Din
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Türler
استبعد بعض الناقدين أن يكون النظر في صحيفة الكون سببا في إيقاظ هذا الشعور الديني العميق؛ فقال: إن استمرارها على نسق واحد يجعلها أمرا مألوفا، لا يلفت النظر، ولا يحتاج إلى تعليل، وعلى فرض أنها تبعث الدهشة والخشوع في نفوس المفكرين، فليس لها هذا الأثر في تلك العقول الساذجة
2
التي تزعم أنها قادرة على تغيير قوانين الطبيعة، وأنها تستطيع - بوسائل خاصة - أن تستثير الرياح، وتستنزل الأمطار ... إلخ، ويضيف هذا الناقد أن العقيدة الدينية نفسها تقرر هذا المعنى في عقول أهلها، حيث تعلمهم أن «قوة الإيمان تزحزح الجبال»، وهكذا تكون العقيدة مستمدة من روح العظمة والقدرة في مواجهة الطبيعة، لا من روح الضعف والخضوع أمامها.
3
قال: ولو كان باعث العقيدة هو الضعف أمام الطبيعة، والتماس الطريق لاجتلاب خيرها، واتقاء شرها؛ لكانت الديانات كلها ضربا من الخرافة؛ لأنه ليس بالدعاء والصيام وتقديم القرابين ونحو ذلك يكون استدرار الأمطار، وإجراء الأنهار، واتقاء الحر والبرد، والجوع والعري، والفقر والمرض، وقد أثبتت التجربة فشل هذه الوسائل في غالب الأمر.
ومن جهة أخرى: لو كان مبعث العقيدة هو المشاهد الكونية، وهدف العبادة هو استرحام الطبيعة؛ لما استمر الإنسان على التدين، بعدما ظهر له أنه محاولة عابثة، وإذ إن الديانات لم تنقطع يوما ما، ولن تنقطع عن الجماعة الإنسانية، فلا بد أن يكون لها منشأ وهدف آخرين، على أننا إذا استطعنا تفسير عبادة القوى الطبيعية العليا بشعور الانبهار أمام مظاهرها، فكيف نفسر عبادة الأحجار، والأشجار، والحشرات، وتافه الأشياء التي لا توحي مثل هذا الشعور؟ وأخيرا كيف نفسر بذلك ما في الأديان من الفصل التام بين الأمور المقدسة والأمور العادية؟
هذه هي خلاصة النقد الذي وجهه دوركايم
4
إلى نظرية التدرج من الشعور الكوني إلى الشعور الديني.
الإجابة عنها
Bilinmeyen sayfa