Edebi ve Sosyal Mezhepler Üzerine Çalışmalar

Abbas Mahmud El-Akkad d. 1383 AH
49

Edebi ve Sosyal Mezhepler Üzerine Çalışmalar

دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية

Türler

وكانوا قبل عشر سنوات يطلقون اسم أدب التقليد على كل أدب يجري على أصل من الأصول، ولا ينطلق مع الفوضى والإباحة إلى غير غاية.

فالآن نستطيع أن نفرق بين القواعد والقيود، فنعلم أن القواعد لازمة لكل فن، وأنها لا تمنع شخصية الشاعر أن تستوفي تعبيرها عن ذاتها كما تشاء، ونعلم أن التحرر من القواعد فوضى ولكن التحرر من القيود حرية وابتكار.

وقد دعونا إلى التجديد قبيل الحرب العالمية لنقول ذلك بالأسلوب الذي ارتضيناه أو ارتضاه المقام، وكان أسلوبا يوجبه علينا أننا كنا نخترق السدود ونحارب سوء الفهم وسوء النية في وقت واحد، فمن كان يؤمن بحق الدعوة في أسلوبها على حسب العوامل الخلقية - أو النفسية - التي تحيط بها فله أن يحقق تاريخ الفترة ليقضي لنا أو علينا فيما اخترناه من وسيلة لإبلاغ دعوتنا، ومن كان لا يؤمن بحق للعوامل الخلقية والنفسية في هذه الدعوات فلا يعنينا ما يرى أو ما يقول.

ورأينا في أدب شوقي بعد خمس وعشرين سنة من وفاته - رحمه الله - أنه خير مصداق لموازين النقد التي اتخذناها لتصحيح الآراء في تلك الفترة، فليس من الحق أن يقال إن الشاعر كان مقلدا كمن سبقه من المقلدين، ولا إنه كان مجددا مستقل القريحة واضح الاستقلال بملامحه الشخصية، ولكنه كان في مرحلة التقليد المنصرف إماما يحمل العلم ويسبق كثيرا من المبتكرين في ميدانه، وهو ميدان الصناعة المتجددة على نهج السلف القديم.

الفصل العاشر

الفلسفة والفن

الفلسفة تجريد والفن تجسيد، فهما على هذا التعريف نقيضان أو طرفان متقابلان؛ أو هما على الأقل شيئان مختلفان، وليس من غرضنا في هذا المقال أن نعرض لما بين موضوع الفلسفة وموضوع الفن من خلاف، فإن قصارى القول في هذه المسألة أن الفيلسوف لا يشغل مكان الفنان، والفنان لا يشغل مكان الفيلسوف على أية حال، وأن بحث هذه المسألة أحرى بدراسة مستقلة تقصر عليه، وإنما غرضنا من هذا المقال أن نجمل رأي الفلسفة في الفن، أو قيمة الفن في رأي الفلاسفة، وأن نرد ذلك كله إلى سبب أصيل في موقف الفيلسوف من جميع المسائل التي تدخل في تقديره، ومنها حقيقة الفنون.

والسبب الأصيل الذي ترجع إليه تقديرات الفلاسفة في الحكم على الفن هو موقفهم من قيمة المحسوسات بالنسبة إلى الحقائق، فأنت تعرف رأي الفيلسوف في الفن إذا عرفت رأيه في المحسوسات ومبلغ دلالتها على الحقيقة؛ لأن الفن لا ينفصل عن المحسوسات، والفلسفة لا تنفصل عن طلب الحقيقة في أصول الأشياء أو فروعها، فلا قيمة للفن في نظر فيلسوف من الفلاسفة أكبر من قيمة الحقيقة التي يدل عليها.

فأفلاطون مثلا كان يقول أن الحقائق أفكار مجردة من عقل الخالق جل وعلا، وأن هذه الأشياء المحسوسة إن هي إلا محاولة لإبراز تلك الأفكار إلى عالم المادة أو الهيولى، فالمحسوسات هي محاكاة للحقائق العليا، والمصنوعات الفنية هي محاكاة لهذه المحسوسات، ومؤدى ذلك أن الفن محاكاة للمحاكاة وتقليد للتقليد، وليست هذه بالمنزلة «المشرفة» في تقدير الفيلسوف، فلا جرم ينزل الفنانون في مقام دون مقام الشرف من جمهورية أفلاطون!

أما تلميذه الكبير - أرسطو - فقد كان للمحسوسات شأن أعظم من هذا الشأن في موازينه؛ لأنه يعتمد على المشاهدة والتجربة واستخلاص الكليات من الجزئيات، فالمحسوسات عنده وسيلة من وسائل الترقي إلى الحقيقة والنفاذ إلى لبابها، ومن ثم تبدو الحقيقة في عمل الفنان المجيد على وجه من الوجوه، بل ربما تأتى للفنان أن يخلص إلى الحقيقة الكلية من وراء المشاهدات الجزئية؛ لأنه إذا رسم لنا الوجه الجميل رسم لنا نموذج الوجه الجميل، ولم يرسل لنا هذا الوجه أو ذاك، فهو يترقى من الجزئيات إلى الكليات، وعند الفيلسوف أن «الجميل» غير «الطيب» أو «الخير» في خصلة واحدة شاملة لما بينهما من الفروق، وهي أن الطيب متعلق بعالم العمل أو الحركة، وأن الجميل متعلق بعالم من المعاني ثابت لا حركة فيه، ومتى ذكرنا أن أرسطو يصف الله بأنه هو «المحرك الذي لا يتحرك»، فقد عرفنا المرتقى الذي ارتقى إليه بالجمال أو بالفن المشغول بتمثيل الجمال، ومن هنا لا عجب أن يرى أرسطو أن الشعر أهم من التاريخ؛ لأن الشعر يعرض لنا الإنسان في كلياته العامة ولا يعرض لنا التاريخ منه إلا وقائع مخصوصة وآحادا متجزئين.

Bilinmeyen sayfa