي ، وأين أبو أبي ،
وأبوه عدي لا أبا لك واحسبي
2
عدي ، فإني قد نظرت ، فلم أجد
بيني وبين أبيك آدم من أب
3
أفأنت ترجين السلامة بعدهم ،
هلا هديت لسمت وجه المطلب
4
قد مات ما بين الجنين إلى الرضيع
إلى الفطيم إلى الكبير الأشيب
5
Sayfa 18
فإلى متى هذا أراني لاعبا
وأرى المنية إن أتت لم تلعب
البحر : وافر تام 1
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
2
فيا أسفا أسفت على شباب ،
نعاه الشيب والرأس الخضيب
3
عريت من الشباب وكنت غضا
كما يعرى من الورق القضيب
4
Sayfa 19
فيا ليت الشباب يعود يوما ،
فأخبره بما فعل المشيب
البحر : وافر تام 1
لدوا للموت وابنوا للخراب
فكلكم يصير إلى تباب
2
لمن نبني ونحن إلى تراب
نصير كما خلقنا من تراب
3
ألا يا موت ! لم أر منك بدا ،
أتيت وما تحيف وما تحابي
4
كأنك قد هجمت على مشيبي ،
كما هجم المشيب على شبابي
5
أيا دنياي ! ما لي لا أراني
أسومك منزلا ألا نبا بي
6
ألا وأراك تبذل ، يا زماني ،
لي الدنيا وتسرع باستلابي
7
وإنك يا زمان لذو صروف
وإنك يا زمان لذو انقلاب
8
فما لي لست أحلب منك شطرا ،
فأحمد منك عاقبة الحلاب
9
وما لي لا ألح عليك ، إلا
بعثت الهم لي من كل باب
10
أراك وإن طلبت بكل وجه
كحلم النوم ، أو ظل السحاب
11
Sayfa 20