Dirasat Falsafiyya Islami
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Türler
إن شرط النهضة الحضارية الأول هو التعرف على اللحظة التاريخية الراهنة التي تعيشها المجتمعات الناهضة، وابتداء من هذه اللحظة تحدد مسارها وخططها ومراحل تحولها وأهدافها القريبة والبعيدة. ومن هنا أتت ضرورة وضع الأمة في منظور تاريخي يعطيها إياه إحساسها بالتاريخ وبقانون حركته.
واللحظة الراهنة التي تمر بها الأمة يمكن وصفها على النحو التالي: (1)
أزمة الغرب، أزمته المعنوية في المذاهب السياسية والأيديولوجيات والقيم، وأزمته المادية الاقتصادية، أزمة الطاقة، والإنتاج، والتسويق، والتضخم، وسباق التسلح والخطر النووي. ويعبر مفكرو الغرب عن هذه الأزمة بعبارات: انهيار الغرب، سقوط الغرب، انتحار الغرب، نهاية الغرب ... إلخ. وكأن الغرب قد قام بدورته منذ الإصلاح الديني إلى النهضة إلى العقلانية إلى التنوير إلى الثورة، ثم إلى الأزمة في النهاية (شبنجلر، هوسرل، برجسون، نيتشه). (2)
اكتشاف الشرق والبعد الآسيوي للحضارة البشرية بعد أن حاك الغرب حوله مؤامرة الصمت (جارودي، نيدهام)، وأن آسيا تمثل الرصيد البشري والمعنوي للشعوب المتحررة حديثا. وبداية الانفتاح على الشرق ليس فقط من حيث تأييد الثورة الاشتراكية للثورة العربية كما حدث في العقدين الماضيين، ولكن الانفتاح الثقافي واكتشاف الهند والصين وإيران وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا، وأول ما انتشر العرب ذهبوا إلى الشرق وأول ما انتشر الإسلام انتشر شرقا.
3 (3)
اكتشاف القدرات الذاتية للأمة العربية والإسلامية بعد ثوراتها الأخيرة فيما تمثله من إبداع في مشروعها القومي، وتكوين تجمعات جديدة: باندونج، دول عدم الانحياز، شعوب آسيا وأفريقيا، القارات الثلاث، العالم الثالث، واكتشاف إمكانياتها المعنوية والمادية؛ فهي الشعوب التاريخية التي وضعت البشرية في بداياتها على طريق النهضة والتقدم في الماضي، وهي الشعوب التي استطاعت إبداع ثقافات التحرر الوطني في الحاضر، وهي الشعوب التي تمثل على المسرح الدولي النظام العالمي الجديد، بالإضافة إلى إمكانياتها البشرية والمادية وما لديها من مواد أولية وأسواق وأيد عاملة ورءوس أموال وقدرات هائلة على الإبداع لما وصل إليه مثقفوها وعلماؤها من درجة قصوى في الإتقان والأداء. (ج) حصار الإبداع وإجهاض العقول
لذلك كان المشروع المضاد لمشروع النهضة العربية هو حصار الإبداع وإجهاض العقول، وذلك على النحو الآتي:
4 (1)
احتكار النظم السياسية للعمل الوطني وعزل المثقفين الوطنيين عنه؛ خشية من تعدد الآراء، وإيثارا للرأي الواحد ليس فقط في الأهداف الوطنية، بل أيضا في الوسائل لتحقيق هذه الأهداف. (2)
عدم تجنيد طاقات الشعب كلها لخدمة القضية الوطنية، وبالتالي انعدم من المواطنين الولاء القومي، باستثناء اللحظات الحاسمة في تاريخ البلاد مثل 9-10 يونيو 1967م، وحرب أكتوبر 1973م، ويومي 18، 19 يناير 1977م. (3)
Bilinmeyen sayfa