Din, Vahiy ve İslam
الدين والوحي والإسلام
Türler
ولا يرضى دوركايم عن هذا التعريف كذلك، ويرى أنه مهما يبد لنا واضحا لما وقر في نفوسنا من أثر التربية الدينية؛ فإن هناك أمورا لا ينطبق عليها، مع أنها لا تخرج عن دائرة الدين، فهذا التعريف ناقص غير شامل؛ وذلك أنه توجد أديان عظيمة خلو من فكرة «الله» ومن فكرة الكائنات الروحانية كما يشهد بذلك دين البوذية القديم الصحيح. فالبوذية لا تؤمن بإله يخضع لسلطانه البشر، ومهما قيل في أمر ألوهية «بوذا»؛ فإن هذا التأليه متأخر عما هو في الحقيقة أصل الديانة البوذية.
أما التعريف الذي يختاره دور كايم فهو يفصله على الوجه الآتي: تنقسم الأمور الدينية بطبيعتها إلى قسمين أصليين: عقائد وعبادات؛ فالعقائد: هي شأن من شئون الفكر، وهي عبارة عن علم، أما العبادات: فهي عبارة عن صور خاصة للعمل، ويميز بين هذين النوعين ما يميز بين العلم والعمل.
ولا يمكن تعريف العبادات وتمييزها من سائر الأعمال الإنسانية وعلى الخصوص الأعمال الخلقية إلا بطبيعة موضوعها ومتعلقها. والواقع أن النواميس الخلقية مفروضة علينا كفرض العبادات، لكن موضوعها ومتعلقها من نوع مختلف. فلا بد إذن من تعريف متعلق العبادات حتى يمكن تعريف العبادات نفسها. ولما كانت العقائد هي التي تبين لنا هذا الموضوع أو المبدأ الذي ترجع إليه العبادة؛ فليس من الممكن تعريف العبادات حتى تعرف العقائد.
وجميع العقائد الدينية المعروفة - ساذجة كانت أم غير ساذجة - تحتوي على ذاتي مشترك بينها، هو أن الأشياء كلها ظاهرة أو باطنة على مرتبتين وعلى نوعين متقابلين: مقدس وغير مقدس، فالمميز للمعنى الديني هو تقسيم العالم إلى مقدس وغير مقدس، والأشياء المقدسة هي المحرمة التي يميزها عن غيرها ويفردها تعلق النهي بها، بخلاف الأشياء التي ليست مقدسة؛ فإنها غير محاطة بسياج من هذه النواهي. فالعقائد الدينية هي العلم بطبائع الأمور المقدسة وما بينها من روابط والعلم بعلاقاتها بالأمور غير المقدسة.
أما العبادات: فهي نظم للسلوك تقرر كيف ينبغي للإنسان أن يكون بإزاء الأشياء المقدسة.
وليست الأمور المقدسة مقصورة على الآلهة والأرواح؛ فقد يكون التقديس لصخرة أو شجرة أو بئر أو بيت أو غير ذلك.
على أن تعريف الدين بهذا التمييز بين المقدس وغير المقدس ليس وافيا في نظر دوركايم؛ لأنه يشمل أمرين مختلفين يحتاجان إلى تفرقة بينهما، وهما: السحر والدين. فإن الدين ينفر من السحر نفور السحر من الدين، والسحر نزاع إلى امتهان الأمور المقدسة، وهو في أفاعيله يعارض الأعمال الدينية، وإذا لم يكن الدين يحرم أفاعيل السحر فإنه ينظر إليها غالبا نظرة ازدراء وإنكار.
أما الذي يفرق بين الدين والسحر فهو أن العقائد الدينية على الحقيقة هي دائما مشتركة بين جماعة معينة تؤمن بها وتعمل ما يسايرها من العبادات، فليست هذه العقائد مقررة محققة بمجرد إيمان كل فرد من الجماعة بها، بل هي عقيدة الجماعة، وهي التي جعلتها جماعة. والجماعة التي يؤلف بين أفرادها إدراكهم للعالم المقدس واتحادهم في التعبير عن هذا الإدراك بصورة عملية هي ما يسمى «أهل الملة، أو الملة»
2
Eglise .
Bilinmeyen sayfa