269

İbn Haldun'un Mukaddimesi Üzerine Çalışmalar

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Türler

من المعلوم أن ابن خلدون يذهب إلى أن الدول المستجدة نوعان؛ النوع الأول من ولاية الأطراف، والنوع الثاني من الدعاة والخوارج على الدولة. ويقول إن ولاة الأطراف حينما يستقلون بالأمر يقنعون عادة بما في أيديهم، وهو نهاية قوتهم، فلا يقع منهم مطالبة للدولة، ولكن «الدعاة والخوارج على الدولة لا بد لهم من المطالبة؛ لأن قوتهم وافية بها. فإن ذلك إنما يكون في نصاب يكون له من العصبية والاعتزاز ما هو كفاء ذلك وواف به؛ فيقع بينهم وبين الدولة المستقرة حروب سجال، تتكرر وتتصل إلى أن يقع لهم الاستيلاء والظفر بالمطلوب، ولا يحصل لهم ظفر في الغالب بالمناجزة» (ص299).

وأما أسباب ذلك فإن ابن خلدون يشرحها بتفصيل:

إنه يذكرنا أولا بما قاله عن أسباب الغلب في الحروب: «إن الظفر في الحروب إنما يقع - كما قدمناه - بأمور نفسانية وهمية، وإن كان العدد والسلاح وصدق القتال كفيلا به، ولكنه قاصر مع تلك الأمور الوهمية كما مر؛ ولذلك كان الخداع من أرفع ما يستعمل في الحرب، وأكثر ما يقع الظفر به، وفي الحديث: الحرب خدعة» (ص299).

إن الخدع التي تضمن الظفر والغلب على الدولة المستقرة لا تعمل عملها دفعة، بل إنها تحتاج إلى زمان، كما يتضح من التفاصيل التالية:

أولا: «إن العوائد المألوفة» تصير طاعة الدولة المستقرة «ضرورية واجبة»، كما تقدم في غير موضع؛ «فتكثر بذلك العوائق لصاحب الدولة المستجدة». والتغلب على تلك العوائد والعوائق إنما يتطلب زيادة الهمم من أتباعه وأهل شوكته، ويحتاج إلى زمان. «وإن كان الأقربون من بطانة صاحب الدولة المستجدة على بصيرة في طاعته ومؤازرته»، إلا أن الآخرين يكونون تحت تأثير «عقائد التسليم للدولة المستقرة، فيحصل بعض الفتور منهم»، ولا يكاد صاحب الدولة المستجدة «يقاوم صاحب الدولة المستقرة»،

2

ويرجع إلى الصبر والمطاولة، حتى يتضح هرم الدولة المستقرة، وتضمحل عقائد التسليم لها من قومه، وتنبعث منهم الهمم لصدق المطالبة معه؛ فيقع الظفر والاستيلاء» (ص299).

ثانيا:

إن الدولة المستقرة تكون - عادة - «كثيرة الرزق بما استحكم لهم من الملك وتوسع النعيم واللذات، واختصوا به دون غيرهم من أموال الجباية، فيكثر عندهم ارتباط الخيول، واستجادة الأسلحة، ويعظم فيهم الأبهة الملكية، ويفيض العطاء بينهم من ملوكهم اختيارا واضطرارا؛ فيرهبون بذلك كله عدوهم»، في حين أن «أهل الدولة المستجدة بمعزل عن ذلك؛ لما هم فيه من البداوة وأحوال الفقر والخصاصة ، فتسبق إلى قلوبهم أوهام الرعب بما يبلغهم من أحوال الدولة المستقرة، ويحجمون عن قتالهم من أجل ذلك؛ فيصير أمرهم إلى المطاولة، حتى تأخذ المستقرة مأخذها من الهرم، ويستحكم الخلل فيها من العصبية والجباية، فينتهز حينئذ صاحب الدولة المستجدة فرصته في الاستيلاء عليها»، وذلك بعد مرور مدة على بدء المطالبة (ص299).

ثالثا:

Bilinmeyen sayfa