Divorce: You Regard It as a Trivial Matter While It Is Grave in the Sight of Allah
الطلاق تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم
Yayıncı
دار القلم للتراث
Baskı Numarası
الثانية-١٤٢٣ هـ
Yayın Yılı
٢٠٠٤ م
Yayın Yeri
القاهرة
Türler
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الطَّلاق تَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيم
المؤلف: العلامة الشيخ / محمود غريب
(أسلم على يدي المؤلف خمسةٌ من علماء أوربا في فترة السبعينيات)
الناشر: دار القلم للتراث - القاهرة
الطبعة: الثانية - ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٤ م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جَزَى اللَّهُ كَاتِبَهُ وَمَنْ تَحَمَّلَ نَفَقَةَ الْكِتَابَةِ خَيرَ الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ.
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وسلام على النبي المصطفى
أمّا بعد
فكثير من موضوعات الفقه الإسلامي تحتاج إلى إعادة الاجتهاد فيها وعمق الدراسة، حتى تعرض عصرنا بما يسد حاجة المسلم ويعالج مشكلاته الحياتية.
وأخص بالذكر موضوع الطلاق لخطورة الآثار التي تترتب عليه في المجمتع. فبعض الناس يعتبرونه هينًا وهو عند الله عظيم.
والمجتمع المسلم بحاجة إلى دعاة فقهاء. لأن الدعاة يجيدون عرض ما يعلمون. ولكنَّ كثيرًا منهم يهتم بالأسلوب وفن الإلقاء والتأثير عن البضاعة التي يعرضها. وحصيلة البعض منهم - في عصرنا - من الفقه وأدلته فيها ندرة "الفيتامين" في الطعام.
وحاجتنا إلى دعاة فقهاء كحاجتنا إلى فقهاء دعاة يجيدون فن الدعوة لما انتهوا إليه من قضايا معاصرة أو تراثية تعرض بلغة العصر. وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.
وفي مطلع محاولتي لعرض بعض قضايا الفقه في موضوع الطلاق اعترف أنني لست سباحًا ماهرًا في بحور الفقه ولا حتى في أنهاره.
ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
وحسبي من هذه الدراسة خدمة ما فيها من آيات القرآن الكريم، فقد عشت كل حياتي في الدعوة وما رافقت فيها من قلمي لخدمة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم. وما يلزمها من سنة النبي ﷺ.
1 / 3
آيات القرآن في الموضوع.
ومجموع آيات القرآن في الموضوع الواحد يكمل بعضه بعضًا ويُفسره.
وقد أفرد القرآن سورة باسم (الطلاق) سبقتها أحكام في سورة البقرة والنساء والأحزاب وأحكام أخرى متفرقة في سور.
دور السنة في الموضوع
وقد بينت السنة كثيرًا من الأحكام المتعلقة بالموضوع كبيان طلاق السُنَّة متى يقع الطلاق ومتى يحرم.
في حديث طلاق ابن عمر ﵄ وحكم من طلَّق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد ومن طلق امرأته وهو في مرض يغلب فيه أنه مرض الموت. وبينت السنة أحكام العدة للمطلقة ومتى تنتهي عدة الحامل المتوفي زوجها وعدة المطلقة، والمصالحة بين المرأة وزوجها في أن تتنازل لزوجته الأخرى عن حقها في المبيت ولا يطلقها.
وأحكام أخرى كثيرة بينتها السنة في موضوع الأسرة عامة وموضوع الطلاق. مما يؤكد حاجة الدارس للسنة.
* * *
تعدد الآراء خير من الرأي الواحد
التزمت في هذه الدراسة باختيار الرأي الذي أشعر بأنه الأقوى دليلًا على قدر الطاقة في التزجيح للأدلة، وسبق أن قلت: إنني لست سباحًا ماهرًا في بحار الفقه ولا حتى في أنهاره. ولكنها المحاولة والاجتهاد والله أسأل أن يرزقنا الصواب.
ولا يشك عاقل أن تعدد الحلول للمشكلة الواحدة خير من حتمية الحل الواحد. وهذا ما أنعم الله به على الأمة الإسلامية مما جعل علماءها يقولون اختلاف الأئمة رحمة.
وأئمتنا لم يتعمَّدوا الاختلاف. ولكن طبيعة اللغة العربية، ومحاولة العمق في فهمها، وسعة عطاء الجمل والمفردات بسبب اختلاف الإعراب وغير ذلك مما سبب اختلاف الأئمة.
وقد بينت هذا بإسهاب في كتابي "شريعة الله يا ولدي"
1 / 4
كتاب وفقيه انتفعت بهما
انتفعت كثيرًا في موضوع الأسرة بناؤها ودوامها بموسوعة أخي الأستاذ الفقيه الدكتور عبد الكريم زيدان "المفصل في أحكام المرأة" (١٢ مجلدًا)
عرض فيها الفقه الإسلامي على جميع مذاهب السنة وغيرها، وأدلة كل رأي، وحاول بيان الرأي الراجح من آراء المذاهب الثمانية.
أما الفقيه الذي نفعني الله بمصاحبته فهو الأستاذ الدكتور أحمد محمود كريمة - أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف والمدرس بجامعة السلطان قابوس بصلالة.
وقد جاورته ولازمته عدة أعوام مباركة يحضر لي درس التفسير الموضوعي للقرآن الكريم كل أسبوع ثم نذهب في رفقة طيبة إلى البحر - في صلالة - فننتفع بكل ما يقول حتى مداعباته وإشاراته وتعليقاته على الأحداث. نفع الله به وبمثله من الفقهاء.
* * *
منهجي في كتاب الأسرة بناؤها ودوامها
الرسالة ليست فقهًا مذهبيًا ولا فقهًا مقارنًا ولكنها محاولة لعرض المسائل الفقهية في صورة قصة أو حوار تيسر لذلك السبيل.
وقد سبق أن كتبت "سلسة يا ولدي" لطلاب الجامعات في بغداد ومصر بهذه الطريقة ثم طلب مني أخي المرحوم الدكتور / كمال مصطفى الأستاذ بكلية الدعوة بالأزهر الشريف أن أتم مشروع سلسلة يا ولدي بأسلوب العرض العلمي عميق الفكرة واضح الأسلوب بجانب أسلوب الحوار لنصل إلى ما نريد من أقرب طريق.
والله أسأل أن يجعل عملي نافعًا فهو - سبحانه - يتحقق مراده بمجرد أن يريد. وتيسيره لنا عَلامةٌ على القبول منا.
محمود غريب
صلالة ص ب ٥٩٣ رمز بريد ٢١١
سلطنة عمان ت ٢٩٥١٧٩
والزقازيق طريق بنايوس ٢٣٥٥٢٨٧
1 / 5
أنواع الطلاق
* الطلاق الرجعي هو الأصل
* الطلاق البائن بينونة صغرى
* الطلاق البائن بينونة كبرى
* الخلع - وهو الطلاق بعوض
* التفريق قضاء
1 / 6
الطلاق الرجعي وحكمه
ذكرت في الحديث عن الطلاق السني أنه طلقة واحدة رجعية.
هو الطلقة الأولى أو الثانية. وله أحكام نوجزها.
١ - يملك الزوج أن يراجع زوجته بدون موافقتها وبدون عقد جديد أو مهر جديد ما دامت في العدة. لأنَّ العدة في الطلاق الرجعي امتداد للزوجية.
أو هي عطلة زوجية تعود الحياة بعدها أكثر نشاطًا ورغبة في البقاء.
فكلاهما عروس جديد. وقد استفاد كلاهما من التجربة.
٢ - لا يجوز للزوج أن يُخرجها من بيته، ولا يجوز لها أن تخرج، ليبقى كلاهما بجوار الآخر مدة العدة فلعل قربهما يُحدث بعد ذلك أمرًا، فتعود الحياة أحسن مما كانت.
وقد أمر الله بهذا ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ ففي العدة لا يجوز بُعدها عن بيت الزوجية وفراش الزوجية، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا من الحب بعد الكره، والرغبة في العودة بعد الطلاق.
وقد نسب البيت لهن ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ مع أن البيت غالبًا مِلْكٌ الزوج، حتى تعيش في راحة نفسية فلا تطلب الخروج.
أما إِن سلكت الفحش في القول أو في العمل فلا حكمة من بقائها فخروجها أفضل.
فالزوجة الفاحشة لا حرص عليها ولا خير في بقائها.
إذا ذهب الحمار بأمِّ عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار
1 / 7
٣ - إذا مات أحد الزوجين في العدة ورثه الآخر لأن الزوجية قائمة حكمًا في أثناء العدة.
٤ - الطلاق الرجعي يُنقص عدد الطلقات التي شرعها الله سبحانه.
٥ - ينتهي الطلاق الرجعي بانتهاء العدة.
فليسارع لردها ويتحول بعد انتهاء العدة إلى طلاق بائن بينونة صغرى وله أحكام تختلف عن الطلاق الرجعي.
٦ - والأصل في الطلاق أن يكون طلاقًا واحدًا رجعيًا فما زاد عنها فإسراف نهينا عنه. لأنه لا فائدة منه. وإغلاق لباب لم يغلقه الله.
٧ - قد يطلق الرجل زوجته وهو في مرض الموت ليحرمها من الميراث ومن هنا أوجب الشرع لها أن ترث ما دام العدة مستمرة.
٨ - الطلاق الرجعي هو الأصل
الأصل في الطلاق هو الحظر، وقد أبيح لضرورة، فيقدر بقدر الضرورة.
وقد دعا الله للمراجعة فلا نعطل دعوة الله ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (سورة البقرة آية: ٢٢٩)
والمرتان دليل على المراجعة مرة بعد مرة ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ (سورة البقرة آية: ٢٢٨)
فزوجها الأول أحق بردها حتى لا تنكشف كل مرة أمام رجل جديد، ولعل لها منه أولادًا فترجع لأولادها.
٩ - والطلاق رجعي بالنسبة للعدة
فإن انتهت العدة فطلاق بائن: فليسارع إلى ردها.
1 / 8
وإن خلا الطلاق من العدة أصلًا فطلاق بائن ويخلو الطلاق من العدة إن طلقها قبل الدخول بها عند الشافعي والحنفي والمالكي. أو قبل الخلوة عند أحمد.
١٠ - والطلاق المتمم للثلاثة تبين به بينونة كبرى وله أحكام سنذكرها.
أمر يغيب على بعض الناس:
أحكام الطلاق الرجعي لا تشمل الطلاق بعوض لأنها لو شملت الطلاق بعوض ربما يأخذ الأزواج المال ويطلقها على هذا المال فتشعر أنها افتدت نفسها من سجنه النفسي، ثم يقوم بمراجعتها في العدة. من هنا كان الطلاق على مال - الخلع - طلاقا بائنا. فلا يراجعها إلا بعقد جديد ومهر جديد.
كيف يراجعها في العدة؟
اخترت مذهب الإمام أبي حنيفة.
والرجعة عنده قول أو عمل دال على المراجعة في أثناء العدة.
القول أن يقول لها: راجعتك.
والعمل أن يعاشرها في العدة (المفصل في أحكام المرأة جـ ٨ ص ١٩) واشترط القرآن الكريم حُسن القصد في الرجعة. ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ (سورة البقرة آية: ٢٢٨) .
وسبب هذا الشرط أنه قد يراجعها بقصد أن يطيل عليها العدة. فهو يراجعها قبل أن تنتهي العدة بيوم، ثم يطلقها فتبدأ عدة جديدة فتطول العدة عليها وهكذا ﴿إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ شرط بين العبد وبين الله. والله - وحده - يحاسب على النيات.
وقال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ (سورة البقرة آية: ٢٣١) .
وفي أحكام القرآن للجصاص: "ودل على أن إباحة هذه الرجعة مقصورة على حال إرادة الإصلاح، ولم يرد بها الإضرار" (أحكام القرآن للجصاص جـ ١ ص ٣٧٣) .
1 / 9
وقد شاهدت في مجالس الصلح التي حضرتها ما جعلني أوقن أن قوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ نافذة من الغيب يطلع الله النبي ﷺ من خلالها على كثير من أمراض المجتمعات المعاصرة مما لم يكن له وجود في عصر السلف ﵃
هل يجب إعلامها بالرجعة؟
ربما يختلف أمر الناس اليوم عن أمرهم أيام الأئمة ﵃ مما يجعلني أميل إلى الرأي القائل بضرورة إعلامها بالرجعة إن كان قد أعلمها بالطلاق. فربما مرت العدة ولم يراجعها ثم يدعي أنه راجعها في العدة ليفلت من العقد الجديد والمهر الجديد وحريتها في القبول والرفض.
الإشهاد على الرجعة
القرآن الكريم ذكر الإشهاد على الرجعة، وطلب إشهاد العدل من الشهود.
واختلف المفسرون في المراد من الأمر هل هو الوجوب أم الندب.
وأوامر الله في القرآن تحتمل الأمرين وغيرهما من المعاني.
والأصل في الأمر الوجوب، ويجوز أن يُحمل الأمر على الندب لقرينة تبيح هذا.
جاء في الإشهاد على الرجعة قوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾
وحملوا الأمر على الندب قياسًا على الأمر في قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ (سورة البقرة آية: ٢٨٢)
إذ يتم البيع بدون إشهاد. فالأمر للندب وقاسوا الأمر في الإشهاد على الرجعة بالأمر بكتابه الدين في أطول آية في القرآن، إذ قال الله بعدها ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ (سورة البقرة آية: ٢٨٣)
1 / 10
ومع أنه الأمر في الإشهاد محمول على الندب إلى أن ما يندب إليه - سبحانه - يستوجب الطاعة.
والإشهاد يمنع المشكلات فقد تنكر الزوجة أنه راجعها في العدة فرارًا من الزوجية.
ولكي يصبح لها أن تقبل أو لا تقبل العودة ما دامت العدة قد انتهت.
ويصبح لها مهر جديد إن أراد أن يعقد عليها.
ولكن الإشهاد ينفي كل هذه المشكلات. وتوثيق العقود في أيامنا يمنع هذه المشكلات.
وأكثر الأئمة على جعل الإشهاد مندوبًا. فلو راجعها من غير إشهاد تم قصده، خلافا للظاهرية الذين قالوا بوجوب الإشهاد. فكل من طلق ولم يُشهد ذوي عدل أو راجع ولم يشهد ذوي عدل متعديًا لحدود الله تعالى.
وقال ﷺ "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (البخاري. ١٩٩٧)
وقد رجح أستاذي عبد الكريم زيدان الإشهاد على الرجعة، وجعله شرطا لصحتها، وواجبًا على الزوج المطلق.
وهذا يمنع الخلاف بين دعوته ردها في العدة ودعوتها عدم الرد للأسباب التي سبق ذكرها.
وبعد
جمعا للموضوع في سطور
١ - المراجعة حق للزوج في أثناء العدة لأن الزوجية قائمة في العدة.
وشرط المراجعة أن يكون الطلاق على غير مال مدفوع منها وهو ما يسمى (خلع) لأن الخلع يُعدُّ طلاقا بائنا.
٢ - المراجعة تكون في مدة العدة فقط فإن انتهت العدة فلا بد من عقد جديد ومهر جديد ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ (سورة البقرة آية: ٢٣١)
1 / 11
﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ هنا معناها قاربن بلوغ الرحيل وسيأتي للتعبير نفسه معنى آخر في الآية ١٣٢ من البقرة ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أي راجعوهن إذا كنتم لا تريدون الإضرار بهن - كما سبق أن قلت.
﴿أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ اتركوهن حتى تنتهي العدة وينتهي معها حق الزوج في المراجعة.
وفي الموضوع نفسه جاء قوله تعالى ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ معنى بلوغ الأجل هنا يختلف عن الآية التي قبلها فالمعنى هنا انتهاء العدة فعلًا.
لفظ واحد جاء مرة مجازًا بمعني المقاربة.
وجاء مرة حقيقة لغوية. بمعنى الانتهاء فعلًا.
وعلى الذين ينكرون المجاز في القرآن أن يبينوا لنا كيف نفرق بين اللفظ الواحد في الموضعين.
فالمراجعة في العدة
ومن لا عدة عليها لا مراجعة لها.
التي تطلق قيبل أن يدخل بها لا عدة عليها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ (سورة الأحزاب آية: ٤٩)
وما يلزم غير هذا فموضعه كتب الفقه وكتب التفسير التي تهتم بأحكام الفقه كتفسير القرطبي جـ ٣ وكتاب المفصل في أحكام المرأة جـ ٨ وفقه الظاهرية المحلي جـ ١٠ وغيرها.
البينونة الصغرى
لا أريد أن أسهب في الأحكام الفقهية فلها كتبها ولكن أحدد فقط متى يكون الطلاق بائنًا بينونة صغرى. وماذا تعني البينونة الصغرى.
1 / 12
١ - الطلاق قبل الدخول بها
سبق أن بينت ذلك. والآية التي حددت هذا الحكم الآية ٤٩ من سورة الأحزاب.
٢ - الطلاق على مال - الخلع -
سبق أن بينت أن الطلاق على مال طلاق بائن حتى لا يأخذ منها المال ثم يراجعها.
٣ - انتهاء العدة قبل المراجعة يجعلها بائنة
٤ - يمكن لمن بانت بينونة صغرى أن يراجعها بعقد جديد ومهر جديد.
وهو الفارق بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن بينونة كبرى
والبائنة بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.
الطلاق البائن بينونة كبرى
هو العقوبة الكبرى لمن أسرف في الطلاق.
فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجًا آخر. نكاحًا كاملًا يُقصد به المعيشة.
فإن مات أو طلقها يجوز للزوج الأول أن يراجعها.
هل ستقبل نفسه مراجعتها؟
وهل ستقبل هي أن ترجع له بعد أن مارست الحياة الزوجية مع غيره؟
ربما كانت راضية به في الزواج الأول لأنها تزوجته بكرًا ولم تعرف غيره من الأزواج؟
وهو ... هل سيعيش على أمل أن تفشل في زواجها الجديد حتى يجوز له مراجعهتا. هل هذا دليل على حبه؟ ألم تكن في عصمته؟
سوف ندع لكل أسرة ما أحلّه ﷺ لها. ما قدّره.
1 / 13
الطلاق الثلاث في مجلس واحد
صورة لما شرعة الشيطان من طلاق.
فقد تجاوز ما شرعه الله من جواز السنة.
إن الله أخبر أن الطلاق مرتان. ولم يقل طلقتان وقال: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ والطلاق الثلاث قطع هذا الأمل.
طلاق الكناية ماذا يراد به؟
ومن طلاق الكناية ما عرض على محكمة الاستئناف الشرعي بالمملكة الأردنية الهاشمية في ١٤/٣/١٩٧٤.
ادعت الزوجة أن زوجها قال لها: "لا اعتبرك زوجة بعد الآن، وبعد الذي حصل منك".
قال الزوج إنه لم يقصد الطلاق. وإنما أراد أنها لم تعد بعد الذي عملته زوجة مثالية.
وقالت المحكمة: هذا القول من الكنايات التي تحتمل الطلاق وغيره، ولا يقع به الطلاق إلا بالنية.
ويقبل قوله عدم إرادة الطلاق، وعليه اليمين.
وهذا ما يوافق ما ذكره ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار في باب الكنايات جـ٢ وما جاء في بهجة المشتاق ص ٤٢.
واعتبرت المحكمة الابتدائية بعد أن سمعت الشهود أنه قال: لقد طلقت زوجتي. اعتبرت هذا القول طلقة رجعية لشهادة الشهود وردت محكمة الاستئناف الحكم.
"المبادئ القضائية التي استقر عليها الاجتهاد".
1 / 14
ما يجب أن يسبق الطلاق
الطلاق الذي شرعه الله يختلف اختلافًا كبيرًا عن الطلاق الذي ابتدعه السفهاء.
الطلاق الذي شرعه الله لا بُدَّ أن يسبقه وعظهن. وهجرهن في المضاجع وليس هجر المضجع وآخر الدواء الكي إن كانت مريضة بالقسوة الجنسية ثم تتدخل الأسرة فتبعث حكما من أهله وحكما من أهلها.
ما هي الحدود المشروعة للحكمين؟
هل لهما إيقاع الطلاق إن رأى الحكمان ذلك؟
أم تقف المسألة عند اقتراح ذلك للقاضي؟
المسألة خلافية.
وبيان الرأي الراجح.
1 / 15
احذروا سيتصدع البناء
صاح المهندس كثيرًا: احذروا سوف يتصدع البناء واستعمل مكبر الصوت الذي بالمسجد.
وقليل من سكان البيت من استجاب فنجا. والأعمار - بعد ذلك - بيد الله.
إن إحساس المهندس بالخطر خبرة ودراية ولغير المهندس فطرة وكمال.
وقد وصف الله بها السيد المسيح ﵇ ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ (سورة آل عمران آية: ٥٢) .
وبناء الأسرة فوق كل بناء، وأهم من كل بناء، لأنه بناء مقدس.
فهل يمكن لولي الأمر أن يحس مستقبلها قبل أن يتصدع البناء؟
من هنا عبر القرآن بقوله تعالى ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ مجرد الخوف (سورة النساء آية: ٣٤) .
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ (سورة النساء آية: ٣٥) .
﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ (سورة النساء آية: ١٢٨) .
مجرد الخوف يستدعي الإسراع في إنقاذ الأسرة
﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ (سورة النساء آية: ٣٤) مجرد الخوف يستدعي الأخذ بأسباب العلاج
* * *
النشوز - عصيانها فيما أمر الله من طاعة الزوج، وما أوجبه عليها حق الزواج كما لو امتنعت من فراشه أو خرجت من دارة وترفعها عليه، وإظهار كراهيته، بما يهدد دوام الزوجية واستمرارها.
1 / 16
وقد تخاف المرأة العاقلة البصيرة من زوجها نشوزًا أو إعراضًا فلتعالج نفسها وبيتها بالمصالحة مع زوجها قبل الطلاق، ودفعًا للطلاق.
وقد عالجت السيدة سودة بنت زمعه ﵂ أمرها عندما كبر سنها واستغنت عن الرجال فتنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة.
وحسبها أن تبقى من أمهات المؤمنين ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ (سورة النساء آية: ١٢٨) .
فعظوهن - الوعظ خطاب للعاطفة
والمرأة أكثر عاطفة من الرجل من هنا كان خطاب العاطفة للمرأة أقرب للمشاعر، وأهدى للنفس.
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)
جاء في كتاب "التاج المذهب" في فقه الزيدي:
والهجر في المضجع لا في الكلام. لأن الهجر في الكلام منهي عنه إذا زاد عن ثلاثة أيام، أمَّا الهجر في المضجع فقد يستمر شهرًا.
والهجر في المضجع يجعل الذين يعيشون معهما لا يشعرون بشيء.
وخصوصًا الأولاد حفاظًا عليهم من العُقد النفسيّة. وحتى لا تتدخل الأسرة كحماته وأمه في الموضوع.
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) . فيخطئ من يفهم من الآية الكريمة هجر المضجع. والمبيت في مكان آخر. فالمطلوب هي في المضجع.
وهجرها في المضجع عقوبة للزوجين من الناحية الجسدية ولكنه من الناحية النفسية للمرأة أشد.
لأنها على يقين من ضعفها، لذلك تستخدم فتنتها بدلًا من القوة، وهي مطمئنة أن سلاح الفتنة أقوى، فإذا قاربت الرجل مضاجعة له، وهي في أشد حالاتها إغراء، ثم لم يستجب لها فسوف ترى الرجل في أقدر حالاته، ويكون جديرًا بهيبتها وإذعائها. فهذا تأديب نفسي وليس تأديبًاَ جسديًا لها.
1 / 17
[المرأة في القرآن - عباس محمود العقاد ص ١١٥] ثم آخر الدواء الكي.
واضربوهن. وليس كلُّ النساء يصلحهن الضرب.
فبعضهن مصاب بمرض نفسيّ "القوة الجنسية" وبعض الأئمة تعتبر ترتيب العقوبة حسب الآية الكريمة.
فلابد من الوعظ أولًا: فإذا لم ينفع فالهجر في المضاجع.
فإذا لم ينفع فالضرب.
راجع تفسير ابن عاشور جـ ٥ ص ٤١.
وناقش الإمام أحمد: هل يُسأل الزوج عن سبب ضرب زوجته "قضاء".
قال الإمام أحمد: ربما سكون الضرب من أجل الفراش فيستحي أن يجيب وإن أخبر بغير الحقيقة (من الحياء) فقد كذب ففضل الإمام أحمد ألا يُسأل.
والضرب - كما سبق أن قلت - ضرب غير مبرح.
لقوله ﷺ "فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ". (مسلم. ٢١٣٧) .
قد اشترط العلماء أن يكون الضرب مشروطًا بالسلامة وله أن يستعمله أو يتركه.
[المغني جـ ١٠ ص ٣٤٩ والتشريع الجنائي جـ ١ ص ٥١٧]
وقد تكرر نهي النبي ﷺ عن الضرب.
حتى قال بعض الشافعية إن الضرب قد نُسخ بالسنة. ولكن النسخ لا يثبت إلا بدليل.
والغرض من العقوبة هو استمرار الحياة الزوجية وعلاج المشكلات، والإسلام دين لكل العالم، والنساء طبائع متباينة.
فمنهن من تُغنيها الابتسامة، ومنهن من تقول: [ضرب الحبيب كأكل الزبيب] عبارة باللهجة المصرية - ومن الحماقة أن نقول: إن العلاج بمشرط الطبيب يسبب الألم، ولكن الموت لا يشعر معه الميت بألم.
فهو أرحم بالمريض. ومن يقل هذا نقول له "قل موتوا"
1 / 18
(فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا)
إذا لم تنجح وسائل العلاج الثلاثة السابقة.
الوعظ. والهجر في المضجع. والضرب بشروطه التي ذكرتها، فليتدخل حكماء المجتمع حفاظًا على الأسرة. وذلك حتى لا نُحقق لإبليس أكبر ما يأمل.
روي مسلم عن جابر بن عبد الله ﵄ عن النبي ﷺ قال: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ". (مسلم. ٥٠٣٢) .
من هنا يقوم المجتمع بجهود حكيمة حليمة لينقذ البيت.
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ (سورة النساء آية: ٣٥) .
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ﴾ مُجرّد الخوف - كما سبق أن قلت. وقبل أن تشتعل النار. والشقاق من الشق لأن كل واحد يكون في ناحية ومنه شق عصا الطاعة ومنه قوله تعالى ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾
ونسأل: لمن الخطاب في الآية الكريمة؟
أولًا: المأمور هو القاضي لأنه نائب الوالي.
والأمر للوجوب، كما هو الأصل في أوامر الله - سبحانه - جاء في أحكام القرآن لابن العربي المالكي: "إذا علم الإمام من حال الزوجين الشقاق لزم عليه أن يبعث إليهما حكمين.
[أحكام القرآن جـ ٣ ص ٢٦١]
1 / 19
وعلى أن الأمر للوجوب فقهاء الجعفرية من شيعة آل البيت والمالكية - كما عرفنا - والشافعية - في كتاب الأم جـ ٣ ص ٢٦١.
ورجح هذا الرأي الدكتور عبد الكريم زيدان لأنه الأصل، ولبيان حرص الشريعة على الوفاق بين الزوجين.
[المفصل جـ ٨ ص ٤١٦]
وشدد الإمام ابن العربي المالكي في الأمر عندما أوجب على القاضي أن يرسل الحكمين بمجرد أن يعلم بالشقاق سواء رفُع إليه الأمر أم لم يُرفع.
يقول: لأنه انتظار رفع الأمر إليه يُضيع من حقوق الله من لا جبر له.
[أحكام القرآن القرطبي جـ ١ ص ٤٢٧]
ولعل الأقرب إلى الواقع ما ذكره الجصاص في أحكام القرآن من ضرورة إرسال الحكمين بعد أن يُرفع للقضاء.
فلعل بعض الأسر تعالج مشكلاتها في سرية، ولا تحب أن يطلع أحد عليها. وواضح من الآية الكريمة أن يكون الحكمان من أسرة الزوجين. ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾
هذا إن تيسر من أهلهما. فإن تعسر ذلك فمن جيرانهما، لأن الجار أدرى بجاره، أو ممن نظن فيهما الخير. كالمجالس النيابية في عصرنا. والأئمة والدعاة. ولا يشترط الإمام الشافعي الذكورة. فيجوز إرسال النساء إن وثقن في قدرتهن. [مغني المحتاج جـ ٣ ص ٢٦١]
مهمة الحكمين
ومع إيجاز الآية الكريمة فقد بينت مهمة الحكمين.
وهي إرادة الإصلاح: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ ومنهج الإصلاح واحد في أصله. وإن كان يختلف في طرق العلاج من أسرة إلى أخرى.
1 / 20
فيذكر الرجل بحسن العشرة، وكون الزوجة أمانة أودعها الله عنده.
وخير الرجال خيرهم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
كما قال ﷺ وما ينفقه على زوجته صدقه له أجرها ومعرفة سبب الشقاق تيسر وسيلة العلاج.
ويقول للزوجة مل يرقق حسها - وما يُعرفها بحقّ الزوج عليها، والكلمة الطيبة من الزوجة تُدخل السرور على زوجها وتعيش في قلبه.
والرجل بطبعه يحب العطاء لزوجه وأولاده أكثر من أي جهة أخرى وما يعجز عنه اليوم قد ييسره الله غدًا. والزوجية لا بد منها. والحياة في ظلها خير من الحياة بدون زوج، وتعدد التجربة في الحياة الزوجية شيء لا تقبله النفوس الكريمة إلا لضرورة.
ومن الأدب الرمزي
كان الناس يستخدمون الإبريق من الفخار في دوراة المياه.
وشعرت إحدى الأمهات أن ابنتها تريد أن تترفع على زوجها تريد مفارقته.
فتعمدت الأم كسر الإبريق. ثم أظهرت حزنها عليه.
فتعجبت ابنتها. إن ثمنه ليس غاليًا. فلماذا الحزن؟
قالت لها: أتريدين أن تنكشف عورتي كل يوم على إبريق جديد؟
فعلمت الابنةُ مراد أمها.
هل للحكمين أن يفرقا بين الزوجين؟
إذا تعذر العلاج وبان للحكمين أن الزجاج قد انكسر،
وأن النفوس قد تنافر ودها، فهل لهما أن يفرقا بين الزوجين؟
هل لهما إيقاع الطلاق عليها بدون توكيل من الزوج؟
والحُكم بالخُلع على مبلغ من المال بدون توكيل منها؟
رأي الأحناف والظاهرية ومذهب الجعفرية من الشيعة أن هذا الأمر يختلف عن مهمتهما في العلاج والإصلاح.
فليس لهما ذلك. ليس لهما إلا محاولة الإصلاح.
1 / 21