237

İbn Haldun'un Mukaddimesi Üzerine Çalışmalar

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Türler

أولا:

أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر.

ثانيا:

أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر.

ثالثا:

أهل الحضر أكثر ذكاء وفطنة من أهل البدو. (أ)

يقرر ابن خلدون القضية الأولى ويعللها في فصل خاص (ص125)، حيث يقول: «والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة، وانغمسوا في نعيم الترف، ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى مواليهم، والحاكم الذي يسوسهم، والحامية التي تولت حراستهم، واستناموا إلى الأسوار التي تحوطهم، والحرز الذي يحول دونهم، فلا تهيجهم هيعة، ولا ينفر لهم صيد، فهم غارون آمنون، قد ألقوا السلاح وتوالت على ذلك منهم الأجيال، وتنزلوا منزلة النساء والولدان الذين هم عيال على أبي مثواهم، حتى صار ذلك لهم خلقا يتنزل منزلة الطبيعة.»

إلا أن أهل البدو فهم - «لتفردهم عن المجتمع، وتوحشهم في الضواحي، وبعدهم عن الحامية، وانتباذهم عن الأسوار والأبواب - قائمون بالمدافعة عن أنفسهم، لا يكلونها إلى سواهم، ولا يثقون فيها بغيرهم، دائما يحملون السلاح، ويلتفتون عن كل جانب في الطرق، ويتجافون عن الهجوع إلا غرارا في المجالس وعلى الرحال وفوق الأقتاب، ويتوجسون للنبآت والهيعات ، ويتفردون في القفر والبيداء، مدلين ببأسهم، واثقين بأنفسهم، قد صار لهم البأس خلقا، والشجاعة سجية، يرجعون إليها متى دعاهم داع واستفزهم صارخ» (ص125).

هذا ويلاحظ ابن خلدون - في فصل آخر - أن بين البداوة وبين الحضارة درجات عديدة، وأن بعض الأقوام تكون في حالة انتقال من البداوة إلى الحضارة، ويقرر أن الشجاعة تتناقص كلما زاد القوم اتصالا بحياة الحضارة وتباعدا عن حياة البداوة: «لما كانت البداوة سببا في الشجاعة، لا جرم كان هذا الجيل الوحشي أشد شجاعة من الجيل الآخر، بل الجيل الواحد تختلف أحواله في ذلك باختلاف الأعصار، فكلما نزلوا الأرياف وتفنقوا النعيم، وألفوا عوائد الخصب في المعاش والنعيم؛ نقص من شجاعتهم بقدر ما نقص من توحشهم وبداوتهم» (ص138). (ب)

وأما القضية الثانية - وهي القائلة «إن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر» - فيشرحها ابن خلدون أيضا في فصل خاص: «وسببه؛ أن النفس إذا كانت على الفطرة الأولى كانت متهيأة لقبول ما يرد عليها وينطبع فيها من خير أو شر، وبقدر ما سبق إليها من أحد الخلقين تبعد عن الآخر، ويصعب عليها اكتسابه. فصاحب الخير إذا سبقت إلى نفسه عوائد الخير، وحصلت لها ملكته؛ بعد عن الشر، وصعب عليه طريقه، وكذا صاحب الشر إذا سبقت إليه عوائده» (ص123). «وأهل الحضر لكثرة ما يعانون من فنون الملاذ، وعوائد الترف، والإقبال على الدنيا، والعكوف على شهواتهم منها؛ قد تلوثت أنفسهم بكثير من مذمومات الخلق والشر، وبعدت عليهم طرق الخير ومسالكه، بقدر ما حصل لهم من ذلك. حتى لقد ذهب عنهم مذاهب الحشمة في أحوالهم.»

Bilinmeyen sayfa