Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Yayıncı
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Türler
نفسه الكريمة في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه ﷺ الروح الأمين، وبما أوحى إليه ربه تعالى فلم يسأله ﷺ أحد من العرب بأسرهم قرويهم وبدويهم عن معنى شيء من ذلك كما كانوا يسألونه ﷺ عن أمر الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك مما لله فيه - سبحانه - أمر ونهي، وكما سألوه ﷺ عن أحوال القيامة والجنة والنار إذ لو سأله إنسان منهم عن شيء من الصفات الإلهية لنقل، كما نقلت الأحاديث الواردة عنه ﷺ في أحكام الحلال والحرام، وفي الترغيب والترهيب وأحوال القيامة، والملاحم والفتن ونحو ذلك مما تضمنته كتب الحديث معاجمها ومسانيدها وجوامعها، ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنه لم يرد قط من طريق صحيح، ولا سقيم عن أحد من الصحابة ﵃ على اختلاف طبقاتهم، وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله ﷺ عن معنى شيء مما وصف - الرب سبحانه - نفسه الكريمة في القرآن الكريم، وعلى لسان نبيه محمد ﷺ، بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات نعم، ولا فرّق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل، وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة، والسمع والبصر، والكلام، والجلال والإكرام والجود والإنعام والعزة والعظمة، وساقوا الكلام سوقًا واحدًا.
وهكذا أثبتوا ﵃ بلا تشبيه، ونزهوا من غير تعطيل ولم يتعرض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت. ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى، وعلى إثبات نبوة محمد ﷺ سوى كتاب الله، ولا عرف أحد منهم شيئًا من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة فمضى عصر الصحابة ﵃ على هذا١.
ونتيجة لتلقي الصحابة العقيدة الصافية النقية من مصدريها الكتاب والسنة، وتمسكهم بها كانوا خير أمة أخرجت للناس، وكانوا مضرب الأمثال في الإيمان والإخاء والعدل والوفاء، والوفاق والوئام، وصاروا علماء حكماء رحماء، وسادة قادة في الحكم والحرب والسيادة لم يوجد لهم من بعدهم مثيل كما أنه لم يوجد قبلهم بعد الأنبياء والمرسلين من يماثلهم، فقد نعم العالم في زمنهم برغد العيش والأمن والسلام حقبًا من الزمان في ظل العقيدة الإسلامية، وكانت دولة الإسلام في عهدهم دولة مرهوبة.
_________
١- الخطط للمقريزي ٢/٣٥٦، وانظر "تلبيس إبليس لابن الجوزي ص٨٥.
1 / 9