Batı Felsefesi Üzerine Felsefi Çalışmalar (İkinci Kısım): Modern ve Çağdaş Batı Felsefesi
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Türler
الإنسان إذن مجموعة من الصفات أو الملكات؛ الصفاء، العقلانية، النزاهة في المسرات والانفعالات، ولكن الإنسان يرى، والعين ترى ماهيتها، وكأن الفلاسفة علماء فلك من أجل العين، فالعين هي الطبيعة السماوية، ولكن العاطفة هي الملكة الأساسية في الدين، ولا تعبر ماهية الله إلا عن ماهية العاطفة. العاطفة هي «العضو الإلهي». العاطفة هي النبل والعظمة أي الإلهي في الإنسان. والله هو العاطفة الخالصة اللانهائية الحرة. العاطفة ملحدة من وجهة نظر الأرثوذكسية لأنها ترفض الله الموضوعي، وتجعل نفسها هو الله. والحقيقة أن نفي العاطفة نفي لله، وهذا هو الإلحاد الديني. وما يقال عن العاطفة يقال على باقي الملكات في الإنسان: العقل والإرادة.
من هذا التحليل الذي يبدو فيه فيورباخ معاصرا للغاية، هيجليا امتدادا لبرجسون ونيتشه وهوسرل وهيدجر، يوحد بين الذات والموضوع ، بين الفكر والواقع، بين الماهية والوجود، يهدف فيورباخ إلى وصف الإنسان الحقيقي قبل أن يتزيف ويغترب عندما يكون واعيا بذاته في وحدته الداخلية قبل أن يفصمها الاغتراب الديني، ويبدأ بالعاطفة وهي نقطة البداية في الاغتراب والتي من خلالها يحدث الانفصام والوقوع في الوهم، وهو ما ظهر بالتفصيل عند شليرماخر في «مقال في الدين».
فإذا كانت ماهية الإنسان هي أنه وعي يتحد الذات فيه بالموضوع فما هو جوهر الدين؟ في ماهية الإنسان بوجه عام تم تحديد علاقة الإنسان بالموضوع بوجه عام، ولكن ما هي علاقة الإنسان بالموضوع الديني بوجه خاص؟ في علاقة الإنسان بالموضوعات لا ينفصل الوعي بالذات عن الوعي بالموضوع، ولكن في حالة الموضوع الديني يتحد الوعي مباشرة بالوعي بالذات. فإذا وجد الموضوع الحسي خارج الإنسان فإن الموضوع الديني يوجد في داخله. وهو كما يقول أوغسطين أسهل في معرفته من الموضوعات الخارجية. الموضوع الخارجي محايد ومستقل عن الاعتقاد والحكم، في حين أن موضوع الدين موضوع اختيار الموجود الأول، الأفضل والأسمى، ويتضمن حكما نقديا يقوم على التمييز بين الإلهي واللاإلهي. وهنا تبدو أهمية قضية أن موضوع الإنسان ليس إلا الماهية الموضوعية ذاتها. الوعي بالله إذن هو وعي الإنسان بذاته، ومعرفة الله هي معرفة الإنسان بذاته. ابتداء من الله تعرف نفسك، والعكس صحيح. كلاهما واحد.
إن الله بالنسبة للإنسان هو روحه ونفسه، والإنسان بالنسبة إلى نفسه هو الروح والنفس والقلب، وهذا إله. الله هو الداخلية التي تظهر في الإنسان. والدين هو ظهور كنوز الإنسان، الاعتراف بأخطاره الزمنية، والإقرار العلني بأسرار الحب.
وقد لا يشعر الإنسان أن وعيه بالله هو وعيه بذاته؛ لذلك يمكن القول بأن الدين هو وعي الإنسان بذاته على نحو غير مباشر؛ ولذلك أيضا سبق الدين الفلسفة وسبق الخارج الداخل. الدين هو ماهية الإنسانية وهي في دور طفولتها.
5
يرى الإنسان ماهيته خارجا عن ذاته؛ لذلك وقع الدين الأول في الوثنية وعبادة الأصنام؛ فقد عبد الإنسان ماهيته، وتموضع الإنسان دون أن يعي ماهيته. ثم تقدم الدين، أي تقدم الوعي بالذات، وعي الإنسان بذاته. فرفض الدين السابق متصورا أنه حصل على موضوع أسمى وأعلى من قوانين الطبيعة، ويتصور أنه من خارج الطبيعة مع أن الطبيعة هي الأساس. يرمي فيورباخ من ذلك إلى بيان أن التعارض بين الإلهي والإنساني مجرد وهم لأن الدين هو علاقة الإنسان بذاته، وذاته كموجود آخر، فالوجود الإلهي ليس إلا ماهية الإنسان مستقلة عن حدود الإنسان الفردي الواقعي الموضوعي المجسم. فكل تحديدات الوجود الإنساني هي تحديدات لماهية الإنسان. ولا يتعلق الأمر بالمحمولات فقط بل يمتد إلى الموضوع ذاته؛ وبالتالي فنفي الذات إلحاد ولا تدين أكثر من نفي الصفات، ولكن إلغاء الصفات إلغاء للذات لأن الصفات هي التي تحدث الأثر والفاعلية وكما تقول المعتزلة: نفي الصفات نفي للذات، والذات بلا صفات موجود غير موضوعي، والموجود غير الموضوعي عدم وجود. وعلى عكس إثبات الصفات ثم إثبات الذات، وكما تقول الأشاعرة، هذا النفي نتاج العصر الحديث.
يتحول الله إلى موضوع عندما لا يصبح موضوعا للمعرفة مع أن هذا العجز نفي لله. كما يمكن نفي صفات الله عن طريق التجسيم والتشبيه وإرجاعها إلى الإنسان، ولكن الفرق بين الله في ذاته والله بالنسبة للإنسان يدمر هذا الموقف الديني، ولكن يظل المتدين سعيدا لأن الله إله له، وهي سعادة وهمية. يود كل دين التوحيد بين الله في ذاته والله بالنسبة للإنسان وإلا ظهر الشك واللاتدين، وكلاهما ضد الدين. لو كان الله موضوعا للعصفور فإنه لن يكون موضوعا إلا من حيث أن له جناحا، فالعصفور لا يعلم وجودا أكثر سعادة من الوجود المجنح!
الصفات الإلهية إذن صفات إنسانية، وعدم الاعتراف بذلك شك وعدم اعتقاد بل جبن وضعف وخنوع. وإذا كانت الصفات إنسانية فالذات أيضا إنسانية. يجعل الإنسان الحب صفة لله لأنه يحب. ويتصور الإنسان الله حكيما خيرا لأن الإنسان يتصور الحكمة والخير أسمى ما فيه. ويعتقد أن الله موجود لأنه يوجد. والفرق بين الاثنين هو أن عزو الصفات لله بالتوسط وللإنسان بالمباشرة. الصفة حقيقة الذات، والذات صفة مشخصة. الذات والصفة مثل الوجود والماهية، ونفي أحدهما نفي للآخر. وماذا يبقى من الذات الإنسانية لو انتزعنا عنها صفاتها؟ كما أننا في لغتنا العادية نستبدل بالذات الإلهية صفاتها. هذا التميز بين الإنسان والله لا يوجد إلا في هذا العالم. ففي العالم الآخر لا يكون للإنسان إرادة أو عقل أو حب مستقل. فالأرض أو وجود الإنسان في العالم هو سبب الاغتراب أي تمايز الذات عن صفاتها ثم تشخيص صفاتها في ذات مستقلة عنها.
إن يقين الإنسان بوجود الله هو يقينه بوجود ذاته، وليس يقينه بوجود ذات الله، كما أن يقين الإنسان بصفات الله هو يقينه بصفاته وليس يقينه بصفات الله. فهو يقين غير مباشر. وحقيقة الذات والصفات الإنسانية هي الضمان الوحيد لوجود الذات والصفات الإلهية. وكل ما يتمثله الإنسان على أنه حقيقي يكون أيضا واقعيا وليس خياليا، حلما أو تمثلا. فالوجود هو الحقيقة. في البداية يقيم الإنسان الحقيقة على الوجود ثم يقيم فيما بعد الوجود على الحقيقة. فالله هو ماهية الإنسان المدرك كحقيقة عظمى. والدين هو الحدس المطابق لوجود الإنسان. الشك في الله إذن شك في الذات. ويتضح تماثل الذات والموضوع بصورة أفضل في تطور الدين المتماثل مع تطور الحضارة الإنسانية. فإذا كانت صفة الإنسانية بدائية كانت صفة الله بدائية كذلك. والملحد العادي هو الذي يلغي صفات الله في حين أن الملحد الحقيقي هو الذي يلغي صفات الإنسان. ليس للدين مضمون خاص به، ولا يوجد في الدين إلا ما يوجد في الإنسان في وعيه بذاته ووعيه بالعالم. ونحن لا نعرف من الله إلا الصفات الإنسانية. أما باقي الصفات التي لا تشابه الإنسان فلا نعلمها. وهذا أيضا سر إنساني ، فالإنسان لا نهاية لصفاته ولغناه. وقد جعل اسبينوزا لله عددا لا نهائيا من الصفات لم يعد منها إلا الفكر والامتداد. والصفات شخصية وليست ميتافيزيقية. والله شخص، مشرع، قديس، عادل، خير، رحيم، أب للبشر. وهي كلها صفات إنسانية. (ولكن اللاهوتي يرفض هذا التوحيد بين الله والإنسان، ويعطي لله ما يسلبه عن الإنسان، ويعطي للإنسان ما يسلبه عن الله. وهذه سرقة ذهنية وسادية نفسية . أما الراهب فإنه يعوض عن حبه الجنسي المفقود وحبه الإنساني حبه لله وللسماء وللعذراء. تغيب عنه المرأة الحقيقية فتحضر له المرأة المثالية، وكلما ضحينا بالحس أصبح الله الذي نضحي لأجله بالحس حسيا. فالراهبة عروس الله، لها زوج سماوي، وكأن فيورباخ هنا يسبق فرويد وما يقوله في الكبت والحرمان والتعويض والإعلاء. يثبت الإنسان لله إذن ما ينفيه عن نفسه؛ وبالتالي يكون الدين تجريدا للإنسان، واغترابا عنه، وتزييفا له. إن أفكار الإنسان عن الله من الأرض وليست من السماء، فالله يقوم بما يقوم به الإنسان، يحب ويعلم؛ وبالتالي يذكر الإنسان ذاته كلما أثبت الله. والحقيقة أن الإنسان هو الرضا الذاتي للأنانية الشخصية. ينكر الدين الخير كصفة للإنسان فالإنسان شرير فاسد، عاجز عن فعل الخير، والله وحده هو الخير. المقدس نفي لخطيئة الإنسان، ونفي الخطيئة فصل للموجود عن الماهية وهما متحدان. والحقيقة أن اعتبار الإنسان عاجز عن فعل الخير يؤدي إلى اعتبار الله كذلك وهو الإلحاد. فالدين مقدمة للإلحاد. وهذا هو معنى الصراع القديم بين أوغسطين وبلاجيوس. فقد جعل بلاجيوس الإنسان إلها في حين جعل أوغسطين الإله إنسانا. والأوغسطينية بلاجية مقلوبة. ما جعله بلاجيوس ذاتا جعله أوغسطين موضوعا. أوغسطين يعطي الله ويسلب عن الإنسان، وبلاجيوس يسلب عن الله ويعطي للإنسان. أوغسطين ممثل اللاهوتي المغترب، وبلاجيوس هو الأنثروبولوجي الفيورباخي. أوغسطين هو اللاهوت المقلوب، وبلاجيوس هو الأنثروبولوجي. أوغسطين هو المزيف، وبلاجيوس هو الصحيح.) (الله هو ماهية الإنسان الذاتية، وكلما كان الله إنسانيا كان ذاتيا. وكما أن الإنسان لا يرى إلا ذاته فإن الله لا يرى أيضا إلا ذاته أي الإنسان، فالإنسان موضوع الله . ثم يغترب الإنسان. وينزع ماهيته ووجوده من ذاته بفعلي الجذب والطرد. ويصبح الله الذي كان يفعل في ومعي وبي وعلي ولي وقد خرج من أحشائي فيغترب الإنسان. لا يعود التقدم للبشرية إلا إذا استرد الإنسان من أحشائه المنشورة خارجه بعد بقر بطنه واسترد صفاته. وهذا هو تطور الدين من اليهودية إلى المسيحية، ونقول أيضا ومن المسيحية إلى الإسلام لدينا أو إلى التنوير لديهم؛ فقد كان الله كل شيء في اليهودية حتى في الطعام ثم أصبح الله في الإنسان في المسيحية ثم أصبح الله هو الإنسان الكامل في الإسلام وعند فيورباخ؛ وبالتالي يكون إلحاد اليوم هو دين الغد.)
Bilinmeyen sayfa