Edebi ve Sosyal Mezhepler Üzerine Çalışmalar
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Türler
من التطهير الذي تستطيعه الحكومة أن تراجع أضابير الدواوين وتستخرج منها أسماء أصحاب «الرواتب السرية» في عهد كل وزارة غابرة، وأن تحاسب الوزراء الذين أخذوا من خزانة الدولة مالا باسم «المصاريف السرية» كيف أنفقوه وعلى من وزعوه، وكيف استجازوا أن يستعينوا بمال الأمة على تضليل الأمة وحملها على قبول الرأي المأجور والثناء الزائف والفكرة التي يكتبها الكاتب غير مؤمن بها ولا مخلص في الدفاع عنها.
وليست «المصاريف السرية» هي كل الأجرة التي يؤجر بها أصحاب الأقلام المسخرة والضمائر الخربة، فهناك الوساطات في الصفقات والمنافع، وهناك السمسرة «الأدبية» في الشفاعات والاستثناءات، وكلها فساد ذو حدين: فساد في الوسيط والمنتفع وفيمن يقبل الوساطة من الحكام مخالفة للعدل والقانون في تصريف أمور الدولة، ولولا الوساطة والشفاعة لكان له تصريف فيها غير ذلك التصريف.
في هذه المهمة تقدر الحكومة على مراجعة الأوراق والحسابات وعلى سؤال الموكلين بتوزيع المصروفات وعقد الصفقات.
بل تقدر على كشف الأقلام المأجورة لغير المصروفات السرية من خزانة الدولة، فإن خزائن الأحزاب وخزائن الشركات تنفق الأموال الكثيرة على شراء الأقلام وتسخير الضمائر وترويج النفوذ الذي يسيطر على الحياة العامة من غير الطريق المستقيم، وقد تستطيع الأحزاب والشركات هنا ما لا يستطاع بمصروفات الخزانة؛ لأن مصروفات الخزانة قد تكون اليوم في يد هيئة وقد تكون غدا في يد خصومها، فهي لا تثابر على خدمة سياسية واحدة ولا تنحصر في غرض واحد، ولكن الشركات تثابر على خطتها وتملك السامع في أزمنة متعاقبة، فهي أقدر على ترويج الأباطيل الباقية وأبلغ ضررا من الهيئات السياسية في استغلال الغفلة وتسميم الأفكار.
هذه مهمة حكومية يتعين القيام بها على الحكومة التي تتصدى للتطهير وتصدق النية في اقتلاع جذور الفساد.
أما مهمة القراء من جمهرة الناس على اختلاف طبقاتهم فكل ما يطلب منهم أن يحترموا عقولهم، ويضنوا بمصالحهم العامة أن تلعب بها أقلام المأجورين وتلعب بهم معها.
وسهولة المهمة هنا بمقدار سهولة التمييز عند حضرات القراء الموقرين.
عليهم أن يميزوا قليلا، ولا حاجة إلى تمييز كثير ليطهروا الكتابة من كل قلم لا يعرف غير الثناء على السلطان القائم، ولا يعرف النقد والمذمة إلا إذا تكلم عن السلطان الزائل.
عليهم أن يميزوا قليلا، ولا حاجة إلى تمييز كثير، ليطهروا الكتابة من كل قلم يكتب دائما ليرضي ولا يكتب مرة ليغضب، وإن أغضب بكتابته أحدا فإنما يغضب الذين لا ينفعون ولا يضرون؛ ليزدلف بذلك إلى القادرين على المنافع والأضرار.
عليهم أن يطهروا الكتابة من كل قلم يجري مع التيار ولا يقف يوما في وجه التيار، فما من أمة تعجز عن توفير المئات من الأقلام التي تجري مع كل تيار، وقد تحتاج في وقت من الأوقات إلى قلم واحد يقف في وجه التيار فلا تجده، وهو ألزم لها من تلك المئات.
Bilinmeyen sayfa