أَليْسَ وَرائي، إنْ تَرَاخَتْ مَنيّتي، ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ (١)
أُخَبّرُ أخْبارَ القُرُونِ التي مَضَتْ ... أدِبٌ كأنّي كُلّما قُمتُ راكعُ (٢)
فأصْبَحْتُ مثلَ السَّيفِ [غَيَّرَ] جَفنَهُ ... تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ (٣)
فَلا تَبْعَدَنْ إنَّ المَنيَةَ مَوْعِدٌ ... عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ (٤)
أعاذِلَ ما يُدريكِ، إلَاّ تَظَنِّيًا، ... إذا ارْتَحَلَ الفِتْيَانُ مَنْ هوَ راجعُ (٥)
تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى ... ألا إنَّ أخْدانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ (٦)
أتَجْزَعُ مِمّا أحْدَثَ الدَّهرُ بالفَتى ... وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ (٧)
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى ... وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبْتُموني متى الفتى ... يَذُوقُ المَنَايا أوْ متى الغَيثُ واقِعُ
إني رأيتُه بصيرًا [الطويل]
وقال يرثيه أيضًا:
يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي ... فتىً كانَ ممّن يَبتني المَجدَ أرْوَعَا (٨)
_________
(١) ورائي: أمامي. تراخن: أبطأت وتباعدت.
(٢) راكع: بسبب الانحناء لكبر السنّ.
(٣) الجفن: الغمد. القين: الحداد. وما بين قوسين يروى بلفظ: [أخلق].
(٤) دان للطلوع: أي قريب الأجل.
(٥) التظني: والظن والتخمين.
(٦) أخدان: جمع: خدن وهو الأخ. الرعارع: هي الأحداث.
(٧) القوارع: جمع: قارعة وهي الداهية المصيبة.
(٨) الأروع: الشجاع الشهم.
1 / 57